إثيوبيا تهدر الوقت وليس أمام مصر سوى الانتظار… والحكم على قاتل «شهيد الشهامة» لا يشفي الغليل

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: عمّت طرق مصر أمس شبورة دفعت السلطات لإغلاق العديد منها، خاصة الطرق السريعة، التي تربط بعض المدن ببعضها، وتشابهت حالة الطقس إلى حد كبير، بالمناخ السياسي الذي يحيط بالبلاد، ويستدعي الأسئلة الكبرى التي تبحث عن إجابة، فلا النخبة تعلم متى سيشهد الأفق السياسي انفراجة، كما لا يعرف الناس ما سبب التعديل الوزاري، الذي أعلن عنه أمس الاثنين، ولا الأسباب التي دفعت برحيل بعض الوجوه، واستقدام عناصر أخرى من رحم الغيب، فضلا عن استدعاء وزارة كان الثوار يعتبرون إلغاءها من أبرز مطالب ثورة يناير/كانون الثاني وهي وزارة الإعلام.

الإفراج عن عنان يفتح باب الأمل ومحاميه لم يقدم التماساً والأغلبية لا تعباً بالتعديل الوزاري

والحال هكذا إذ يبدو الغموض سيد الموقف والأسئلة حيرى على شفاه الأغلبية التي تنتظرتحسن أوضاع الطقس السياسي والمناخ القاري، على حد سواء.
خيمت أربعة مواضيع على الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 23 ديسمبر/كانون الأول، الأول التعديل الوزاري، والثاني الحكم على قاتل شهيد الكرامة، أما الثالث فكان حول تشديد الحراسة على الكنائس مع اقتراب حلول أعياد نهاية السنة الميلادية.. رابع المواضيع فكان حاضرا على ألسنة الجماهير، وإن غاب عن بعض الصحف ألا وهو الإفراج عن الفريق سامي عنان قائد اركان القوات المسلحة الأسبق بعد 11 شهرا قضاها في السجن. وعقب صدور الحكم على قتلة محمود البنا قال، والد الطفل محمود البنا، ضحية القضية المعروفة إعلاميا بـ«شهيد الشهامة»، إنه كان يتوقع أن يكون هناك استثناء بحكم يشفي غليله. وتابع«لا أشكك بالقضاء، لكنني كنت أتمنى إعدام الجاني»، مشيرا إلى أن «أهالي ومحامي المتهمين كانوا دائما يتعمدون استفزازنا، وإطلاق النكات السخيفة علينا، والاستهزاء بشهيد الشهامة، والتقليل من القضية والاستهانة بدم ابني، وكنت دائما أقول لابني لو غلطت هقف ضدك وعمري ما هساندك».
ومن الأخبار التي احتفت بها صحف أمس اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلى الوزراء ونواب الوزراء الجدد، عقب أدائهم اليمين الدستورية. وأوضح السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس وجه بأهمية إدراك حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الوزراء ونواب الوزراء الجدد في ظل التحديات التي تواجه مصر، والتواصل المنتظم مع المواطنين، وتقديم أفضل الخدمات لهم. يشهد محيط المقرات الكنسية في عموم محافظات مصر، خاصة العاصمة القاهرة والإسكندرية ومحافظة شمال سيناء إجراءات أمنية مشددة، حيث تقوم قوات الشرطة بالتنسيق مع القوات المسلحة بتأمين الكنائس والأديرة ومقر الاستراحات الكنسية استعدادا لعيد الميلاد المجيد.

عنان في البيت

أبرز أخبار العام الذي يستأذن في الانصراف، حسب ما جاء في «القاهرة 24»، يتمثل في قرار الإفراج عن الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، الذي صدرت ضده أحكام بالسجن في قضيتي تزوير أوراقه الثبوتية، وادعاء صفة مدني، بدلا من وظيفته كضابط متقاعد تحت الاستدعاء العسكري، ومخالفة القواعد العسكرية بإعلان نيته الترشح لرئاسة الجمهورية، منافسا للرئيس عبد الفتاح السيسي.
كشف ناصر أمين محامي الفريق سامي عنان رئيس الأركان الأسبق للقوات المسلحة، تفاصيل الإفراج عن موكله، بعد ما يقرب من مرور 11 شهرا على صدور حكم ضده بالحبس لمدة تتراوح ما بين 3 و6 سنوات، على خلفية قضيتي تزوير أوراقه الثبوتية وادعاء صفة مدني، بدلا من وظيفته كضابط متقاعد تحت الاستدعاء العسكري، ومخالفة القواعد العسكرية بإعلان نيته الترشح لرئاسة الجمهورية، ونفى أمين لـ«القاهرة 24»، تقديم الفريق عنان التماسا لتخفيف الحكم، أو صدور عفو بشأنه من الحاكم العسكري.
وقال المحامي، إن الأحكام صدرت في يناير/كانون الثاني الماضي من المحكمة العسكرية، لكن لم يتم التصديق عليها من الحاكم العسكري، ومن ثم يحق وفقا لصلاحيات القضاء العسكري الإفراج عن المتهم في أي وقت، بدون إبداء أي أسباب، وقال مصدر مقرب من الأسرة، إن الفريق وصل إلى منزله وهو في صحة جيدة ويمارس حياته الطبيعية رفقة أسرته».

الفيسبوك يصيب بالسكري

التقى الكاتب محمد علي إبراهيم طبيبا شهيرا وروى ما جرى في «المصري اليوم»: «قال لي فجأة، المصريون يقتلون أنفسهم. أجبته، إنها حوادث فردية حتى الآن؛ فاستغرب متسائلا: ماذا تقصد؟ استطردت، حالات الانتحار أليس هذا ما تعنيه؟ بسرعة نفى مؤكدا أن الفيسبوك سيدمر صحتهم تماما ويدفعهم للوفاة بأيديهم.. استزدته فزادني وأسهب: هناك مجموعات كثيرة على الفيسبوك، لمرضى السكري والضغط والقلب، بالإضافة إلى عيادات التخسيس وأطباء تغذية يقدمون وصفات سحرية لعلاج مرضى الكلى والكبد وغيرهما.. يؤكد الطبيب أن الهدف الأساسي لكل من يطرح دواء على وسائل التواصل الاجتماعي، هو تحقيق مكسب مادي. وضرب مثالا بطبيب أخصائي سمنة يستضيفه التلفزيون كثيرا، ويشير إلى أدوية التخسيس الآمن، التي تعلي سرعة الحرق وتفقد 16 كيلوغراما في شهر.. طبيعي أن يشتد الإقبال عليه، فمعظم المصريين يعانون وزنا زائدا، وحلمهم الأزلي والأبدي فقد عدة كيلوغرامات.. بمجرد أن تشاهد كليبا له وهو يتحدث عن الدواء الآمن تتفاجأ بمئات يسألونه عن السعر، فيرسل مساعدوه عدة أسئلة للمستفسر عن الوزن والطول والعمر، وإذا كانت هناك أمراض أخرى.. بعد أن تكتب الإجابة تفاجأ بعدة ردود أو مجموعات مرتفعة الثمن لسد الشهية وحرق الدهون، مع التأكيد على أن هذه أسعار خاصة لفترة محدودة، أوكازيون على الدواء مثل البلاك فرايداي للثلاجات والغسالات والكمبيوترات.. ويعيد ذلك تذكيرك بالرجل الذي يرتاد الموالد في الحسين والسيدة زينب في الخمسينيات والستينيات وفي يده زجاجة يروج لها قائلا «شربة الحاج محمود.. تشفي بإذن الله المرض الموجود». يؤكد الطبيب أن عيادته تشهد حالات انتكاسات كثيرة لاستخدام تلك الأدوية.. فدواء سد الشهية، مثلا، لا يتلاءم مع مريض سكري يتعاطى أقراصا أو «أنسولين».. يأخذ جرعة علاج السكري ومعها حبة لسد الشهية فيصاب بغيبوبة نقص السكر وينقل للمستشفى في حالة متأخرة. وبالتالي تناول عقاقير الرشاقة من الفيسبوك ربما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تقتل المريض في النهاية».

الإخوان قادمون

عبّر سليمان جودة في «المصري اليوم» عن مخاوف تعتريه فلنستمع إليه: «أخاف أن تكون خطة 2020 خطة إخوانية لحما ودما.. وليس أدل على صدق مخاوفي من هذه القمة الإسلامية المصغرة، التي دعا إليها مهاتير محمد وكان اللافت جدا أن رئيس الوزراء الماليزي غيّب عنها دولا لا تكون القمة قمة بدون أن تكون حاضرة على منصتها، ولا كذلك تكون قمة إسلامية. وقد كانت القاهرة والرياض على رأس العواصم الكبيرة التي غيبها هو، ثم غابت باكستان، عندما اشتمت الرائحة الإخوانية في القمة، ومن ورائها فعلت إندونيسيا الشيء نفسه، طبعا، يضيف سليمان جودة متوجسا: من حق الرجل أن يكون إخوانيا على آخر العمر.. هذا من حقه مادامت إخوانيته ستكون قاصرة عليه، أو حتى على بلاده كلها، ولكن ما ليس من حقه أن يحاول فرض إخوانيته على المنطقة هنا، وأن يفتح أبواب قمته لمن يراهم إخوانا، أو أقرب إلى الإخوان، ثم يغلق الأبواب نفسها في وجوه الذين يرون أن الإسلام أوسع بكثير من أن يكون إخوانيا ضيقا لا يكاد يعرف العصر ولا يخاطبه! إنني لا أعرف ما إذا كان الزميل «نيوتن» سوف يواصل إعجابه بمهاتير؟ فقد بدا مهاتير في القمة التي دعا إليها عريانا لا يستره شىء».

للظالم يوم

يرى أيمن الجندي في «المصري اليوم» أن البشرية بعد الحرب العالمية الثانية – رغم المظالم الواسعة – قد قطعت شوطا كبيرا في تطور الأخلاق. وحتى القتال أصبح محتاجا إلى مبرر أخلاقي، مهما كان مصطنعا، وإلا تحول إلى قتل، وفقدت الجيوش شرفها العسكري! ويؤكد الكاتب على أن الموضوع معقد، ولكنني أظن أيضا أنه مهما بلغت مظالم الدولة، فإنها لا شيء بجوار الفوضى التي تنتج من تطبيق قانون الغاب على مستوى الأفراد في حالة غياب سلطة مركزية. ربما لأسباب كتلك، صمم أبوبكر على خوض حروب الردة، رغم تحفظات على كونها ردة جاءت من الصحابة أنفسهم، وعلى رأسهم عمر: «أتقاتل قوما يشهدون أن لا إله إلا الله؟». أعتقد أن أبا بكر ما أراد إلا أن تبسط سلطة مركزية واحدة قبضتها على الجزيرة العربية، توطئة لأن تبسط نفوذها على البلاد المحيطة. وخلال ذلك، بالتأكيد، ارتُكبت مظالم، «فالفاتحون بشر وليسوا ملائكة»، وأظن أيضا أن لهذا السبب تعايش السلف الصالح مع حكام ظالمين أمويين وعباسيين، ومنحوهم الشرعية! ربما لأنهم رأوا بأعينهم أن مظالم أي سلطة – مهما كانت مجرمة- أفضل من مظالم الفوضى وجور القوي على الضعيف. وفي كل الأحوال، إذا كنا لا نستطيع أن نعاقب الظالم على ظلمه، ولا الاستعمار على جرائمه، فإن لهؤلاء المجرمين ربا سوف يأخذ للمقهورين حقوقهم، في يوم عظيم آتٍ، سيتمنون فيه لو كانوا مقهورين لا قاهرين».

قراءة في التعديل

«أولى الملاحظات على التعديل الوزاري الأخير، كما يراها مجدي سرحان في «الوفد»، تتمثل في أن التغيير جاء بـ6 وزراء جدد فقط للإعلام والطيران المدني والتضامن الاجتماعي والزراعة واستصلاح الأراضي والتجارة والصناعة وشؤون المجالس النيابية.. مع تبادل المراكز في 4 حقائب وزارية هي السياحة والآثار، والعدل، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والتعاون الدولي.. بالإضافة إلى إلغاء وزارة الاستثمار وضمها إشرافيا إلى اختصاصات رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي.. وعودة وزارة الإعلام كوزارة دولة، وإسناد حقيبتها إلى وزير الإعلام الأسبق الزميل الصحافي أسامة هيكل. وكما ترى.. كل هذه الوزارات التي طالها التغيير غير خدمية.. والتغيير فيها لا يهم غالبية الناس.. فهم كانوا ينتظرون تغييرا في 3 وزارات بالتحديد.. هي التعليم والصحة والتموين.. إذا لم يكن بسبب إخفاق القائمين على هذه الوزارات في أداء مهامهم بالشكل المقنع.. فربما يكون بسبب الرغبة في تغيير هذه الوجوه.. وتغيير سياسات وزاراتهم. على المستوى الشخصي نرى أن أهم ما أفرزه هذا التعديل هو عودة وزارة الإعلام.. وهو ما يتوافق مع ما طالبنا به طوال السنوات الماضية، لأننا كنا نرى أن إلغاء هذه الوزارة كان قرارا خاطئا ومتسرعا.. واعتمد فقط على تقليد تجارب خارجية، كما أوضحنا مرارا وتكرارا أن الوضع الشاذ والمخجل، الذي آل إليه إعلام الدولة المصرية في ظل إلغاء الوزارة، لم يعد مقبولا السكوت عليه، وربما تأخر قرار عودة وزارة الإعلام.. رغم أنه ظل مطروحا في كل تغيير أو تعديل وزاري جرى خلال الفترات السابقة، إلا أن هذا القرار ازداد الاقتناع بأنه أصبح ضروريا وحتميا في ظل ارتباك، بل ورداءة المشهد الإعلامي».

ليس من جديد

في تقدير عماد الدين حسين أن المفاجآت في التعديل الوزاري ليست كثيرة، مؤكدا في «الشروق» على أن خروج وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي الدكتورة سحر نصر، بل وإلغاء الوزارة من الأساس، وإلحاقها بمجلس الوزراء على أن يتولاها الدكتور مصطفى مدبولي بنفسه، هذا التطور يشير إما إلى إيلاء أهمية كبرى للاستثمار في المرحلة المقبلة، بحيث يشرف عليه رئيس الوزراء بنفسه، أو أن الدكتورة سحر نصر لم تتمكن من تحقيق إنجازات كافية تبرر استمرارها. قضية تنشيط الاستثمار ليست متعلقة بشخص الوزير، أو وجود وزارة أو هيئة أو إدارة عليا. هي تتطلب أساسا رؤية ومناخا وبيئة وسياسات وإرادة دولة، حتى يمكن كسر هذه الحالة الصعبة منذ عشرات السنين. الملاحظة الثانية هي إدماج وزارة السياحة في وزارة الآثار، وهي مفاجأة، خصوصا أن الدكتورة رانيا المشاط كانت الأفضل أداء، وتمكنت من تحقيق طفرة حقيقية أعادت فيها السياحة إلى معدلات 2010. وبالتالي كما يؤكد الكاتب يمكن فهم هذا التغيير في ضوء عاملين، الأول الاستفادة من خبرة المشاط لتحقيق طفرة مماثلة في وزارة التعاون الدولي، التي كانت ملحقة بوزارة التخطيط، علما بأن التعاون الدولي، أقرب إلى مجال عمل المشاط التي سبق لها تولي مناصب مهمة في البنك المركزي، ومؤسسات دولية مثل صندوق النقد، ويمكن فهم الدمج لربط السياحة بالآثار، مع الاستعداد المكثف لافتتاح المتحف المصري الكبير في أواخر العام المقبل، الذي تراهن عليه مصر لجذب المزيد من السائحين. الملاحظة الثالثة هي فصل ملف الإصلاح الإداري عن وزارة التخطيط، وإضافة ملف التنمية الاقتصادية إليها. واللافت للنظر أن ملف الإصلاح الإداري صار في عهدة رئيس الوزراء أيضا، في حين أن هذا الملف يفترص أن يحتل مكان الصدارة في المرحلة المقبلة».

ماذا بعد؟

نتوجه نحو مفاوضات سد النهضة بصحبة محمد بركات في «الأخبار»: «ثلاث جولات من المفاوضات جرت حتى الآن بين الوفود المصرية والسودانية والإثيوبية، سعيا للوصول إلى توافق ينهي الخلافات المعلقة حتى الآن، حول قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة الإثيوبي، وأسلوب التعامل مع حالات الجفاف في ندرة أو قلة الأمطار الخاصة بالنيل الأزرق.
آخر الجولات أنهت أعمالها مؤخرا في العاصمة السودانية الخرطوم، بين وزراء الري في الدول الثلاث، وأعضاء اللجان الفنية المتخصصة، وفي وجود ومشاركة ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي. ويتبقى للوفود جولة أخيرة للمفاوضات تعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وفقا لما تم الاتفاق عليه بعقد أربع جولات للانتهاء من الخلافات، والوصول إلى اتفاق قبل الخامس عشر من يناير/كانون الثاني المقبل، موعد اجتماعهم في العاصمة الأمريكية واشنطن لإعلان الاتفاق.. إذا تم الوصول إليه.
ويؤكد الكاتب أن مصر تأمل أن تسفر المفاوضات في نهايتها عن سد الفجوة المتسعة في وجهات النظر، بالتوصل إلى توافق ثلاثي عادل ومنصف، يحقق مصالح الدول الثلاث، بدون تغليب لمصلحة طرف على الأطراف الأخرى، وبدون مراوغات من أي طرف لإضاعة الوقت، سعيا لفرض الأمر الواقع.
وبهذا يكون الموقف المصري معلنا وواضحا لكل الأطراف، خاصة الطرف الإثيوبي، حيث أعلنت مصر إنها حريصة على مراعاة المصالح الإثيوبية في الطاقة من أجل التنمية، ولكن بدون الإضرار على الإطلاق بمصالح مصر والسودان، وبدون المساس بحصة مصر التاريخية والمشروعة في مياه النيل، باعتبارها مسألة حياة وقضية وجود».

سر قوة الجنيه

«المتابع لتطور الاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة، سيكتشف كما يطلعنا وليد عبد العزيز في «الأخبار»، أن القرارات الإصلاحية الصعبة التي اتخذتها الحكومة كانت السبب الرئيسي في إعادة الهيبة إلى الجنيه مقابل العملات الأخرى.. الحكومة لم تتعامل مع الأزمة الاقتصادية بأسلوب الفهلوة، كما كان يتبع في السابق، ولكنها اعتمدت على خطة إصلاح حقيقية بدأت من أسفل إلى أعلى، ما تسبب في إحداث تطور سريع وملموس للاقتصاد المصري.. كنّا نعتمد في الماضي على أسلوب المسكنات، ولكن الواقع كان يتطلب إحداث إصلاح حقيقي يتحمل توابعه الجميع، ويجني ثماره الجميع أيضا. يضيف الكاتب: قد يرى البعض أن بعض المشاريع التي تم تنفيذها، كان من الممكن أن يتم تأجيلها لعدة سنوات، ولكن الواقع أثبت عكس ذلك تماما بدليل أنه لولا تطوير البنية التحتية من شبكات طرق عملاقة ومحطات كهرباء ما كنّا نستطيع أن نجذب أي استثمارات لا داخلية ولا خارجية، هناك نمو حقيــقي وفرص تشغيل تضمن للجميع مستوى معيشـــة أفضل، والأهم من ذلك أن تصنيف مؤسسات التمويل الدولية وغيرها بأن اقتصاد مصر من أفضل اقتصاديات العالم نموا في 2019 يؤكد أن الخطط التي نفذت تمت بعد دراسات وافية بعيدا عن الفهلوة والتخبط.. المرحـــلة المقبلة ستشهد نقلة جديدة بفضل اهتمام الدولة بقطاع الصناعة، باعتباره قاطرة التنمية الحقيقية للاقتصاد.
مطالبة الرئيس السيسي لمجتمع الصناعة خلال منتدى شباب العالم بضرورة اعتماد الصناعات الحديثة على التكنولوجيا المتطورة لمواكبة التطورات العالمية، يؤكد أن الدولة لديها خطط لاستمرارية النمو ومواكبة المتغيرات العالمية التي يجب أن تتوافر لدينا، وأن تحدث خطط إحلال وتطوير وتحديث للمصانع القائمة حتى لا نتخلف عن ركب التقدم».

