مهرجان مراكش الدولي للسينما يجمع بين التنوع والاختلاف ويؤصل للتاريخ

 زبيدة الخواتري
حجم الخط
0

الرباط – «القدس العربي»: مراكش بلاد البهجة والفرح تحتضن بقلبها المنفتح العالم، لتقص حكاياتها الصامتة عبر أسوارها التاريخ ونخيلها. الفن هنا ضارب في جذور التاريخ والسينما كانت قصة تحكى في كل بيت ويتغنون بألحانها في أهازيجهم الفرحة، التي تجمع الأصالة والتاريخ.
مراكش إذا، هي السينما، فلا عجب أن تنجح السينما في ضيافة مراكش، ولهذا يعتبر مهرجانها الدولي من أهم المهرجانات العالمية، فمنذ انطلاق الدورة الأولى سنة 2001 خلق المهرجان الكثير من النقاش من طرف النقاد والإعلاميين، خصوصا أن هذه التجربة التي ولدت لتكبر معتمدة على أسلوب تكريم الوجوه السينمائية العالمية، ثم تدرج المهرجان ليحصد بذلك العديد من الجوائز لاهتمامه بسينما دول البحر الأبيض المتوسط.
ولم تنحصر الأمور هنا فحتى فضاء مراكش الساحر كان له أثر ورمزية كبيرة على هذا المهرجان، حيث التاريخ والحضارة والعالمية، بالإضافة إلى إستراتيجية الدولة المغربية بكل مؤسساتها في إنجاح هذا الحدث السينمائي الكبير، كل هذه الأمور وغيرها ساعد في خلق مهرجان بطابع مختلف يجمع الشرق والغرب والعالم في طقوس سينمائية تبتكر وتبدع وترسل إشارات قوية تجعل من السينما أقرب ما يكون من المواطن، وذلك عبر الانفتاح على فضاء جامع الفنا التاريخي والعودة إلى سينما الشارع من خلال عرض بعض الأفلام هناك ليقترب النجوم من الشعب هو إذا مهرجان منفتح على محيطه، فالفنان لا يقتصر حضوره للمهرجان فقط من أجل الحضور، بل للاقتراب أكثر من الجمهور والانفتاح على العمل الخيري، عبر زيارة المستشفيات ودعم المرضى نفسيا، وقد حافظ المهرجان على حضور السينما المغربية واحتفظ بفقرة «محادثة مع…»، التي تمكن المهتمين والجمهور، من لقاء كبار الأسماء في السينما العالمية.
وقد حظيت الحصص المنظمة من هذه الفقرة باهتمام كبير، حيث تميزت بمستوى عال من النقاش وتبادل الأفكار والتجارب، بحضور عدد مهم من المهنيين والطلبة والصحافيين وعشاق السينما.
ويعتبر مهرجان مراكش فرصة سانحة للمهنيين الجدد القادمين من مختلف بقاع العالم للمشاركة فيه من خلال «ورشات «، وفقرات متخصصة في تطوير الصناعة السينمائية وتنمية المواهب، وقد بقي المهرجان متشبثا بالتزاماته الاجتماعية، كما سبق أن ذكرنا من خلال تخصيص فقرات خاصة لضعاف البصر وللجمهور الناشئ.
بالإضافة إلى هذا، فقد جذب المهرجان كبار نجوم السينما العالمية، أمثال الفرنسية جولييت بينوش والأمريكية شارون ستون والبريطاني جيرمي أيرونز والنجم المصري عادل إمام.
وكان المهرجان قد توقف العام 2017 لمدة دورة واحدة، لتصدر إدارته حينها بيانا، قالت فيه إن المهرجان سيتوقف لدورة واحدة فقط، على أن يعود ليستأنف من جديد في 2018، وإن هذا القرار جاء لتمكين المهرجان من مواصلة مهمته المتمثلة، ليس فقط في النهوض بالصناعة السينمائية المغربية، لكن أيضًا الانفتاح على ثقافات أخرى وعلى واقع الفن السابع.
فتنظيم مهرجان كبير إذا، يعني غنى الأنشطة وحضورا للوجوه والأعمال الكبيرة، بالإضافة إلى تقديم الجديد واستقطاب النجوم والمواهب المؤثرة، وطبعا تنسيق أنشطة موازية تتكامل لتخلق الأثر.
فهو، وكما أن له من يدعمه ويعتبره سفيرا ثقافيا للمغرب، لكن هناك من يندد بهدر المال العام، وكل ناقد للمهرجانات يبدو كمن يضع الماء في قربة مقطوعة.
أما اختيار مدينة مراكش، دون غيرها من المدن المغربية، فقد جاء نظرا لمؤهلاتها السياحية الضخمة، حيث مئات الفنادق المصنفة الفخمة جدا. وعلى صعيد الإدارة، يتولى الأمير رشيد، شقيق الملك، رئاسة المهرجان. هكذا، تم حل مشاكل اللوجستيك والإمكانات، وتعرض الأفلام في قصر المؤتمرات الفخم، بالإضافة إلى ساحة جامع الفنا، حيث تروى حكايات شفوية كل ليلة منذ مئات السنين. هنا تعرض أفلام في الهواء الطلق، أفلام شعبية كما حصل في دورة 2011 عندما جاء عشرات آلاف الأشخاص لمشاهدة «شاه روخان» وفيلمه «اسمي خان».
هكذا يراهن المهرجان، دائما على الأفلام القوية والنجوم لاستقطاب جمهور أكثر. فهذه العوامل وغيرها يدعم بعضها بعضا قصد إعطاء صورة مختلفة عن المهرجانات العالمية أو الوطنية، عبر أسلوب الابتكار والخلق الذي تعتمده الإدارة كل سنة كل هذه الأمور وغيرها ساهمت في خلق إشعاع كبير للمهرجان حتى أضحى من بين المهرجانات التي يتوق نجوم العالم للحضور إليها لأسلوبها وتنظيمها المحكم، لكن ما ينقص المهرجان هو لمسة مغربية تقدم إضافة وتشرعنه في المشهد الثقافي، عبر رؤية فنية تعكس عمق المغرب وهويته بشكل يدفع بالمهرجان إلى الواجهة العالمية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية