لم تكن الاشتباكات التي جرت ليلة السبت الماضي وسط بيروت بين قوات الأمن والمتظاهرين الأولى في نزوعها إلى العنف، فقد حصلت سوابق أخرى تعرّض فيها عشرات المتظاهرين في طرابلس، المدينة الشمالية، إلى جروح نتيجة الرصاص المطاطي وحالات الاختناق بقنابل الغاز المسيلة للدموع وضربات الهراوات والأيدي، كما حصل ذلك في مدن ومناطق أخرى، لكنّ انتقال المناوشات العنيفة، وبهذه الطريقة، إلى وسط العاصمة اللبنانية وبهذا الحجم الكبير يشير إلى تطوّر جديد في الأزمة اللبنانية لا يمكن تجاهل معانيه.
اشترك في صدّ المتظاهرين، حسب الأنباء الواردة، حرس البرلمان المرتبط مباشرة برئيس المجلس النيابي نبيه برّي، وهو حسب تقارير صحافية، يتألف بنسبة كبيرة من مناصرين سياسيين لرئيس حركة أمل، كما شاركت «قوات مكافحة الشغب» بقمع المحتجين مما أدى لنقل أكثر من خمسين جريحا إلى المشافي وعلاج ميداني لأكثر من تسعين آخرين في الشارع.
وفيما تحدثت وزيرة الداخلية اللبنانية عن «عناصر مندسة» في صفوف المتظاهرين، فإن «منظمة العفو الدولية» سجلت ظهور «رجال بلباس مدني، بعضهم ملثم انضموا إلى قوات الأمن في مهاجمة المتظاهرين بعنف واعتقال عدد منهم وسحب بعضهم عبر الشوارع»، وأعطت تصريحات لناشطين سياسيين لبنانيين مصداقية لحديث «العفو الدولية»، فقد عرضت إحداهن على صفحتها في «فيسبوك» صورا لأوراق تهديد تم تعليقها على سور منزلها مع شعارات مهددة مثل: «المجد لكاتم الصوت»، و»خليك على رجل ونصف جاييك الدور»، كما حملت «توقيعا» سياسيا للفاعلين بأقوال مثل: «حزب الله شرف الأمة» و»طيف العماد مرّ من هنا».
تشير هذه الوقائع إلى وصول الأزمة السياسية في لبنان إلى ذروة جديدة مع تصعيد المتظاهرين دعواتهم برفض تكليف سعد الحريري برئاسة الحكومة الجديدة باعتباره شريكا في السلطة المتهمة بالفساد والفشل في إدارة أزمات البلاد الاقتصادية والمالية، كما يعتبر «التواطؤ» المستجد بين بعض القوات الأمنية، التي كانت قد استنكفت سابقا عن البطش بالمتظاهرين في بيروت تحديدا، وبعض الجهات المحسوبة على تيارات سياسية، دليلا على اختراق محتمل لجهات سياسية لحرس البرلمان و»قوات مكافحة الشغب»، كما أنه دليل على بدء حرق جهات سياسيّة لأوراقها بنزعها الطابع الحياديّ نسبيا لقوى الأمن اللبنانية، وتوريطا لها في سفك دماء المتظاهرين.
من الأمور الدالّة أيضا والجديرة بالانتباه دخول وزير الدفاع اللبناني الياس بو صعب، المحسوب على تيار رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، على خط «الدفاع» عن المؤسسة الحاكمة، وحرف مسؤوليتها الجسيمة عما يحصل في لبنان، باتهام اللاجئين السوريين بالمسؤولية عن تفجر الأزمة الراهنة، فالنظام بهذا المعنى، ليس مسؤولا عن عبء الدين العامّ الذي تعتبر نسبته إلى الناتج الإجمالي المحلّي واحدة من أعلى النسب في العالم، ولا علاقة لما يجري بالفساد والنهب والمحاصصة والزبائنية.
يبدو اللاجئون كأنهم هبطوا من السماء، وليس بفعل نظام دمّر مدنهم وجعلهم يهربون بأرواحهم، ولا بفعل تدخّل «حزب الله» لصالح ذاك النظام، ومشاركته في سقوط مدن القصير وحمص وحلب، ووصوله إلى دير الزور والبوكمال.
وبعد تنصله من مسؤولية النظام اللبناني عن الأزمة يقترح بوصعب، من مدينة شرم الشيخ المصرية، خلال مشاركته في فعاليات «منتدى شباب العالم»، حلا سحريّا بقوله: «يجب أن يتعلم لبنان والدول العربية من مصر، إذ أنها خرجت من أزمتها بحكمة المؤسسة العسكرية وهو ما جعل الدولة مستقرة»، وهو تلميح مثير، فبوصعب، هو أيضا وزير دفاع مثلما كان السيسي، وما دام الحل على الطريقة المصرية فالمفترض أن يقوم هو أيضا بانقلاب يقضي على المحتجين ويزج من بقي منهم حيا في السجون، وبذلك يسود الاستقرار والسلام ويعود لبنان للازدهار!
كما يقال الغراب أراد أن يقلد مشية الحمامة فنسي مشيته شعوبنا العربية تحاول تقليد الديمقراطية الغربية فتفشل أو تأتي النتائج بالعكس المشكلة أننا نحاول تقليد الغرب لكن هذا مستحيل الغرب يملك القوة المطلقةاقتصاد قوي كالصناعة التكنولوجية و بالخصوص أسلحة الدمار الشامل نعم عندما تكون لنا اسلحة دمار شامل يمكن ان نحقق جزء من الديمقراطية لأن مشكلتنا أن لا أحد يملك القوة الكافية ليردع الاخر حتى الدولة كحالة لبنان والعراق فالدولة كالصنم الهش لا حول ولا قوة والباقي قوي بالخارج في الغرب ممارسو السياسة لا يمكنهم التطاول على الدولة لأنهم يعلمون أن العصا فوق رؤوسهم حتى الشيفرة الخاصة بالأسلحة النووية تسلم لشخصين رئيس الأركان ورئيس الدولة حتى رئيس الدولة لا يملك القوة المطلقة بل يتم اقتسامها بين جهتين أما نحن فهي فوضى التلاعب بحيلة الاستقواء بالخارج فاللبنانيون لا حل لهم الا التعايش مع الامر وفقط
محاولة أخرى من قبل الذين يستولون على لبنان ويجب على الحراك اللبناني أن يستمر حتى تتراجع القوى التي يحركها كل من نصر الله خاصة وبري والحريري وجنبلاط وعون وفرنسا بالدرجة الأولى . . .
أيها اللبنانيون الأحرار عودوا إلى ساحات الحرية في المدن اللبنانية فالحرية لا تعطى على طبق من ذهب لا بد من التضحية السلمية.
الغريب ان الحكومة اللبنانية لديها الإمكانيات المالية الهائلة لقمع المتظاهرين خلال ساعات وليس لديهم مايكفي لإطفاء حرائق الغابات او منع الطوفان الذي ضرب البلد وحول المدن إلى بحيرات هذا العام. وما لاشك فيه ان فكر العنف والقمع متجذر في عقل الأنظمة العربية دون استثناء مع الأسف.