“نيوريوك تايمز”: “أوراق تشينجيانغ” أكبر تسريب لوثائق عن سياسة الصين في قمع مسلمي الإيغور

إبراهيم درويش
حجم الخط
9

لندن – “القدس العربي”:

تحت عنوان أوراق تشنيجيانغ، نشرت صحيفة “نيوريوك تايمز” وثائق مسربة من الإدارة الصينية تكشف عن الطريقة التي قامت بها البيروقراطية الصينية بسجن مسلمي الإيغور في شمال غربي الصين. وتقول الصحيفة إن الحكومة وزعت ضمن حملتها ضد المسلمين إرشادات على السلطات المحلية لاعتقال الطلاب العائدين من هونغ كونع وكيفية التعامل مع السؤال المهم المتعلق باختفاء عائلاتهم في شبكة من السجون التي أعدت خصيصاً لسجن مسلمي الإيغور.

مذكرة اعتقال الطلاب العائدين من هونغ هي واحدة من 403 صفحات من الوثائق الداخلية التي اطلعت عليها، وهو أهم تسريب لوثائق من داخل الصين. وتقدم رؤية غير مسبوقة حول القمع المستمر في إقليم تشينجيانغ.

وتقول الصحيفة إن المذكرة باعتقال الطلاب العائدين من هونغ هي واحدة من 403 صفحات من الوثائق الداخلية التي اطلعت عليها، وهو أهم تسريب لوثائق من داخل الصين. وتقدم رؤية غير مسبوقة حول القمع المستمر في إقليم تشينجيانغ حيث اعتقلت السلطات مليون مسلم من أقلية الإيغور والقزق وبقية الأقليات في سجون خلال السنوات الثلاث الماضية.
وفي الوقت الذي رفض الحزب الشيوعي الصيني النقد الدولي ووصف المعتقلات بأنها مراكز للتدريب والتثقيف إلا أن الوثائق تكشف عن الطبيعة القمعية والأوامر للمسؤولين الذين ينظمون المعتقلات. بل وتكشف الوثائق عن حملة شرسة في المعتقلات مع أنها قدمتها للرأي العام على أنها منحة حكومية للسكان. وتسجل الوثائق مناقشات مسؤولي الحكومة للرد القاسي على أي محاولة تطرف. ورأى الأطفال آباءهم وهم يساقون للسجون، فيما تساءل الطلاب “عمن سيدفع رسومهم الجامعية ومن سيقوم بحصاد الموسم في الحقول”. ولكن المسؤولين طلبوا من السكان شكر الحزب على رعايته لهم ولعائلاتهم وطلب منهم الصمت.

صورة دقيقة

وتقدم الوثائق صورة دقيقة عن الطريقة التي قامت بها مؤسسات الدولة بأكبر عملية اعتقال منذ عهد ماوتسي تونغ. ووضع الرئيس شين جين بينغ أسس السياسة في سلسلة من الخطابات التي ألقاها للمسؤولين عند زيارته للإقليم في نيسان (إبريل) 2014. وجاءت بعد الزيارة بأسابيع عملية طعن متشددين لـ130 شخصاً في محطة قطار وقتلوا 31 شخصاً. ودعا جين بينغ لحرب لا هوادة فيها ضد الإرهاب والاختراق والانفصال و”بدون رحمة”. وشكلت الهجمات وتخفيف الولايات المتحدة الأمريكية عدد قواتها في أفغانستان جزءًا من تشكيل السياسة الصينية ضد المسلمين.
فيما دعا الرئيس الصيني إلى حرب على الإرهاب مثل الحرب التي شنتها أمريكا بعد 9/11. وناقش المسؤولون أن الهجمات الإرهابية في بريطانيا هي نتاج وضع السلطات هناك حقوق الإنسان فوق الأمن. وتوسعت مراكز الاعتقال بشكل كبير بعد تعيين شين غوانغو في عام 2016 مسؤولاً عن الإقليم. ووزع خطابات الرئيس وحث المسؤولين على “اعتقال أي شخص يمكن اعتقاله”. وواجهت السياسة ردة فعل من المسؤولين في المنطقة الذين عبروا عن خوفهم من التوتر العرقي وتراجع النمو. فرد غوانغو بتطهير مؤسسات الحكم هناك من أي شخص يعارض سياساته ومن ضمنهم مسؤول كبير سجن بعد إفراجه عن آلاف المعتقلين.

24 وثيقة

وتشمل الأوراق المسربة على 24 وثيقة وتحتوي بعضها على مواد مكررة. وفيها 200 صفحة من الخطابات الداخلية للرئيس و150 صفحة عبارة عن تعليمات وتقارير عن الرقابة والتحكم بالمسلمين الإيغور في تشنجيانغ، وهناك خطط عن توسيع المنع لمناطق أخرى في الصين. ورغم عدم معرفة الطريقة التي جمعت واختيرت فيها الوثائق إلا أنها تكشف عن معارضة داخل الحزب للحملة أكبر مما كان يعرف سابقاً. وعادة ما تخفي القيادة الصينية سياساتها بغلاف من السرية خاصة عندما يتعلق بإقليم تشينجيانغ الغني بالمصادر الطبيعية والقريب من أفغانستان وباكستان ووسط آسيا ويسكن فيه 25 مليون نسمة.
وحاولت الحكومة الصينية قمع المشاعر المعارضة للصين خاصة بعد احتجاجات في أورومقي، عاصمة الإقليم، عام 2009 وهجمات القطار في أيار (مايو) 2014. ومنذ عام 2017 شنت السلطات حملة اعتقالات تهدف إلى تغيير هوية السكان وتحويلهم إلى مواطنين موالين. ومن بين ما تحتويه الوثائق إرشاد في عام 2017 للتعامل مع الطلاب العائدين إلى الإقليم. ومع أنها تخبر المسؤولين بضروة إبلاغهم أن عائلتهم تتلقى علاجاً من التشدد إلا أن اللغة المستخدمة تشي بأن العملية ليست علاجاً ولكنها عقاب تم عليهم.
ووضع المسؤولون في مدينة تيربان، في شرق الإقليم، أسئلة وأجوبة يجب أن تقدم للطلاب العائدين. وعادة ما ترسل السلطات في الإقليم أذكى الطلاب إلى الجامعات الصينية لتدريبهم على العمل في مؤسسات الخدمة المدنية والتعليم. وكان القمع قاسياً بدرجة أنه أثر على طلاب النخبة.
وفي أمر رسمي “الطلاب العائدون من أجزاء مختلفة من الصين لديهم علاقات اجتماعية مع كل البلد” و”في اللحظة التي ينشرون فيها رأياً على “ويتشات” أو “ويإيبو” ومنصات التواصل فأثره سيكون واسعاً ومن الصعب محوه”. ومن هنا كانت الأجوبة حول أسئلة الطلاب عن سجن آبائهم ومتى سينتهي تدريبهم وماذا فعلوا ليستحقوا العقاب، أن تكون حاسمة وهي أن آباءهم أصيبوا بعدوى التشدد الإسلامي ويجب علاجهم وأجدادهم الذين لا قدرة لهم على عمل أي شيء مضاد للدولة. وتقول إجابة: “لو لم يعالجوا ويدخلوا برامج تدريبية معمقة فلن يفهموا مخاطر التطرف”. وعلى الطلاب أن يشكروا السلطات على هذه الفرصة من التعليم المجاني. و”هذا العرض هو أساس للعائلة السعيدة”. وتشير الصحيفة إلى خطابات الرئيس الصيني المتعددة التي انتقد فيها “بدائية” الأدوات التي استخدمتها القوات المسلحة لمواجهة التظاهرات. وقال: “هذه الأسلحة ليست جواباً على الساطور والسكين والأسلحة الفولاذية” و”يجب أن نكون قساة مثلهم”.

الفيروس المعدي

وفي خطاب آخر تحدث فيه عن “حرب الشعب” بالمنطقة. ومع أنه لم يطلب إنشاء معتقلات جماعية إلا أنه طلب من القيادات استخدام أدوات الديكتاتورية لمحو الإسلام المتشدد في تشينجيانغ. وتظهر خطابات جين بينغ هوساً بالموضوع أبعد من تعليقاته العامة، حيث وصف الإسلام المتشدد بالفيروس المعدي والإدمان على المخدرات، وقال إن مواجهته تحتاج وقتا ورؤية متداخلة. وأضاف: “يجب أن لا نسيء تقدير الأثر النفسي للتطرف الديني على أفكار الناس”. ففي خطاب ألقاه في 30 نيسان (إبريل) 2014 قال: “الناس الذي أصيبوا بداء التطرف الديني- رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، دمر ضميرهم وفقدوا إنسانيتهم ويقتلون بدون أن تطرف لهم عين”. وفي خطاب لاحق بعد شهر حذر “من التطرف الديني المسمم” و”في حالة اعتقدت به فكأنك تناولت المخدرات وتفقد حسك وتصبح مجنوناً وتفعل أي شيء”.
ورفض في خطابات لاحقة التمييز ضد المسلمين الإيغور وخلق توتر بينهم والمسلمين الهان، كما رفض فكرة محو الإسلام بالكامل من الصين. لكن خطة جين بينغ كانت واضحة لقياداته وهي القيام بحملة قمع في إقليم تشينجيانغ. ورغم مظاهر الاعتدال الديني لدى سكان الإقليم إلا أن الرئيس كان قلقا من مظاهر الإحياء الديني نهاية القرن الماضي ولام تساهل السلطات مع الدين. فمع تأكيد القادة السابقين على التنمية الاقتصادية للقضاء على التشدد إلا أن جين بينغ لم يكن راضياً ولهذا دعا قيادة الحزب في الإقليم “يجب التلويح بأسلحة الشعب الديمقراطية الديكتاتورية دونما تردد أو خوف”. وكان والد جين بينغ أحد قيادات الحزب يدعم التسامح مع الأقليات في الثمانينيات من القرن الماضي. واعتقد البعض أن يواصل ابنه السياسة عند توليه قيادة الحزب عام 2014. ولكنه بات ينظر للخطر الآيديولوجي من خلال انهيار الاتحاد السوفييتي. واستخدم المثال السوفييتي على أن النمو الاقتصادي لن يحمي المجتمع من النزعات الانفصالية. وقال إن دول البلطيق كانت الأكثر تقدماً بين الكتلة السوفييتية ولكنها أول من انفصلت عنه. والأمر نفسه مع يوغوسلافيا.
وكان الرئيس يعرف بعلاقة الإيغور مع الدولة الصينية وذكر حوادث لم تذكر عادة مثل الحكم المستقل والقصير في منتصف القرن العشرين. ومع أن العنف لم يخرج عن الإقليم وزادت حدته بعد عام 2009 إلا جين بينغ استخدمه كذريعة للتحذير من تشويهه للحزب.

جذور التشدد

بدون دبلوماسية أعاد جذور التشدد في تشنجيانغ إلى الشرق الأوسط وحذر من زعزعته الاستقرار كما في أفغانستان وسوريا.

وبدون دبلوماسية أعاد جذور التشدد في تشنجيانغ إلى الشرق الأوسط وحذر من زعزعته الاستقرار كما في أفغانستان وسوريا. وقال إن الإيغور سافروا إلى البلدين وقد يعودوا إلى الإقليم الذي يطلقون عليه تركمنستان الشرقية: “بعد سحب الولايات المتحدة قواتها من أفغانستان وضعت الجماعات الإرهابية نفسها على الحدود في أفغانستان وباكستان وربما اخترقت سريعا آسيا الوسطى”. و”سيكون إرهابيو تركمانستان الشرقية قد حصلوا على التدريب في الحرب الحقيقية في سوريا وأفغانستان ويمكنهم شن هجمات ضد تشنيجيانغ”. وخلافاً لسياسته رد سلفه هو جينتاو على التظاهرات في أورومقي بالقمع ولكنه أكد على التنمية كحل للسخط العرقي.
ودعا جين بينغ لاستخدام التكنولوجيا الحديثة كجزء من الحل. ومثل الولايات المتحدة على الصين “جعل الرأي العام جزءاً من مصادر حماية الأمن القومي” و”نحن كشيوعيين علينا أن نكون مقاتلين طبيعيين في حرب الشعب”. والإشارة الوحيدة على أنه دعا في الخطابات لمعسكرات اعتقال هي مصادقته على حملات التثقيف: “يجب أن يكون هناك نموذج فعال للتعليم وتحويل المجرمين” و”حتى بعد الإفراج عن هؤلاء المجرمين يجب مواصلة تعليمهم وتغييرهم” وبعد أشهر من خطابه بدأت المعتقلات تظهر في الإقليم وإن على قاعدة صغيرة. وفي آب (أغسطس) 2016 عين غوانغو المتشدد والذي جلب معه تجربته في التيبت. وتكشف الوثائق وجود معارضة داخل الحزب لحملة الاعتقالات ولكنه تبنى حملات تطهير تشبه عهد ماوتسي تونغ. وفي شباط (فبراير) 2017 قال لضباط الشرطة والجنود في ساحة العاصمة أورومقي إن عليهم الاستعداد “لهجوم ساحق ماحق”. ولكن الوثائق تظهر أن السلطات قررت خيار المعتقلات. وكان أمر شين غوانغو: “اعتقلوا أي شخص يمكن اعتقاله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نصري المناعي:

    تحول الصين إلى قوة عالمية سيشكل خطرا حقيقيا يحدق بالسلم والأمن العالميين وأخطر بكثير من خطر الطغم الحاكمة في البيت الأبيض الأمريكي وكيان الاحتلال الصهيوني لفلسطين، الطغمة الصينية لا تعترف بالدين ولا بالقيم ولا بالأخلاق كل ما يهمها هو تحويل البشر إلى قطعان ملحدة آلية مصطفة في مصانع كوانزو، شانغهاي، تشونغتشينغ،بكين وغيرها للمزيد من الإنتاج الزبالي الملوث للبيئة والقاتل للحياة البشرية ……….

    1. يقول نضال زغب:

      انا معك في ذلك ..انهم اكبر خطر يهدد العالم .

  2. يقول فلان الفلاني:

    هل يحز ذلك الأمر في نفوس العرب والمسلمين واخص الشعوب لا الحكومات اليهوديه التي تحكمنا… هل هناك من عنده كرامة ويقوم بمقاطعة بضاعة الصين… يا حيف يا بني يعرب

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت)) رواه أحمد وأبو داود

  4. يقول EL HUSSEIN SHARABY:

    To All Muslims in the world < read how china id prisond all muslims in caamps , not allowing them to pray and read Quran Karim . Ask your rulers to cut all relation economically and millatry with them , till they all Our Brothers Muslim to have thier human rights. Also ask your rulers to cut all relations with Borma and india which the did the same wit our brothers muslim. Our brother muslim ask your rulers to raise cases against all these countries which do not our brother muslims their human rights.

  5. يقول عمر:

    انظروا يا ناس, عندما يحكم المسلمون, كم يكونون مسالمين ومتسامحين مع الآخرين, وكم الآخرون يعيشون بامان ويطبقون دينهم بدون خوف ومنع او محظور ويعيشون بحرية وكرامة, وانظروا الآخرون عندما يحكمون المسلمين كيف يقمعونهم ويمنعونهم من ابسط الحقوق الآدمية؟! نعم هذا هو الاسلام, هذا هو دين الله الذي يجب ان يحكم العالم وسوف يحكم العالم بلا شك, بل العالم سيكافح من اجل ان يحكم الاسلام, كما الشعوب المسلمة تفعلها اليوم, لأنه يحفظ كرامة الانسان وحرية الانسان! بلا شك المستقبل لهذا الدين, بعد ان يتبين للناس زيف بقية الاديان والمذاهب, التي رويداً رويداً تثبت فشلها وتزول من الوجود, كما رأينا زوال الشيوعية, اليوم نرى ايضاً فشل الليبرالية والديمقراطية الزائفة التي لا تستطيع ان تقنع الشعوب بعد! الاسلام يقوى اكثر إذا تعرض الى محنة ويبقى ولا يزول, عكس بقية الاديان والمذاهب, عند ادنى أزمة تنتهي وتزول من الوجود! مثلاً الشيوعية التي حكمت نصف العالم, يا ترى كم شخص اليوم يؤمن بها؟ والليبرالية الغربية كذلك, لو لا الحديد والنار؟ طبعاُ الشيوعية ايضاً حكمت بالحديد والنار, مع ذلك اصبحت خبر كان!

  6. يقول حواس:

    مليون مسلم في السجن؟ في ثلاث سنوات؟ و مازل العرب و المسلمين يتعاملو مع الصين؟
    كجزائري اطلب من الجزائر طرد كل الصينيين من الجزائر و وقف كل أشكال التعامل معها.

  7. يقول Fayeq Alnatour:

    اخبار مفرحة قرأتها بالأمس عن اكتشاف بؤر الطاعون في الصين يعني أنشأ الله عن قريب بدل مليارين صيني بيصيرو نص مليون ونرتاح منهم.

  8. يقول ali:

    سوف تستخدم أمريكا جماعة الإخوان المسلمين لتدمير الدولة الصينية كما حدث في افغانستان
    إلا أن الصينيون اذكى من الروس .. فعلوا خيرا بالتخلص من هذا السم الذي يهدد بلادهم والعالم
    هل فكرتم مرة واحدة لماذا لم يبعث الله نبي إلى الصين ليهدي شعبها؟؟

إشترك في قائمتنا البريدية