بطّة السيسي وشواء الخمس نجوم

حجم الخط
11

بين مظاهر ولع نظام عبد الفتاح السيسي بالعروض السوريالية، التي لا تستحق من التسمية إلا ابتذالها الأدنى في الواقع، يُشار إلى مسرحيتين عمدت أجهزة السجون المصرية إلى إخراجهما مؤخراً؛ من دون أدنى اكتراث بحقيقة أنّ لذرّ الرماد في عيون الناس حدوده القصوى، التي لا تفضح المخرج والممثلين والعرض بأسره، فحسب؛ بل تنقلب ضدّ المراد، وإلى نقيضه مباشرة.

المسرحية الأولى هي مسارعة نزلاء سجن برج العرب إلى تهنئة السيسي في مناسبة عيد ميلاده، على مرأى ومسمع وزير الداخلية ومساعده لقطاع السجون وحفنة من “نوّاب الشعب”، وجمهرة من إعلاميين على طراز أحمد موسى وعمرو الليثي. ليس هذا فحسب، بل كشف السجناء عن وعي وطني سياسي فائق، وبالأحرى استثنائي، حين طالبوا “مروّجي الشائعات”، أي منظمات حقوق الإنسان الناقدة لفظائع الاعتقال والاحتجاز، أنْ “سيبونا في حالنا”؛ لأنهم، على عكس ما يُروَّج، يتلقون أفضل الرعاية الاجتماعية والصحية والغذائية و… الرياضية!

المسرحية الثانية كان وراء إخراجها تقرير لخبراء مستقلين في الأمم المتحدة، يحذّر من أنّ عشرات السجناء في معتقلات السيسي يمكن أن يلاقوا مصير الرئيس السابق الراحل محمد مرسي؛ أي “القتل التعسفي بقرار من الدولة”، في ظروف احتجاز “يمكن وصفها بالوحشية”، و”انتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية”. سلطات السيسي، تحت ستار ما تسميه “الهيئة العامة للاستعلامات”، سارعت إلى تنظيم زيارات صحفية إلى عدد من السجون المصرية، وصوّرت شريطاً لا يُظهر من مفهوم السجن إلا أجواء منتجعات الخمس نجوم، حيث حفلات الشواء والاحتفال والمرح والاسترخاء.

ولم يكن ينقص هذا الابتذال للولع السوريالي إلا مشاركة الأجهزة التابعة التي تعلّق لافتة حقوق الإنسان، كما في تصريح رئيس لجنة حقوق الإنسان في ما يُسمّى “مجلس الشعب”؛ بأنّ سجون مصر بعد 30 حزيران (يونيو) 2013، تاريخ انقلاب السيسي، هي “في أفضل حالاتها على مر التاريخ”! أو دخول القضاء (المستقل!) على خطّ المسرح المبتذل ذاته، في تصريح رئيس الإدارة العامة لحقوق الإنسان في مكتب النائب العام؛ بأنه “لا يوجد معتقل سياسي أو معتقل رأي واحد في مصر”، هكذا قطعياً، بل هناك “حبس احتياطي تتخذه النيابة لمصلحة التحقيق، فربما يخرج المتهم ويعبث بأدلة أو يؤثر على الشهود أو يهرب وأحياناً تكون حياة المتهم نفسها معرضة للخطر”!

الأرقام، في المقابل، تقول بوجود أكثر من 10 آلاف حالة حبس احتياطي، حسب تحقيق نشره “مدى مصر” في صيف 2018، وأنّ الأجهزة الأمنية لجأت إلى هذا التدبير من باب الالتفاف على قرار المحكمة الدستورية بعدم دستورية الاعتقال الإداري. كذلك تقول الإحصائيات إنّ عدد السجون التي أُنشئت في عهد السيسي بلغ 26 سجناً، من أصل 68؛ فضلاً عن 382 مقرّ احتجاز داخل أقسام الشرطة، وعدد غير معلوم من السجون السرّية في معسكرات الاعتقال وأقبية الأجهزة الأمنية المختلفة. أخيراً، وليس البتة آخراً، تسبب الإهمال الطبي في وفاة 600 سجين منذ خريف 2013، وقُتل عمداً أو تحت التعذيب 56 مواطناً، وعدد حالات الاختفاء القسري تجاوزت 6000…

ومع ذلك كله، وسواه كثير من المعطيات والوقائع، كان “الاستياء” هو أقصى ما عبّر عنه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أثناء لقائه مع السيسي في برلين مؤخراً، إزاء وفاة المواطن المصري مصطفي قاسم في أحد السجون. ولولا أنّ الأخير يحمل الجنسية الأمريكية أيضاً، وبعض أعضاء الكونغرس الأمريكي طالبوا بمحاسبة النظام المصري على وفاته، لما استاء بومبيو أمام “الدكتاتور المفضّل” عند سيده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وذُكر بالخير جون ماكين، السناتور البارز والمرشح الجمهوري الأسبق للرئاسة الأمريكية، الذي لم يتردد في اعتبار عزل محمد مرسي انقلاباً كامل الأوصاف: “إذا كانت تصيح كالبطة، وتمشي كالبطة، فهي بطة”!.

… بل يمكن أن تُشوى أيضاً، في مآدب سجناء العقرب وبرج العرب وطرة وأبو زعبل!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول آصال أبسال:

    /وعدد غير معلوم من السجون السرّية في معسكرات الاعتقال وأقبية الأجهزة الأمنية المختلفة/..
    هذه السجون السرية هي تحديدا السجون المخصصة لحالات الاختفاء القسري التي تجاوزت 6000، وأكثر من ذلك بكثير حتى.. !!

    1. يقول آصال أبسال:

      كل هذا يشير إلى أن بداية النهاية لنظام السيسي قد بدأت بالفعل.. !!

  2. يقول سليم:

    هل في ظل السياسات المنتهجة حاليا من طرف المجلس العسكري، والتي ترتكز على مراكمة انتهاكات حقوق الانسان، وإقصاء مكونات عديدة من المشهد السياسي، ومحاولة استئصال أخرى رغم أنها تتوفر على امتدادات داخل المجتمع، (شئنا ذلك أم أبينا)، ومنها التيار الاسلامي المعتدل، ( الذي قد ينحو شيئا فشيئا نحو الراديكالية، في غياب الفرصة للتدافع السياسي)… هل بهذه السياسات سينجح المجلس العسكري في العبور بمصر إلى بر الأمان، كما يدعي أنه يريد؟

  3. يقول .Dinars. #TUN.:

    عفوا؛ كان يمكن للعنوان أن يكون :
    ألية السيسي تشوى على نار هادئة وقودها ثورة تتأجج.

  4. يقول رزق الله:

    طالما العرب سيمررون صفقة القرن فليسجنوا وليقتلوا ويبنوا سجونا ويوفقوا على بنء سدودا ويستوردوا الغاز الفلسطيني من اسرائيل فكله مسموح.

  5. يقول S.S.Abdullah:

    على أرض الواقع في أي دولة، وليس مصر فقط، موظف النظام البيروقراطي، لا يعرف معنى الضمير، أو معنى المصداقية، بل كل همّه تنفيذ التعليمات لاستلام راتب آخر الشهر بلا خصم/عقوبة، هو تعليقي على كل ما ورد من تفاصيل تحت عنوان (بطّة السيسي وشواء الخمس نجوم) لمقالة (صبحي حديدي) الواقعية في جريدة القدس العربي، الأهم هو لماذا؟!

    لقد تبين لي أن اشكالية مناهج التعليم، هو سيطرة عقلية البرمجة اللغوية العصبية (آلة النظام البيروقراطي) لإنتاج عقلية موظف تناسب النظام (آلة/عالة) في تنفيذ التعليمات، بأقل ما يمكن للمشاكل، لكي تستلم راتب آخر الشهر بلا أي نقص،

    هذه العقلية، على أرض الواقع لا تصلح، في منافسة (الروبوت) التي تم استخدام البرمجة اللغوية الطبيعية لمحاكاة الإنسان في جودة وكفاءة وكمية الإنتاج، في الجانب الآخر لنوعي البرمجة اللغوية،

    لتوضيح سبب طلبي، بخصوص التعاون لإنجاز صناعة نموذج من مفاعل الملح الصخري في إنتاج الكهرباء،

    من خلال اتفاقية (مقايضة) النفط العراقي في مشاريع إعادة الإعمار بواسطة الصين،

    ضرورة أن يحصل إتفاق بين وزارة الكهرباء العراقية، وصاحب الاختراع (الفؤادي)، تتحمل بموجبه الوزارة تكاليف سفره واقامته في الصين،

  6. يقول S.S.Abdullah:

    وتوقع عقد شراء المفاعل، والشراكة معنا في تحصيل ثمن المفاعل من بيع الكهرباء المنتج للدولة العراقية،

    وتحديد ثمن بيع الكهرباء، لتحديد مدد التسديد، لحساب تكاليف التمويل مقدماً،

    لأن ثبت لي من الممارسة العملية، العراقي (خصوصاً أهل براءات الاختراع) زعطوط، لا يفهم معنى الوقت ومعنى الالتزام ومعنى فريق،

    أو بشكل أكثر وضوح، عدم الخيانة (مئة قلبة ولا غلبة، بلا خجل ولا حياء ولا كرامة) ومن هذه الزاوية تفهم قول (لا تفعل بزعطوط ولا تجعله يفعل بك، ففي الحالتين سيفضحك، أو شاف ما شاف، شاف تبع أمه وانخرع)،

    لذلك من أجل تجاوز كل تراكمات سلبيات شخصية الطباقات (لأهل دول ما بين نهري دجلة والنيل)، أساس الحضارات الإنسانية،

    حتى يمكن إنجاز شيء حقيقي وبشكل عملي، يخدم الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمُنتجات الإنسانية في الدولة، من زيارتي العراق في 2020 هذه المرة.

    ما بين دجلة والنيل، كان مهد الحضارات، بلد تدوين أول حرف (اللغة المسمارية)، وتدوين أول قانون (مسلّة حمورابي)، وتدوين علم اللغة (تدوين جمع كل قراءات ألسنة قراءة القرآن في نص داخل كتاب)،

  7. يقول S.S.Abdullah:

    خصوصاً بعد تعيين الإمارات أول رجل أمن (روبوت)، وأول طبيب (روبوت)، في نهاية عام 2016، والسعودية في التنافس معها لإثبات من هو أكثر حداثة، قامت بتجنيس أول روبوت (كمواطن) عند بداية تسويق مشروع (نيوم) في 2017،

    من أجل استقطاب أصحاب العقول والمال والمهن كإنسان وأسرة وشركة مُنتجة للمُنتجات الإنسانية في الاستثمار في دول مجلس التعاون في الخليج العربي،

    الآن من الذكاء، التفكير كيف تعمل على تغيير مناهج التعليم والتدريب والتأهيل المهني، لتكوين إنسان وأسرة وشركة تستطيع منافسة الروبوت،

    في أداء أي وظيفة/مقاولة تطرحها الحكومة الرقمية/الإليكترونية مستقبلاً، لو أردنا أن يكون لجيلنا القادم، مكان في المنافسة في سوق العمل/المقاولات،

    ومن هنا كان اختيار (شركة المتميزون)، فرصة شراء (بيت الحكمة)، لمطبعة جديدة،

    لتكون أساس الشراكة لتكوين (أم الشركات)، ومنها إلى الدخول إلى مجلس رئاسة الوزراء للحكومة الاتحادية،

    ومن خلاله لكل وزارة ومحافظة وولاية أو إقليم أو إمارة وحتى بقية دول المنطقة أو العالم، في أجواء العولمة والإقتصاد الرقمي/الإليكتروني.

    الآن كيف نحوّل، هذه العقلية، إلى عقلية التفكير في أنّ الحاجة أم الاختراع، من أجل ترشيد كل الموارد، في إنتاج المُنتج، الذي له سوق،

  8. يقول S.S.Abdullah:

    دون الحاجة إلى جهود لخلق سوق له، تعمل على زيادة تكاليفه، وبالتالي سعره، فتُقلّل من نسب نجاحه في السوق.

    في أي عملية تدريب/تأهيل/تعليم، تحتاج إلى منهاج، وأدوات لتدوين وتوضيح تساعد في الفهم والاستيعاب، يستخدمها الطالب والمعلم، في العملية التدريبية/التعليمية، الآن كيف نقوم بتطويع تقنية الجيل الرابع من آلات الثورة الصناعية في أتمتة هذا المجال؟!

    وكيف العمل على تكوين، نموذج ليكون داينمو لعملية التطوير والاستدامة لتفريخ/توليد شركات جديدة، تعمل على استمرارية المُنتجات الإنسانية تنافس الروبوت في كل المجالات؟!??
    ??????

  9. يقول بلحرمة محمد:

    نعم في لمح بالبصر اصبحت جمهورية السيسي دولة الملائكة بعد مجيئ دلك الانسان المسمى عبد الفتاح ليخرج مصر من الظلمات الى النور بعدما كانت تسبح في الفساد والظلم والقمع وما الى دلك من السلبيات التي لا تعد ولا تحصى فهكدا اضحى السجين المصري يتمنى لو لم يات اليوم الدي يفرج فيه عنه نظرا لما يعيشه من رغد العيش وحسن المعاملة التي ينعدم وجودها في ارقى الديمقراطيات فمن حق جهابدة النظام المصري ان يفتخروا بهدا الانجاز العظيم الدي يؤهلهم لتبوا المراتب الاولى في ترتيب السجون فهنيئا لمصر والسجناء المصريين ونتمنى لهم المزيد من خير النظام وعطاءاته.

  10. يقول ساجد:

    برغم تحفظات أى مواطن فى العالم على
    جوانب من سياسة بلاده وأنا مصرى أنضم إليهم، فما هو المطلوب بالضبط أن نتعامل به مع مجرم سجين؟
    أنا كغيرة وكمبدأ: لا تسامح مع المجرمين. لكنى أتصور أن أى دولة فى العالم لا يفوتها تصنيف سجنائها بحسب حجم ونوع جرائمهم. فهل تتصور مثلا أن غارم أو غارمة لا يملكان سداد ما عليهما من مستحقات مالية، وذلك لظروف اجتماعية، تقوم إدارة السجن بتعذيبهما، مثل سجين كان ينتوى
    تفجير نفسه وسط تجمع جماهيرى وتم
    القبض عليه قبل أن يفعلها؟ أو تم عمل غسيل مخ له لتفجير مجمع التحرير، أو
    الجامعة الأمريكية، أو مدرسة الليسيه…

إشترك في قائمتنا البريدية