الأمل موجود

من علامات التفاؤل التي يطلعنا عليها أحمد أبوعلي في «اليوم السابع»، نجاح الاقتصاد المصري بما يتميز به من مرونة تجاوز كافة التحديات الاقتصادية على مدار الخمسة أعوام الماضية. التحدي الأكبر كان برنامج الإصلاح الاقتصادي، ولعل ذلك كان سببا رئيسيا في إتاحة العديد من الفرص الاستثمارية على المدى الطويل، حيث بدأت مصر التحول إلى اقتصاد مستقر وديمقراطي وعصري، وهو ما اتضح في قدرة الاقتصاد المصري على تسجيل معدلات نمو اقتصادية حقيقية وإيجابية، وسط تراجع الاقتصادي العالمي. ويطرح الكاتب الأسباب التي تدفع المستثمر للعمل، ومنها توافر القوى العاملة المؤهلة والمدربة الآن في السوق المصري، وتعتبر القوى العاملة في مصر والمقدرة بحوالي 28 مليون عامل الأكبر في المنطقة على مدى عقود، ما أعطى لمصر سمعة طيبة، باعتبارها المُصدر الإقليمي الرئيسي للعمال المتعلمين المهرة، في إطار ارتفاع الطلب المحلي على العمالة الماهرة، وزيادة عدد الشباب الباحثين عن فرص عمل بشكل أكبر، ولذلك تقوم الحكومة المصرية على مدار الفترة الماضية والحالية بتدريب العمال على برنامج وطني جديد للتدريب الصناعي، وذلك في جامعات عالمية تكميلية ومدارس فنية، ويهدف ذلك البرنامج إلى تدريب العاملين لشغل حوالي 500000 فرصة عمل جديدة في مجال التصنيع. كما يحصل حوالي 300000 مصري على شهادات جامعية، منهم 20000 مهندس متدرب و15000 حصلوا على درجات علمية في مجال العلوم والتكنولوجيا. وبالإضافة إلى ذلك، حوالي 22500 خريج لديهم مهارات لغوية. حيث أن القطاعات التي تتطلب مهارات عالية والقطاعات القائمة على الخدمات مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المالية والسياحة هي قطاعات تحتل فيها مصر دور الريادة، وذلك على اعتبار أن الأجور في هذه القطاعات تنافسية للغاية وأكثر استقرارا من مستويات الأجور في الدول المنافسة».

العاصمة العجوز

تعتبر القاهرة التي يتألم لأجلها حسين منصور في «الوفد»، أكبر مدينة في العالم تحرز زيادة مطردة سنوية في عدد السكان. ففي حين تزايدت طوكيو من 32 مليونا في 1990 إلى 38 مليونا في 2014 ومكسيكو سيتي من 15 إلى 20 في الفترة الزمنية نفسها، فإن القاهرة الكبرى تضاعفت من 9.5 إلى 18.5 ووصلت هذا العام إلى 25 مليونا في تزايد واسع للغاية، لم تستطع الإدارة المحلية أن تنهض للقيام بأعبائها في مواجهة كل هذا، والأمر يمتد ليقع على كاهل الحكومة المركزية بأكملها، في إطار ما يخص نحو ربع سكان الجمهورية، وتجاهل الحكومة لاتخاذ الإجراءات والخطط الرشيدة التي تكفل احتياجات المواطنين، ومتطلبات مواجهة التكدس والزحام والنتائج الكارثية المترتبة على هذا التجاهل، في انهيار التعليم وغياب معنى الحقوق والواجبات وشعور المواطنة وسيادة الذاتية والانتهازية الفردية وسلوك اللامنتمي في إطار تغول البلطجة والمحسوبية وغياب القانون والمحاسبة. ويعترف الكاتب بأن الإدارة المحلية الخاملة الكسولة المتبلدة لم تستطع أن تتفاعل مع هذا النمو في اتخاذ الإجراءات واللوائح المواكبة للعديد من الظواهر في نمو الأسواق وعشوائية التمدد والبناء، وفوضى الحركة المرورية واختناقها وتكدسها، وأضيفت إليها كارثة التوكتوك وانفلات الموتوسيكلات والتريسكلات في غياب ممنهج لأي رقابة، أو محاصرة، ليتركوا المواطنين في مواجهة مباشرة مع همجية وبلطجة وهجوم التكاتك والمركبات البخارية. وفي حين يمتلك كل حي خريطة بسيطة واضحة للشوارع والحارات والأسواق وبقليل من الجهد والجدية يتم تحديد خطط واضحة للسير المروري، وتحديد اتجاهات سير لكل شارع داخلي وجانبي والجدية في التطبيق والمتابعة، ومعاقبة المخالف بالمصادرة، فنستطيع إيجاد سيولة مرورية للاختناقات اليومية».

