مجزرة مأرب بين استهتار الصاروخ واستعصاء السياسة

حجم الخط
7

تعرض معسكر استقبال للجنود تابع للجيش الحكومي اليمني شمال غربي مدينة مأرب إلى هجمة بصاروخ بالستي وطائرة مسيرة متفجرة، أسفرت حتى الساعة عن مقتل 111 جندياً وأكثر من 30 جريحاً، وتهدد مجدداً باشتعال جبهة معارك كانت هادئة نسبياً طوال الأسابيع الماضية. وكان طبيعياً أن تتوجه أصابع الاتهام إلى جماعة الحوثي رغم التزامها الصمت إزاء المسؤولية عن المجزرة، إذ لا توجد في المنطقة المحاذية قوة عسكرية سواها تملك هذه الأنواع من الأسلحة، كما أنها تسيطر على جبل هيلان القريب من مكان المعسكر المستهدف.
وقد أثارت الهجمة سخط الشارع الشعبي اليمني على نطاق واسع، وفي مناطق الجنوب بصفة خاصة، لأن هؤلاء الجنود لم يكونوا في وضع قتالي ضد جماعة الحوثي أصلاً، وقد تجمعوا في المعسكر انتظاراً لترحيلهم إلى مناطق حدودية مع السعودية، وتردد أن الكثيرين منهم خُدعوا بعروض تجنيد مغرية ورواتب مجزية. وإذا كان الغضب الشعبي قد انصب على الحوثيين في المقام الأول بالنظر إلى أنهم الطرف المسؤول عن تنفيذ الهجمة طبقاً للترجيحات المنطقية، فإن الحكومة اليمنية الرسمية لم تسلم من النقمة واتهام جيشها والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي شخصياً بالإهمال والتخلي عن واجب حماية المعسكرات والتهرب من مواجهة المشكلات والإقامة المريحة بعيداً عن أرض اليمن.
وليست مجزرة مأرب هذه سوى إضافة دامية جديدة إلى المأساة اليمنية المفتوحة على سلسلة متواصلة من الفجائع اليومية، حيث تسببت الحرب الأهلية بسقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وتهجير مئات الآلاف، ووضع قرابة 12 مليون مواطن يمني تحت تهديد المجاعات والأوبئة الفتاكة ودمار العمران والاجتماع والاقتصاد. ومنذ الانقلاب الحوثي على الشرعية في سنة 2014، وارتماء هذه الشرعية في أحضان السعودية، وإطلاق المملكة والإمارات مغامرة التدخل العسكري الطائشة في اليمن، والبلد يعيش استعصاء إنسانياً وسياسياً وعسكرياً لا يلوح له أفق وتزداد عواقبه يوماً بعد آخر.
وما يزيد في المأساة وفي تعقيد الحلول أن اليمن تحول إلى ساحة صراع بين السعودية وإيران، وباتت الأطراف المحلية لا تتقاتل فيما بينها على أجندات محلية بقدر ما تخوض حروباً بالوكالة بين الرياض وطهران من جهة أولى، وكذلك تدفع ثمن اهتراء عناصر التحالف العسكري والسياسي بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظيره ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد من جهة ثانية. فبعد أن انتقلت أرض المعارك إلى العمق الاستراتيجي الاقتصادي والنفطي السعودي، وصارت تشمل إصابة المصافي والأنابيب والناقلات، وتصاعدت مستويات التوتر بين إيران والولايات المتحدة، راجعت أبو ظبي حساباتها وانسحبت أو أعادت الانتشار، فضاقت المغامرة العسكرية على الأمير السعودي وأخذت تقتصر شيئاً فشيئاً على جيشه وحده.
وهذا تطور نوعي يحمّل الحوثيين مسؤولية سياسية وأخلاقية كبرى من حيث السعي إلى تخفيف آلام اليمنيين والبحث عن حلول سياسية، بدل تسعير النيران وارتكاب مجازر جديدة لا قيمة لها من الناحية العسكرية ولكن أثمانها باهظة من حيث إراقة دماء اليمنيين وتعميق جراحاتهم وانقساماتهم. كما يحمّل الحكومة الشرعية وزر الاستمرار في الخضوع إلى إرادة الرياض، والتواطؤ المباشر أو غير المباشر في تأجيج الحروب بالوكالة، وتكبيد المواطنين المزيد من الآلام والمآسي. وبين استهتار الصاروخ واستعصاء السياسة، فإن اليمني المدني الجائع والجريح والمريض والمحاصر في تقاطع النيران، هو الضحية الأولى.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    بسم الله الرحمن الرحيم: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) البقرة
    هناك خيانة بالمعسكر!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول إبسا الشيخ:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا
    أولا جماعة أنصارالله لم تعلن مسؤوليتها عن هذه المجزرة
    أما مايسمى بحكومة الشرعية هي لم تعد كذالك مانشاهده في اليمن هي كارثة والمسؤول الأول السعودية وجماعة أنصارالله اما حكومة عبد ربه منصور هادي هي مخطوفة لاحول لها ولا قوة.الشعب اليمني هو من دفع ويدفع الثمن

  3. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه (مجزرة مأرب بين استهتار الصاروخ واستعصاء السياسة)
    الضحية الأولى لاستهتار الصاروخ واستعصاء السياسة هو( اليمني المدني الجائع والجريح والمريض والمحاصر في تقاطع النيران) ،ليس في مأرب وحدها ولكن في عموم اليمن، ومنذ انتفاضة الشعب اليمني ضد حكم علي عبد الله صالح الذي تحالف مع الحوثيين ضد الشعب اليمني قبل أن يغدروا به ويقتلوه شر قتلة.(وزاد الطين بِلٌَة) التدخل العربي ضد الحوثي والذي انتهى إلى تحالف أطماع بين محمدي الخليج ظاهره محاربة الحوثي وفي أعماقه قمع وإذلال حزب الاصلاح الإسلامي وتقسيم اليمن إلى أكثر من شمالي وجنوبي بالإضافة إلى أطماع البلدين(الامارات والسعوديه) في أجزاء منه ٠
    وهذه الحرب المجنونة في اليمن تسببت (بسقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وتهجير مئات الآلاف، ووضع قرابة 12 مليون مواطن يمني تحت تهديد المجاعات والأوبئة الفتاكة ودمار العمران والاجتماع والاقتصاد. ومنذ الانقلاب الحوثي على الشرعية في سنة 2014، وارتماء هذه الشرعية في أحضان السعودية، وإطلاق المملكة والإمارات مغامرة التدخل العسكري الطائشة في اليمن، والبلد يعيش استعصاء إنسانياً وسياسياً وعسكرياً لا يلوح له أفق وتزداد عواقبه يوماً بعد آخر.)

  4. يقول .Dinars. #TUN.:

    واضح أن هادي تدعمه السعودية وهذه الأخيرة تحت وصاية أمريكا التي في الظاهر عدوة إيران وإيران ذراعها في اليمن وتحريك الذراع دون أدنى شك قد يكون للفت نظر أمريكا على حساب من قضوا.

  5. يقول سامح//الاردن:

    *حرب(اليمن) تحولت لمأساة وكارثة
    لليمنيين وحان الوقت لوقف هذه الحرب العبثية المجنونة..؟؟؟
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من سعى
    لخراب اليمن.

  6. يقول عبد الوهاب عليوات:

    مع أسفي لمقتل مسلمين في حرب عبثية أشعلها اصحاب الكروش لاجل عيون واشنطن وربيبتها بهدف التحكم في مسار ناقلات النفط ومضائقه فإنه حسب علمي الحرب لم تتوقف.. والجندي جندي بينما عشرات الآلاف من المدنيين تم قصفهم وقتلهم اطفالا ونساء وشيوخا من طرف التحالف وكان الاعتذار انه خطأ في الرصد او في الاستعلامات.
    الاف البمنيين الذين لا يحملون سللحا قتلوا في اعراسهم وفي اسواقهم.. بالخطأ ومرت كما لو ان شيىئا لم يكن. فلتمر هذه ايضا.
    يجب ترك اليمن لليمنيين لأحل الخروج بحل سياسي بعيدا عن التحالف الذي عاث فسادا في افقر بلد عربي..
    لا بد من انهاء الحرب على اليمن لتنتهي هذه الفواجع.

  7. يقول يسرى الفاتح _تورنتو:

    إن ما يجري في اليمن عينة من عينات ساحات الصراع الاقليميالممتد في ليبيا واليمن وسوريا .

إشترك في قائمتنا البريدية