نواكشوط -«القدس العربي»: أعلن سيدي محمد ولد بوبكر، المرشح الرئاسي السابق الذي دعمه الإسلاميون في تقييم طال انتظاره للأيام المئة الأولى من حكم الرئيس الغزواني، «أنه سيبقى داعماً قوياً لأي خطوة إلى الأمام في سبيل الإصلاح المنشود، كما أنه سيقف بحزم وإصرار ضد أي نكوص أو تراجع من شأنه أن يعيد موريتانيا إلى سنوات الظلم والفساد والاستبداد».
وأكد ولد بوبكر الذي يعتقد الكثيرون أنه كان أبرز منافس للرئيس غزواني في انتخابات يونيو الماضي «أن الموريتانيين يتطلعون اليوم إلى أن تنتهج السلطات العمومية بحزم وتصميم السياسة التي ينتظر منها المواطن بفارغ الصبر، والتي جعلته البشائر التي ظهرت خلال المئة يوم المنصرمة يأمل في تحقيق المزيد من المكاسب دون تأخير، كما أنهم يتطلعون إلى أن تفتح الحكومة حواراً شاملاً مع كافة الأطراف السياسية حول القضايا الوطنية الملحة لأن ذلك هو ما سيعزز استقرار البلد و يجعله في مأمن من المخاطر، ويضمن لأبنائه جميعاً المشاركة بعدالة وعلى قدم المساواة في بناء مستقبلهم». وأضاف ولد بوبكر، وهو وزير أول سابق في عدة حكومات ماضية: «مئة يوم فترة قصيرة بالنسبة لمأمورية سياسية تدوم عدة سنوات، فقد جرت العادة بأن يتم اعتبارها محطة لتقييم أداء أي نظام سياسي جديد، من خلال توجهات هذا النظام التي يعبر عنها والقرارات التي يتخذها».
وفي هذا الإطار، يضيف ولد بوبكر، لا يسعني إلا أن أثمن ما وقع خلال هذه المئة يوم الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من تطور إيجابي في مناحي مختلفة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، الإجراءات التي أطلقتها الحكومة في مجال الصحة، وبخاصة في مجال الحملة المقام بها حالياً لمحاربة الأدوية المزورة، والقرار السليم الذي اتخذته الحكومة بتمكين الطلاب الذين كانوا ممنوعين، بسبب السن، من التسجيل في الجامعة من الاستفادة من حقهم المشروع في الدراسة».
وثمن ضمن تقييمه «إعلان الرئيس الغزواني عن تحمله لتكاليف سفره لأسباب شخصية، حيث يعبر هذا الإعلان عن تطور بالغ الأهمية بالنسبة لما كان يجري عادة من تحمل الدولة لكل أعباء الرئيس، فالفصل بين الشأن العام والشأن الخاص وتمييز الذمة الشخصية عن ذمة الدولة أمر مهم».
وقدر ولد بوبكر تقديراً عالياً «دعوة الرئيس الغزواني لرؤساء المعارضة إلى حضور مهرجان المدن القديمة المنعقد بمدينة شنقيط التاريخية، والعناية التي أحيطت بها هذه المناسبة، مما يؤكد أن سياسة الانفتاح التي دشن الرئيس الجديد باستقباله لقادة المعارضة مستمر ويتطور».
ومن النقاط التي ثمنها «انفتاح وسائل الإعلام الرسمية على المعارضة، واهتمامها بقضايا جوهرية لدى المواطنين، وإطلاق سراح سجناء «لكصيبه» المعتقلين على إثر الانتخابات الرئاسية في يونيو الماضي».
وقال: «إننا نثمن هذا النهج الجديد في ممارسة الشأن العام وندعمه، ونلفت الانتباه إلى أن هذه المواقف يجب أن تتبعها سياسة قوية وإجراءات استعجالية لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين الذين يعانون من وضعية صعبة للغاية بسبب ارتفاع الأسعار، وتدني الرواتب، وتفاقم الضرائب، وانتشار البطالة، وتدهور الاقتصاد، وخاصة المؤسسات العمومية التي بلغت ديونها أرقاماً قياسية، وكثير منها على شفا الإفلاس».
ودعا ولد بوبكر الحكومة «إلى إعانة الفئات الهشة المحتاجة إلى المساعدة بعد سنوات طويلة من الجفاف، والتعجيل بحل مشاكل الشباب العاطل عن العمل ومحاربة الرق ومخلفاته، والعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية»، واضعاً ضمن الإجراءات التي يرى أنها مستعجلة «تسوية موضوع المواطنين الذين عانوا من الظلم والمتابعات ذات الطابع السياسي والخارجة عن القانون، كما هو حال السيد محمد ولد بوعماتو، والسيد المصطفى ولد الإمام الشافعي، والصحافيين حنفي ولد دهاه وسيدي عالي ولد بلعمش، وفرقة أولاد لبلاد، وجميع من كانوا يواجهون لأسباب سياسية استهدافاً غير مشروع من قبل السلطة بمن فيهم الصحافي مأموني ولد المختار الذي حرم من حقوقه رغم أحكام القضاء الصادرة لصالحه».
وأكد بوبكر في تقييمه «أن المظالم لا تتجزأ، وأن واجب دولة القانون توفير العدل والحماية لجميع المواطنين»، مشدداً تأكيده على «أن محاربة الفساد عملية شاملة أو لا تكون، إذ لا يتأتى وجود واحة من الإصلاح في خضم من الفساد».
هذا وتجمع التقييمات التي نشرت لحد الآن عن الأيام المئة الأولى من حكم الرئيس غزواني على أمر واحد هو أن الرئيس الموريتاني الجديد يتبنى أسلوباً هادئاً جداً في ممارسة الحكم، وهو أسلوب تمليه، حسب مراقبي هذا الشأن، تعقيدات الأوضاع وثقل التركة ووعورة الطريق.