الجرائم الأسرية

«أصبحنا نسمع كثيرا عن الجرائم الأُسرية التي تهز مُجتمعنا المصري، التي ربما لا نتخيل أنها تحدث في مُجتمعنا من الأساس. لأنها تتنافي مع المودة والرحمة بين الأسر، نتيجة غياب الوازع الديني، كما يرى ذلك محمد زكي في «الوفد»، حيث تحول بعض من بيوتنا في الآونة الأخيرة إلى ساحات للعنف ومزيد من«سلسال الدم » الأسري فقد شاهدنا عددا غير قليل من جرائم قتل الزوجات على أيدي أزواجهم، أو قتل الأزواج بأيدي زوجاتهم، بل الأبناء على أيدي آبائهم وأمهاتهم، أو قتل الأمهات والآباء بأيدي أبنائهم، حتى أن القاتل لم يعد يعلم فيم قَتل.. ولا المقتول فيم قُتل. نتساءل في حيرة وقلق: هل السبب المال؟ هل الحقد والغضب؟ هل الفقر والحالة الاقتصادية الراهنة؟ هل تعاطي المُخدرات وعقاقير الهلوسة؟ هل مُشاهدة مُسلسلات وأفلام العنف؟ وهل كل هذه الأسباب مُجتمعة أم فرادى؟
لهذه الأسباب مُجتمعة. دقت نائبة مجلس النواب مُني الشبراوي منذ ساعات مضت ناقوس الخطر، حيث تقدمت نائبة الشعب بطلب إحاطة عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء، بشأن تزايد معدلات جرائم القتل الأسرية داخل البيوت المصرية، محذرة بحدوث كوارث مُجتمعية مُستقبلية، ما لم نتحرك كحكومة ومجتمع وإعلام سريعا لمواجهة هذه الظاهرة الإجرامية التي باتت تُهدد المُجتمع المصري. وقد عددت نائبة البرلمان أسبابا رئيسية في تزايد معدلات الجرائم الأسرية خلال الفترة الأخيرة. منها ضعف العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة، وضعف الوازع الديني، والاختلال العقلي والنفسي والضغوط الاجتماعية والنفسية، والظروف الاقتصادية ومنها الفقر، بالإضافة إلى تعاطي المخدرات، وكذلك سرعة نمط الحياة. وزيادة العنف على شاشات الإعلام المرئي. دعونا نفكر بهدوء، ما أعلنه خبراء الجريمة وعلم النفس مرارا وتكرارا بأن التفكك الأسري وراء انتشار الجرائم الأسرية، التي تسجلها صفحات الحوادث كل يوم، حتى أصبحت ظاهرة إجرامية جديرة بالدراسة والتحليل، والتدخل السريع من جانب الجهات المعنية، وإذا حللنا جرائم قتل الأزواج أو قتل الزوجات التي طفت على السطح هذه الأيام، فعلماء النفس برروا بأن ما يسبق حالات العنف بين الأزواج فترة تسمى «الطلاق الصامت» الذي سرعان ما ينفجر في شكل عنف وجرائم بشعة ودماء خلف جُدران الأبواب المُغلقة. الجرائم الأسرية هي الخطر المقبل على مجتمعنا المُتماسك، وأن انتشار مثل هذه النوعية من الجرائم وتزايدها كل يوم داخل بيوتنا يسبب خطورة داهمة على البُينان المُجتمعي، وهو الأمر الذي يستلزم من الجهات المعنية في الدولة أن تتحرك سريعا لوضع حلول عاجلة لوقف المزيد من «سلسال الدم » الأُسري».

العمل خير من القول

اهتم محمود خليل في «الوطن» بالجهد الإصلاحي الذي قام به الإمام محمد عبده في الميدان الاجتماعي: «المتتبع لهذا الجهد سيلاحظ تركيزه على الثالوث الأخلاقي المدمر للمجتمعات، وهو ثالوت «الرشوة/النفاق/الكيف». حارب الإمام الرشوة، وتعجب من التحول الثقافي في النظر إليها وحالة القبول الاجتماعي لها، وقال: «لقد كادت الرشوة أن تكون من الوسائل المحمودة لنجاح المقاصد ودفع الغوائل، ومن الناس من تكون حقوقه بينة جلية الثبوت، ولا يكتفي بذلك في اقتضائها فيسارع إلى الرشوة يدفعها لمن يرجع إليه تخليص حقه، وقد ينهره الحاكم العفيف ولا يرضى بقبولها، وهو من سفهه يتوسل ويتضرع إليه في قبولها، وليس ذلك إلا لرسوخ تلك العادة الشنيعة المضرة بالدنيا والدين في طباع أدنياء الهمم». أسهب الإمام في الحديث عن الرشوة المنتشرة بين الموظفين، التي يستسهلها الجمهور لتمرير مصالحه، داخل أكثر من مقال، ونوه برفض الشرائع الإلهية لها لما تجلبه من فساد وما تؤدي إليه من اضطراب في الحياة العامة، وما تتسبب فيه من ضياع لحقوق البشر. أضاف الكاتب: توقف محمد عبده أيضا أمام مسألة ميل المصريين إلى «القول أكثر من الفعل» وهو ما يعد مقدمة طبيعية لسقوط الفرد والجماعة في «بئر النفاق». وذكر الإمام في هذا السياق أن «القول الذي لا يعضده الفعل يحسب من أردأ الأوصاف وأقبحها لأنه يشعر بوجود أوصاف تشهد بالبداهة بقبحها، ومن الأسف أن الوصف يوجد في الكثير من أهالي بلادنا، بل في الغالب منهم، بل لا يوجد القائل الفاعل إلا قليلا». تطرق الإمام أيضا إلى عادة «التملق» السائدة بين قطاع من المصريين، خصوصا قطاع الموظفين، واعتبرها جوهرا من جواهر الأمراض الاجتماعية الشائعة في البلاد».

طوق نجاة

نتحول نحو «الشروق» إذ اهتم عبد الله السناوي بما آل إليه ترامب وما ينتظره: «قد يحتاج إلى طوق نجاة شبه مجاني من الشرق الأوسط، أو أن يحظى في بعض عواصمه باحتفاء كالذي تلقاه نيكسون، أو أن يحصد تنازلات يمكن تسويقها للناخب الأمريكي، في عام الانتخابات، تسوغ إعادة انتخابه لفترة ثانية بعد الضرر الذي لحقه جراء المساءلة. يصعب عليه ـ أولا ـ أن يحدث اختراقا سياسيا وعسكريا في الأزمة السورية، فسياساته متراجعة على مسارحها، واللاعبون الآخرون لن يقدموا له هدايا مجانية. في أحوال الضعف التي تعتري إدارته، من المتوقع أن يضطلع البنتاغون والاستخبارات بأدوار أكبر بالأزمة السورية، تتجاوز ما كان يحدث من قبل، كما في أزمات الإقليم الأخرى. يصعب عليه ـ ثانيا ـ اختراق الأزمة الإيرانية بإنجاز دبلوماسي، أو عمل عسكري. الحرب مستبعدة في أحوال الإدارة الحالية، فضلا عن أنها ليست من بين خياراته، والتسوية لها اشتراطات وظروف من غير المحتمل توافرها. من المتوقع ألا يمنحه الإيرانيون أي جوائز بانتظار ما قد تسفر عنه الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا إذا أبدي هو نفسه استعدادا لرفع العقوبات الاقتصادية، قبل أي لقاء أو نظير أي لقاء، وهذا بدوره احتمال شبه مستبعد، بالنظر إلى أن أي تصرف يتبعه يخضع لرقابة مشددة من خصومه السياسيين. ويصعب عليه. ثالثا ــ ترويض اللاعب التركي الجامح، فالعلاقات معه تتراوح بين إجراءات وقوانين تصدرها المؤسسة التشريعية ومساومات وحسابات تتبعها الإدارة، حتى بدت العلاقة أقرب إلى معضلة يكاد يستحيل فك ألغازها، الأزمة الليبية مثالا. يتبقى أكثر قضايا الإقليم حساسية ومركزية، التي قد يظن أنها «البطن الرخوة» الضرب عليها مأمون العواقب، وحصد النتائج ممكن بقوة الضغوط على عالم عربي مفكك وضعيف. رغم أن القضية الفلسطينية وصلت إلى طريق مسدود يجعل من تمرير «صفقة القرن» وهما من الأوهام».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية