الطريق الانساني

حجم الخط
0

تكشف الدراما التي وقعت أمس، عندما رفضت هيئة موسعة من محكمة العدل العليا للمرة الثانية قانون للكنيست في موضوع حبس المتسللين، عن مركزية المحكمة العليا في حياتنا. فرغم وضع الدولة الحساس، تصر المحكمة على أن تسير بها في طريق ليبرالي وانساني. قرار المحكمة، الذي يثير منذ الآن ردود فعل تلقائية تدعو الى حصر قوة المحكمة العليا هو الدليل الغالب على حصانة الديمقراطية. من الآن فصاعدا سيتعين على الحكومة ببساطة أن تجتهد اكثر كي تجد السبل لحل مشكلة المتسللين.
معقول الافتراض بأنه لو كان القاضيان اللذان انتخبا الى العليا أول أمس، مني مزوز وعنات بارون، ضمن الهيئة، لانضما الى موقف الاغلبية. معقول أن في منصبه كمستشار قانوني للحكومة كان مزوز سيعمل ضد هذا القانون منذ البداية. غير أن امورا تُرى من هناك لا تُرى من هنا، وقاضي العليا يمكنه أن يسمح لنفسه بمدى رؤية بانورامية.
في قرار أمس وجد نفسه رئيس المحكمة آشر غرونس الذي يعتبر محافظا في كل ما يتعلق بالغاء القوانين، في الاقلية. وخلافا لما يدعيه كثيرون، فان لرئيس المحكمة تأثير محدود على القرارات. وحتى في المحاكم التي بالرئاسة السائدة لمئير شمغار واهارون براك لم تتخذ قرارات في امور حساسة بالاجماع رغم السعي الى الاجماع. إن المساهمة الكبرى لمزوز في المحكمة العليا ستنضج قبيل منتصف ولاية الرئيسة الوافدة مريام ناؤور، ولا سيما في ولاية إستر حيوت التي ستتولى الرئاسة بعدها. لقد كانت حيوت ووزيرة العدل تسيبي لفني – التي عملت مع مزوز في اثناء ولايتها الاولى كوزيرة للعدل – هما اللتان دفعتا نحو تعيينه. لا يوجد اليوم رجال قانون كثيرون يعرفون الساحة السياسية، الامنية، الاجتماعية والاقتصادية لاسرائيل مثل مزوز. ومن تحت المزاج القانوني الصرف الخاص به يختبيء رجل ذكي، منفتح وبراغماتي، يفهم جيدا أين تقف صلاحية المحكمة العليا، وبالأساس ما هي قيودها في مجتمع ممزق – يهدد التطرف القومي الذي يعصف به باغراق قيمه الليبرالية.
عندما سيبحث مزوز في طلب لرفض قانون، والكشف عن وثائق، حين سيجلس في التماس لرفض تعيين أو في التماس امني، فانه سيعرف أين تبدأ المشكلة القانونية وأين تنتهي وتنتقل الى مصافات حزبية، سياسية أو امنية، وهناك سيتوقف. مزوز في جوهره، مثل القاضيتين ناؤور وحيوت، ليس مؤيدا للفاعلية من مدرسة اهارون براك، وهو يفهم بأن المجتمع الاسرائيلي، وقيادته السياسية لن يسمحا للمحكمة العليا بادارة الدولة والدخول في اعتباراتها في كل شأن. ومن جهة اخرى، سيكون مزوز مؤيدا للفاعلية في مواضيع حقوق الانسان، المواضيع الاجتماعية وبقدر استطاعته ايضا في مواضيع الاقليات والمهاجرين.
ولا يمكن ألا تُقال كلمة عن الموضوع «الشرقي». فمزوز يكره أن يُذكر أصله التونسي في سياق مسار تقدمه المثير للانطباع. من ناحيته فان حياته المهنية تطورت بفضل الكفاءة والمثابرة، ولكن بالنسبة لمن نشأ وترعرع في نتفوت في الخمسينيات وفي الستينيات، في عائلة تقليدية قليلة الوسائل بذلت كل شيء كي تمنح التعليم الجيد لأبنائها، ونجح في الازدهار في منظومة اشكنازية نخبوية – فان هذا بالتأكيد لهو انجاز جدير بالاشارة.

يديعوت 23/9/2014

طوفا تسيموكي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية