بيروت ـ «القدس العربي»: كاد عيد الاستقلال الـ 76 أن يحلّ كئيباً هذه السنة لولا العرض المدني الذي نفّذته الثورة للمرة الأولى في تاريخ لبنان، وضمّ عشرات الألوف من مختلف المناطق والمهن الحرة، والذي غطّى على كآبة العيد نظراً لما يمر به لبنان من أزمة سياسية واقتصادية ومالية، وفي ظل عجز السياسيين عن الاتفاق على تشكيل حكومة وإحداث خرق في جدار الأزمة يرضي المتظاهرين في الشارع.
عرض عسكري رمزي في وزارة الدفاع… وبرودة لافتة بين الحريري وكل من عون وبري
وقد تُرجم الخلاف بين المسؤولين في العرض العسكري الرمزي الذي أقيم في وزارة الدفاع، حيث ساد الوجوم على وجه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وغابت الحرارة عن المصافحة بينه وبين كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، كما غابت الدردشة بينه وبين بري واقتصرت على بضع كلمات باردة بينه وبين عون، في مقابل حوار لافت بينه وبين قائد الجيش العماد جوزف عون.
وكانت وزارة الدفاع شهدت نصف عرض عسكري لأفواج المشاة من دون الآليات والمدفعية، بمشاركة الرؤساء الثلاثة الذين لم يعقدوا أي خلوة على هامش الاحتفال للبحث في استشارات التكليف والتأليف، وبحضور وزيري الدفاع والداخلية الياس بو صعب وريّا الحسن فقط من دون باقي الوزراء والنواب.
واستقل رئيس الجمهورية سيارة جيب مكشوفة والى جانبه وزير الدفاع، فيما استقل قائد الجيش سيارة أخرى وإلى جانبه رئيس الأركان اللواء أمين العرم.
وجاء هذا العرض الرمزي المختصر الذي لم يدم أكثر من نصف ساعة في ظل ما يتردّد عن غضب الطبقة السياسية من قائد الجيش بسبب رفضه أي قمع للمتظاهرين واتهامه بالدخول في لعبة الرئاسة.
في المقابل، ولأول مرة في تاريخ لبنان أقامت الانتفاضة الشعبية عرضاً مدنياً من مختلف فئات المجتمع اللبناني في ساحة الشهداء التي شهدت صباحاً إحراق مجسّم الثورة من قبل مجهول على دراجة نارية. وردّ المعتصمون بتصميم مجسّم آخر وبتداول شعارات على مواقع التواصل الاجتماعي جاء فيها «الجهل بيقدر يحرق الرمز… بس ما بيقدر يحرق الإرادة».
وقد تولّى ضباط متقاعدون في الجيش اللبناني تدريب المدنيين على الانتظام في الصفوف من أجل العرض المدني احتفالاً بعيد الاستقلال وتكريماً لشهداء الثورة. وضمّ هذا العرض 40 فوجاً، وضمّ كل فوج 57 مشتركاً ودام ساعتين.
وكانت مسيرات انطلقت من مختلف المهن ومختلف المناطق إلى ساحة الشهداء، وحمل مواطنون من الشمال شعلة الاستقلال، وتوجّهت تظاهرة إلى قلعة راشيا في البقاع حيث احتجز رجالات الاستقلال في عام 1943.