صيغ العنوان الرئيس كتوجه علني “لكل أصدقائنا مواطني بريطانيا”. وجاء هذا العنوان في “JC” (جويش كرونيكل)، الصحيفة اليهودية الأهم في بريطانيا. وكتب لاحقاً أنه “الصفحة الأولى ليست معدة لقرائنا العاديين، بل لأولئك الذين بالعادة لا يقرأوننا”. ونقلت صحف رائدة في بريطانيا هذا العنوان الدراماتيكي.
القصة هي جيرمي كوربين. 87 في المئة من يهود بريطانيا يعتقدون أنه لاسامي. وهم يخافون. هذا خوف يذكر بالأيام الظلماء. الحياة تتواصل كالمعتاد: الأعمال التجارية مفتوحة، المطارات مليئة بالمسافرين، في البرلمان يتجادلون في البريكزيت، ولكن الأغلبية المطلقة من يهود بريطانيا مقتنعون بأن شيئاً سيئاً يحصل، وهذا من شأنه أن يحتدم ويصبح خطيراً إذا ما انتخب كوربين رئيساً للوزراء. أما الاستطلاعات، بالمناسبة، فتقول إن احتمالاته طفيفة، ولكن كوربين يخلق أجواء. ألف مرة ومرة أعلن: أنا؟ لاسامي؟ ما القصة. أنا مع حقوق الإنسان. وبعد كل ما كشف عن العلاقات وعن إعجابه بمؤيدي الإرهاب، اللاساميين، محبي تصفية دولة اسرائيل، أعرب عن تأييده لمظاهرة يوم النكبة لمحافل مؤيدة لتصفية إسرائيل، فيما كان يحمل يافطة كتب عليها “EXIST, RESIST RETURN”. والـ “RESIST” التي في اليافطة هي الترجمة لكلمة “مقاومة”، أي الإرهاب. أما الـ “RETURN” فترمز إلى كفاح الـ “BDS” من أجل تصفية اسرائيل، عن طريق العودة. هذا ليس تفسيرياً، فهذا ما يصرحه علناً الناطقون المركزيون باسم هذه الحملة. أما التحليلات فتوجد في مقالات بعض من كتاب “هآرتس”، ممن أخذوا على عاتقهم الإعفاء من الحقائق. وهم يواصلون الشرح بأن حملة المقاطعة حملة غير عنيفة ضد الاحتلال. وقادة الحملة لا يعرفون بأنهم هكذا. كما أن عهد التميمي، التي ألقت خطاباً بائساً، كانت هناك.
لقد تبنت بريطانيا وصف عمل اللاسامية، التي توضح بأن “نفي حق الشعب اليهودي في تقرير المصير” هو الآخر لاسامية. كوربين عارض، وهو يواصل قيادة حزب العمال في مسار مناهض للصهيونية لاسامي دون أي خجل. في مؤتمر الحزب في برايتون، رفعت قبل شهر ونصف أعلام فلسطينية، ولم ترفع البريطانية. ولأن التقدميين على أنواعهم، في العالم وإسرائيل، مناهضون للقومية، إلا إذا دار الحديث عن الفلسطينيين، فحينئذ يصبحون قوميين متطرفين بالنسبة لهم، حتى التأييد للسلطة الفلسطينية هو نوع من النزعة المحافظة. وهم أقرب إلى الجانب الثوري لحماس، إذ إن كوربين سبق أن أعلن في الماضي بأن حماس وحزب الله هم رفاقه، وحتى بعد أن انكشفت الأمور رفض التراجع. يدور الحديث عن جسمين لاساميين يؤيدان قتل الشعب اليهودي.. هذا لا يزعجه. أما حماس، بالمناسبة، فتبادله المحبة. في أعقاب مشاركته في مظاهرة يوم النكبة، نشرت المنظمة بياناً يمتدح التأييد من جانب الصديق البريطاني.
لا تزال هناك خلية من أصدقاء إسرائيل داخل حزب العمال، ولكن عدد اليهود هناك آخذ في التضاؤل. ليس كل شيء يجد تعبيره في التصريحات التي يمكن اقتباسها، ثمة جلسات مغلقة، ثمة أجواء، بل وثمة قاعة مؤتمر، كما أسلفنا، امتلأت بالأعلام الفلسطينية وليس البريطانية. واليهود قلة، من نوع اللاسامية الذاتية، ممن يواصلون الاعتقاد بأن كوربين على ما يرام. ومن هؤلاء من هم عندنا أيضاً. قرابة 300 إسرائيلي، من اودي اديب حتى اودي الوني، من النائبة عايدة توما سليمان وحتى رئيس ميرتس في تل أبيب أوري انزنبرغ… وقعوا على كتاب تأييد لكوربين يقرأ المرء ويفرق عينيه. وإذا سأل السائل: لماذا يعتبر اليسار مجنوناً بهذا القدر؟ عندها يهتم الموقعون بتزويده بجواب آخر. يجب التعديل: هم ليسوا يساراً. هم يمين متطرف فلسطيني. ثمة يسار جدي وهام في إسرائيل: من وسط ميرتس حتى أطراف “أزرق أبيض”. ولكن عندما يوقع الإسرائيليون على كتاب تأييد للاسامي يحب حماس وحزب الله، فإنهم يمنحون تسويغاً للاسامية ويوصمون اليسار بالعار.
نحن قلقون، كتب يهود بريطانيا لعموم مواطني الدولة، لأن كوربين أصبح أكثر تطرفاً، وإذا ما انتصر، كما كتب هناك، فان 47 في المئة من اليهود يعتزمون مغادرة بريطانيا.
نحن على مسافة نحو 81 سنة من ليل البلور و 86 سنة من صعود زعيم نازي إلى الحكم، ويتبين أن اليهود يخافون من صعود زعيم لاسامي إلى الحكم في دولة تكافح بشجاعة ضد النازية.
بقلم: بن – درور يميني
يديعوت 12/11/2019