لندن – “القدس العربي”:
خصصت صحيفة “نيويورك تايمز” افتتاحيتها لمقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي اغتالته الولايات المتحدة يوم الجمعة وهو يغادر مطار بغداد الدولي، وبعنوان “أيها الكونغرس أوقف تسرع ترامب للحرب مع إيران”. وجاء فيها أن على الرئيس الأمريكي الشك في مزاعمه أنه قام بردع إيران.
وأشارت إلى تهديداته في تغريدته التي قال فيها إنه سيدمر 52 موقعا إيرانيا حيويا على عدد الرهائن الأمريكيين الذين احتجزوا في السفارة الأمريكية بعد الثورة الإسلامية. وحدد المواقع بالمهمة لإيران ومهمة ثقافيا لإيران و”لا تريد الولايات المتحدة تهديدات جديدة”. وجاءت تهديدات ترامب بعدما أقسم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، آية الله علي خامنئي، بـ “انتقام قوي” على الطائرة المسيرة التي قتلت سليماني يوم الجمعة، وبعدما زعم البيت الأبيض أن الجنرال كان يحضر لضرب المصالح الإيرانية.
وتساءلت الصحيفة عن ضرورة التهديدات التي أطلقها ترامب عبر تويتر: “ألم يكن موت الجنرال سليماني يعني وقف التهديدات التي يزعم الرئيس أن أمريكا لا تزال تواجهها؟”. ودافع مايك بومبيو، وزير الخارجية، يوم الجمعة عن قتل الجنرال قائلا: “لقد جاء الوقت لاتخاذ هذا التحرك حتى يكون بإمكاننا إحباط الخطة ومنع عدوان جديد من قاسم سليماني والنظام الإيراني وأي محاولة لتخفيض التوتر”. وقال في مقابلة مع برنامج “قابل الصحافة” على شبكة “أن بي سي”: “أنا متأكد 100% أن أمريكا اليوم أكثر أمنا” حتى “لو صدرت أصوات في الفترة الانتقالية”.
وتساءلت الصحيفة إن كان بومبيو يعتبر تصويت البرلمان العراقي ببغداد نوعا من الصوت المزعج، فقد دعا يوم الأحد إلى إخراج القوات الأمريكية من العراق. فالخروج من هناك لن يكون محتوما في الوقت الحالي، ولكنه قادم كما حصل في السابق وسط أخبار عن تعليق الولايات المتحدة عملياتها ضد تنظيم الدولة لمنع التهديدات ضد قواتها. فمن الصعب مواصلة الحرب على التنظيم في وقت قويت فيه إيران بالعراق.
بعد يوم من عملية الاغتيال أعلنت إيران عن وقفها الالتزامات بشأن المعاهدة النووية التي فرضت عليها عام 2015
وبعد يوم من عملية الاغتيال أعلنت إيران عن وقفها الالتزامات بشأن المعاهدة النووية التي فرضت عليها عام 2015 والتي خرج منها ترامب عام 2018. وتقول الصحيفة إن قتل الجنرال سليماني يبدو أنه لم يمنع حدوث أي تخفيض بالتوتر، فلماذا قررت الخارجية تقديم النصح للرعايا الأمريكيين الخروج من العراق؟ وترى الصحيفة أن البلدين يواجهان منذ حادثة الرهائن الأمريكيين بطهران حربا متدنية الوتيرة أو بالوكالة.
وقضى سليماني 22 عاما على رأس فيلق القدس ومنسقا للتمدد الإيراني في الشرق الأوسط. وبنى خلال هذه الفترة عددا لا يحصى من الميليشيات، مثل إشراف الجنرال سليماني على العمليات التي قامت بها الميليشيات العراقية ضد القوات الأمريكية، ومساعدة أمريكا على ضرب عدوه في أفغانستان بعد هجمات أيلول (سبتمبر) 2001. ورد جورج دبليو بوش على التعاون بوضع إيران ضمن محور الشر.
ولكن كان هناك سبب دفع الرؤساء الأمريكيين السابقين إلى التمهل وعدم اغتيال عسكري يداه ملوثتان بالدماء، وهو أن إيران تملك القدرة على إدارة حرب غير منسقة. وحول النظام الإيراني هذه الحرب إلى فن منذ الحرب الكارثية في الثمانينيات من القرن الماضي مع العراق. وعاش سليماني هذه الحرب وتعلم منها درس إدارة حرب الوكالة من اليمن إلى لبنان.
ومن خلال الإعلان عن رد أمريكي على أي هجوم إيراني ضد المصالح الأمريكية فإن ترامب رسم خطا أحمر لا يمكن لطهران تجاوزه. ولكن إيران لن تضرب مباشرة فلديها شبكة من الجماعات الوكيلة في العراق وسوريا واليمن ولبنان، فهل على هذه الجماعات كلها احترام خط ترامب الأحمر؟ ففي كل هذه الجماعات أشخاص عنيدون وغاضبون على مقتل سليماني بنفس الطريقة التي يفتقد فيها الشباب المسلحون الانضباط. وكما أظهر الغزو الأمريكي الذي قتلت فيه الميليشيات مئات من الجنود الأمريكيين لم يكن من السهل السيطرة عليها.
ولن يكون ترامب قادرا على ضبط كل الميليشيات في الشرق الأوسط ومنعها من اجتياز خطه الأحمر. ويمكن لإيران الرد بطريقة أقل مباشرة وبفعالية من خلال الحروب الإلكترونية والهجوم على حلفاء أمريكا في المنطقة وتقويض جهود أمريكا في العراق ومناطق أخرى.
وقال مسؤول أمريكي للأمن القومي لمجلة “ذي أتلانتك” عام 2018 إن “الزعزعة الدائمة للوضع في الشرق الأوسط سيكون في صالح أمريكا”، إلا أن ترامب يخلق “زعزعة مستمرة، ولكن لا أحد يستفيد منها، وكلامه يفتقد المنطق أو العقلانية. ولم يعد هناك في فريق الأمن القومي لترامب من لديه العقلانية أو التفكير خاصة بعد رحيل من لديهم حكمة. وما هو مثير للقلق هو أن الإدارة لم تعد تطلب النصح من أحد ولا تعطي قادة الكونغرس معلومات مسبقة قبل العملية”. ولم يعط البيت الأبيض معلومات للمسؤولين البارزين في الكونغرس كما يقضي قانون صلاحية الحرب.
وتقول الصحيفة إن قادة الكونغرس يتوقعون بيانا يوضح لهم سبب الاغتيال. ولهذا السبب على الأعضاء البارزين في الكونغريس مثل ليندزي غراهام وماركو روبيو وميتش ماكونيل تذكير ترامب بوعده وأنه يريد إبعاد أمريكا عن الحروب وعدم جرها لحرب مع الإيرانيين.
ستثبت لكم الأيام والشهور القادمة ان كل هذه التهديدات ليست سوى جعجعة فارغة وان مقتل المجرم سليماني سيعير بسلام لانه لاقدرة لإيران على مواجهة امريكا ولا امريكا تستطيع الإستغتاء عن خدمات الملالي