قوانين سيئة السمعة تكرس لارتكاب الجريمة ولا تحقق الصالح العام للمجتمع

لندن ـ «القدس العربي»:
حجم الخط
0

حفلت الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد 21 و22 ديسمبر/كانون الأول بأخبار التعديل الوزاري في حكومة مصطفى مدبولي، إذ أعاد التعديل وزارة الإعلام باسم وزارة الدولة للإعلام، وحسب بيان رئاسي شغل أسامة هيكل منصب وزير الدولة للإعلام، وكان قد شغل منصب وزير الإعلام خلال عامي 2011 و2012. وكانت وزارة الإعلام قد ألغيت في عام 2014. ولم يتم الإعلان عن المهام الرئيسية لوزارة الدولة للإعلام.

إعلان القائمة الكاملة للتعديل الوزاري ومصر في المرتبة الثالثة على مستوى العالم في عدد الصحافيين المسجونين

وكانت منظمات حقوقية تصف وزارة الإعلام بأنها رمز للرقابة إبان حكم الرئيس السابق حسني مبارك. كما أن منظمات حقوقية ولجنة حماية الصحافيين التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، كانت قد كررت انتقاداتها لانخفاض مستويات الحريات الصحافية في مصر. وقالت لجنة حماية الصحافيين إن مصر تأتي في المرتبة الثالثة على مستوى العالم في عدد الصحافيين المسجونين. ولم يشمل التعديل الذي راجت تقارير بشأنه على مدى الأسابيع الماضية وزارات مثل الدفاع والداخلية والمالية والخارجية لكنه أسند إلى مدبولي الإشراف المباشر على شؤون الاستثمار. ولم يتضح إلى الآن إن كان الاستثمار سيبقى وزارة. وبذلت مصر جهدا كبيرا خلال السنوات الماضية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وشغلت رانيا المشاط في التعديل الجديد منصب وزيرة التعاون الدولي وكانت وزيرة للسياحة قبل التعديل. وكان التعاون الدولي والاستثمار وزارة واحدة باسم وزارة الاستثمار والتعاون الدولي وكانت تتولاها سحر نصر التي شغلت منصب وزيرة التعاون الدولي منذ عام 2015 ثم أسند إليها ملف الاستثمار أيضا عام 2017. وأضيف إلى خالد العناني ملف السياحة إلى جانب الآثار ليصبح وفق التعديل وزير السياحة والآثار. واستمرت مسؤولية هالة السعيد عن التخطيط وأضيفت إليها مسؤولية التنمية الاقتصادية لتصبح وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية. وشغلت في الحكومة قبل تعديلها منصب وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري. وشغلت نيفين جامع منصب وزيرة التجارة والصناعة خلفا لعمرو نصار وكانت تشغل منصب رئيسة جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر. وقد أدى الوزراء الجدد اليمين القانونية أمام السيسي. كما قضت محكمة مصرية يوم أمس الأحد بأحكام متفاوتة من 5 إلى 15 عاما على 4 أشخاص، إثر إدانتهم بقتل شاب دافع عن فتاة تحرش بها المتهمون، في قضية أثارت غضب الرأي العام لعدة أسابيع في مصر.
ويعد الحكم أوليا وقابلا للطعن أمام محكمة النقض (أعلى محكمة طعون في البلاد)، وفق القانون المصري. وإلى ما عندنا من أخبار متنوعة:

تعديل محدود

بلغة الأرقام جاء التعديل الوزاري في حكومة مدبولي محدودا، ولم يأت إلا بخمسة وجوه جديدة، وإن كان قد شمل إعادة تعيين عدد محدود أيضا من الوزراء الحاليين في حقائب أخرى، لكن تبقى الطموحات بلا حدود والتطلعات بلا سقف والآمال بلا حواجز.. كما يرى ذلك علي محمود في «بوابة الأهرام»، وإذا كانت الحكومة المعدلة قد أنجزت الكثير خلال السنوات الماضية، إلا أن أمامها ما هو أهم وأخطر، في ظل تحديات داخلية وإقليمية ودولية، تتطلب تحركا حكوميا مدفوعا بفكر ورؤى، تتعامل مع هذه التحديات، وترتقي إلى مستوى التطلعات.
المواطنون الذين تحملوا وعن طيب خاطر أعباء الإصلاح الاقتصادي، يتوقون إلى جني ثمار هذا الإصلاح، التي بدأت بشائرها في تراجع معدلات التضخم لأقل من 3٪، وزيادة مطردة في معدلات النمو؛ الذي وصل إلى 5.4٪، مع تزايد مستمر في الاحتياطي النقدي الذي تجاوز 45 مليار دولار. كل هذه المؤشرات تعكس بلا شك نجاحا تحقق، وإنجازا صار واقعا، لكن الحفاظ عليه وتعظيمه بات أهم التحديات التي تواجه الحكومة، وأحسب أن ملف الاستثمار يجب أن يحظى بأولوية قصوى في المرحلة المقبلة؛ لأن زيادة معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر لم يعد خيارا بقدر ما هو يمثل هدفا استراتيجيا، يتطلب من الحكومة بكافة مؤسساتها أن تتحد من أجله، وتتوحد خلفه، حتى تستكمل مصر تحقيق أهداف الإصلاح كاملة، وحتى تصل ثماره إلى المواطن الذي يترقب النتائج، ويتلمس العيش الكريم. وأعتقد أن إسناد المسؤولية المباشرة عن ملف الاستثمار لرئيس الوزراء شخصيا، وربطه أيضا بالإصلاح الإداري، يحمل من الدلالات والرسائل ما يؤكد جدية الدولة المصرية في التعامل مع الاستثمار، كقضية قومية وقضية حكومة بأكملها، كما أن ربطها بالإصلاح الإداري، يشير أيضا إلى أن القيادة السياسية تدرك أن البيروقراطية والفساد الإداري أحد معوقات الاستثمار، ويجب التعامل معها من خلال رئيس الحكومة شخصيا. مصر لديها من الموارد البشرية والطبيعية ما يجعلها مركزا إقليميا للاستثمار، وموطنا آمنا لرؤوس الأموال.. فقط هي تحتاج إرادة اتخاذ القرار، وفتح الطرق المغلقة أمام المستثمرين، والاستفادة مما حدث خلال السنوات الماضية، التي لم تنجح فيها وزارة الاستثمار في جذب الاستثمار الأجنبي؛ نتيجة تداخل الاختصاصات بين الوزارات؛ لدرجة وصلت إلى حد الخلاف بين وزيرة الاستثمار سحر نصر وبعض الوزراء المعنيين بشؤون الاستثمار؛ وهو ما نتج عنه تعثر تدفق الاستثمار إلى مصر. حكومة مدبولي أمامها أيضا إنجاز المزيد في قطاع الخدمات الجماهيرية، وتحسين مستوى الأداء الحكومي، عبر التحول الرقمي الذي لم يعد رفاهية؛ بل تفرضه ضرورات التنمية المنشودة، وإذا كان ما تحقق في هذا المجال لم يكن قليلا، فإن ما هو مأمول من الحكومة في المرحلة المقبلة، يتطلب خطة للإسراع في تحقيق هذا الهدف؛ الذي يمثل خطوة كبيرة على طريق التقدم؛ إذ إن العالم على أعتاب طفرة كبرى في ثورة الذكاء الاصطناعي، تتطلب من مصر العمل على مواكبة هذا التطور السريع في تكنولوجيا المعلومات. يقينا إن الآمال كبيرة والأحلام كثيرة، لكن تبقى مصر الدولة أفضل استقرارا وأمنا، ولم ولن تنكسر، رغم كيد الكائدين وحقد الكارهين، وستسقط كل مخططات هؤلاء تحت أقدام الشعب؛ الذي اختار بوعي بناء المستقبل».

«اليوم السابع» تتحرى الدقة

«امتلأ الفضاء الإلكتروني خلال الأيام الماضية بالكثير من التكهنات حول الأسماء المرشحة للدخول ضمن التعديل الوزاري المقترح، وتعددت الأسماء والصفات، ومعها أيضا الأماني والفتاوى والافتكاسات والشائعات، ولكل منها من يقفون وراءها ومن يتحمسون لها ويحاولون نشرها بكل الطرق، فكل شخص يقول أمين صالح في «اليوم السابع»، حاول أن يروج لنفسه، دفع التابعين له للترويج لاسمه، كما أن لكل صاحب مصلحة في ترويج الشائعات في الداخل والخارج، دفع للتأكيد على ما يريد الترويج له، وكانت النتيجة أننا أصبحنا أمام بورصة من الأسماء لا تنتهي، وكان أمامنا في «اليوم السابع» تحد واحد، وهو نشر الحقيقة مجردة للقراء، الذين عهدوا فينا السبق والمصداقية والدقة، ولذلك لم نلتفت لكل ما قيل أو يقال على مواقع التواصل وفي جلسات النميمة، لأننا كنا ندرك منذ البداية، أن بورصة التكهنات والشائعات لا تمت للحقيقة بصلة. لم ننسق خلف الأسماء الوهمية ولا المقترحات التي تتلاعب فيها الأماني والرغبات الشخصية، وتبتعد عن الحقيقة والواقع والترشيحات المؤكدة، بل كان هدفنا هو تحري الدقة، حتى نحافظ على مصداقيتنا أمام القارئ، والقيام بمهامنا كصحافيين هدفهم الأول الحصول على المعلومات من المصادر الموثوق فيها، وعرضها أمام القارئ بصياغات ذكية تتواءم مع مقتضيات السياسة، ومع حسم ملف التعديلات الوزارية، كان لـ«اليوم السابع» كعادتها السبق في نشر الحقيقة كاملة، بدون تأثر برغبة أو أمنية لأحد. من هنا جاء انفرادنا منذ مساء السبت الماضي بالأسماء الحقيقية المرشحة للدخول ضمن التعديلات الوزارية، ومع بداية نشرنا لأسماء الوزراء المقترحين، حاول البعض التشويش على هذا الانفراد بطرح أسماء مغايرة، أو القفز على الأسماء التي كانت بحوزتنا، لكن ولأننا نمتلك الحقيقة لا غيرها، فلم نهتز ولم ننسق خلف الشائعات، بل وقفنا على أرض صلبة إلى أن جاءت لحظة المكاشفة والحقيقة، حينما أعلن الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب صباح (اليوم)، القائمة الكاملة للتعديل الوزاري، التي لم تختلف عما نشرناه في «اليوم السابع» مساء (أمس)، بل جاءت تأكيدا لها. وخير شاهد على صدق «اليوم السابع» وانفرادها، حينما نشرت معلومة مؤكدة عن ترشيح النائب أسامة هيكل ليكون وزير دولة للإعلام، ومن وقت نشر الخبر، كانت هناك حملة لتكذيب هذا الخبر، لكننا تمسكنا بصحة موقفنا، إلى أن أثبتت الأسماء المرسلة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رئيس البرلمان اليوم صحة كل اسم نشرناه وتحملنا مسؤوليته».

خطة 996

«مع كل الأمنيات التي نطلبها من 2020، وكل التفاؤل الذي يملأ صدورنا تجاه انتعاش الاقتصاد، وتحسن مؤشرات جودة الحياة لدى المواطن، نطلب السعي نحو العمل بجد، وهنا نضع ألف خط وخط تحت هذه الكلمة، فأغلبنا يعمل، ولكن ما مستوى إتقان هذا العمل، وهل يرتقي أن يضع هذا البلد في منطقة مختلفة، ومستقبل مختلف؟ أم أننا مازلنا رهن منطق «الفهلوة» و«الحداقة» و«المفهومية الزيادة»، وقل ما شئت من جمل وألفاظ تشير إلى إهدار قيمة العمل. وفي رأي محمد أحمد طنطاوي في «اليوم السابع»، الدول تتقدم بالعمل لا بشيء آخر، والحكومة أيا كانت قوتها لن يمكنها أن تقدم شيئا دون أن يعرف كل مواطن قيمة العمل ويحرص عليه، انطلاقا من حاسة خلقية تقدر قيمة الوقت والسعي والإنتاج، ولا تعرف منطق التزويغ أو التمارض، أو الإجازات أو فكرة « اشتغل على أد فلوسهم» التي لا نعرفها سوى في بلادنا للأسف. الدول لا يبنيها العباقرة أو أصحاب القدرات الخاصة، لكن تبنيها سواعد العمال والطبقات الكادحة، هذه الطبقات يجب أن تعرف جيدا أن المستقبل في هذا البلد لن يكون إلا للعمل الجيد المتقن، لا « كمالة العدد» أو «سد العجز» أو الوظيفة والسلام، كما يطلق عليها أهلنا في الريف، فهناك مازال بعضهم ينظر للوظيفة الحكومية على أنها مضمونة بجانب عمله في الحقل، أو على سيارة أجرة أو في سوبر ماركت، فيعامل وظيفته الميري باعتبارها النافلة والهامش، وينظر لعمله الخاص على أنه الأساس والأولى بالرعاية، وهذه نظرية يجب أن تسقط ويهال عليها التراب، فالدولة الجديدة والعالم الجديد، الذي بات قرية صغيرة تتواصل جميع أطرفها لا يمكن أن يقبل ببقاء تلك الفئات، فكل هؤلاء سيفقدون وظائفهم بين عشية وضحاها، ولن يبقى سوى أصحاب الكفاءات والخبرات، ومن يمكنهم تطوير العمل والسعي نحو التجديد والابتكار. نحن نحتاج فعليا إلى المعادلة الصينية في العمل، التي تحمل رقما كوديا 996، وهو يعني العمل يوميا لمدة 12 ساعة من 9 صباحا حتى 9 مساء، لمدة 6 أيام في الأسبوع، وهذه ليست مجرد أرقام ، بل معادلة صارمة للتقدم وتحقيق نمو مؤثر داخل القطاعات الإنتاجية الرئيسية في ذلك البلد، الذي يصل تعداد سكانه إلى ما يزيد عن 1.3 مليار مواطن، وفقا لآخر إحصاء سكاني في عام 2017، وقد جاء إعلان خطة 996 ردا على الحملة التي أثارتها الهند لمقاطعة بعض المنتجات الصينية، التي تغزو أسواقهم، وقد رد عليهم المسؤولون الصينيون، بأنه يمكن للهند أن تنجح في هذه المقاطعة، إذا نفذت خطة 996، فلن يحتاجوا بعدها إلى الصين، أو أي دولة أخرى، نحن في حاجة حقيقية إلى تنفيذ الخطة الصينية، في كل أماكن العمل، وقطاعات الإنتاج، حتى نتمكن من الوصول بهذا البلد إلى منطقة مختلفة، فكما ننفذ مشروعات في أوقات قياسية، ونجحنا في فترة قصيرة من تأسيس آلاف المشروعات، لخدمة التنمية الشاملة في الدولة، يمكننا أيضا أن نؤسس لثقافة جديدة في العمل والإنتاج، تعتمد بصورة مباشرة على تنمية مهارات الفرد وقدرته على تحقيق أعلى معدلات الإنجاز، ويمكننا أن نستلهم التجربة الصينية، حتى نستطيع التخلص من الدولاب الحكومي القديم، الذي يعد نموذجا للروتين والرتابة، ويجعل من العامل قوة بشرية حقيقية، تمثل ضلعا رئيسيا في مستقبل هذا البلد، ونتخلص من كل النماذج التقليدية القديمة، التي يعمل فيها الموظف من نصف ساعة إلى ساعة يوميا، ويحصل على إجازات تزيد على 150 يوما في السنة، بدون أن نحتسب الإجازات المرضية، والتأخيرات وأيام التزويغ والانصراف المبكر. يجب أن نؤسس لثقافة عمل حقيقية تخدم قدرة مصر على النهوض لتحقيق مستقبل أفضل، يضمن لنا البقاء في هذا العالم الصاخب، الذي لا يعرف إلا معادلة القوة ولا يعترف سوى بالقادرين على المنافسة والعطاء، فمهما كانت قدرة الدولة أو الحكومة على الإدارة والعمل، لن تحقق شيئا إذا غابت عن العامل أو الموظف أو المهندس أو الطبيب أو المعلم، ثقافة العمل بمعناها الحقيقي كما تسوقها لنا التجربة الصينية.

شجرة الميلاد

أمينة خيري في «المصري اليوم»، تابعت، بمزيد من العجب، نقاشا حامي الوطيس حول أثير «فيسبوك» بين مجموعة من الأصدقاء، انقسمت نصفين: الأول يرى أن شجرة الكريسماس مظهر من مظاهر البهجة، وشكل من أشكال الفرحة، والثاني يؤمن بأن الشجرة حرام، وتزيينها رجس، والنظر إليها يفسد العقيدة. تقول أمينة، حفاظا على مستوى الضغط والسكري، وبقايا عقل، قررت الجلوس على مقاعد المشاهدين، وفُجعت وأنا أتابع تعليقات أصدقاء، كنت أظن أنني أعرفهم، وهم يؤكدون- غاضبين مستنْفَرين- أن الاحتفال بأعياد المنتمين إلى عقائد أخرى وأديان مغايرة هو أقرب ما يكون إلى الكفر. وتعجبت، ولم أجد تفسيرا لتوكيدات البعض – ممن يظنون أنفسهم عالِمين ببواطن الدين ومُلِمّين بالقواعد والثوابت والأحكام – أن «هذا المسخ» من أشجار مُضاءة وزينات مُقامة يجب أن تتم مقاطعته فورا لمَن يغير على دينه، ويخشى ربه. فكرت بيني وبين نفسي لأراجع ما جرى في وعينا. الأديان تعترف بالأنبياء والرسل، وتقر بمعجزاتهم، والاحتفاء أو على الأقل متابعة الاحتفال بنبي هنا ورسول هناك، لا يعني أن هذا دخل في دين ذاك، أو أن ذاك بات لا يقر إلا بعقيدة هذا. ما هذا الخلط المريع بين مظاهر احتفالية، وإشهار الخروج من ملة والانضمام إلى ملة أخرى، وما هذا الكم المذهل من عدم الثقة في النفس، وضحالة المعرفة، والاهتزاز النفسي العميق، الذي يدفع شخصا ما إلى الشعور بأن دينه مُهدَّد، وعقيدته في خطر، ومِلّته إلى زوال، لأن آخرين يحتفلون بمناسباتهم؟ ويزيد الطين بِلّة حين تكون هذه المناسبات احتفاء بمولد نبي مُعترَف به، وله من الآيات القرآنية نصيب معتبر، وأي نوع من التدين هذا الذي يجعلك مهزوزا إلى درجة الخوف من شجرة والرعب من زينة؟ وأي نوع من الأبناء والبنات ستضخ بهم إلى الجيل الجديد والمستقبل القريب، وقد نشأوا على نقيضين: إحساس بالفوقية لمجرد الانتماء إلى عقيدة بعينها، مع الرعب والوجل من مظاهر احتفالية لأصحاب عقائد أخرى؟ ألم يَحِن الوقت لنُقِرَّ ونعترف بأن محتوى هذا النوع من التدين يحتاج إعادة نظر في المحتوى والأولويات والحجج والمنطق، إنقاذا لسمعة الدين قبل إنقاذ المتدينين أنفسهم؟ قبل نحو 15 عاما، فوجئت بزميل صحافي، تحوَّل إلى مذيع تلفزيوني مشهور، يخبرني، بفخر شديد، بأنه هو وزوجته يمضيان ليلة رأس السنة في الصلاة وقراءة القرآن بصوت عالٍ، وإطلاق صوت تلاوة القرآن الكريم في أرجاء المنزل، حتى تمر سويعات الاحتفال برأس السنة الميلادية بأصوات فرقعة بمب الأطفال، وآلات التنبيه التي يطلقها البعض في الشارع، احتفاء بالعام الجديد، وأضاف من الشعر بيتا حين قال لي، بزهو مبالغ فيه، إنه حين رُزِق بابنتيه أدخل فقرة جديدة، ألا وهي ترديد أناشيد دينية بصوت عالٍ في البيت حماية للبنتين من الانجراف في اتجاهات مغايرة. اللطيف والظريف أن هذا الزميل، حين حان وقت إلحاق البنتين بالمدرسة، ألحقهما بمدرسة راهبات. غاية القول إن المفاهيم التي تهتز بسبب شجرة يجب مراجعتها».

الموظف «الرزل»

مشروعات تنموية، عجلة تدور، تطوير في كل المجالات، محاولة رفع مستوى جميع الخدمات المقدمة للمواطنين، في دولة تعداد سكانها يزيد على المئة مليون، تتساءل دينا عبد الكريم في «المصري اليوم»، هل تعتقد أن أمورا كهذه يمكن أن نكتفي بطرحها كمقدمة أو ديباجة لنشرة أخبار، أو أن نتعامل معها كعنوان لا نهتم بعده بالتفاصيل، الحقيقة أن محاولة رصد وتفنيد عدد المشروعات القومية العملاقة التي تفتتح كل يوم على أرض مصر، أمر صار يحتاج إلى أسلوب جديد في التناول، فلا ينكر عاقل على أرض مصر أن هناك جهدا جبارا، وأن هناك مشروعات طموحة حد السماء، والاكتفاء فقط بطرحها هو في الحقيقة تقليل من شأنها، فالمشروعات للناس، ومخاطبة الناس فن وعلم ومصداقية، دورنا الآن هو الحديث والمكاشفة والرصد للتحقق وللتفاصيل، التي تتبع كل تلك المشروعات الضخمة، التحقق قد يبدأ بعد إطلاقها بسنوات، بعد التشغيل والتعامل واكتشاف العيوب والمشكلات والتعامل مع الثغرات، ورضا المتعاملين معها والمستفيدين منها، وبالطبع العائد المادي أو العائد المعنوي طويل المدى، الذي يعود على الدولة كلها، جراء طرح كل من تلك المشروعات. ثمة مشروع قومي مواز- حان الوقت له الآن- وهو إعادة تقييم أداء كل المشروعات القومية الكبرى، التي تم افتتاحها، وكل الهيئات التي تم دعمها وتجديد الثقة لها لتنشيط الاستثمار والسياحة والصناعة. المئات من القصص اليومية التي تصلنا عن تعنت موظف، أو تطفيش المتعاملين، خصوصا من المستثمرين، العيب ليس في القوانين ولا في السياسات، فالإرادة السياسية حسمت الأمر، لكن دائما وأبدا هناك ذلك الموظف «الرزل» القادر على توقيف كل التعاملات (وبالقانون). الفساد- الذي يتم تضييق الخناق عليه الآن- يجد لنفسه مخرجا في كل وقت بطرق كثيرة، أهمها «التطفيش» بداية من السيستم مرورا برسوم هائلة على المصنعين وغرامات على المستثمرين الصغار. «التفاصيل موجودة عندي إن اهتم أحد المسؤولين للرجوع لها». أما عن وزارة الكهرباء وما يحدث فيها فهو نموذج لهذا «التطفيش» لكن بطريقة أخرى، فبعد الارتفاع الكبير في سعر الخدمة، الذي استوعبه الناس بعد جهد، جاءت مرحلة جديدة من جعل الناس في حالة غضب دائم ونقمة دائمة، فاستمرار التقديرات الجزافية للاستهلاك ووضع أرقام مهولة تخالف الاستهلاك الفعلي وجعل المواطنين زبائن دائمين في مكاتب الشكوى والتظلم.. وإذا سألت أحد المسؤولين عن السبب أجابك بنقص عدد المحصلين هل هذه مشكلة المواطنين؟ الخدمات اليومية الأساسية تحتاج أن تكون من الوضوح الذي لا يجعلها (كارثة) شهرية أو مفاجأة. التفاصيل يا سادة.. حياة المواطنين اليومية ورضاهم عن الخدمات وتصديقهم للرسائل يسكن كله في التفاصيل».

النصوص العقابية

«النصوص العقابية لها غاية معينة وضعها المُشرِع لتحقيق الصالح العام، وعندما نجد نصوصا تخرج على ذلك وتصطدم بالصالح العام، وتحقق غاية عكسية، إذن هي قوانين سيئة السمعة ويجب تغييرها، كما يطالب بذلك بهاء أبو شقة في «الوفد»، هذه القوانين تحتاج إلى ثورة تشريعية يجب تعديلها، لتحقيق العلة من القانون في الزجر والردع، ولا يجوز أبدا العمل بهذه القوانين سيئة السمعة التي تكرس لارتكاب الجريمة ولا تحقق الصالح العام للمجتمع. المادة 107 مكرر من قانون العقوبات، وتقضي بإعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة، بعد اعترافه على آخرين، فالذي يعرض رشوة على موظف عمومي ويقبلها، ثم يعترف بجريمته في الرشوة يتم إعفاؤه من العقوبة، والاعتراف هنا يتم تحت وطأة الهروب من العقوبة.. وهذا النص القانوني شديد الخطورة، لأنه يساعد على التمادي في تحريض الموظف وإفساد ذمته، وقد يكون هذا الموظف ذهنه خالٍ من ارتكاب الجريمة، ولولا هذا الراشي أو الوسيط الذي عرض عليه الرشوة ما فعل ذلك، ورغم ذلك بمجرد اعتراف الراشي يعفى من توقيع العقوبة.. هذا النص سيئ السمعة يحقق لصاحب المصلحة أهدافه باغتيال حقوق الآخرين. القاضي ليس أمامه سوى تطبيق نصوص القانون، التي تعد ملزمة له، وبذلك يفلت الراشي من العقوبة، رغم ارتكابه وتحريضه على الجريمة في عرض الرشوة على الموظف الذي حقق مصلحة للراشي. فهل يليق ونحن على أعتاب مصر الحديثة، أن يكون هناك نص قانوني بهذه البشاعة، والمحكمة لا تملك سوى تطبيق نصوص القانون حتى لو كانت غير مقتنعة بها؟ لا بد أن نكون أمام بداية جديدة تتخلص فيها مصر من هذه القوانين سيئة السمعة، التي تساعد على نشر الجريمة وتحريض موظفين عموميين على ارتكاب الرشوة. في البلاد العربية خاصة دولة البحرين، لا يعفي القانون الراشي من توقيع العقوبة عليه لإشعاره أنه ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون، ولا بد من إشعار مرتكب هذا الفعل بأنه مذنب، لا أن يترك بدون عقوبة لارتكابه فعلا ينشر الفساد، وليس من المقبول أبدا أن ينجو هذا المذنب من العقاب حتى لو تم توقيع عقوبة ضده على وقف التنفيذ، لردعه عن تكرار هذا الفعل، ولو حدث وتكرر تطبق عليه العقوبة الجديدة، بالإضافة إلى القديمة التي تم وقفها.. ولذلك وجدنا الدول العربية تطبق عقوبة هذا الراشي بهدف تنفيذ العلة من القانون في الردع والزجر، ولإشعار مرتكب هذا الجرم بأنه مذنب ويستحق العقوبة».

هل ينجو ترامب؟

مجلس النواب الأمريكي صوّت، مساء الأربعاء الماضي، بعزل الرئيس دونالد ترامب. لكن إذا سارت الأمور على الوتيرة نفسها في مجلس الشيوخ، فإن هذا العزل سوف يتم نقضه بنسبة تصل إلى 90٪، إلا إذا حدثت معجزة، حسب رأي عماد الدين حسين في «الشروق، الذي يواصل كلامه قائلا، بالتالي يصبح السؤال الجوهري: ما هو الهدف الجوهري للحزب الديمقراطي إذا كان يدرك من البداية أن ترامب سيفلت من هذه الإجراءات؟ قبل الإجابة، نذكر بأن مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون صوّت رسميا بالموافقة على بندين لمساءلة ترامب؛ الأول يتهم الرئيس بإساءة استخدام السلطة، حينما جمد مساعدة عسكرية لأوكرانيا، لإجبارها على التحقيق مع هانتر بايدن نجل جو بايدن المرشح الديمقراطي المحتمل في الانتخابات المقبلة (التصويت على 230 نائبا ضد 197 نائبا). والبند الثاني عرقلة عمل الكونغرس بمنعه لبعض الشهود من الحديث أمام المجلس (والتصويت كان بموافقة 229 نائبا ضد 198 نائبا). ولكي يكتمل عزل الرئيس، لابد أن يصوت مجلس الشيوخ على العزل، بأغلبية الثلثين أي 67 نائبا، وللديمقراطيين في الشيوخ 45 نائبا فقط، إضافة إلى نائبين مستقلين يصوتان معهم معظم الوقت. وبالتالي فإن الديمقراطيين يحتاجون إلى تمرد 20 نائبا جمهوريا على الأقل، وهو أمر مستبعد، خصوصا أن كل النواب الجمهوريين في مجلس النواب صوتوا لصالح ترامب، بل صوّت معه ثلاثة من الديمقراطيين. وبالتالي فغالبية المراقبين يتوقعون أن ترامب سيفلت من العزل، وهنا نعود للسؤال: ما هو هدف الديمقراطيين من هذه الإجراءات؟ هدف الديمقراطيين هو إنهاك ومطاردة ترامب، لكي تسهل هزيمته في الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. منذ فوز ترامب بالرئاسة، والديمقراطيون وأنصارهم ــ خصوصا في وسائل الإعلام ــ يطاردون ترامب بتهمة أنه كان يعلم بأن روسيا تدخلت للتأثير في الانتخابات، التي جاءت به رئيسا في أوائل عام 2017، وهو الأمر الذي تنفيه موسكو دائما. ومنذ اليوم الأول نجح الديمقراطيون في «حشر» ترامب فى زاوية الدفاع، وتمكنوا من هز إدارته، وجرجرة العديد من مساعديه إلى المساءلات والمحاكمات، بل تمت إدانة وسجن العديد منهم، ووصل الأمر إلى فضح ترامب في العديد من القضايا الأخلاقية، خصوصا تلك المتعلقة بفتيات ليل مثل ستورمي دانيالز. يعتقد كثيرون أن الهدف الجوهري للديمقراطيين هو أن تؤدي هذه المطاردة لهزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية، مراهنين على أخطائه المستمرة، التي لا يبذل أدنى جهد لسترها. في المقابل فإن سلوك ترامب الاقتحامي والمندفع والساخر، يضع خصومه دائما في حال من المفاجأة والارتباك والدفاع. وفي ظل ضعف فرص غالبية المرشحين المحتملين ضده في الحزب الديمقراطي، فإن نجاته من العزل في مجلس الشيوخ، قد تكون سببا رئيسيا في فوزه بفترة رئاسة ثانية، بصورة قد تكون أسهل من معركته ضد هيلارى كلينتون. قد يكون هناك نواب جمهوريون يعارضون سلوك ترامب المتهور، لكنهم في الوقت نفسه، لا يجرؤون على معارضته، خوفا من القاعدة الانتخابية للحزب، التي تزداد اندفاعا نحو اليمين، وبالتالي الخوف من فرص إعادة انتخابهم في انتخابات الكونغرس المقبلة. النقطة المهمة في هذا الصدد أن بيانات الاقتصاد تدعم ترامب بقوة داخليا، ويوم الجمعة الماضي، عرفنا أن نمو الاقتصاد الأمريكي، ارتفع إلى 2.1٪، وحقق أدنى معدل بطالة منذ خمسين سنة، كما أن مخاوف الركود انحسرت إلى حد كبير. والأهم أن معركة الرسوم التجارية لترامب مع الصين، قد وفرت له مزيدا من المكاسب الانتخابية. الصين قبلت مبدئيا أن تستورد منتجات زراعية أمريكية بنحو خمسين مليار دولار، حتى لا تتوقف الحرب التجارية التي يشنها ترامب ضدها. وبالتالي فإن نتائج هذه المعركة ستصب في صالح ترامب، ووقتها سيقول للمصدرين الأمريكيين: «لقد وفرت لكم مزيدا من فرص التصدير والمكاسب، وبالتالي فرص العمل». والتقديرات أن الاتفاق النهائي بين البلدين سيكون قبل الانتخابات بفترة معقولة، وهو ما يتيح لترامب استخدامه كسلاح انتخابي. وهو ما ينطبق على علاقاته أيضا مع دول الخليج، التي يراهن على عقود عسكرية واقتصادية ضخمة معها قبل الانتخابات، وهو ما يقوي موقفه، علما بأن العديد من الدول العربية تتمنى فوز ترامب، حتى لا تصطدم بمطالب الديمقراطيين المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان والتعددية السياسية. من أجل كل ما سبق، فإن نجاة ترامب من العزل في مجلس الشيوخ تبدو مؤكدة، ما لم تحدث مفاجأة غير متوقعة، تتمثل أساسا فى نجاح الديمقراطيين فى إحضار شهود تحت القسم، لا يكذبون، وسيضطرون لكشف حقيقة ترامب وألاعيبه، وهو ما قد يقلب الأوضاع رأسا على عقب، وتحدث المفاجأة شبه المستحيلة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية