عمان-” القدس العربي”:
فورا وبدون مقدمات وبعد أول دفعة من غاز إسرائيل المزعوم تم ضخها في الأنابيب الأردنية شهدت الساحة المحلية في عمان تطوران في غاية الأهمية.
التطور الأول تمثل في خرج التيار الإسلامي عن صمته الحراكي وأعلن ولأول مرة منذ سنوات طويلة ضمنيا عن عودته الى الشارع.
في التطور اللافت الثاني عادت للذاكرة عبارة من كلمتين طالما اجتهدت السلطات لشطبها من قاموس الشارع وهي ” جمعة غضب”.
برزت في الاثناء مساحة متساوية بصورة مريبة بين مضمون بيان يمثل ما يسمى بالجبهة الأردنية الوطنية لإسقاط اتفاقية الغاز الإسرائيلي وبين نص بيان خاص أصدره حزب جبهة العمل الإسلامي وبصورة تؤشر على نفوذ الإسلامين داخل تلك الجبهة.
لأول مرة تماما تحدثت جبهة تمثل نشطاء في الحراك الشعبي ضد اتفاقية الغاز عن مسئولين سابقين ارتكبوا جرائم وينبغي ان يخضعوا للمحاكمة، بعض هؤلاء من الرؤوس الكبيرة.
بالمقابل ولأول مرة بالتوازي يورد أكبر أحزاب المعارضة وبلغة حادة جدا تهمة “الخيانة الوطنية” لحكومة بأكملها ويطالب بمقاضاة ومساءلة بعد وصف يوم ضخ الغاز بانه” يوم أسود” في تاريخ المملكة.
لا بيان النشطاء ولا تصريح حزب جبهة العمل اأجاب على سؤالين صغيرين: .. من هم هؤلاء المسئولين المتهمين شعبيا بالخيانة وارتكاب جريمة؟ .. ثم من هي الجهة الدستورية التي يمكنها ان تعقد هذه المحكمة؟ .
طبعا تلك أسئلة صعبة لأن قائمة المتورطين من كبار الساسة والمسئولين في اتفاقية الغاز ومن عام 2014 تطول وحمالة أوجه ومفتوحة على كل الاحتمالات.
وأيضا لأن الدستور يضع آلية محددة لمحاكمات الوزراء السابقين، فيما أدانت الحكومة الحالية بوضوح سابقاتها وهي تحاول التنصل من هذه الاتفاقية المثيرة جدا للجدل.
غريب جدا بالنسبة للسياسيين والبرلمانيين أن يضخ الغاز الإسرائيلي في عمق المعادلة الأردنية وأرض المملكة بنفس المرحلة التي تقول فيها السلطات بأن إسرائيل ضد المملكة وانقلبت عليها.
الأغرب سياسيا على الأقل هو أن جهة قوية ونافذة جدا تتحدى الشعب الأردني وتضخ الغاز في أول يوم من العام الجديد ولأغراض انتاج الكهرباء والتعدين في الأردن، في الوقت الذي تعلن فيه وزيرة الطاقة هالة زواتي وجود “فائض كبير” من الكهرباء المنتجة بكلفة قليلة تبحث عن أسواق لتصديرها.
بمعنى عملي وحقيقي اليوم برزت حالة وجوم وهذيان ثم غليان في نصوص بيانات شعبية للمعارضة الأردنية مباشرة بعد ضخ أول كمية تجريبية من غاز إسرائيل المزعوم.
حزب جبهة العمل الإسلامي وهو أكبر أحزاب المعارضة دوما، أنهى في بيانه الأخير حالة قطعية تكتيكية مسيسة مع حراكات الشارع وهو يدعو الأردنيين للمشاركة في جهود إسقاط تلك الاتفاقية.
لم يقف بيان الحزب المعارض عند هذه الحدود بل زاد باتجاه حاد جدا وغير مسبوق، عندما طالب بمحاكمة الحكومة الحالية والمسئولين عن تمكين العدو الصهيوني من قطاع الطاقة الأردني بـ” الخيانة الوطنية ” .
ذلك تعبير حزبي ضخم جدا يساهم في تحريك وتحريض مشاعر الشارع خصوصا وأن الحكومة الحالية تجتهد للتنصل من اتفاقية الغاز وخصوصا أيضا في ظل حالة من الاحتقان الشعبي الاقتصادي متعدد الأوجه ، يمكن أن يتم تصديره وتسييله عبر الشارع اذا ما قرر الإسلاميون وقف مقاطعة الشارع كما يبدو عليه المشهد الآن .