نيويورك تايمز: تطبيق “توكتوك” أداة الإمارات للحصول على بيانات المستخدمين مجانا وبدون حاجة للقرصنة

حجم الخط
1

لندن- “القدس العربي”:

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن الكيفية التي استخدمت فيها الإمارات العربية المتحدة تطبيقا شعبيا للتواصل عبر الرسائل والفيديو كأداة تجسس.

ونقل معدو التقرير مارك مازيتي ونيكولا بيرلروث ورونين بيرغمان عن مسؤولين على معرفة بالتقييم الأمني وتحقيق للصحيفة. وقالت إن تطبيق “توكتوك” نظر إليه أنه الأسهل والأكثر سلامة حتى في البلدان التي تمنع واتساب وسكايب.

وذكرت الصحيفة أن الإمارات العربية تستخدم هذا التطبيق للتجسس على الحوارات والحركات والعلاقات والمواعيد والأصوات والفيديو التي يضعها مستخدموه على هواتفهم.

وتم تقديم توكتوك قبل عدة أشهر ويحمل ملايين المرات من أبل وغوغل من مستخدمين في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأفريقيا وشمال أمريكا.

ولأن غالبية مستخدميه في الإمارات فقد زادت نسبة تحميله ليصبح من أكثر منصات التواصل الاجتماعي استخداما في الأسبوع الماضي، وحسب شركة التصنيفات أبل أني.

وفي مقابلات مع مسؤولين سابقين وحاليين وخبراء في منصات التواصل فقد بات توكتوك جزءا من التصعيد في حملات التسلح الرقمية بين الدول الديكتاتورية الثرية. وتقوم هذه الدول باستخدام طرق فعالة ومقنعة للتجسس على الأعداء الأجانب وشبكات المجرمين والإرهابيين والصحافيين والنقاد، وهو ما أوقع الناس حول العالم في شبكات الرقابة.

وتضيف الصحيفة أن دول الخليج مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر اعتمدت في الماضي على شركات خاصة -بما في ذلك شركة إسرائيلية ومتعهد أمريكي- لاختراق حسابات بعضها البعض والقرصنة على مواطنيها. ويقول الخبراء إن تطوير توكتوك أعطى هذه الدول الفرصة للتجسس على الأهداف بدون طرف وسيط حيث يقوم المستخدمون للتطبيق بتقديم معلوماتهم الشخصية طوعا.

وأظهر تحليل فني ومقابلات مع خبراء أمن الكمبيوتر أن الشركة التي تقف وراء توكتوك هي بريج القابضة وما هي إلا واجهة مرتبطة ببلاك ماتر للأمن الألكتروني في أبو ظبي والتي توظف فيها المخابرات الإماراتية مسؤولين سابقين في وكالة الأمن الأمريكية وموظفين سابقين في المخابرات العسكرية الإسرائيلية.

وأوضحت “نيويورك تايمز” أن دارك ماتر تخضع للتحقيق من مكتب التحقيقات الفدرالية “أف بي أي” لارتكابها جرائم إلكترونية. وربط تقييم للمخابرات الأمريكية والمحللون الفنيون توكتوك بباكس إي أي، وهي شركة بيانات مقرها أبو ظبي ويبدو أنها مرتبطة ببلاك ماتر. وتعمل هذه الشركة من نفس البناية في أبو ظبي التي تعمل منها وكالة الإشارات الأمنية الإماراتية، وهي نفس البناية التي كانت مقر بلاك ماتر حتى وقت قريب.

وتشير “نيويورك تايمز” إلى أن الإمارات العربية المتحدة هي حليف مهم للولايات المتحدة التي تراها حاجزا ضد إيران وتتعاون معها في محاربة الإرهاب.

وتحاول العائلة المالكة تقديم البلد على أنه مثال للاعتدال في العالم العربي لكنها واحدة من الدول التي تستخدم الرقابة التكنولوجية لقمع المعارضة الداخلية، بما في ذلك القرصنة على الصحافيين الأجانب ومصادرة أموال النقاد واعتقال الناشطين في مجال حقوق الإنسان بزنازين انفرادية لفترات طويلة بسبب منشورات لهم على فيسبوك.

وتمنع الإمارات استخدام سكايب وواتساب، وهو ما يفسر شعبية توكتوك في البلد. وكانت الشركة الصينية التكنولوجية واوي قد روجت لتطبيق توكتوك في حملة دعائية.

ولم تتلق الصحيفة ردودا من وكالة الاستخبارات الأمريكية ولا الحكومة الإماراتية ولم تفلح محاولات الاتصال مع رقم بريج أو باكس للتعليق على التقرير.

وقالت متحدثة باسم أف بي أي: “في الوقت الذي لا يعلق أف بي أي على تطبيقات بعينها فإننا دائما نريد التأكد من معرفة المستخدم بالمخاطر المحتملة ومكامن ضعف هذه الآليات”.

ووعدت غوغول وأبل بالتحقيق بعدما اتصلت الصحيفة بهما طالبة توضيحات حول علاقة توكتوك بالإمارات. وقررت غوغول يوم الخميس حذف التطبيق من مخزن التطبيقات المتوفرة بعدما وجدت أن توكتوك خرق سياسات لم تحددها. أما شركة أبل فقد أزالت توكتوك من مخزن التطبيقات يوم الجمعة. ويمكن لمستخدمي التطبيق مواصلة استخدامه حتى يحذفوه من هواتفهم.

ولا يعرف متى حددت المخابرات الأمريكية مخاطر توكتوك واستخدام الإمارات له كوسيلة تجسس إلا أن عارفين بالأمر قالوا إنها حذرت بعض الحلفاء. ولا يعرف إن كانت المخابرات الأمريكية قد واجهت المخابرات الإماراتية بالأمر أم لا.

ونقلت الصحيفة عن خبير أمني في الشرق الأوسط طلب عدم ذكر اسمه أن مسؤولا إماراتيا أخبره عن تطبيق توكتوك وأنه طور لملاحقة المستخدمين له في الإمارات وخارجها. وتضيف الصحيفة أن تطوير توكتوك كان سهلا من الناحية العملية.

وكشف خبير الأمن القومي السابق الذي يعمل باحثا خاصا بالأمن باتريك ووردل للصحيفة كيفية تطويره. ويبدو أنه نسخة من تطبيق صيني لتوفير الرسائل المصورة مجانا “يي كول” وتم تعديله ليناسب المستخدم باللغتين الإنكليزية والعربية.

إلا أن توكتوك هو أداة صممت بذكاء للقيام بالرقابة الجماهيرية الواسعة، وهو يعمل مثل تطبيقات أبل الأخرى وأندرويد التي تتبع مكان المستخدم واتصالاته. ومن الناحية الظاهرية يتتبع التطبيق مكان المستخدم من خلال تقديم نشرات جوية، ويتصيد أي اتصال في كل مرة يفتح فيها المستخدم هاتفه بذريعة أنه يقوم بالمساعدة وربطه بأصدقائه، تماما كما يؤكد إنستغرام وفيسبوك على الأصدقاء المهمين. ولكنه يستطيع الوصول إلى ميكروفونات وكاميرات وجدول أعمال والبيانات الأخرى المخزنة في الهاتف. بل إن الاسم يلعب في موسيقاه على التطبيق الصيني الشائع “تيكتوك”.

ورغم أن التطبيق يدعي بأنه “سريع وآمن” إلا أن توكتوك لا يعطي تأكيدا أن الرسالة مشفرة من المستخدم إلى المستقبل كما في تطبيق واتساب وسيغنال وسكايب. وتم دفن التلميح بأن التطبيق يكشف عن بيانات المستخدم في قانون الاستخدام: “قد نشارك بياناتك الخاصة مع مجموعة من الشركات”.

وبدلا من دفع خبراء قرصنة للحصول على بيانات تلفون مستهدف -حيث تصل كلفة شراء أداة قرصنة 2.5 مليون دولار- أعطى توكتوك الحكومة الإماراتية طريقة لإقناع الملايين بتقديم بياناتهم مجانا.

وقال ووردل: “هناك جمالية لهذا النهج.. فأنت لست بحاجة للقرصنة على الأشخاص للتجسس عليهم لو أقنعت الناس بتحميل التطبيق على هواتفهم وتحميل ارقام الاتصال وفيديوهات والأماكن، فماذا تريد المخابرات أكثر من هذا؟”. ويشير إلى أن توكتوك يمثل في أي عملية جمع بيانات المرحلة الأولى، تماما كما فعل “برنامج ميتا داتا” في وكالة الأمن القومي والذي أغلق هذا العام.

ويسمح تطبيق توكتوك لمحللي المخابرات بتحليل اتصالات المستخدم وعلاقاتها بحثا عن أشكال معينة مع أن عملية الجمع ليست هجومية. ولا يعرف إن كان التطبيق يسمح للإماراتيين بتسجيل مكالمات المستخدمين بالصوت أو الفيديو.

وتقول الصحيفة إن مليارات الناس في العالم يتخلون يوميا عن خصوصيتهم مقابل سهولة استخدام التطبيقات المتوفرة على هواتفهم الذكية. وأضافت أن “برنامج الخصوصية” الذي طوره قسم الآراء كشف في تحقيق الأسبوع الماضي كيف يقوم صناع التطبيقات وطرف ثالث بمتابعة كل مكالمة يقوم بها المستخدم على هاتفه الذكي دقيقة بدقيقة. وفي العادة تجمع الشركات الخاصة البيانات من أجل بيعها. ولكن في حالة توكتوك فإن معظم المعلومات يتم نقلها لتحلل نيابة عن الحكومة الإماراتية.

وفي الأشهر الماضية بدأت منشورات شبه حكومية بالترويج لتوكتوك وأنه التطبيق المجاني الذي كان يبحث عنه الإماراتيون. وتلقى المستخدمون لتطبيق بوتيم الذي يقتضي الاشتراك تذكيرا لهم بضرورة التحويل إلى توكتوك والذي وصف بـ”المجاني والسريع والآمن” وأرفق مع الرسالة رابطا لتحميله.

ونجحت حملة الترويج على ما يبدو. ففي مقابلات عبر الإماراتيون عن شكرهم لمطوري تطبيق توكتوك الذي منح طريقة مجانية لإرسال الرسائل. وكتب أحدهم: “بركات، تطبيقكم هو الأحسن لأنه ساعدني وعائلتي على الاتصال”، وقال آخر: “المجد.. أخيرا هناك تطبيق يعمل في الإمارات”.

وانتشر توكتوك خارج الإمارات وبحسب غوغول فقد كان من 50 تطبيقا شهرة على مخزن التحميل المجاني وانتشر في بريطانيا والهند والسويد ودول أخرى. وقال محللون إنه منتتشر في الشرق الأوسط لأنه على ما يبدو-على السطح- ليس مرتبطا بدولة قوية.

ومع أن التطبيق يعتبر أداة في يد الحكومة الإماراتية إلا أن طبيعة العلاقة بين الشركات التي تقف وراءه بها تظل غامضة. فالعاملون في باكس هم من الخبراء الهنود والأوروبيين والإماراتيين في البيانات.

ويدير الشركة أندرو جاكسون، وهو أيرلندي خبير في البيانات وعمل سابقا بألانتير، وهي شركة في سيلكون فالي عملت مع البنتاغون ووكالات التجسس الأمريكية.

أما الشركة المرتبطة بها دارك ماتر فهي من الناحية العملية ذراع للحكومة الإماراتية وتشمل عملياتها القرصنة على وزارات في حكومات إيران وقطر وتركيا ومدراء الفيفا والصحافيين والمعارضين.

وأعلنت الإمارات الشهر الماضي عن دمج دارك ماتر مع شركتين لبناء مجموعة هدفها مواجهة الهجمات الإلكترونية.

ويقوم مكتب التحقيقات الفدرالي بالتحقيق ببلاك ماتر بشبهة ارتكاب جرائم، وذلك بعد تلقيه من موظف رصد نشاطات غير عادية. وكانت وكالة أنباء رويترز هي أول من كشف عن برنامج عملت الشركة عليه وهو برنامج الغراب الأسود.

وتفاخر عاملون في باكس عن عملهم في بيانات وضعوها على “لينكد إن”. وقال جينيانغ وانغ إنه قام بتطوير “منبر للرسائل الأمنية” والذي يقرأ ملايين الرسائل والإجابة على أربعة أسئلة: “من أنت؟ وماذا تعمل؟ ومن تعتقد أنك؟ وما هي علاقتك مع الآخرين؟”.

ومن خلال الإجابة على هذه الأسئلة “نعرف كل شيء عن الشخص”. وقال آخرون في باكس إنهم طوروا أدوات لفحص بيانات الحكومة من خلال أشرطة الفيديو وتستطيع تحديد اللهجات العربية، إلا أن أحدا من هؤلاء لم يتحدث عن علاقته مع توكتوك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول لمين:

    دولة الشر تسخر اي شيء لقمع المعارضين

إشترك في قائمتنا البريدية