«السقوط إلى القمة» يا ماجدة!

حجم الخط
27

من جديد، حزنت لرحيل مشروع صداقة حميمة لم يترك الزمن المجال لها لتنضج، ومرت الأيام.. بسرعة قط هارب. أتحدث عن حزني لرحيل النجمة المصرية الكبيرة ماجدة (الصباحي)… وأتقدم بالتعازي لابنتها غادة وللشعب المصري الحبيب.

كان ياما كان..

منذ عقود، كنت قد عدت من لندن وأنا أحلم بالاستقرار في بيروت، وكان نزار قباني قد عاد من إسبانيا يحمل الحلم ذاته، بل إنه بدأ بتأسيس دار للنشر في بيروت تحمل اسمه، وقلت له إنني أنجزت قبل عودتي إلى بيروت روايتي الأولى بعنوان «السقوط إلى القمة». اجتذبه العنوان، ولأنه عاشر كتاباتي منذ السطر الأول، قال إنه سينشرها عن منشوراته إلى جانب ديوان جديد له أذكر أن عنوانه كان (يوميات امرأة لا مبالية) وقام بنشر إعلان في «مجلة الآداب» على صفحة كاملة حول ذلك.
فاطمة السردوك، رائدة الصحافة النسائية في لبنان (مجلة شهرزاد)، قرأت الإعلان وأخبرت صديقتها النجمة ماجدة حول روايتي، وتحمست ماجدة مبدئياً لتحويل الرواية إلى فيلم، فقد كانت ممثلة ومنتجة، وهكذا التقينا.

اجتذبها عنوان الرواية!

وعرفتني فاطمة على النجمة السينمائية الكبيرة ماجدة، التي قالت إنها سمعت بروايتي «السقوط إلى القمة» من أخبار في الصحف بعدما أعلن نزار قباني أنه سيقوم بنشرها. وطلبت مني الاطلاع عليها، لأن العنوان اجتذبها وتفكر في تحويلها إلى فيلم سينمائي يحمل العنوان ذاته، وتقوم بتمثيلها.
لفتني في ماجدة أنها كانت تتصرف ببساطة دونما «ألاعيب النجومية» في ملبسها وزينة وجهها وحديثها. وشعرت بالمودة تتدفق بيننا.

السقوط إلى القمة.. سقطت في الضياع!

الفنانة ماجدة التقيتها مرات في بيروت، وفي إحدى الجلسات طلبت مني أن ألخص لها روايتي التي اجتذبها عنوانها.
قلت لها إن أي رواية لا يمكن تلخيصها، وإلا لما كتبتها! لكنني رويت لها بعض الأحداث وكيف أن صعود بعض الناس إلى قمة النجاح يعني أحياناً سقوطهم إنسانياً سراً.
وازدادت ماجدة حماسة، وقالت إنها ستتبنى الرواية سينمائياً، بل وتقوم بتكاليف الإنتاج. ونُشر الخبر في الصحف عن نيتها تحويل روايتي إلى فيلم من تمثيلها.
وكان عليّ إحضار الرواية لنزار الذي أعلن عن نشرها كباكورة، كما وأعلنت ماجدة عن نيتها تحويلها إلى فيلم. وطرت إلى لندن لإحضار الرواية حيث تركتها في عهدة أخي المقيم هناك يومئذ، فقد كنت أتدفق كتابة، وكان ما يسعدني هو أن أكتب، أما النشر فيأتي في الدرجة الثانية من الأهمية عندي. ولكنني لم أستطع العودة بالرواية إلى بيروت لنزار وماجدة، ولي أولاً (!) لأن الرواية سرقت مني في أحد المطارات في طريق العودة بها إلى بيروت.

خيبة السارق وخيبتي أيضاً!

كنت شابة صغيرة غير حذرة، ومررت بباريس وزيوريخ قبل العودة إلى بيروت، ونمت على مقعد في «المنطقة الحرة» في أحد المطارات؛ لأنهم أعلنوا عن تأخر إقلاع طائرتي. وحين استيقظت لم أجد الحقيبة. وأستطيع أن أتخيل خيبة أمل السارق حين وجد فيما بعد، أن الحقيبة مليئة بأوراق مكتوبة بلغة يجهلها على الأرجح، لا بالنقود كما كان يأمل.. وبخيبة أملي لأنني يومها خسرت فرصة رائعة لنشر الرواية وتحويلها إلى فيلم تمثله النجمة الكبيرة ماجدة.

أشهر رواية عربية غير منشورة!

جاذبية العنوان دفعت بالعديد من الشعراء والأدباء إلى استيحائه.. وهكذا قرأنا عناوين مثل «السقوط إلى أعلى».. و«الصعود إلى الهاوية» وعناوين أخرى استوحت عنواني وفعلت ما أفعله دائماً مع الخيبات: أتعلم درساً! ولم أعد بعدها أعلن عن إصدار كتاب أو عنوانه إلا بعد صدوره!
لكن خبر رحيل الرائعة ماجدة ذكرني بكل ما تقدم.. وذكرني بأن عليّ التواصل باستمرار مع الذين أحبهم وأقدرهم كي لا أندم بعد أن يختطفهم الموت.

ماجدة.. صاحبة شركة الإنتاج السينمائي

في سنوات شبابها، عبرت ماجدة عن قدرة الإنسانة العربية على إتقان مختلف العطاءات، كالتمثيل والإنتاج…
وهو ما قلته لفاطمة السردوك في جلسة لنا على شاطئ البحر البيروتي، وأضفت: صار في رصيدي أكثر من رواية منشورة، ما رأيك في أن نتصل بالنجمة ماجدة، فقد تنتج واحدة منها وربما تمثلها؟
قالت لي فاطمة: ماجدة اعتزلت التمثيل والإنتاج!
أحزنني أن الفنانة العربية تعتزل حين تغادر مرحلة الشباب، وماجدة اشتهرت بدور المراهقة الجميلة الصغيرة.
ولكن ماذا في أن تمثل دور الأم، بل والجدة أيضاً، وتتابع عملها في شركتها للإنتاج أياً كانت سنها ما دامت قادرة على العمل؟

المرأة العربية ورهاب الكهولة

لسبب ما، تعتزل معظم الممثلات العربيات حين يبلغن سن التقاعد، ولكن الحياة لا تتوقف مع مرحلة الصبا ومطلع الشباب. وكنت أحب أن أرى الكثير من الممثلات العربيات يقمن بأدوار تناسب أعمارهن، وهو ما نراه لدى الممثل الذكر أكثر من النساء؟
ولعل مجتمعنا يضع المرأة تحت المجهر، لا الرجل. كأنّ تقدم الرجل في السن أمر عادي، ولكنه كارثة (طبيعية) للجميلات!

في المقهى الباريسي.. هل هن جميلات؟!

قلت بسرور لرفاق المقهى من العرب المخضرمين: وهكذا تشكلت الوزارة اللبنانية برئاسة حسان دياب، وتضم 6 نساء. لم يسألني أحد عن كفاءاتهن، بل سألني بعفوية: هل هن جميلات؟
قلت له: ما علاقة شكلهن الخارجي بنجاحهن المهني؟
ضحك رفاق المقهى ولم أضحك. أعتقد أنه حان الوقت للمرأة العربية لتتمرد على حكاية جمالها، وبالتالي اعتزالها حين تبلغ سناً معينة.. وعليها أن تردد باستمرار عنوان قصة لي: الحياة بدأت للتو!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    حين يفقد أديب ما روايته المكتوبة, فإن الرواية تبقى محفوظة بالذهن! وقد يكتبها الأديب من جديد أفضل من نسختها المفقودة!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    والله يا أستاذة أقول لك من خلال خبرتي بالنساء بأن الجمال هو الأهم للمرأة! أما بالنسبة للرجال فإن المال هو الأهم!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    تجربة: لو دخل رجل وزوجته لدكان ملابس فإن النظرة الأولى للمرأة تذهب لجمال الملبوس! أما نظرة الرجل فتذهب لسعر هذا الملبوس!! ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول أسامة كليّة:

      للأسف تجربتك عفى عليها الزمن، عندما نذهب انا وزوجتي الى السوق وتشتري زوجتي الملابس التي تريدها اقول لها الف مبروك فترد طبعاً انا من سيدفع الثمن ولكن شكراً للطفك ودعمك بازوجي! والقصة ان زوجتي لديها عمل جيد وليست بحاجة لي ولهذا لايهمني الاسعار بل أشارك زوجتي فقط بالاختيار! نحن في عصر آخر ياأخي الكروي!

  4. يقول المغربي-المغرب.:

    كانت السيدة ماجدة رحمها الله من المجسدات لمرحلة جميلة في السينما والسياسة العربية رغم أن المرحلة برمتها لم تخرج عن نطاق التجربة المجهضة بفعل تمكن الانفصاليين وأدوات الإستعمار من تمييع الالتزام بقضايا الأمة. ..؛ ومن تجليات ذلك التجسيد إنتاجها وقيامها ببطولة فيلم جميلة بوحيرد أيقونة النضال ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر. ..ومن خلال مشاهدتنا للفيلم كنا نلمس حرارة غير معهودة في الأداء تتجاوز ما نعرفه في الأداء السينمائي عادة. ..مما عكس تقمصا كبيرا المرحومة ماجدة. ..لشخصية المناضلة جميلة أطال الله عمرها. وشكرا …

  5. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

    طاب يومكم لك أختي غادة السمان والجميع. سرقة روايتك أعادت إلى قصة سرقة حاسوبي الشخصي قبل ثلاث سنوات. لقد علمتني درساً قاسياً حيث أنه سرق عندما كنت في مكتبة الجامعة وغالبية الناس وخاصة الطلاب يعتقدون أن المكتبة يسود فيها مستوى أغلى من هذا بكثير.
    الفنانة ماجدة رحمها الله, للأسف مازالت الصورة النمطية عن المرأة سائدة بشدة. وقد خطر إل ذهني سؤال هل عندما يقرأ الناس قصص غادة السمان يهتمون بجمالها أم بروعة وجمال عقلها وذهنها وشخصيتها!.
    وتابع ذهني تمرده على الواقع وسألني لنفرض أن يوجد مبدع لكن رجلاً ” ليس فحلاً” هكذا فقط بالمفهوم النمطي السائد, هل سيرفض الناس إبداعة بدعوى أن ليس رجل كامل الأوصاف. أنا أعرف أن جمال المرأة مهم لكن الصور النمطية عموما وعن المرأة بشكل خاص تحتاج إلى تغيير شامل.
    بالمناسبة صغيرتي سينا استلمت اليوم تقدير النصف سنوي (الصف الأول) لتعليم اللغة العربية والقرآن من مدرسة الجامع, وكم أسعدني أنها متفوقة. مع خالص محبتي وتحياتي للجميع.

  6. يقول جواد رامي - سوريا:

    الحقيقة أن السيدات يؤثر على نفسيتهن موضوع الشكل والهرم والسبب نحن الرجال الذين ننأى عن المرأة إذا هرمت او فقدت جمالها نحن لنا دور سلبي ويجب أن نعترف حتى في اختياراتنا تتأثر بالاجمل بين الشابات دون انتباه منا ! سامحنا الله نحن السبب

  7. يقول زياد سمودي_المانيا:

    ذكريات جميلة جدا اخت غادة، كل الاحترام والمحبة، اتذكر وانا صغير في قريتي بفلسطين اننا كنا في الاعيادا نشتري علكة وبها صور للمثلين والممثلات المصريين والذين كانوا بل اصبحوا آيدول ومثال بالنسبة لنا. في الوقت الحاضر لم اترك فلما عربيا اسود وابيض إلا وحضرته. نعم العقل والتعلم هو المهم وليس الجمال، بالنسبة للشباب اقول ان مغنيا في المانيا غنى: مع 66 سنة تبأ الحياة.

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      زادك الله شباباً يا عزيزي زياد! كما زادك بالعديد من الزوجات الشابات!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  8. يقول mariamtomia:

    و كالعادة اتلهف دوما لقراءة مقالاتك و لكن بالنسبة لمقال اليوم اردت سؤالك بخصوص شي لطالما اردت معرفته ،، هل لازالت رواية السقوط للقمة مشروع قائم و ان اتممتها متى سيتم نشرها و شكرا

  9. يقول Yazeed.net:

    القصص المنسية و التفاصيل التي لا نعلم عنها شيئًا تثير شهية القارئ ، أتمنى ان يصدر لك كتاب به الكثير من الذكريات الغير محكية بعد،عن ازمنة نحبها ، نود معرفة أشخاصها من جديد ، و من خلال قلم أديبة تملك عين مختلفة و أسلوب مميز و تاريخ انساني ملئ بالصدق و البوح.

  10. يقول لمياء صلاح الدين:

    استاذة غادة السمان كم احب القراءه لحضرتك والاستمتاع بكل كتاباتك الرائعة بارك الله فيك انت موسوعة نبحر معك فى ذكريات وازمنة جميلة ومراحلة تاريخية

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية