لقد جسدت تصفية قائد اللواء الشمالي في سرايا القدس للجهاد الإسلامي في شمالي القطاع بهاء أبو العطا، قدرة إسرائيل الاستخبارية والعملياتية. وفي أعقاب رد الجهاد لإطلاق الصواريخ إلى الجبهة الإسرائيلية الداخلية المدنية، أدار الجيش الإسرائيلي يومين قتاليين في ظل الحرص على عدم السماح لحماس بالانضمام إلى المعركة الناشئة. فالتركيز علىأاهداف الجهاد فقط، إلى جانب تقليص الضرر الجانبي في مناطق القطاع، دل على نية حكومة إسرائيل لمواصلة العمل على التسوية بينها وبين حماس، والذي يتواصل منذ زمن بعيد بخطى مدروسة وخفية في معظمها عن عين الجمهور في إسرائيل. وبالفعل، أوضح الناطقون بلسان حكومة إسرائيل بأن قائد الجهاد صفي ليس فقط لأنه كان مسؤولاً عن معظم إطلاق الصواريخ في الأشهر الأخيرة من القطاع نحو إسرائيل، بل لأن عمله هذا أيضاً كان يستهدف إحباط مساعي إسرائيل وحماس لتطبيق وتثبيت تفاهمات التهدئة الأمنية في ساحة غزة. وحسب مصادر إعلامية عربية، نقلت إسرائيل رسالة إلى الفصائل الفلسطينية في غزة عبر مصر بأنها غير معنية بتصعيد واسع.
وبالفعل، فضلت حماس الجلوس على الجدار والامتناع عن الانضمام إلى المعركة التي نشبت بين الجيش الإسرائيلي والجهاد الإسلامي.
إن نشاط الجهاد المستقل –وهو الذي يتمتع بدعم عسكري لوجستي من إيران، وإن كان من المشكوك فيه أنه يتلقى أوامره منها– يضع تحدياً أمام قدرة حماس على تحقيق مصالحها الحالية، الأوسع من مجرد تثبيت الشرعية، من خلال إبداء التضامن مع محافل المعارضة التي لا تخضع لإمرتها. وذلك بخاصة في ضوء التخوف من التدهور إلى مواجهة مع إسرائيل. فالمواجهة الواسعة في نظرها ستخرب على مساعي التسوية التي تقودها مصر، والتي تساهم في تحسين الوضع المدني في القطاع وإعادة بناء الخرائب التي وقعت في اأناء حملة الجرف الصامد، وستمس بالمنافسة على الشرعية بينها وبين فتح والسلطة الفلسطينية، الجارية هذه الأيام على خلفية إمكانية إجراء انتخابات للبرلمان الفلسطيني.
على كل الأحوال، إن جلوس حماس جانباً يطرح السؤال: هل لدى المنظمة ما يكفي من القوة للجم الجهاد حين تكون لها مصلحة في ذلك؟ فاستخدام القوة ضد “حركة جهادية شقيقة” يتناقض وهوية حماس كحركة مقاومة تتبنى الصراع العنيف ضد إسرائيل. ورغم ذلك، وبخلاف أيديولوجيتها، اختارت حماس هذه المرة أن تكون جهة لاجمة، مما أدى عملياً إلى تقصير مدة الجولة، بقرارها الصادم لعدم الانضمام إلى القتال وترك الجهاد وحيداً في المعركة.
في اليومين القتاليين، أطلق نحو إسرائيل نحو 450 صاروخاً؛ وركز الجيش الإسرائيلي على مهاجمة خلايا إطلاق الصواريخ والقادة الميدانيين ومنشآت الإنتاج والتخزين التابعة للجهاد؛ علم بسقوط 34 قتيلاً في الطرف الفلسطيني، بينهم عدد من الأطفال والنساء ونحو 100 جريح؛ ولم تكن في إسرائيل إصابات في الأرواح، وإن لحقت أضرار محدودة فقط بالبنى التحتية.
في ضوء الإصابات المتراكمة وفهم قيادة الجهاد بأنها وحدها في المعركة، استجابت للضغط وللعرض المصري لوقف النار. وأوضح أمين عام التنظيم زياد النخالة بأن “الحركة توصلت إلى اتفاق وقف نار مع إسرائيل بعد أن وافقت إلى جانب باقي الفصائل الفلسطينية على العرض المصري الذي يحقق شروط المقاومة”. وحسب التفاهمات التي تحققت، يوقف الجهاد النار ويحرص على أن تجري مسيرات العودة بالوسائل السلمية. أما إسرائيل من جهتها فتتوقف عن سياسة التصفيات في قطاع غزة والضفة الغربية، وتتوقف عن إطلاق النار على المشاركين في مسيرات العودة وتتعهد بتنفيذ تفاهمات القاهرة المتعلقة برفع الحصار عن القطاع. لم يؤكد أي مصدر رسمي في إسرائيل هذه التفاهمات. بل وادعى النخالة بأن “إسرائيل تريد عزل الجهاد عن باقي الفصائل، ولكن رغم أن الجهاد يمكنه وحده أن يدير المعركة ضد إسرائيل على مدى أسابيع طويلة، فقد استجبنا للتوجه المصري ورغبة باقي الفصائل ووافقنا على وقف النار”.
ميزان الربح والخسارة لدى حماس
بخلاف أيديولوجيا حماس المعلنة، ومع أنه في إطار التنسيق بين الفصائل نقلت معلومات وربما وسائل قتالية للجهاد، فإن منظمة حماس لم تنضم إلى القتال. وبالتالي فقد فضلت حماس السياسة البراغماتية على العمل هو ترجمة مباشرة لأيديولوجيا المقاومة العنيفة لديها. وفي أعقاب ذلك:
الميزان لدى إسرائيل
إسرائيل من جهتها أثبتت المبادرة والتصميم والقدرة العملياتية على تنفيذ إحباطات مركزة في القطاع، وهكذا عززت الردع تجاه منظمات الإرهاب وزعمائها:
معان وتوصيات
ستكون إسرائيل مطالبة بأن تتخذ قريباً القرار إذا ما ستواصل التمسك بمنطق إعفاء حماس من المسؤولية عن إطلاق الجهاد وباقي المنظمات للصواريخ نحو إسرائيل. يحتمل أن يكون الهجوم على حماس عشية السبت -رداً على خرق وقف النار بإطلاق الصواريخ نحو بئر السبع يوضح- خروجاً لمرة واحدة عن السياسة الإسرائيلية.
لم تغير الجولة الأخيرة صورة التهديدات من القطاع. فلدى المنظمات في القطاع قدرات تمثل تهديدا ًأمنياً على إسرائيل، وسيستخدم كلما كان يخدم مصالحهم. وإن استمرار الوضع القائم، بما في ذلك إذا كان تقدم في مساعي التسوية بين إسرائيل وحماس، لن يمنع فصائل الإرهاب من مواصلة التعاظم والتهديد بتشويش الحياة الطبيعية في إسرائيل، وليس فقط في غلاف غزة. وهذا الوضع، إضافة إلى عدم التماثل بين القطاع والضفة، حيث تنفذ إسرائيل والسلطة الفلسطينية مبدأ تجريد المنطقة من القدرات العسكرية ومنع بناء شبكات للإرهاب.. كفيل بأن يكون خلفية لمعركة عسكرية واسعة غايتها نزع القدرات العسكرية لحماس وباقي المنظمات العاقة في القطاع. ولكن حتى مع ختام حملة عسكرية واسعة النطاق ستتسبب بدمار كبير وإصابات كثيرة، لن يتوفر بديل عن حكم حماس في القطاع يكون مريحاً أكثر لإسرائيل، وستجد إسرائيل صعوبة في تصميم واقع من الاستقرار والهدوء الأمني على مدى الزمن في هذه الساحة.
وبالتالي، فإن هذا هو الوقت لاستنفاد الإمكانيات والفرص للتقدم في التفاهمات مع حماس، والتي تتركز اليوم على التسوية مع إسرائيل أكثر مما على الصراع العنيف والمواجهة العسكرية معها، وكذا إجراء انتخابات في السلطة الفلسطينية بل والمصالحة مع فتح. ومع ذلك، لما كانت حكومة إسرائيل اختارت حماس عنواناً للتسوية وليس السلطة الفلسطينية، فهذا عملياً هو إضعاف للسلطة التي هي العنوان الشرعي الوحيد للتسوية في المستقبل. وعليه، نوصي بتغيير هذه السياسة والعمل في قناتين:
تثبت الجولة الأخيرة بأن إسرائيل في هذه المرحلة ومن أجل الوصول إلى تفاهمات مع حماس، غير مطالبة بخطوة عسكرية واسعة النطاق في القطاع تقتلع حماس من الأساس. وذلك لأنه بالنسبة لمعظم المسائل التي قيد الخلاف -باستثناء مسألة إعادة جثماني الجنديين والمدنيين الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس– من الصعب التقدير بأن ستنشأ ظروف أفضل للتوافقات التي تبدي حماس الاستعداد للموافقة عليها اليوم، واختارت الدفع بها إلى الأمام على الانضمام إلى معركة عسكرية ضد إسرائيل.
بقلم: اودي ديكل
نظرة عليا 18/11/2019
هل اصبحت المقاومه تتصارع فيما بينها ؟ حماس او الجهاد او فتح كلهم فلسطنين وكلهم متضررين
وهم يمثلون شعب فلسطين فى الداخل والخارج
ان شاء الله الخبر ماهو صحيح والجميع يد واحده والعدو واحد والاتحاد قوه
اما ما يحدث من اختراق ومعرفة العدو للاهداف فى غزه لايعنى وجود خونه وانما ربما جهل وعدم
حيطه ولابد من اخفاء القيادات والحرب خدعه
الله ينصركم
علي كل الفصائل المقاومة التوحد ..