كان لميلاد تنظيمات الإسلام السياسي، والتي حملت لواء العنف والمواجهة والتكفير، اهتماما بالغا من وسائط الإعلام الأجنبية والعربية. وهناك رأي يؤكد أن الذين يعارضون ويشجبون الدولة الإسلامية وما شابهها يكتفون بالنقد والاستنكار دون أن يلاحظوا، ولو بتنويه بسيط ما الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه التنظيمات والجماهيرية التي اكتسبتها في العالمين العربي والإسلامي؟ كأن ولادة هذه التنظيمات وغيرها مجرد ظاهرة معزولة عن الواقع السياسي، الداخلي والخارجي، في حين أن هذه التنظيمات والجماعات السياسية التي تحولت فيما بعد إلى تنظيمات عسكرية ترفع شعار العنف والرفض وتكفير المجتمع قبل تكفير الساسة والأحزاب والحكومات لم تأت من فراغ. فالبحث عن الأسباب قد يؤدي إلى كشف طرق العلاج، بدلا من اللغة الإعلامية المنتشرة في القنوات البصرية السمعية والشبكة العنكبوتية، والتي لا تقنع أحدا غير مروجيها لأن لغة الشتم والاستهزاء لا تفيد في هذا الصدد، ذلك أن العالمين العربي والإسلامي تعرضا ويتعرضان لأكبر عملية تصفية في التاريخ الحديث. وهذا الهجوم الغربي الذي وصل درجة الفوبيا من الإسلام واكبه تنظير فكري وسياسي : صراع الحضارات، الفوضى الخلاقة، وعززته الآلية العسكرية بتدمير أفغانستان والصومال والعراق، وقتل الشعوب و إرجاع المجتمع إلى القرون الوسطى، وتصفية النظام الليبي وتخريب ليبيا، وأوضاع فلسطين والقدس، والأراضي العربية المحتلة منذ 1967 كي لا نقول منذ 1948. فخلال الأربعين سنة لم تستطع الأمم المتحدة أن تحل هذه الأزمة بسبب النفاق الغربي وتأييد الكيان الصهيوني وسياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الدول الغربية. كما أن الأمم المتحدة شاركت بقوة ضد العالم العربي والإسلامي، فاحتلال العراق وأفغانستان لم يتعرض لأي إدانة من طرف الأمم المتحدة، بل أن هذه المنظمة المشبوهة ساهمت في هذا الاحتلال للعراق واستمراره. هذا البلد العريق الذي أصبح فجأة بدون جيش وبدون علماء و بدون إدارة، كما انتهت باقي الأقطار العربية والإسلامية إلى دول فاشلة. ليس هذا فقط، فقد تم منع الدول العربية والإسلامية من ولوج مكونات العلم كالتقنية النووية التي حظرت على العرب والمسلمين بالقوة والاغتيال. وتم تمكين الكيان الصهيوني من القوة النووية بمساعدة واشنطن وكندا وفرنسا وتم الاستيلاء على الفوائض المالية لدول الخليج العربي عبر الاحتفاظ بها في البنوك الغربية وشراء الأسلحة التي تخزن في الصحارى إلى أن تفسد، وهي أصلا لا تنفع في شيء إلا في بقاء المعامل الغربية في إنتاج مستمر، بينما ينتشر الفقر والجوع والبطالة والجهل في ربوع العالم العربي والإسلامي، أغنى مناطق العالم، وكل ذلك عبر فرض نوع من الحكومات المسايرة للغرب في سياساته وتعليماته، وهو نفس الأمر عندما يتعلق بالتنظيمات والأحزاب السياسية العربية التي فشلت لأسباب ذاتية وموضوعية وبسبب العداء الغربي والداخلي لها، مما أدى إلى فراغ الساحة وانعدام الثقة بين هذه الأحزاب والجماهير التي تنظر إليها نظرة شك وريبة. أما الدول التي لا تتوفر على أحزاب فهي في وضع كارثي، مما لا يجد معه الشباب المحبط إلا التنظيمات التكفيرية الصادقة في رأيه التي يضحي أعضاؤها بأنفسهم وعوائلهم وأموالهم من أجل الأمة بغض النظر عن رأينا نحن-.
أما التنظيمات الأخرى العلمانية وشبه العلمانية فقد انتهت إلى البحث عن مقاعد وثيرة تدر المال والجاه وضمان الوظيفة للأبناء مستقبلا والسكن بعيدا عن الشعب في أحياء مغلقة وسيارات مكيفة وعطل في الغرب والإنجاب فيه للتجنيس فضلا عن مصاهرة الأجانب. فأصبحنا أمام مجتمعين في مجتمع واحد، بل مجتمعات مختلفة في مجتمع واحد. وأغلقت الجماهير الشعبية على نفسها في قرى وعشوائيات يحكمها التكافل وفقيه المسجد. وجاء الخطاب الديني الجديد الذي أعلنته تنظيمات الإسلام السياسي كما ينعت عند البعض ليجد قبولا عاما من فئات واسعة من المجتمع الإسلامي والعربي.
وعندما ظهرت تنظيمات الإخوان المسلمين في مصر وسوريا والأردن والجزائر وغيرها، والتي حاولت ممارسة اللعبة السياسية عن طريق الديمقراطية، إلا أن فشل هذه التنظيمات بعد ممارسة العنف ضدها ومنعها بالقوة من الحكم بعد نجاحها في الانتخابات، كحالة مصر والجزائر، فتحولت هذه التنظيمات إلى جماعات متطرفة. ثم جاء فشل الناصرية والبعثيين والاتحاديين والجبهة في الجزائر لأسباب ذاتية وموضوعية وخارجية، وبسبب الحرب الغبية للحكومات العربية المساندة من الغرب ضد هذه التنظيمات. مما هيأ الأجواء لسيطرة جماعات التكفير على الحياة السياسية في العالم العربي، فوحدهم يحظون بالثقة واللغة القوية، ولهم حيثيات وأسباب للدفاع عن أفكارهم، بعكس التنظيمات الحزبية العادية على امتداد العالمين العربي والإسلامي، مع استثناءات قليلة، والتي انهزمت داخليا قبل أن تنهزم موضوعيا.
إن الجماعات السياسية التكفيرية لا تضعف إلا بسبب ممارسة القوة العسكرية داخليا وخارجيا ضدها. أما الممارسة الفكرية على الواجهة الإعلامية فقد فشلت في إعطاء بديل سياسي واقتصادي واجتماعي لمواجهة هذه الجماعات لأن الحقيقة على أرض الواقع مأساوية.
د. عبد الله العلوي
تحليلك كله صحيح يا دكتور عبدالله العلوي
فداعش والقاعدة هي عبارة عن ردة فعل
سبب داخلي وهو ظلم العسكر للاسلاميين
سبب خارجي وهو ظلم العالم للمسلمين
ولا حول ولا قوة الا بالله
بالإضافة إلى ما ذكر في التحليل – وأنا أتفق معه كثيرا – إلا أن الدكتور يتناسى دور الولايات المتحدة و الأموال العربية في نشأة القاعدة و وداعش وما شابهها … ففي سبعينيات القرن الماضي فكرت الولايات المتحدة في خطة تريح الدول العربية من الشباب المتحمسين لتحرير فلسطين الذي يتعارض مع مصلحتها وتشغلهم بقضية أخرى لا تتعارض مع مصالحها فكان أن تم إرسال عبدالله عزام الفلسطيني ليجاهد في أفغانستان بدلا من الجهاد في فلسطين لأن الجهاد هناك يرضي أمريكا و يساهم في انهيار الاتحاد السوفيتي ويريح الدول العربية من هؤلاء الشباب ، وظهرت هناك القاعدة وبعد أن تمت مهمتهم وصفوا بالإرهابيين و تم حبس من عاد منهم إلى بلاده. ثم كانت الحرب العراقية الإيرانية – بتخطيط أمريكي وأموال عربية – ثم احتلال الكويت وتحريرها وحصار العراق ومن ثم احتلاله وأخير داعش والنصرة ..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته , إن التكفير يا الدكتور عبد الله العلوي من الإسلام , كيف لا نكفر من كفره الله تعالى ؟
فالحكم بغير ما أنزل الله تعالى و ذلك بقوانين البشر و المحاربة على ذلك أيضا أليس طاغوتية كافرة مجرمة عدوة لله تعالى و روسله محمد صلى الله عليه و سلم , يا أخي إن الشريعة الإسلامية إلزامية و لا تقبل الإستئناف في محكمة التمييز فهي غير مؤهلة للتفنيد و لا التعطيل و لا التعديل و لا الغلو .
السؤال الذي يجب ان يطرح بالحاح.ماعلاقة امريكا واسرائيل بالقاعدة ثم داعش……………………………