إعلان إدارة ترامب “قانونية” المستوطنات في الضفة… توقيت مزدوج

حجم الخط
0

بعد التقليصات في ميزانية السلطة الفلسطينية والأونروا، والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، والاعتراف بهضبة الجولان تحت السيادة الإسرائيلية، بقيت ورقة مهمة واحدة في كم الولايات المتحدة. وقررت إدارة ترامب سحبها بسخاء في الوقت الحالي: الإعلان بأن المستوطنات التي في يهودا والسامرة ليست بالضرورة “غير قانونية” كما ينص القانون الدولي. وكما الإعلان عن سيادة إسرائيل في القدس وهضبة الجولان، بل حتى أكثر من ذلك بسبب أهميتها للفلسطينيين، تحديداً مناطق “ج”، فهذا الإعلان رمزي وحساس في معظمه الآن. الوضع في المناطق لن يتغير بين عشية وضحاها، ولن يتغير القانون الدولي لمجرد أن الولايات المتحدة قررت عدم الاعتراف به. أما على مستوى الإدارة الأمريكية فإن عدداً من التغييرات الملموسة، على مستوى الميزانيات مثلاً، سيحتاج إلى مصادقة الكونغرس إلى جانب تصريحات احتفالية لوزارة الخارجية الأمريكية.

خلافاً للحالات السابقة، سارع المجتمع الأوروبي هذه المرة إلى توضيح موقفه بعد بضع دقائق على الإعلان، وليس بعد أيام. لذلك، مثلما في قضية نقل السفارة والتصويت الذي جرى مؤخراً في الأمم المتحدة على تجديد التفويض للأونروا، يبدو الآن أن السلطات في إسرائيل والولايات المتحدة موحدة، لكن باقي العالم، بمن فيهم أصدقاؤنا الجدد في وسط وشرق أوروبا وروسيا وآسيا وإفريقيا، ما زالوا موحدين مع الجهة المضادة. والمفاجئ أكثر من القرار هو أن مناسبته سياسة ترامب توقيتاً. يقول من هم في محيط نتنياهو إنه “يعمل على هذا الموضوع منذ بضعة أشهر” وإن “القرار اتخذ بالتنسيق مع هيئة الأمن القومي والمستشار القانوني للحكومة”. هذه الجهات تطلق إشارات يستهدف التوقيت بحسبها مساعدة نتنياهو على تشكيل حكومة يمينية.

ولكن جهات أمريكية تقول إن الضغط الأكبر في هذا الموضوع كان لمؤيدي ترامب الإفنغلستيين الذين أرادوا استغلال معارضة الإدارة مؤخراً لقرار المحكمة الأوروبية بتطبيق وسم منتجات المستوطنات من أجل الدفع بسياستهم بعيدة المدى التي عمرها سنوات طويلة بأنه يجب الاعتراف رسمياً بقانونية المستوطنات. هذه السياسة دفعت قدماً من قبلهم أيضاً داخل الحزب الجمهوري. وحسب هذه الادعاءات، فإنه ليس وضع نتنياهو السياسي ما استدعى هذا القرار الآن، بل موقف ترامب السياسي الذي يعتبر المسيحيين الإفنغلستيين جزءاً جوهرياً من قاعدة مؤيديه في الانتخابات القريبة المقبلة، وهي المجموعة نفسها التي دفعت إلى اتخاذ قرارات الإدارة الأخرى بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين في السنوات الأخيرة.

في خطاب وزير الخارجية مايك بومبيو القصير، عبر عن توجه آخر في موقف الإدارة، بأن التغيير في السياسة لم يستهدف التأثير على المفاوضات التي ستقرر وحدها ما هو موقفهم تجاه المفاوضات في الاتفاق الدائم. إن مبرر كل هذه الخطوة استهدف، حسب رأيهم، المساعدة “للدفع بالسلام قدماً”، في ضوء حقيقة أن سياسة الإدارة السابقة ضد المستوطنات لم تساعد في ذلك. وإذا واصل نتنياهو وترامب تولي منصبهما فسيلقى عليهما عبء الإثبات، إذ لم يدفع الاعتراف بالقدس وهضبة الجولان، في هذه الأثناء، إلى الأمام عملية السلام بأي شكل من الأشكال.

بقلم: نوعا لنداو

 هآرتس 19/11/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية