ضرورة استمرار عمل وكالة أونروا

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الخامس عشر من تشرين الثاني / نوفمبر الجاري لصالح تجديد تفويض الوكالة الأممية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) رغم الضغوط الأمريكية والصهيونية لتقليص دورها. ويعتبر ذلك التصويت دالة على وقوف العالم إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية.
وقد اعتمدت اللجنة الرابعة في الجمعية العامة بأغلبية ساحقة قرارا بتمديد تفويض وكالة الأونروا إلى نهاية يونيو/حزيران من عام 2023.
وصوت لصالح القرار 167 دولة، مقابل اعتراض دولة الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة، وامتناع سبع دول عن التصويت. وبذلك فشلت الولايات المتحدة وكذلك دولة الاحتلال في تمرير مقترحاتهما داخل اللجنة الرابعة، والقاضية بإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، وإسقاط صفة اللجوء عن أبناء وأحفاد اللاجئين، وتقليص مدة تجديد تفويض الوكالة لعام واحد بدلا من ثلاثة أعوام.

تغييب القضية

سعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تسابق مع الزمن إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر محاولاتها لتغييب الأونروا الشاهد الدولي الوحيد على نكبة 48 ومسؤولية دولة الاحتلال والغرب عن بروزها، وقد تكون إدارة ترامب أكثر الإدارات الأمريكية انحيازاً لتصورات ومواقف دولة الاحتلال إزاء القضايا الأكثر حساسية كقضية اللاجئين، وقد توضح ذلك بقرار الولايات المتحدة الأمريكية يوم 31-8-2018، بإيقاف كامل للمساعدات الأمريكية لوكالة أونروا التي رعت وترعى وتغيث (50) في المئة من إجمالي عدد الفلسطينيين خلال العام الحالي 2019. واللافت أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» قد مرت منذ اتفاقات أوسلو 1993 بظروف صعبة وتتعرض منذ تولي ترامب سدة الرئاسة في الولايات المتحدة لحرب مخطط لها مسبقاً من قبل دولة الاحتلال والولايات المتحدة لتصفيتها وبالتالي «شطب» قضية اللاجئين الفلسطينيين.
فقد أقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تجميد أكثر من نصف المساعدات الأمريكية للوكالة ردا على رفض الفلسطينيين اعتراف ترامب، مطلع كانون اول /ديسمبر 2017، في القدس عاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني،حيث جمدت واشنطن 65 مليون دولار أمريكي من أصل 125 مليونا كانت تقدمها الولايات المتحدة للأونروا، وتشكل نحو 30 في المئة من ميزانية الوكالة السنوية.

موضوع اللاجئين

وفي وقت سابق لذلك، شن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو هجوما على الوكالة مطالبا بتصفيتها من الوجود، واعتبر أنها «تديم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وتديم أيضا رواية ما يسمى بحق العودة الذي يهدف إلى تدمير دولة إسرائيل، ولذا يجب أن تزول الأونروا من الوجود».
تعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين القضية الدولية الأطول عمرا بين قضايا اللاجئين، رغم أن المجتمع الدولي أقر عام 1948 ضرورة وجوب عودتهم إلى ديارهم، كحق ثابت من حقوقهم في تقرير مصيرهم.
وفي 8 /12/ 1949 ولدت الأونروا، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302، وبدأت مزاولة أعمالها في الأول من ايار/ مايو 1950، بغية توفير الخدمات الإغاثية والصحية والتعليمية للاجئين الفلسطينيين في 58 مخيما أنشئ لأجلهم في الأردن وسوريا ولبنان بالإضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. ورغم مرور نحو سبعين عاما على تأسيسها، ما زالت «الأونروا» تقدم خدماتها لنحو ستة ملايين لاجـئ فلسطيني مسـجلين في قوائمـها.
وتشير سجلات الأونروا إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها يقدر بنحو 6 ملايين لاجئ وهذه الأرقام تمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيش نحو ثلثهم في المخيمات.

أهمية دور المنظمة

ويشكل اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في الضفة الغربية والمسجلون لدى الأونروا ما نسبته (17) في المئة من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الوكالة ويشكلون نحو (26) في المئة من سكان الضفة. أما في قطاع غزة، فبلغت نسبتهم (25) في المئة من إجمالي اللاجئين، ويشكلون أيضا (66) في المئة من سـكان القـطاع.
أما على مستوى الدول العربية، فقد بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الوكالة في الأردن (39) في المئة، في مقابل (9) في المئة في لبنان، في حين بلغت النسبة في سوريا، قبل اندلاع الثورة السورية، (10) في المئة، ثلثهم كان يتركز في مخيم اليرموك الذي تم تدمير القسم الأكبر منه في نيسان / ابريل من العام 2018 المنصرم.ومن الأهمية الإشارة إلى أن حوالي 42 في المئة من مجمل السكان في الأراضي الفلسطينية (الضفة والقطاع) هم لاجئون.
تتنوع الخدمات التي تقدمها الأونروا للاجئين المسجلين لديها ما بين التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية وتغطي كل المخيمات الفلسطينية البالغ عددها (58) مخيماً. وتتوزع مخيمات اللاجئين بواقع 12 مخيما في لبنان و10 في الأردن و9 في سوريا و27 في الأراضي الفلسطينية، بواقع 19 مخيما في الضفة الغربية و8 في قطاع غزة، الذي لا تتجاوز مساحته 364 كيلومترا مربعا. كما تدير الأونروا نحو 900 منشأة بين مدرسة وعيادة صحية ومركز تدريب مهني، يعمل فيها حوالي 30 ألف موظف وموظفة في مناطق عمليات الوكالة في كل من الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة.
ومن بين هذه المنشآت، هناك 703 مدارس، ما يعني أن البرنامج التعليمي الذي تديره الأونروا يعتبر من أكبر برامج الوكالة، ويستحوذ على أكثر من نصف ميزانيتها المقدرة بنحو مليار ومائتي مليون دولار سنويا.
ويعتبر قرار إنشاء الأونروا من قبل الأمم المتحدة في عام 1949، وانتشار خدماتها في عام 1950، يعتبر اعترافاً أمميا بقضية اللاجئين الفلسطينيين، ولهذا تساهم بعض دول العالم في تقديم هبات ومساعدات سنوية للأونروا بغية الاستمرار في عملها في مناطق عملياتها الخمسة وفق موازنة سنوية مقدرة لكل منطقة حسب عدد اللاجئين والخدمات المقدمة.
ولهذا فإن استمرار عمل الأونروا أمر ضروري، ناهيك عن كونها الشاهد الدولي الوحيد على نكبة 48 ومسؤولية دولة الاحتلال الصهيوني والغرب عن ظهور قضية اللاجئين الفلسطينيين.

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية