ضغوطات متتالية تهوي بالجنيه السوداني

حجم الخط
0

الخرطوم: تفاقمت مشكلات الاقتصاد السوداني ووصلت إلى مرحلة جديدة، عقب الهبوط الكبير الذي سجله الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار الأمريكي.

ويواجه السودان مشكلات مزمنة في اقتصاده، تتمثل في شح موارده من النقد الأجنبي التي تتسبب بدورها في أزمات معيشية في مقدمتها ندرة في وجود القمح والطحين والأدوية.

وأزمة النقد الأجنبي ليست بالجديدة على أسواق السودان، إذ بدأت عقب انفصال جنوب السودان في 2011 وفقدان ثلاثة أرباع موارده النفطية التي تمثل 80 في المئة من موارد النقد الأجنبي و50 في المئة من إيرادات الخزينة العامة.

ومنتصف يناير/ كانون ثاني الماضي، سجل الدولار هبوطا قياسيا أمام الدولار بعد أن وصل سعر بيعه في الأسواق غير الرسمية (الموازية) إلى 100 جنيه في مستوى غير مسبوق.

إلا أن التداولات بعد ذلك، عكست تحسناً طفيفا حيث تراجعت أسعار صرف الجنيه السوداني أمام الدولار إلى 95 جنيها مقابل الدولار، فيما تمسك البنك المركزي السوداني بسعره 45 جنيها.

وعاود الدولار الإثنين، ارتفاعه مرة أخرى إلى حاجز 100 جنيه بعد أيام قليلة من تراجعه.

وقال تجار عملة وسط العاصمة السودانية، الخرطوم، إن “حالة من الطلب العالي على الدولار من جهات غير معروفة تقوم بشراء كميات كبيرة”.

وكشف تاجر عملة فضل عدم ذكر اسمه، أن الحملات المكثفة من الجهات الأمنية للقبض على تجار العملة المنتشرين وسط العاصمة، بعد الارتفاع غير المسبوق لسعر الصرف، ساهمت في تراجع الأسعار بصورة طفيفة.

وأوضح أن هذه الحملات ساهمت في تراجع أسعار الدولار إلى حاجز 95.5 جنيها في الأيام السابقة، إلا أنها عاودت الارتفاع بعد توقف الحملات.

وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في لقاء تلفزيوني، إن بلاده ليست لديها احتياطيات من النقد الأجنبي لحماية قيمة الجنيه وإنه يوجد “خلل هيكلي”.

وبرر عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير، عادل خلف الله، ارتفاع أسعار صرف الجنيه السوداني أمام الدولار، بالمخلفات التي تسبب فيها نظام الرئيس المخلوع عمر البشير.

وأوضح أن سياسة التحرير الاقتصادي التي انتهجتها حكومة المؤتمر الوطني في تسعينيات القرن الماضي، ساهمت في تدمير القطاعات الإنتاجية، بما ساهم في التعامل مع الدولار كسلعة.

وأشار خلف الله، إلى أن أسبابا سياسية ساهمت في تدهور قيمة الجنيه السوداني، في إشارة لما حدث بالعاصمة السودانية، الشهر الماضي، من تمرد لهيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات السودانية، على إثر التأخر في استلام مستحقاتهم.

والشهر الماضي، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم أحداث عنف على خلفية احتجاج هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات بالعاصمة، لعدم تسلّم عدد منهم حقوق نهاية الخدمة كاملة.

وأكد خلف الله أن هذه الأحداث جعلت الناس يلجأون إلى تحويل الكتلة النقدية من العملة المحلية، الأمر الذي زاد من ارتفاع مستوى المضاربة في الأسواق الموازية.

فيما يرى الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي، أن أسباب عدم استقرار سعر العملة المحلية أمام العملات الأخرى، يعود إلى ضعف الإنتاج والإنتاجية، ما يتسبب في انحسار قيمة الصادرات السودانية باعتبارها المورد الأول للنقد الأجنبي.

وكشف فتحي أن قيمة الصادرات حتى سبتمبر/ أيلول 2019 لم تتجاوز 2.450 مليار دولار فيما قفزت الواردات إلى 6.220 مليارات دولار، ليصل عجز الميزان التجاري إلى 3.770 مليارات دولار.

وأشار إلى أن الواردات تتمتع بعدم مرونة، بما ينعكس سلبا على سعر الصرف لاسيما وأن أغلب الواردات من السلع الأساسية.

ونوه إلى وجود سبب آخر لارتفاع أسعار الدولار، يتمثل في عدم استقرار السياسة النقدية للمركزي السوداني، وتغيرها في العام عدة مرات، إضافة إلى عدم اهتمام موازنة العام الحالي بزيادة الإنتاج.

وأجازت الحكومة الانتقالية، الشهر الماضي، موازنة العام الجاري بحجم عجز كلي من الموازنة سيبلغ 73 مليار جنيه سوداني (حوالي 1.62 مليار دولار)، فيما يتوقع أن تبلغ الإيرادات 568.3 مليار جنية سوداني (حوالي 12.63 مليار دولار).

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية