الدولار يتراجع وأسعار السلع ثابتة وأراض زراعية تتحول لملاعب كرة القدم والشباب عاطل في المقاهي

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: الموضوع الرئيسي في الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 27 يناير/كانون الثاني، كان عن تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي وسام سان جورج الألماني لجهوده في صنع الأمل والسلام في افريقيا. وتهنئة لفريق كرة اليد لفوزه على تونس، وتأهله لمونديال طوكيو في اليابان هذا العام. وبدء أعمال المؤتمر العالمي للأزهر اليوم الثلاثاء، الذي سيناقش تجديد الفكر الديني، ويفتتحه الرئيس بحضور ممثلين سياسيين وعلماء من ست وأربعين دولة. والاستعداد لمعرفة ما سيعلنه الرئيس الأمريكي ترامب عن تفاصيل «صفقة القرن». وافتتاح أول محطة في بورسعيد لتموين السيارات بالوقود والغاز والشحن الكهربائي بمشاركة بين شركة أيني الإيطالية وتلك المصرية الحكومية. وكانت المقالات والتعليقات عن ثورة يناير/كانون الثاني وعيد الشرطة، والأزمة في ليبيا وتجدد الاشتباكات فيها، رغم قرار وقف إطلاق النار.

الإفراج عن مسجونين جنائيين وشباب سياسي خلف القضبان وقرار إغلاق الإصدارات الخاسرة يقلق المؤسسات الصحافية الحكومية

كما امتلأت الصحف بالتعليقات الساخرة والشامتة في إعلان محمد علي اعتزال العمل السياسي بعد أن رفض المصريون دعوته للخروج للتظاهر، بمناسبة ذكرى ثورة يناير.
أما الاهتمام الشعبي فلا يزال متجها نحو متابعة الأخبار عن فيروس كورونا، وتأكيدات المسؤولين ووزيرة الصحة، على أنه تم اتخاذ كل الإجراءات لمنع تسربه. بينما كان اهتمام النظام موجها لجولة المفاوضات التي ستجري في واشنطن للاتفاق النهائي على طريقة تشغيل سد النهضة، بينما شاع القلق الشديد في المؤسسات الصحافية الحكومية، بعد الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ووزير المالية الدكتور محمد معيط، ووزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، وكرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، بحضور رؤساء مجالس الإدارات والتحرير، وقال صراحة إن الدولة لا يمكن أن تستمر في تغطية خسائر المؤسسات. وقالت الصحف: وتم الاتفاق خلال الاجتماع على عدم فتح باب التعيين في أي مؤسسة صحافية قومية، ومنع التعاقدات، وكذا منع المد فوق سن المعاش، إلا في حالات الضرورة القصوى لكبار الكتاب فقط، وأن يتم التنسيق في ذلك مع الهيئة الوطنية للصحافة، بالإضافة إلى العمل على تسوية مديونيات هذه المؤسسات، باستغلال عدد من الأصول غير المستغلة، التي تمتلكها هذه الصحف، وكذا دراسة موقف كل الإصدارات، واتخاذ موقف حاسم بشأنها.. وإلى ما عندنا..

لا تنكروا فضلها

ونبدأ من «الأخبار» وهجوم خالد رزق العنيف على مهاجمي ثورة يناير/كانون الثاني ووصفهم بالانحطاط، لأنها أنقذت مصر من فساد مبارك وأولاده وقال: «9 سنوات مرّت على الحدث الشعبي الأهم في تاريخنا الحديث وهو ثورة شعبنا الكبرى في 25 يناير/كانون الثاني 2011. بالكاد عقد من الزمان لكنه كان كافياً لخروج أنكر الأصوات لتطعن في شرف أمة وشعب، ما خرجت على حاكمها ونظامه إلا يأساً من إصلاحه، ورغبة في الخلاص من فساده وطغمة حكمه، وولده المدلل. سنوات صعبة بالغة المرارة عاشها ويعيشها كل مصري آمن بحقه في بلده، وخرج ذات يوم باحثاً عن كرامتها وحريتها، وفيهما كرامته وحريته، واستمسك بهدف الخلاص من مبارك وأزلامه، وآمن بأن من سلمهم زمام أمور الوطن في ما بعد خلعه، لابد سيحققون له ما حلم به. ليس أن شيئاً من محاسبة حقيقية قد جرى هو فقط الصعب، وإنما الأصعب والأحط هو ما يواجهه شعب يناير، ويضطرون لسماعه ومتابعته عبر وسائل الإعلام من افتراءات وأكاذيب خصوم الحق والحرية، الأقسى هو أن تتحول صورة يناير/كانون الثاني بفعل الملاحقات الإعلامية، وحتى تصريحات رسمية في ذهنية ضعاف العقول وهم كثر إلى فعل جمعي منبوذ، استهدف إسقاط الوطن، أو افتقر إلى حسن الإدراك في أحسن الأحوال، فضل يناير التي لم تحقق آمال وطموحات شعب سلم قياده إلى مؤسسات آمن بولائها الوطني، وبعيدا عن الخلاص من المخلوع ورجاله وأسرته، تشهد به طفرات حققتها الدولة المصرية ما بعد 30 يونيو/حزيران في مشروعات التنمية الشاملة وتصرخ بها عملية بناء القوة العسكرية اللازمة لحماية أمن ومصالح البلاد، التي أسقطها مبارك عمداً على مدى 3 عقود. فلو لم يكن من يناير غير فتح الباب أمام استعادة القوة التي فرط بها لكفى ذلك شعبها شرفاً لا تنكروا على يناير شرفها فتفقدوا شرفكم».

تراجيديا الثورات المصرية

«بفارق زمني يقارب الستة عقود شهدت مصر يومين ملهمين في تاريخها الحديث، لا يصح اصطناع التناقض بينهما بأي ذريعة. الأول كما يقول عبد الله السناوي في «الشروق» 25 يناير/كانون الثاني 1952، وقد أسس بالتداعيات لتغيير البيئة السياسية بالكامل، وفتح المجال واسعا لإطاحة النظام الملكي وجلاء قوات الاحتلال البريطانية. والثاني 25 يناير/كانون الثاني 2011، وقد عبّر بالثورة عن عمق التطلع للالتحاق بالعصر، وبناء دولة حديثة، مدنية وديمقراطية وعادلة، كما عبّر بالغضب عن مدى ما يعانيه المصريون من تهميش اجتماعي وتفش للفساد وهدر للأموال العامة. لم تكن يناير أول ثورة تُختطف، أو تُجهض، فقد لقيت ثورات أخرى المصير ذاته، بدون أن تفقد قدرتها على الإلهام حتى حققت أهدافها بعد رحلة معاناة طويلة ومؤلمة. هذه حقيقة ماثلة حتى اليوم بنصوص الدستور، كما في ذاكرة الأجيال الجديدة، التي ترى نفسها في الثورة ومشاهدها الملهمة. في يناير جرى توسيع مجال المشاركة السياسية إلى حدود غير مسبوقة، تحت ضغط المليونيات ووسائل الاتصال الحديثة، وطرحت قضية العدالة الاجتماعية بصورة جديدة، على رأي عام لم يعد يتقبل أو يستسيغ تنكيل السلطات بالمواطنين، وإهدار الكرامة الإنسانية. الإنجازات الفعلية ليست كبيرة بالنظر إلى حجم التضحيات التي بُذلت، لكن شيئًا ما تحرك في عمق المجتمع يصعب أن يعود مرة أخرى إلى المربع رقم واحد. أحد أسباب السهولة النسبية التي اختطفت بها يناير/كانون الثاني، أنها لم تدرك موقعها في التاريخ المصري، ولا تراكم خبرة ثوراتها. تراجيديا الثورات المصرية ـ بالآمال العريضة التي تسقط من حالق ـ لم يمنع في أي وقت اتصال فعل الحركة الوطنية جيلا بعد آخر للتصحيح، وتعلم الدروس، وهذا ما يجب أن نتذكره دوما».

فقدان القيادة

وفي «الشروق» أيضا عدد ناجح إبراهيم عشرين سببا لفشل ثورة يناير/كانون الثاني في تحقيق أهدافها ومنها على سبيل المثال: «عدم وجود قيادة للثورة قد يكون ذلك مبررا في بدايتها ولكنه غير مبرر بعد نجاحها واستقرارها فلما نجحت وكادت ثمرتها تنضج ظهر العشرات من القادة والاتجاهات يريدون قطف ثمارها، وأداروا المعارك العلنية والسرية بينهم ـ ظن الجميع أنه يستطيع حكم مصر بدون أي مؤهلات تؤهله لذلك، وهذا كان واضحا في نوعيات المرشحين لأول انتخابات رئاسية ـ رغبة الجميع في أن يبتلع كعكة الحكم في مصر وحده دون الآخرين فأصيب هؤلاء بانسداد معوي حاد أدى إلى وفاتهم وضياع كل شيء ـ احتكام القوى السياسية بعد الثورة إلى الخارج، أكثر من احتكامهم إلى مواطنيهم، واستلهام قرارهم السياسي من موافقتهم ـ قيادة الإخوان للدولة بعقلية وفكر الجماعة، وعدم تفريقها بين فقه الدعوة وفقه الدولة ورهن قرارها كاملا لمكتب الإرشاد ـ عدم الانتباه لنمو الجماعات التكفيرية وتسلحها في سيناء وانشغال الجميع بالصراع السياسي عن الأخطار المستقبلية».

يا فرج الله

أما حمدي رزق فطالب النظام في مقاله في «المصري اليوم» بالإفراج عن الشباب المسجونين في قضايا سياسية، وهم من شاركوا في ثورتي يناير/كانون الثاني والثلاثين من يونيو/حزيران بعد أن تم الإفراج عن مسجونين جنائيين بمناسبة عيد الشرطة وقال: «يا فرج الله يلزم الاحتفاء بالقرار الرئاسي بالإفراج عن 3455 سجينًا بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة. الثابت وبالسوابق الرئاسية أن الرئاسة تستقبل الأعياد والمناسبات الوطنية بجملة إفراجات شرطية وصحية، وفق مراجعات شرطية متفهمة، وتبينا لإمكانية إفراجـــــات جـــديدة ومتوقعة وقريبة لشباب خلـــف القضبان ولو باحترازات شرطية، ترصف الطريق أمام هؤلاء الشباب لولوج الطريق المستقيم بعد تجــــربة عقابية قاسية عليهم وعلى أسرهم وزوجاتهم وأولادهم. الغياب عن حضن العائلة مرير علقم، والله علقم، وسجن العائلة في محنتها أقسى وأمرّ على النفوس، أيام قاسية على الجميع يلعقون لـــــبان الصـــبر المنقوع في آنية الحزن، أطلبها من الرئيس موقنًا بأنه يملك قلبا كبيرا وأبوة حقيقية، ورغبة أكيدة في التخفيف من آلام عائلات المسجونين، تدلل عليها الإفراجات المتتالية، ورغم الاحترازات الأمنية وشبح الإرهاب المخيم فإن العفو الرئاسي عن الشباب أتمنى أن يكون حاضرًا على قائمة الأولويات الرئاسية الوطنية».
مخاطبة الغرب

«مؤتمر الأزهر الشريف المنعقد مؤخرا حول تجديد خطاب الفكر الإسلامي برئاسة فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، يركز بالدرجة الأولى، كما يقول بهاء أبوشقة في «الوفد» على تثقيف العاملين في مجال الدعوة، وتحديث خطاب معاصر يتناسب مع طبيعة التحديات الجديدة.. الآن نحن في حاجة ملحة لخطاب ديني عقلاني، يدعو للسلم والتعارف، وينسجم مع واقع متعدد الهويات والأديان والانتماءات، ليس على مستوي العالم المفتوح فقط، وإنما داخل الوطن الواحد أيضاً، وفي المستوى الإقليمي المتداخل.. نحن في حاجة إلى خطاب يؤمن بطبيعة الإيمان المتعدد والمتنوع، ويكون قادراً على تهيئة المناخ الملائم، لإنتاج منظومات أخلاقية تنهض بالمجتمع، وقادراً أيضاً على مواجهة الخطابات التي ترتكز على التصنيف العقائدي، وهي غالباً تستغل الصراعات السياسية – أقصد التصنيف العقائدي – إقليمياً ودولياً ضد الإنسان وضد جوهر الأخلاق. الموقف الإسلامي والعربي ما زال يعاني من متلازمة تناقض بين دلالة اللفظ ومعناه، وهذا ما يجعل الخطاب الديني يصطدم بأمرين الأول هو استمرار اللغة القديمة في كل عصر، ومن هنا تنشأ الحركات التي لا شأن لها بالواقع، ولا علاقة لها بلغة العصر، والثاني الإصرار على استعارة التجديد من الغرب، خاصة في ما يتعلق بالترجمة، وهذا ما نتجت عنه مواجهة المسلمين لمأزقين الأول، أزمات داخلية تمر بها المنطقة العربية، والثاني نظرة الغرب للمسلمين، وهي النظرة التي سببت جرحاً كبيراً للمنطقة العربية. هذا يقودنا بالتبعية إلى ضرورة إعادة النظر في أداء المؤسسات الدينية التقليدية، ثم إعادة النظر في عملية تغيير المفاهيم التي قامت بها الحركات الإسلامية التي تمسكت باللغة القديمة، وجماعات الإسلام السياسي وغيرها، وهذا يحتم بالضرورة أن تشارك في هذه العملية الثقيلة الأحزاب السياسية، وتقود مهمة بالغة الخطورة، ولديها إرادة قوية في تحديث الخطاب الديني من داخل اللغة العربية التقليدية، وبعيداً عن الغرب ومصطلحاته، كما أن التجديد في الفكر الديني ما زال يحتاج للكثير من الكلام الوافر، ليتماشى مع طبيعة العصر الذي نعيشه، حتى لا نفرز لغة جامدة لا يفهمها أحد. كما أن مشكلة الخطاب الديني الحالي لدى البعض تتجلي في العنف والعصبية، وتتضمن خطاباً أصولياً مختصراً، لا يراعي الواقع الذي نحياه، وكلنا يعلم أن هناك جماعات دينية تتباهى وتتفاخر بخطاب ديني يتميز بمبدأ المفاخرة الشعورية، ويعدد كثرة الأتباع والمريدين، وهذه طريقة لا تدعو إلى التفاهم مع آخر، وتخلق نوعاً من الازدواجية ولا يمكن أن تجمع بين الشعوب، وتدعو إلى صدام. والتجديد في الخطاب الديني يقتضي الخروج من دائرة الرتابة وتثقيف العاملين في مجال الدعوة، بضرورة تحديث الخطاب، ليكون متناسبا مع طبيعة التحديات المعاصرة داخلياً وخارجياً، خاصة أن الخطاب الحالي يواجه مأزقا حقيقيا في التعامل مع الغرب، من حيث طبيعته، ولا بد من إيجاد خطاب إسلامي واضح ومميز يجيد التعامل مع العقلية الغربية بعيداً عن أسلوب النمطية والوعظ المباشر، كما هو حالياً في مجتمعنا العربي والإسلامي».

الإصلاح الاقتصادي

وإلى «الأهرام» وإشادة أحمد صابرين بما حققته الحكومة من نجاحات اقتصادية قال عنها: «تجربة مصر في التحول من حافة الهاوية تحت حكم الإخوان إلى ثالث أفضل نمو اقتصادي في العالم، لا شك تستحق التأمل والتعلم من دروسها، خاصة أنها تمت بقبول مجتمعي نادر، حيث تواجه تجارب الإصلاح بمعظم الدول حتى الأوروبية مثل فرنسا، بمظاهرات الرفض. ومن أهم اسباب التأييد المجتمعي للإصلاحات المصرية، أنها اعتمدت على مصارحة المواطنين بالمشكلات، والحاجة لإجراءات صعبة لمواجهتها، وتبني حزمة من السياسات الاجتماعية، لدعم الشرائح الأولى بالرعاية وتخفيف الآثار السلبية للإصلاح، إلى جانب تنفيذ مشروعات قومية عديدة امتصت جانبا كبيرا من البطالة».

«واخد على خاطره»

وهذا كلام لم يقنع الكاتب الساخر عبد القادر محمد علي في «الأخبار» فقال: «محدود الدخل واخد على خاطره من خبراء الاقتصاد، الذين أكدوا ألف مرة أن تراجع الدولار أمام الجنيه سيؤدي حتماً إلى انخفاض أسعار السلع في الأسواق، وعودة الدفء إلى جيب المستهلك، وها هو الدولار يتراجع كل يوم ورغم ذلك أسعار السلع ثابتة، ومكلبشة، ولا تنزل أبدا. محدود الدخل نفسه في الجبنة الرومي».

التخطيط الكارثي

مقال عمرو الشوبكي في «المصري اليوم» تناول فيه قضية المحليات وحي مصر الجديدة يقول: «تحتاج مصر لمحليات حقيقية تقضي على الصورة السلبية التي علقت في أذهان المواطنين عنها، حتى أصبحوا يسعون لحل مشاكل أحيائهم وقراهم، ليس عبر مجلس النواب (غاب عن أي تفاعل جاد مع مشاكل حي مصر الجديدة)، إنما عبر ممثلي السلطة التنفيذية من المحافظين والوزراء، وأحيانا برسائل مباشرة إلى رئيس الجمهورية، كما جاء في مقال الدكتور عبد المنعم سعيد عن شكوى حي الزمالك. وقد أسقط الناس من حساباتهم أن هناك سلطة محلية منتخبة، لها دور في تخطيط الشوارع والأحياء وحل مشاكلها، حتى أصبح الوضع الحالي يحتاج لمراجعة حقيقية من قبل الدولة، لا تعيد المحليات بصورتها القديمة سيئة السمعة، إنما تتفاعل بشكل إيجابي مع كل المبادرات المحلية التي خرجت من أحياء مختلفة في مصر (مصر الجديدة، الزمالك، أرض اللواء، جزيرة الوراق وغيرها). والحقيقة أن مصر الجديدة كانت حديث المدينة، منذ بدأت خطة تطوير الحي العريق المرفوضة من غالبية الناس، ليس فقط لأنها شوّهت الشكل الجمالي للحي، إنما أيضا، وربما أساسا، هددت حياة الناس بتخطيط كارثي، ألغى إشارات المرور وغيب أماكن عبور المشاة الآمنة والتقاطعات، لصالح كباري وجسور حولت الحي الهادئ العريق إلى طريق سريع. والحقيقة أن دور المحليات حاضر بقوة في كل النظم السياسية، ديمقراطية أو شمولية أو تعددية مقيدة، فالنظم الثانية والثالثة تسمح للمجتمع بأن يبادر وينتقد في كل ما يتعلق بالإدارة المحلية، والسياسات العامة في الصحة والتعليم والخدمات، في ظل قيود معروفة على القضايا السياسية الكبرى الخاصة بجوهر النظام القائم. والمؤسف أن هذه صيغة غابت تقريبا عن مصر، مع غياب المحليات وتراجع المبادرات الأهلية. فما جرى مؤخرًا في بعض أحياء القاهرة، خاصة في مصر الجديدة، من تغيير جذري في طبيعتها وشكلها، وهدم جانب من تراثها وسحرها، بدون أن يأخذ رأي الناس، أمر يعكس أزمة غياب قنوات تواصل محلية آمنة وشرعية تضمن التفاعل بين السلطة المركزية وعموم المواطنين في المدن والقرى والأحياء المختلفة. وإذا كان الحكم الحالي يرى أن مصر لاتزال تواجه تهديدات وجودية بسبب الإرهاب والاستهداف الخارجي، فيفرض قيودًا على حركة الأحزاب وعلى عملية الانتقال الديمقراطى، فإن هذا لا ينفي مسؤوليته في إيجاد وسائل تفاعل شعبية حقيقية بين الدولة والجماهير، وتلك ستضمنها المحليات. حتى تشهد البلاد انتخابات محلية، على الدولة أن تتواصل مع من عارضوا مشاريعها فيما وصفته «بتطوير الأحياء»، فهؤلاء كثير منهم مؤيد، وأغلبهم لا يهتم بالقضايا السياسية الكبرى، إنما ينصب اهتمامه على مشاكله اليومية المحلية من (مياه شرب نظيفة، كهرباء، مدارس، أمن، عبور آمن، رصيف يمشي عليه، إلخ)، وهي فرصة لخلق نقاش عام حقيقي له جذور حقيقية في الواقع الاجتماعي والشعبي بدلاً من حوارات ماسخة كثيرة».

مساوئ القائمة المطلقة

عمرو هاشم ربيع في «المصري اليوم» مقاله كان عن نظام القائمة المطلقة، يقول: «هو النظام الذي يطلق عليه علميًا نظام الكتلة الحزبية، وحتى عام 2007 كان هذا النظام تعمل به حول العالم أربع دول فقط، هي الكاميرون تشاد جيبوتي سنغافورة. وقد هجرته على الأقل الآن دولة واحدة من تلك الدول الأربع هي تشاد. والقائمة المطلقة، أو الكتلة الحزبية، هي ببساطة نظام انتخابي، ضمن نظام الانتخاب الأغلبي، وفيه تقسم البلاد إلى عدد محدود من الدوائر الانتخابية، أو تصبح دائرة واحدة. وتضع القوى السياسية قوائمها الانتخابية في الدوائر المقررة، وقد ينضم لهؤلاء المستقلون. كما تضع تلك القوى قوائم احتياطية، عسى أن تلجأ لها لاحقًا حال بطلان أو إسقاط عضوية أو وفاة أحد النواب المنتخبين. وتضم القائمة الواحدة من القوائم المتقدمة للترشيح عشرات المرشحين، حسبما يقرر القانون الانتخابي، وهو ما يعمق عيب ومساوئ هذا النظام. لأن طريقة الفوز بالمقعد في تلك القائمة، وهي من واقع اسمها «المطلقة»، تشير إلى أن القائمة التي تحصل على 50٪ أو أكثر من عدد الأصوات الصحيحة، تكتسح كل مقاعد الدائرة، وتلغي بالجملة أصوات الناخبين، التي منحت للقوائم الأخرى؛ ما يشكل تزويرا لنتائج الانتخابات بالقانون، وذلك نتيجة اختطاف قائمة الأغلبية كل أصوات الناخبين التي حصلت عليها القوائم الأخرى التي حازت أقل من 50٪ من الأصوات. فعلى سبيل المثال، هب أن لدينا دولة فيها دائرة انتخابية واحدة، وأن عدد سكانها مليون ونصف مليون نسمة، وعدد ناخبيها مليون، حضر منهم 550 ألف نسمة، كانت الأصوات الصحيحة منهم 500 ألف صوت. وكان عدد القوائم المرشحة أربع قوائم هي أ ب ج د، وكانت كل قائمة تتضمن 100 مترشح. حصلت أ على 250 ألف صوت، والقائمة ب على 150 ألفا، والقائمة ج على 75 ألف صوت، والقائمة د على 25 ألف صوت. في نظام القائمة المطلقة تحصل القائمة أ التي حصلت على 50٪ من الأصوات على الـ100 مقعد المطلوبة، وبذلك تكتسح البرلمان بنسبة 100٪، لو كان هذا النظام الانتخابي هو المعمول به وحده. أما باقي القوائم فلا تحصل على شيء، حيث سلبت ونهبت القائمة أ الـ50٪ من الأصوات التي حصلت عليها ب وج ود والبالغ عددها 500 ألف صوت. أما في نظام القائمة النسبية الذي يتسم بالعدالة، والذي يمكن تفعيله بالمتواليات الهندسية لتمثيل أي عدد من الكوتات، هذا النظام يتسم بالعدالة، وتمثيل أحزاب المعارضة، بالنسب التصويتية ذاتها التي تحصل عليها. في هذا النظام نحدد ثمن المقعد بقسمة الأصوات الصحيحة (500 ألف صوت) على عدد مرشحي القائمة (100 مرشح)، فيصبح ثمن المقعد 5000 صوت. بناء على ذلك تحصل القائمة أ التي حصلت على 250 ألف صوت على 50 مقعدا فقط وليس 100 مقعد، والقوائم الأخرى التي خرجت خالية الوفاض من النظام السابق، تحصل على باقي المقاعد وعددها 50 مقعدًا. والقائمة ب التي حصدت 150 ألف صوت تحوز 30 مقعدا، والقائمة ج التي نالت 75 ألف صوت تحصل على 15 مقعدًا، والقائمة د التي حصدت 25 ألف مقعد تحصل على 5 مقاعد. من هذا المثل نكون قد أوضحنا الفرق بين نظام القائمة المطلقة، الذي يروج له البعض للعمل به في الانتخابات النيابية المقبلة بنسبة تصل إلى 75٪ من مقاعد البرلمان، والنظام النسبي المعتمد على قوائم نسبية يمثل فيها الرأي الآخر.

الصراع الأمريكي الصيني

«حالة من الطوارئ أعلنتها كافة الدول في مختلف مناطق العالم، لمواجهة فيروس «كورونا» القاتل المقبل من الصين، في ظل تداعياته الخطرة التي تصل إلى حد الوفاة، وهو كما يراه الكاتب بيشوي رمزي في «اليوم السابع» واضحا في الرقابة الشديدة التي تفرضها كافة السلطات على القادمين من بكين، من أجل التأكد من عدم إصابتهم بالمرض، حتى يمكن تجنب تفشيه بين المواطنين، ما يعطي انطباعا صريحا بخطورة الأمر، ليصعد إلى مرتبة التهديد الدولي.
ولكن بعيدا عن التداعيات الصحية الخطيرة من تفشي المرض، يبقى هناك العديد من الأبعاد الأخرى، التي لا يمكن غض البصر عنها، خاصة إذا ما نظرنا إلى توقيت انتشاره، الذي يتزامن مع توقيع المرحلة الأولى من الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بشأن خلافاتهما، التي طفت على السطح، منذ صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة البيت الأبيض قبل 3 أعوام، على اعتبار أن اختلال الميزان التجاري بين البلدين، من وجهة النظر الأمريكية يرجع في الأساس إلى تلاعب صيني، سواء بعملتها، أو عبر تقديم منتجات مصنوعة بمواد أقل جودة من نظيرتها الأمريكية، وبالتالي يمكن بيعها بأسعار أرخص، وإغراق السوق الأمريكية على حساب المنتج الأمريكي. وهنا يمكننا القول بأن انتشار الفيروس الخطير في الصين، يعد بمثابة مرحلة حاسمة في الصراع الأمريكي الصيني، حيث إنه يقدم نقاطا إضافية لواشنطن في صراعها التجاري مع بكين، من خلال مزيد من الإجراءات الأمريكية المتوقعة، تجاه كل ما هو قادم من الصين، سواء من الأشخاص أو المنتجات، بذريعة المخاوف من تفشي المرض بين المواطنين الأمريكيين، وبالتالي التنصل من التزامات واشنطن، رغم التوصل إلى اتفاق مبدئي، يفتح الباب أمام جولة جديدة من المفاوضات بين الجانبين. ولعل الحديث عن الجولة الجديدة من المفاوضات بين واشنطن وبكين، يمثل مخاوف كبيرة للعديد من المتابعين، في ظل توقعات كبيرة تدور في معظمها حول صعوبتها، نظرا لكثرة القضايا الخلافية، خاصة في ما يتعلق بمسألة القيمة الحقيقية للعملة الصينية (اليوان)، حيث إن الولايات المتحدة تتهم الحكومة الصينية بالتلاعب في قيمة عملتها، والاحتفاظ بها في قيمة أقل من قيمتها الحقيقية، ما يمكنها من غزو الأسواق العالمية، وفي القلب منها السوق الأمريكي، وبالتالي يبقي الفيروس القاتل فرصة أمريكية لفرض مزيد من الضغوط خلال التفاوض مع المسؤولين الصينـــيين، لإجبارهم على تقديم المزيد من التنازلات. وبعيدا عن الخلافات المباشرة بين واشنطن والصين، يمثل انتشار كورونا فرصــــة جيدة للولايات المتحدة، لاستعادة قدر كبير من مكانتها الاقتصادية، باعتبارها القوة المهيمنة على العالم، بعدما تمكنت بكين من زعزعة العرش الاقتصادي الأمريكي لسنوات طويلة، في ظل ما قد تؤدي إليه الأزمة الحالية من تراجع في النمو الاقتصادي الصيني، في الوقــت الذي تحقق فيه واشنطن نموا اقتصاديا ملموسا منذ بداية عهد ترامب، وهو ما يرجع في جزء منه إلى تشجيع المنتجات الأمريكية، عبر فرض إجراءات حمائية على الواردات المقبلة من الخارج، سواء من الدول الحليفة، وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي، أو اليابان، أو كوريا الجنوبية، أو الخصوم، وفي مقدمتهم الصين. يبدو أن أزمة انتشار «كورونا» تحمل في طياتها منحة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليحقق المزيد من المكاسب، التي يمكنه من خلالها الترويج لانتصار جديد، يكمن في نجاحه في استعادة القوة الأمريكية وهيمنتها سياسيا واقتصاديا، أمام المواطن الأمريكي، ليعلن، قبل انطلاق الانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أنه وعد «بجعل أمريكا عظيمة مجددا»، فوفى في نهاية المطاف على كل المستويات».

أخلاقيات الريف تتغير

وأخيرا إلى حالة الحزن التي أصابت السيد البابلي في «الجمهورية» بعد أن زار قريته وعاد منها ليكتب: «ذهبت إلى القرية فلم أجد أحدا في الحقول، وسألت وتساءلت أين ذهب من كانوا يزرعونها؟ ومن كانت حياتهم كلها فيها؟ ومن يرعى الأرض الآن؟ وأين الشباب وماذا يفعلون؟ ولم تستمر تساؤلاتي طويلا فالارض تتحول لملاعب كرة قدم يتم تأجيرها وتدر عائدا مجزيا والشباب في الملاعب في دورات كروية متصلة، ومن لا يلعب يجلس على المقهى لمتابعة الدوريات الأوروبية، ومن لا يجد مكانا في المقهى يجلس على قارعة الطريق ليرصد هذا ويتحرش بذلك ويتبادل النميمة حول آخر، والريف يتغير وقيم وأخلاقيات الريف تتغير أيضا ولم يعد غريبا أن تتزايد نوعيات جديدة من الجرائم التي لم تكن معروفة أو سائدة، ولم تعد الحوادث الغريبة فردية أو شاذة، وهناك فراغ هائل بين الشباب ولا يوجد من يملأ هذا الفراغ ومن يستفيد من طاقات هذا الشباب وهذه هي المشكلة».

الجنسية الأمريكية

أما المشكلة الثانية وبها سننهي تقرير اليوم فقد اثارها في «الوفد» محمد زكي، الذي عبّر عن شماتته في المصريين الذين يرسلون زوجاتهم لأمريكا للوضع فيها لضمان حصول أبنائهم على جنسيتها، وضرب أمثلة عديدة لذلك وقال عن قرار ترامب منع دخول الأجنبيات الحوامل لأمريكا، أو منح الجنسية لأبنائهن إذا ولدوا فيها: «الولادة في أمريكا والحصول على الجنسية أصبحت أحد الأفكار المُسيطرة على الأثرياء والمشاهير في مصر والعالم، كأحد الخُطط لتأمين حياة أطفالهم المستقبلية. ولن أكون مُبالغًا إذا قُلت إن نشاط حركة «سياحة ولادة البيبي» في أمريكا التي تقوم بها زوجات الفنانين والمشاهير، وزوجات الأثرياء، ظاهرة طغت على أحاديث رواد السوشيال ميديا، حيث تقوم النساء الحوامل بالسفر إلى الولايات المتحدة بدون الإفصاح مباشرة عن رغبتهن في الولادة هناك، خشية رفض طلبهن ذلك من أجل الحصول على الجنسية «الأمريكية» لأطفالهم، حيث ينص الدستور الأمريكي على منح الأطفال المولودين على أراضي الولايات المتحدة الأمريكية الجنسية تلقائيا، ليتمتع بكافة حقوق وامتيازات المواطن الأمريكي. ولو تتبعنا دفاتر مواليد «ببيهات» زوجات الفنانين والمشاهير في مصر المتجنسين بالجنسية الأمريكية في السنوات الأخيرة، نكتشف وضع مصممة الأزياء المغربية بسمة بوسيل زوجة المطرب تامر حسني مولودهما الثالث «آدم». وكذلك سليم ابن النجمين أحمد حلمي وزوجته منى زكي، وعز الدين وزين الدين توأم الفنانة زينة من الفنان أحمد عز، وخديجة حفيدة الفنانة غادة عبد الرزاق، وأيضًا نجل الفنانة بسمة والسياسي عمرو حمزاوي و«لي لى» ابنة الفنانة مي سليم، وابنة الفنانة آيتين عامر، وطيبة ابنة الفنانة روبي وابنة الفنان ماجد المصري، وآسر نجل الفنانة لقاء الخميسي وزوجها لاعب الكرة محمد عبد المنصف وهلم جرا. ولكن مع تزايد مُعدلات السفر لولادة «البيبي» في أمريكا زاد القلق والامتعاض لدى السلطات الأمريكية ومسؤوليها بشأن «سياحة الولادة» حيث كشف الرئيس الأمريكي ترامب منذ شهور، اعتزامه توقيع أمر تنفيذي لإنهاء حق الحصول على الجنسية الأمريكية لأطفال ولدوا في الولايات المتحدة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية