نتنياهو.. والظاهرة “الترامبية”: هكذا يهتف الليكود لمصاب بجنون العظمة!

حجم الخط
0

ياريف لفين اتهم أمس “أزرق أبيض” بالمسؤولية عن إجراء انتخابات ثالثة خلال سنة، وهو الوضع الذي أطلق عليه “جنون الأجهزة”. هو محق في تشخيصه، لكنه مخطئ في تشخيص من يقف من ورائها. لفين يطبق مقولة “من يرفض الآخر فهو يرفض نفسه”، التي تعني باللغة الحديثة “نفسية الإسقاط”.

وهاكم اختباراً بسيطاً يرتكز على سؤال: لماذا سيتقلب بيغن في قبره؟ هل كان الزعيم الأسطوري للحركة، التي يعد لفين عضو فيها، سيتقلب في قبره بسبب رئيس أركان سابق ينفذ وعداً انتخابياً ويرفض الجلوس في حكومة قدمت ضد رئيسها ثلاث لوائح اتهام جنائية؟ أو هل كان ستقلب في قبره لأن أحد ورثته يتجاهل لوائح الاتهام ويريد تصفية الجهاز القضائي الذي يتهمه، ويصمم على التمسك بمنصبه وعلى جر الدولة إلى الهاوية من أجل نجاته من رعب المحاكمة؟

ما الذي سيقوله بيغن، أو أي عالم نفس عادي، عن رئيس حكومة لم يعد يستطيع التمييز بين الحقيقة والكذب، ولا يثق أي شخص، بما في ذلك من يؤيدونه، بأي كلمة يقولها. وماذا كان سيقول عن الشخص الذي يصل الليل بالنهار ويحرك الجبال والتلال، وحسب المستشار القانوني.. يرتكب أيضاً مخالفات جنائية خطيرة من أجل ظهور صور زوجته في الصفحة الرئيسية؟ وماذا كان سيقول عن سياسي مصاب بجنون العظمة، بدأ -من كثرة اختراعه لنظريات المؤامرة- يصدقها هو نفسه؟ وماذا كان سيقول عن الذي أقنع نفسه ومحيطه بأن لا وجود لإسرائيل من دونه؟

لفين عضو معروف في حزب اختار بإرادته دفن رأسه في الرمل، والتظاهر بأن سلوك رئيسه سلوك عادي جداً. وهو شريك في حركة سياسية تصفي بالجملة حراس العتبة، وتضعضع باستمرار ثقة الجمهور بمؤسساته. وبشكل عام، هي مستعدة لإحراق النادي لإرضاء من يترأسها. ومثل أصدقائه، لفين يعطي الانطباع أيضاً بأنهم يصبون على خصومهم روح المظالم التي تملكتهم بدلاً من أن يواجهوا سلوكهم في الحركة.

يدور الحديث عن جنون سياسي جماعي له جذور عميقة، عدد منها خاص بإسرائيل، فالكاريزما والكمال لنتنياهو، والتصفية المستمرة لخصوم مستقلين وأقوياء، والسعي التقليدي لليمين “وراء شخص قوي”، والمحاولة الواضحة للمستوطنين ومؤيديهم من أجل استغلال روح نتنياهو الشريرة لكي يصفّوا البنية الأساسية الليبرالية للديمقراطية التي يكرهونها، نهائياً. يساريون متشددون سيشيرون بالطبع إلى مظالم الاحتلال التي هزت، حسب تنبؤاتهم، السلامة العقلية للمحتل.

ولكن نتنياهو والليكود ليسوا حالة فردية: جنونهم ليس ظاهرة محلية فقط، بل هي وباء معد يهاجم حركات يمينية كثيرة في العالم بشكل عام، وفي الولايات المتحدة بشكل خاص. دونالد ترامب، باستثناء أنه شخص فظ وبربري ومزاجي ومندفع، وبصورة عامة منبوذ أكثر من نتنياهو بأضعاف، يعمل بشكل علني على إضعاف أمريكا في الساحة الدولية، وتعزيز روسيا، عدوتها، على حسابها. وبالطبع، يجر معه شعبه والحزب الجمهوري أيضاً.

حقيقة أن الأمر يتعلق بظاهرة واسعة الأبعاد تدل على أن هناك طريقة للجنون. الباحثون الذين يحاولون العثور على جذور الجنون، يشيرون إلى العولمة والفجوة الآخذة في الاتساع بين الأثرياء والفقراء والتأثير المدمر للإنترنت والشبكات الاجتماعية وطمس العبر التي كبحت حركات اليمين بعد الحرب العالمية الثانية.

ومهما كان الأمر، فإن الجنون منح اليمين أفضلية بارزة: خطواته لم تعد مقيدة بالقانون، والعرف، والمعايير أو قواعد الإنصاف الأساسية. الجنون يحول كل فعل للشرير إلى أمر غير عقلاني. من أجل أن يتمكنوا من مواجهة الوضع، يجب على خصومه الاعتراف بأنهم يقفون أمام ظاهرة غير منطقية، تحتاج إلى معالجة جذرية عميقة وأساسية. وحتى لو ذهب نتنياهو، فسيواصل الجنون إصابة اليمين بالجنون لسنوات كثيرة بعده.

بقلم: حيمي شليف
هآرتس 11/12/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية