لندن ـ “القدس العربي”:
يرى كارلو جي في كارو، الباحث في شؤون السياسة الخارجية الأمريكية، في مقال نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن الولايات المتحدة تستطيع التخلي عن شراكتها مع السعودية وتستبدلها بقطر كحليف يمكن الوثوق به ولعدد من الأسباب.
ويأتي حديثه في ضوء ما ستعلن عنه وزارة الخارجية الأمريكية من أن عملية إطلاق النار في القاعدة الجوية بنساكولا بفلوريدا والتي قام فيها متدرب سعودي الشهر الماضي هي عمل إرهابي. ونشرت شبكة أنباء “سي أن أن” أن 12 متدربا سعوديا سيتم ترحيلهم من الولايات المتحدة بسبب المخاوف المتعلقة بالتطرف.
التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية ظل خلال الستة عقود الماضية من أهم ملامح السياسة الخارجية في الشرق الأوسط
ويعلق الكاتب أن التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية ظل خلال الستة عقود الماضية من أهم ملامح السياسة الخارجية في الشرق الأوسط. ودعمت إدارات جمهورية وديمقراطية هذا التحالف بدون شروط. ونجا التحالف من حركة المحافظين الجدد التي طالبت بتغيير الأنظمة الديكتاتورية ومن هجمات 11 أيلول (سبتمبر) التي كان غالبية منفذيها من السعوديين. كما نجا من الربيع العربي الذي قام فيه المتظاهرون العرب بالانتفاضة ضد الأنظمة الديكتاتورية.
ويقول الكاتب إن صورة السعودية، من منظور دوائر السياسة، تم عكسها في خيالنا بنفس الطريقة التي قدمها العقيد ويليام إيدي، مترجم الرئيس فرانكلين روزفلت الذي رسم صورة للملك عبد العزيز بن سعود كبطل ملحمي وحد القبائل المختلفة. و”بالنسبة لنا الذين نعيش في القرن الحادي والعشرين فقد تم تصوير السعودية كدولة محورية لأمريكا في أمن الشرق الأوسط. وتم تدريسنا أنه لا يمكن تخيل الشرق الأوسط بدون السعودية”.
ويقول إن المعاهدة التي وقعها روزفلت في 15 شباط (فبراير) 1945 كانت وراءها أربعة أسباب: التأكد من هيمنة أمريكا على الشرق الأوسط والتأكد من تدفق النفط وتسهيل سياسة الاحتواء وفي الفترة الأخيرة توفير الدعم للحرب ضد الإرهاب. وناقش المحللون على مدى السنين أن هذه الأسباب تجعل من التحالف مع السعودية أمرا لا يمكن الاستغناء عنه. ولكن الحقيقة هي أن “الولايات المتحدة لم تعد بحاجة للسعودية من أجل الحفاظ على هيمنتها، ولا تحتاج الولايات المتحدة إلى نفط السعودية، ولا تحتاج لها لكي تحتوي العراق كما فعلت أثناء حكم صدام حسين. وتعاملت إدارة باراك أوباما بنجاح مع إيران. ولا تحتاج الولايات المتحدة إلى السعودية لكي تكون لها شريكا في الحرب ضد الإرهاب لأن السعودية تصدر الوهابية حول العالم وتغذي الإرهاب والطائفية”.
تعتبر الحركة السلفية مهمة في قطر كما هو الحال في السعودية، إلا أن قطر استطاعت دمج هذه الأيديولوجية الدينية في نسخة متسامحة، نسخة تتجنب الكراهية والعنف
ويقول الكاتب: “الحقيقة هي أن الوقت قد حان لتخفيض منزلة السعودية باعتبارها الشريك الإستراتيحي الرئيسي”. ويضيف أنه من أجل ملء الفراغ “يمكن للولايات المتحدة تقوية علاقاتها مع قطر، فهذه الدولة الغنية بالغاز الطبيعي يمكن أن تحل محل السعودية لعدد من الأسباب: تعتبر الحركة السلفية مهمة في قطر كما هو الحال في السعودية، إلا أن قطر استطاعت دمج هذه الأيديولوجية الدينية في نسخة متسامحة، نسخة تتجنب الكراهية والعنف”.
واعتمدت الحياة القطرية، من الناحية التاريخية، على البحر والتجارة. وقبل الصناعة النفطية اعتمد الاقتصاد القطري على صيد اللؤلؤ وكانت مفتوحة على منطقة الخليج حيث استقر فيها التجار الفرس. وفي الحقيقة فإن أهم العائلات الغنية في البلاد هي شيعية والداعم المهم للعائلة الحاكمة. ويضيف أن الشيعة الذين يعيشون في قطر يعاملون باحترام ويحتلون مناصب في الحكومة وسمح لهم بممارسة قانونهم الخاص. وهو وضع مختلف عن السعودية التي يصنف فيها الشيعة بالمنطقة الشرقية بالجماعة الوكيلة لإيران، مع أن معظم العائلات الشيعية في السعودية تعيد نسبها إلى النجف وكربلاء في العراق وليس قم في إيران.
وأشار الكاتب إلى التسامح الديني في قطر حيث منحت الكنائس وضعا خاصا وسمح للمسيحيين بممارسة شعائرهم الدينية. وفي السعودية يمنع بناء الكنائس ويعتقل من يقبض عليهم وهم يمارسون شعائرهم الدينية في بيوتهم. وأثبتت قطر كما يقول الكاتب براغماتية عندما يتعلق بالأمن والعلاقات الخارجية. فعندما احتاجت الولايات المتحدة قاعدة عسكرية بعد سحب القوات الأمريكية من السعودية في أعقاب حرب الخليج، كانت قطر هي التي قدمت أراضيها لكي تكون مركزا للقيادة الوسطى في الشرق الأوسط. ولم تبد السعودية استعدادا للحفاظ على وجود دائم للقوات الأمريكية على أراضيها. كما أن قطر لم تكن بحاجة للبحث عن عدو مشترك كما هو حال السعودية مع إيران، لكي تبحث عن طرق للتواصل مع إسرائيل.
ويقول إن قطر على خلفية النزاع الإسرائيلي- اللبناني فتحت مكتب رعاية مصالح إسرائيلية. ورغم إغلاق المكتب عام 2009 إلا أنه كان تحركا غير مسبوق من دولة خليجية تجاه الإسرائيليين.
وفي لبنان، الذي يعاني من الحرب وعدم الاستقرار، لعبت قطر دورا حياديا في جهود الوساطة. أما السعودية وسوريا فقد دعمتا جماعات سياسية في النزاع. واختارت قطر جلب كل الأطراف السياسية وتوقيع اتفاق الدوحة عام 2008 الذي أدى لتشكيل حكومة وحدة وطنية. ورغم فشل اتفاق الدوحة في حل المشكلة البنيوية للحكم في لبنان لكن لا يمكن تجاهله.
يرى الكاتب أن قطر حاولت استخدام مساعداتها للبنان كأداة للمصالحة بين الأطراف المتعددة
ويرى الكاتب أن قطر حاولت استخدام مساعداتها للبنان كأداة للمصالحة بين الأطراف المتعددة، بدلا من دعم حكومة حزب الله مثلا. واستهدفت عمليات الإعمار التي دعمتها قطر في جنوب لبنان المسلمين والمسيحيين. وتعتبر قطر هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي أقامت علاقات مباشرة مع كل أطراف النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. وضمت جهود السلام ما بين 2006- 2007 حل الدولتين واعترافا بإسرائيل.
ويعلق الكاتب أن تجربة قطر في تعاملها مع حزب الله وإيران يمكن أن تساعد في التوصل إلى صفقة يمكن أن تمحي من خلالها التهديدات ضد إسرائيل. وفي مرحلة ما بعد اتفاقية السلام مع الفلسطينيين وعودة جهود التنمية في الجنوب فيمكن لقطر أن تلعب دورا في إحلال السلام ودفع حزب الله للاعتراف بإسرائيل. وفي الوقت الذي عارضت فيه مصر دورا لقطر في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني قبل عقد، فيمكن لمصر أن تقبل بها لو أوقفت قطر دعمها للإخوان المسلمين.
ومن الضروري أن توقف قطر دعمها للجماعة لأن مصر تدعم حركة القوات الأمريكية في المنطقة ولأنها أكبر دولة تعدادا للسكان في العالم العربي. ويمكنها أن تلعب دورا في تعديل الخطاب الديني الذي تصدره الوهابية. ويقول إن الملك عبد الله الثاني الذي لعبت بلاده دورا في مكافحة التطرف كان مترددا بمواجهة الإخوان المسلمين الذين لعبوا دورا سياسيا في الأردن. ورغم دعمهم لوالده الملك حسين في الخمسينيات والسبعينيات من القرن الماضي ودعمهم له في المواجهة مع منظمة التحرير الفلسطينية إلا أن الضغوط التي فرضت على الإسلاميين أدت لتفككهم وإضعافهم.
وفي ظل خطة جارد كوشنر هددت الولايات المتحدة بالضغط على عمان. وبدلا من ذلك يجب على الحكومة الأمريكية زيادة الدعم للأردن وبمساعدة من قطر لتخفيف تأثير السعودية عليه. وفي الأردن بدأت المخابرات الأمريكية بدعم المقاتلين المعارضين لنظام بشار الأسد. ودعمت قطر جماعات مقاتلة ضد النظام، ومن هنا فلديها اتصالات ومعلومات لحماية الأمن الغربي وليس السعودية. وفي حالة قررت أمريكا استبدال السعودية بقطر كشريك رئيسي فيمكن أن تخفف دعمها للإخوان بشكل يسهم بنزع التوتر مع مصر. وربما أسهمت بحل سلمي مقبول لإسرائيل. ولو زادت أمريكا الدعم للأردن فيمكنه قبول تغيير الوضع القائم في القدس.
لو تتخلى السعودية عن بيع النفط بالدولار فسينهار الاقتصاد وسيتبعه الذهب وبقية المواد الأولية وستنهار امريكا في غضون سنوات
لا وجه للمقارنة بين السعودية وقطر.الفرق بينهما في كل شيء كالأسد والقط.