مطالبات بالتخلي عن توزيع المناصب الوزارية حسب الفئات الاجتماعية وتحذيرات من الاستمرار في قمع الصحافيين والتضييق على الإعلام

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: اهتمت الصحف بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي افتتاح الدورة الثالثة والعشرين لمعرض القاهرة الدولي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وإشادته بالتقدم الكبير الذي أحرزته مصر في ميدان رقمنة الخدمات بما يسهل من خطة مكافحة الفساد. وأبرزت الاجتماع الذي عقده الدكتور مصطفى مدبولي مع عدد من الوزراء والمسؤولين ومحافظ البنك المركزي لمناقشة دعم خطة المشروعات الصناعية المتوسطة والصغيرة للأفراد وتوفير السيولة المإلىة لها والاستعدادات لإقامة احتفال عالمي ضخم لافتتاح المتحف الجديد الذي يعتبر أكبر متحف في العالم والذي يتم نقل الآثار المبعثرة في أكثر من مكان إلىه.

إهمال في ملفات النظافة والبناء العشوائي… ومؤشرات على فقدان تأثير الأحزاب السياسية على الشعوب

وللأمانة فإن المتحف الجديد بدأ في إنشائه فاروق حسني وزير الثقافة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. واهتمت الصحف بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية إلىوناني إلى مصر واجتماعه مع وزير الخارجية سامح شكري لبحث توقيع تركيا مع حكومة فايز السراج في طرابلس في ليبيا علي مذكرتي تفاهم إحداها أمنية والأخرى خاصة بالغاز والبترول وهو ما اعتبرته كل من مصر وإلىونان وقبرص باطلا، كما اعتبرته مصر والمعارضة الليبية غير قانوني لأن اتفاق الصخيرات في المغرب لم يعط حكومة السراج حرية التوقيع علي أي اتفاق مع دول أخرى إلا بإجماع الوزراء وموافقة مجلس النواب وهو غير متحقق. المعروف أن مصر سوف ترد بطريقتها الخاصة وغير المعلنة على أي تواجد عسكري تركي في ليبيا من شأنه أن يشكل تهديدا لها. وعلى العموم فقد سبق للرئيس السيسي أن أعلن أكثر من مرة أن مصر لن تسمح بوجود أي قوة في ليبيا ترى أنها تشكل تهديدا لها. وأعلنه لالمانيا وايطاليا بالتحديد جهارا نهارا. وتجري الاستعدادات لعقد المؤتمر الثالث لمنتدى شباب العالم في الفترة من 14 ـ 17 من الشهر الحإلى في مدينة شرم الشيخ والذي يتم تمويله من بنوك مصرية وخاصة ومنها بنك قطر الوطني الأهلي. ولا أعرف إن كان ذلك إجراء عاديا أم استثناء ليتماشى مع ما يتردد من فترة عن زيارة قام بها وزير الخارجية القطري سرا للسعودية للإعداد لترتيبات مصالحة بينها وبين كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر والتخلي عن احتضان تنظيم الإخوان المسلمين. والأيام المقبلة تجيب عن هذه التساؤلات التي تتزايد، وهي، إن تمت، خير وبركة للعالم العربي كله. ونشرت الصحف عن قرار نيابة أمن الدولة بالإفراج عن 188 متهما في قضايا مظاهرات العشرين من شهر سبتمبر/ايلول الماضي، واثنين من تنظيم أجناد مصر، وواحد من تنظيم ولاية سيناء. أي العدد الكلي 199. أما الأهم بالنسبة للنظام فهو الاجتماع الثاني لوزراء الموارد المائية في مصر واثيوبيا والسودان بمشاركة من ممثلين لأمريكا والبنك الدولي لبحث خطة ملء خزان سد النهضة بما لا يلحق ضررا بدولتي المصب مصر والسودان. أما الأكثر أهمية للأغلبية فكان الإعلان عن استمرار الانخفاض في أسعار بعض السلع الغذائية واللحوم والدواجن والأسماك وبدء وزارة التموين خفض أسعار عدد من سلع البطاقات وشروع وزارة الداخلية، عن طريق جهاز أمان، عرض سلع مخفضة في عشرات الآلاف من المناطق سواء الخاصة بها أو البقالين بالاتفاق مع الغرف التجارية وذلك لتسهيل حياة الناس.
وإنْ كان الرسام مصطفى سالم أخبرنا أنه شاهد رجلا يضحك ويقول وهو يلتقط صورة سيلفي وخلفه صديق بائس:
يا سلااام أخيرا لقيت حد من الطبقة الوسطى عشان اتصور معاه سيلفي .
وإلى ما عندنا …

المحافظون ونوابهم

أبرز ردود الأفعال على تعيين محافظين جدد ونوابهم كان لأمجد المصري في «الاسبوع»: أثبتت التجارب السابقة خلال السنوات الأخيرة أن الفكرة ليست في شخص المحافظ ولكن في من سيعاونونه من نواب ومساعدين ورؤساء أحياء وقرى ومستشارين.
فهؤلاء هم من سيديرون العمل على أرض الواقع وينفذون فكر المحافظ وبالتالي ستكون مهمته الأساسية اختيار من يجيدون تنفيذ فكره والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ليساعدوه على النجاح في مهامه وحتى يشعر المواطن البسيط بالفارق مع المحافظ الجديد.
أيضا سيكون هناك نواب ومعاونون معينون من قبل الدولة وستكون المهمة الأولى هي تحديد اختصاصات كل نائب أو معاون للمحافظ بشكل يعظم الاستفاده من هؤلاء خاصة أن أغلبهم من الشباب الذي لم يسبق له العمل بالمواقع الكبرى داخل الجهاز الإداري للدولة فعلى كل محافظ أن يفهم جيدا تركيبة هؤلاء الشباب وقدراتهم ويوزع عليهم بعض الأعباء والمهام التي تتناسب مع خبراتهم ومؤهلاتهم العلمية وسابق خبراتهم الحياتية فيكونون بذلك خير معين للمحافظ في أداء مهمته الأساسية وهي الارتفاء بمستوى الحياة داخل محافظته وتنفيذ خطط الدولة ومشروعاتها القومية والاستعداد لعام سيكون شديد الزخم خاصة ونحن مقبلون على أنواع عديدة من الانتخابات النيابية والمحلية.
وفي «الأهرام» أثار حجاج الحسيني مشكلة الصلاحيات التي سيتم منحها لنواب المحافظين وقال: حركة المحافظين شملت تعيين 12 محافظا جديدا والإبقاء على 11 آخرين في مواقعهم إذ تمّ تجديد الثقة فيهم وأبرزهم محافظو جنوب سيناء والقاهرة والجيزة شملت نقل 4 محافظين إلى محافظات أخرى.
ورغم تعيين 23 نائبا للمحافظين معظمهم من الشباب إلا أن المحافظ هو المسؤول الأول الذي ينظر إليه المواطن باعتباره صاحب القرار لأن القانون لا يمنح صــــلاحيات لنائــــب المحافظ والمسألة تخضع لمزاج المحافظ إنْ أراد أعطى نائبه صلاحيات وإنْ أراد تجاهله كان له ذلك.
المتابعة الموضوعية لمشاكل الناس في المحافظات تؤكد وجود إخفاق واهمال في ملفات النظافة والبناء العشوائي وإشغالات الطرق التي وصلت إلى قلب شوارع العاصمة حيث تعجز المحليات عن مواجهة باعة وكالة البلح بعد سيطرتهم على شارع الجلاء.
المحافظات تحتاج إلى محافظين مبدعين وأصحاب أفكار من خارج الصندوق، ويجب أن يكون هناك تقييم علمي وعملي لكل محافظ وكل مسؤول لأن رجال العمل الجماهيري يجب أن يتم اختيارهم واستمرارهم طبقا لمدى نجاحهم في تطبيق القانون ومنع مخالفات البناء وتوفير شارع نظيف، والأهم من ذلك مدى وجودهم بين الناس.
أما محمد علي ابراهيم رئيس تحرير «الجمهورية» الأسبق فإنه في مقاله في «المصري اليوم» طالب المحافظين بالتخلي عن الحركات الاستعراضية وقال:
جواز المرور الملكي للسياسة في درجاتها العليا مشكلة المحافظين في بر مصر أنهم لا يتمتعون بالمركزية الحقيقية رغم أن القانون يمنحهم سلطات واسعة وهم لا يستغلونها إما لضعف الشخصية أو تضارب المصالح أو توازنات سياسية أو إرضاء لنواب برلمان أو لمصالح معينة مع إحدى الجهات التى رشحته. في النهاية المحافظ يجد يده مغلولة إلى عنقه فيبدأ في الإقدام على حركات استعراضية هدفها في المقام الأول البقاء في منصبه أطول فترة ممكنة. لقد ظل محافظون كثيرون في مناصبهم لسنوات يعملون في صمت بدون دعاية أو لقاءات تلفزيونية أو صحافيين أصدقاء.

حكومة ووزراء

وإلى الحكومة والتغيير المقبل فيها أسوة بما حدث مع المحافظين وقال عنه في «الأخبار» مدير تحريرها وليد عبد العزيز:
شائعات وأسماء كثيرة تتردد قبل التغيير الوزاري المرتقب ولكن الحقيقة أن لا أحد يعرف شيئا وأننا ننتظر حكومة جديدة تستكمل ما أنجزته الحكومات السابقة والتي تحملت الصعاب وشاركت في البناء.
لسنا في حاجة إلى تغيير أشخاص ولكننا في حاجة إلى فكر جديد وأدوات حديثة تتوافق ومتطلبات المرحلة أصبحنا في أشد الحاجة إلى وزراء قادرين على اتخاذ القرارات بعد دراسة وفهم للمصالح العامة بعيدا عن المجامــلات والأيادي المرتعشة. الدولة المصرية في أشد الحاجة إلى وجود حكومة قوية قادرة على استكمال مرحلة البناء.
أما أبرز ما نشر فكان لعباس الطرابيلي في «المصري اليوم» إذ طالب بالتخلي عن عادة توزيع المناصب الوزراية حسب الفئات الاجتماعية وكذلك التدقيق في الذمة المالية للمرشحين وقال: إذا كنا كسبنا قاعدة عرض أسماء الوزراء على البرلمان قبل أن يحلفوا اليمين الدستورية فهل هذا العرض يشمل إرسال ملف كامل لكل مسؤول جديد يعرف منه النواب- قبل أن يوافقوا- على أي أساس تم ترشيح كل واحد منهم أم أننا نقلنا هذا النظام من أمريكا كشكل ولم نأخذ المضمون؟ وهل نكتفي هنا بأن يقدم المرشح للمنصب الوزاري كشفا بذمته المالية الحقيقية وبالمليم بدون مبالغة لكي يعطي هذا المرشح لنفسه «فرصة» لما يمكن أن يطرأ على ثروته أم نكتفي بالتحريات التي تقدمها هذه الأجهزة أم أن هناك نظاما لا نعرفه يتم في الخفاء على أساسه ترشيح هذا المسؤول المستقبلي؟
بكل نزاهة نقول: نحن نريد أفكار هذا المرشح وما يمكن أن يضيفه للناس في الموقع المرشح له حتى ولو كان ذلك بعيدا عن نظام الكوتة، أي عدد من العسكريين شرطة أو قوات مسلحة بالذات للعمل في بعض المحافظات الحدودية أو التي تتواجد فيها بعض العناصر التي يمكن أن تصبح مهددة للأمن العام أو بعض المحافظات الزراعية أو التى تتميز ببعض الأجواء التي نحلم بتنميتها.
وهنا تدخل هذه المحافظات ضمن كوتة أو حصص أساتذة الجامعات لكي يعملوا بما يوافق خبراتهم وإمكانياتهم. وإذا كان لبنان والعراق قد أصيبا بهذا الداء، أي الحصص مراعاة للتركيبة السكانية، فإننا يجب ألا نتوسع في نظام الكوتة أو الحصص بين فئات المسؤولين كلٌّ حسب مجال عمله. وبالطبع نعلم مساوئ نظام الحصص في لبنان وما جرى له أخيرا من رفض الشعب هذا النظام الذي بدأ هناك مع بداية عصر الاستقلال.

أزمة الإعلام

من الظواهر الغريبة أنه في الوقت الذي تبشر فيه وسائل الإعلام من أشهر عدة إلى قرب صدور قرارات تعطي حريات أوسع للإعلام من صحافة وفضائيات وكذلك حريات سياسية أبعد مدى وحدث ويحدث تمهيدا لإثبات صحة نوايا هذا التوجه بأن عادت للمشهد من جديد الشخصيات التي شاركت ودعمت الرئيس السيسي في الإطاحة بحكم الإخوان ويسمون حلفاء الثلاثين من يونيو/حزيران والثالث من يوليو/تموز، أي موعد نزول ما لا يقل عن ثلاثين مليون مواطن في الشوارع في كل المدن ضد حكم الإخوان، ثم عزل الرئيس محمد مرسي بعد أن تم استبعادهم مدة طويلة وتستضيفهم قنوات التلفزيون الحكومي والخاص ليؤكدوا على ضرورة إصلاح أوضاع الإعلام والتخلص من العناصر غير المهنية وغير الكفؤة والمنافقة التي استعان بها النظام في الاعلام وأساءت للنظام الذي خسر كثيرا بدفاعه عنه، وأدت إلى انصراف الناس عنه إلى الاعلام الخارجي في تركيا، أي قنوات الشرق ومكملين بالاضافة إلى بي بي سي العربي. أقول بالرغم من ذلك تشتعل المعارك حول التضييق الذي تتعرض له وسائل الإعلام.
وقد أثار رئيس تحرير «المصري اليوم» عبد اللطيف المناوي ما تتعرض له الصحيفة من انتقادات ومشاكل بسبب مهنيتها وقال:
تعرضت وتتعرض «المصري اليوم» لسيل من الاتهامات. هناك من اتهمها بأنها أصابها الخزي بالانضمام إلى «حظيرة» السلطة وأنها فقدت أنيابها وأظافرها وباعت القضية وهناك من اتهمها بأنها خنجر في ظهر الدولة تضعفها وتنتقدها وتعارض التعليمات وترفض لمجرد الرفض في وقت لا تجوز فيه أي معارضة حسب قولهم.
أنا أرى أن كلا الاتهامين لا أساس له من الصحة. كل الأمر أننا اعتدنا أن نقرأ الواقع المحيط ونتعامل معه لتحقيق أهداف محددة المهنية الاستمرار في دعم الدولة بمفهومها العام وقوتها إضافة إلى حق المؤسسة «المصري اليوم» في أن تبقى وتستمر وتنجح وهي أمور أيضا تصب في صالح الدولة قبل أن يكون في صالح العاملين فيها.
من الصعب بناء جسور ثقة بين الإعلام والرأي العام بشكل عام وعندما تهتز هذه الثقة فإن الأمر يحتاج إلى وقت طويل لاستعادته. ليس من مصلحة الدولة هنا ولا المجتمع أن يفقد المواطن ثقته فى إعلامه وصحافته أيضا.

معادلة تبدو صعبة

يجب العمل على عدم السماح للإعلام بأن يتحول إلى سلاح في مواجهة الدولة أو إضعافها هذه معادلة تبدو صعبة لكن حلها بسيط ويكمن في اعتماد المهنية كخيار وحيد لممارسة المهنة وبعدها يتم تحديد الرسائل وصياغتها بالحرفية اللازمة.
قد يرى البعض هذا غيابا للشجاعة ولكني أعتقد أن مفهومي للشجاعة هنا مختلف. أعتقد أن الحفاظ على كيان المؤسسة وفيها 400 من العاملين مع الحفاظ على الحد المهني الأقصى المتاح هو شكل من أشكال الشجاعة التي تحمل المسؤولية. نحن نحاول دائما وننجح كثيرا في المغامرة التي أحاول أن تكون محسوبة في طرح الأفكار والرؤى حتى لو خالفت بعض توجهات النظام بدون صدام بلا نتيجة سوى الإضرار بالمبادئ العامة التي ارتضيناها. هذا بمناسبة الحوار الدائر حول ما ننشر وما نتحفظ على نشره ومتى ننشر ماذا؟ ومتى لا نتمكن من نشره؟ الحاكم هنا، كما ذكرت، المهنية والمصلحة العامة كما نراها.
أما رئيس تحريرها الأسبق محمد السيد صالح فقد حذر النظام من احتمال تعرضه لضغوط أوروبية وأمريكية بسبب تقييد حرية الإعلام واستسهال بعض المسؤولين هذه العملية وقال:
آلمني بشدة تواتر التصريحات والبيانات الرسمية والتقارير الصحافية في واشنطن وعواصم أوروبية عن الأزمات التي يتعرض لها زملاء صحافيون مصريون.
كلنا نعلم أن هناك أزمة جوهرية في هذه المنطقة كما نعلم أن العواصم الغربية بمنظماتها وإعلامها ما إن يبدأوا التركيز والفهم والتفاعل مع أزمة حريات في دولة فإن مساحة الاهتمام تتزايد وتنتشر ويتسابق الجميع وصولا لمعلومات جديدة على أرض الواقع. لدى بعض الأجهزة استسهال في التعامل مع الصحافة والصحافيين، لديهم تصور خاطئ عن السيطرة على الصحافيين إذ ينظرون إلى وظيفتنا بفوقية والنتيجة لدينا عشرات الزملاء المسجونين وهي ظاهرة غير مسبوقة في مصر أو في الدول الأخرى. أدعو القائمين على الأمر لتحسين الصورة بسرعة لأنني غير مستبشر بتطورات المواقف الغربية من مصر.

«لمونة في بلد قرفانة»

أما في «الشروق» فكان محمد سعد عبد الحفيظ الأشد عنفا في مهاجمة النظام وتسببه في تدهور أوضاع الأعلام وقال:
لابد من التذكير أولا أن مصر احتلت هذا العام المرتبة 163 من أصل 180 حسب التقرير السنوي الذي أصدرته منظمة «مراسلون بلا حدود». وبما أن الحديث عن الصحافة وحريتها فرض وطقس يمارس في أي وقت فيجب ألا يفوتنا أن نذكر بما جرى مع موقع «مدى مصر» خلال الأيام الماضية بدون دخول في تفاصيله. فقد اعتبرت كبريات وسائل الإعلام الدولية ومنها «واشنطن بوست» و«سي إن إن» و«لوموند» و«دويتشه فيله» أن ما جرى مع الموقع محاولة لإسكات «آخر وسيلة إعلام مستقلة في مصر». والوصف الأخير، بغض النظر عن التفاصيل، أشعرَ شرفاء العاملين في الإعلام المصري بغصة وغيرة. حتى وقت قريب يتجاوز الثلاث سنوات بقليل كان موقع «مدى مصر» الذي تأسس عام 2013 مجرد منصة تحاول تقديم مادة صحافية تنافس ما تقدمه منصات أخرى أكثر منه انتشارا وتأثيرا، فالمنافسة حتى عام 2015 كانت قائمة وتسمح بتقديم «خبطات وانفرادات وقصص» تقنع المتلقي وبالتالي تظل قدرة المنافس الجديد على تحقيق طفرة محدودة وربما تحتاج إلى سنوات. في النصف الثاني من عام 2016 تحديدا بعد واقعة اقتحام نقابة الصحافيين بدأت عملية إخضاع الصحافة المصرية تماما. «مدى مصر» كان من ضمن المواقع التي حجبت خلال 2017 لكنه ظل يعمل وفقا لقواعد المهنة وعمل على تقديم قصص لا تتميز كثيرا عما كانت الصحف الخاصة تقدمه قبل «العام الكئيب» فتحول مع الوقت إلى «لمونة في بلد قرفانة» في كل مرة تجمعني لقاءات مع دبلوماسيين أو صحافيين أجانب ويفتح الحديث حول شأن مصري يستدعي أحدهم ما نشر في «مدى مصر» لأكتشف أن معظم الحضور يتابعون الموقع عبر نسخته الإنكليزية فتتملكني الغيرة الصحافية كوني مديرا لتحرير صحيفة كبرى كانت المرجع الأهم لكل من يبحث عن خبر صحيح أو تحليل عميق في الشأن المصري. ما جرى مع «مدى مصر» ومع غيره من المنصات الإعلامية لا يضر الدولة واستقرارها فقط بل يضر السلطة التي تخيلت أنها تستطيع السيطرة على كل ما يصل إلى الرأي العام عبر السيطرة على وسائل الإعلام المحلية في حين أنها أتاحت لوسائل إعلام خارجية ومواقع التواصل الاجتماعي السيطرة على الفضاء الإعلامي المصري الذي تختلط فيه الحقيقة بالأكاذيب بدون وجود وسيلة إعلام مصرية قادرة على التصدي الحقيقي والفعال لمثل هذه الممارسات لندفع جميعا سلطة وشعبا ثمن إسكات الإعلام .

«يا بخت عبد الناصر»

وإلى «الدستور» التي نفى فيها رئيس مجلس إدارتها وتحريرها الدكتور محمد الباز ما يشاع بأن الرئيس السيسي تمنى أن يكون الإعلام في قوة إعلام نظام عبد الناصر وقال متهكما:
يمكننا أن نبدأ من الأسطورة التي ارتبطت بتصريح قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي فى آب/أغسطس 2014 في حفل تدشين محور قناة السويس وإعلان التحالف الفائز بوضع المخطط العام للمشروع وبينما هو يتحدث عن تفاصيل المشروع الذي اعتبره خطوة في مواجهة التحديات الكثيرة التى تواجهها مصر قال نصا: الزعيم الراحل عبدالناصر كان محظوظ الأنه كان بيتكلم والإعلام معاه. ما حدث أننا اقتطعنا ما قاله الرئيس من سياقه تماما وأعدنا صياغته من جديد وأصبحت الأسطورة سجينة عبارة «يا بخت عبد الناصر بإعلامه» وهي الكلمة التي لم يقلها الرئيس نصا لكننا استرحنا إلى التعامل معها بهذه الصياغة وحدها محتجين بعد ذلك بأن الرئيس الذي لم يمر عليه في منصبه شهران فقط يريد أن يعيد تجربة عبدالناصر في الإعلام. وعندما استرحنا إلى هذه الفكرة استدعينا نموذج عبدالناصر الذي كانت الصحف فيه تصدر لقارئ واحد وتتشابه الصفحات الأولى مهما تكاثرت الأحداث وتباينت ولا يخرج أحد عن إجماع القطيع الذي كان لا يعمل إلا من أجل إرضاء الرئيس وحده. وبعد أن استدعينا الفكرة عملنا على تنفيذها من تلقاء أنفسنا.
وفي «المصري اليوم» جاء الرد سريعا على الباز من الدكتور عمرو الشوبكي الذي قال عن إعلام عبد الناصر وما يريده النظام الحالي:
ومع ذلك ظلت معادلة التأثير حاضرة بقوة خاصة في الخمسينيات والستينيات في ظل إعلام حكومي ومؤمَّم وظل السؤال حاضرا بشدة: ما الذي يجعل إعلاما موجها يعبر عن نظام غير ديمقراطى ينجح ويؤثر بهذه الطريقة؟ والإجابة التي يقولها بعض السياسيين إنه كان هناك مشروع سياسي عبر عنه عبدالناصر حظي بشعبية كبيرة مصريا وعربيا وهى إجابة تمثل جانبا من الحقيقة ولكن الجانب الأهم أن مَن نقل رسالة هذا المشروع صحافيا وإعلاميا كانوا صحافيين مهنيين كبارا. ولنا أن نعرف مثلا أن الهيئة العامة للسينما في ذلك الوقت ترأسها في فترة نجيب محفوظ وقِسْ على ذلك. أسماء كبيرة في عالم الصحافة ظلت تلتزم بثوابت النظام القائم وخطوطه الحمر ولكنها تحركت فيما دون ذلك بحرية كبيرة في حين أن الوضع الحالي شهد تخبطا أو عدم وضوح في القواعد الأساسية لصالح مكايدات ومعارك على التفاصيل: من أسماء الضيوف والمحاورين إلى شكل الإلقاء والأداء والأسئلة فكانت النتيجة كارثية لأنها حوّلت الكثيرين إلى مؤدين بلا روح ولا رسالة.

مشاكل وانتقادات

وإلى المشاكل والانتقادات وحيرة البعض من مرور وقت طويل ولم يتم الإعلان فيه عن القبض على مرتشين في الإدارات المحلية. وهنا تقدم عبد القادر محمد علي في «الأخبار» لطمأنة السائلين والحائرين بقوله:
منذ فترة طويلة ولم نسمع عن رئيس حي تم ضبطه متلبسا بالرشوة صوت وصورة شكلهم كده بيحوشوهم ثم الإعلان عن كل 50 رئيس حي مرتشي مع بعض.
وإلى مشكلة أخرى وهي المظاهرات الشعبية العارمة في العراق ولبنان والتي أنهت مرحلة تأثير الأحزاب السياسية على الشعوب ليس هناك فقط وإنما في العالم العربي كله لحساب قضية لقمة العيش وهو ما انتهى إليه في «الوطن» أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور محمود خليل بقوله تحت عنوان «خل نعيش عصر سقوط الأحزاب» :
يبدو أن الفكرة الحزبية أصبحت جزءا من التاريخ السياسي العربى وآن الأوان كي تأخذ موقعا يليق بها في المتاحف فالناس لم تعد تتحرك سياسة قدر ما تتحرك اقتصادا.
بعبارة أخرى السياسة عند الشعوب أصبحت معادلا موضوعيا للاقتصاد ليس أكثر وقد تعلمت أن الحكومات الحزبية تعتمد على فكرة توزيع الأنصبة والأنصبة لا تخلو من مكتسبات والمكتسبات هي أصل بلوى الفساد التي أصيبت بها الشعوب وأصبحت ضحية لها، وبالتالي أدركت أن أولى خطوات محاربة الفساد الذي أدى إلى تسميم حياتها ومعيشتها هو ضرب الفكرة الحزبية والعودة إلى براح الشارع وصياغة مطالب محددة للتغيير تدور في أغلبها حول استخدام السياسة كأداة للإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد وحل المشكلات المعيشية. على جميع الأحزاب العربية وكذا التيارات والكتل السياسية أن تعيد النظر في أدوارها بعد أن غادرها الزمن العربي الجديد وعليها أن تفهم لغة العصر الذي نعيش فيه، العصر الذي لا يؤمن فيه الفرد بفكرة أو مذهب أو عقيدة سوى «حقه في الحياة» الكريمة التي تليق بالـ «بني آدميين» ومعادلة «البني آدم» هي المعادلة الأم التي فشلت الأحزاب والقوى السياسية العربية في الوصول إليها لأنها لا تنظر إلى أتباعها كـ»بني آدميين» بل كأرقام توضع في حصالة الانتخابات ثم يتم ركنها على جنب إلى أن يحين الموعد مع انتخابات جديدة. الزمان اختلف.

حكاية مجدي يعقوب

في «الأهرام» كتب صلاح منتصر عن طبيب القلوب الأسطورة الدكتور مجدي يعقوب قائلا:
في هذا العام وصل العالم الدكتور مجدي يعقوب إلى سن 85 ومضت عشر سنوات فقط على افتتاح مركزه الذي أقامه في أسوان وزاره خلال هذه السنوات أكثر من 150 الف مريض وأجرى ما لا يقل عن 9000 عملية قلب. لكن الأهم من ذلك والذي سيبقي لمصر هو كتيبة الأبناء الذين علمهم وتعلموا منه وكبر وكبروا معه، وأصبح منهم أطباء عظام تخرجوا في جامعة مجدي يعقوب الخاصة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية