بيروت – «القدس العربي»: لم تسمح الإنتفاضة في لبنان بعرض فيلم «يربوا بعزكن» الذي كان مقرراً في نهايات تشرين الأول/ أكتوبر/ تشرين الأول 2019. ضُرب موعد جديد في 26 الشهر الجاري وفي المناطق والصالات اللبنانية كافة. وإن أسعفت الظروف المحلية على المستويات الصحية والسياسية بأن يرتاد المواطنون صالات السينما فـ«يربوا بعزكن» سيحقق نتائج جيدة جداً، لأنه يجمع كل مقومات الجذب، بل هو متعة للبصر والأذن معاً. فيلم لبناني لا يقع في خانة أفلام المؤلف، بل في خانة الفيلم الشعبي التجاري، تمكن من خلال نصه المشغول كلمة بكلمة وفريق الممثلين والإخراج من أن يحصد الثناء والتصفيق.
«يربوا بعزكن» يبدو من المشاهد الأولى كأنه حيال اشكاليات الطبابة والإستشفاء في لبنان، وكيفية تعامل المؤسسات الصحية وهي في غالبيتها الساحقة خاصة، مع فقراء الحال ومع الأغنياء. وفي السياق يعرّج ودون حشو أو افتعال على عناوين لبنانية خاصة اجتماعية وانسانية. والأهم أنه فيلم مشرق الصورة والموقف، لا يترك معضلة دون حل. قد يصح التساؤل لماذا وجدت كل تلك الحلول خلال زمن الفيلم القصير؟ ويصح أن يكون الجواب بكل بساطة «العمر سكرة عاطفة.. وغمرة زنود» كما غنى وديع الصافي في «كرمال قلبي».
في أروقة احدى المؤسسات الطبية من فئة الخمسة نجوم وما فوق تدور الغالبية الساحقة من المشاهد. وفيها تمّ اللقاء وجهاً لوجه بين عائلة تمثل اللبنانيين «الطالعين من تيابن»، كما يقول المثل، والواقفين على رؤوس الأصابع خشية من آخرين لا يشبهوهم ثراء وشكلاً ونطقاً. وعائلة أخرى قادمة من الريف وحياة الضيعة، ولم يخترقها تعديل على اللهجة أو السلوك وبطبيعة الحال الشكل. إنها التناقضات اللبنانية تجتمع وجهاً لوجه وإلى جانبها رأس المال الذي قرر الإستثمار في الطب. تلك التناقضات تجلت بأبهى العبارات الخاصة بكل حالة. ويتنامى حضورها وتأثيرها على المتلقي من خلال اتقان الممثلين لأدوارهم.
«يربوا بعزكن» فيلم كوميدي يتواصل وفق نسق درامي متماسك، ويختزن الكثير من التشويق انتظاراً للمشهد التالي. وإن كانت التنقاضات اللبنانية هي الركيزة الأساس التي يعالجها «يربوا بعزكن»، إنما حمل كماً من الرسائل في السياق، منها التميز بين البنت والولد، والدور المرسوم سلفاً لها وله. الزواج المختلط. الإلتفاف العائلي وغيرها من العناوين. وفي كافة تلك المواقف لم يجامل النص ولم يوارب بل قال الأمور بواقعيتها ودون أي تشذيب. إنها ساعة ونصف الساعة من الزمن يمضيها المشاهد مع فيلم تغلب عليه المواقف الضاحكة، وكذلك التشويق. ولا بد من ذكر الجملة التي قالها مسعد لتوأميه وهما بعد في يومهما الأول «بدي ياكن زلم! ..زلم! بينحسبلكن حساب!!
أدوار البطولة في «يربوا بعزكن» كانت لغبريال يمين، وشادي حداد، وباميلا الكك، ورولا بقسماطي، وعمار شلق ورامي عطالله. وشارك في التمثيل تقلا شمعون، ووفاء طربيه ونقولا دانيال وآخرين، وكل منهم لبسته شخصيته بالتمام والكمال. قصة الفيلم لإزيك فهد، وكتبه وصاغه مع دوريس سابا. في الإنتاج تعاون بين إيزك فهد، وسام لحود، وفارس ناصيف، وشركة «أي في الوطنية». ووقع الإخراج دايفيد اوريان.
لم أعد متحمس في الأسابيع الأخيرة للذهاب لدور السينما لمشاهدة الأفلام الجديدة مهما كانت قيمتها الفنية بسبب ظهور داء كورونا المستجد وتخوفي من أماكن التجمعات في القاعات المغلقة ولا حول ولاقوة إلا بالله.