بيروت – «القدس العربي»: عاش لبنان أمس الخميس حالة طوارئ مدنية غير معلنة إذ غابت زحمة السير على الطرقات الرئيسية والتزم الكثير من اللبنانيين منازلهم خوفاً من انتشار فيروس كورونا.وبدت الحركة في المجمعات التجارية الكبرى خفيفة قبل أن يعلن مجمّع ABC إقفال كل فروعه، في وقت استمر إقفال المدارس والجامعات والمطاعم وكازينو لبنان والملاهي الليليلة والحدائق ، وتجنّب كثيرون المصافحة باليد والتقبيل ، وإعتكف البعض عن المشاركة في المآتم وفي حال المشاركة تتم التعازي بالمشالحة.
وتجاوب كثر مع دعوة السلطة الرابعة الى ملازمة المنازل بعد إطلاق قناتي «الجديد» و LBCI حملة «خلّيك بالبيت» التي جاءت استكمالاً لحملة MTV لاعلان حالة الطوارئ نتيجة تقاعس الدولة عن إتخاذ الاجراءات الصارمة الضرورية والتأخر في وقف الرحلات الجوية من والى الدول الموبوءة وفي طليعتها ايران التي وصلت منها طائرة ليل الاربعاء. وإزاء هذه الحملة طالب أحد وزراء حزب الله عماد حب الله في مجلس الوزراء بمقاطعة محطة MTV بحسب ما أوردت القناة التي قالت «كنا ننتظر من الوزير وقد بلغنا العام 2020 ، أن يفهم أن زمن المقاطعة وقطع الارسال قد ولّى ، أم أنه من مدرسة سياسية ترفض النقاش وسماع صوت العقل وتفضّل القطع والمقاطعة و…القطيع». ويأتي موقف وزير حزب الله في سياق عدد من المواقف التي تعبّر عن مواجهة بين السلطة التنفيذية والسلطة الرابعة بعد الخطوات التي اتخذها بعض وسائل الاعلام غير الدائرة في فلك السلطة وانتقاداتها المتكررة لأداء الدولة وعدم تعاطيها بجدية مع مخاطر الكورونا.
إشكال المطار؟
وكان لبنان سجّل حالة وفاة ثالثة في مستشفى سيدة المعونات في جبيل لشخص أصيب بالعدوى ومناعته ضعيفة لإصابته بالسرطان.وزادت التعليقات المندّدة بالسماح لطائرة ايرانية بالهبوط في مطار بيروت، وتردّد على مواقع التواصل الاجتماعي أن عناصر من حزب الله دخلت إلى أرض المطار بهدف نقل مسؤولين إيرانيين للمعالجة في أحد مستشفيات الضاحية الجنوبية من دون أن يتم التأكد من هذه الروايات نظراً للتعتيم الذي يفرضه الحزب. وأفيد أن إشكالاً وقع بين أحد ضباط جهاز أمن المطار والعناصر الحزبية فما كان من الجهاز إلا نقله من مركزه تأديباً.
غير أن جهاز أمن المطار أصدر بياناً ينفي فيه هذه الواقعة، وجاء في البيان «تتداول بعض صفحات وسائل التواصل الإجتماعي، أخباراً مغلوطة تزعم أنها تحصل في مطار رفيق الحريري الدولي بيروت، وتتحدث عن دخول مواكب حزبية الى حرم المطار وساحة الطائرات وآخرها عن مواكبة الطائرة الإيرانية التي هبطت ليل 11/3/2020، لإخراج ونقل الركاب من دون إتخاذ أي إجراءات وقائية صحية لهم، ومن دون المرور بنقطة الأمن العام وعن حصول إشكال مع أحد الضباط ما أدى الى تشكيله خارح جهاز أمن المطار، يهمّ قيادة جهاز أمن المطار أن توضح ما يلي: 1- ان كل الأخبار المتداولة عارية من الصحة، اذ لم تدخل الى ساحة الطائرات في مطار رفيق الحريري الدولي أي مواكب حزبية ولم تتم مواكبة أي طائرة على ارض المطار من قبل أحد، وتم توزيع فيديو يوضح إجراءات الكشف الطبية التي أجريت على الركاب لحظة وصولها.
2- إن الصور المتداولة عن وجود موكب في المطار تعود الى زيارة وزير الزراعة عباس مرتضى بتاريخ 11/3/2020 وتحديداً الى مكتب الحجر الصحي الزراعي في المطار للكشف عليه والتأكد من جهوزيته.
3- لم يحصل اي إشكال مع أحد الضباط ولم يتم تشكيل أي ضابط من جهاز أمن المطار الى خارجه. وعليه، تهيب قيادة جهاز أمن المطار بالمواطنين عدم التأثر بالأخبار المفبركة ذات الخلفية السياسية والتدقيق بها، قبل نشرها لان التداول بهذا الأسلوب يضر بمصلحة لبنان ويسيء الى سمعة المطار «. وكانت الوزيرة السابقة عن القوات اللبنانية مي شدياق سألت في تغريدة على حسابها عبر «تويتر»، «إلى متى سنبقى ضحايا استقواء حزب الله؟»، ودوّنت «عدم حظر الرحلات من إيران، طائرة الـ 170 راكباً وتجاوزات الحدود البرية دليل جديد على تحكّمهم بمصير الوطن!».وأضافت، «ما ذنب اللبنانيين أجمعين ليدفعوا الثمن؟ ماذا يخفون عن عدد الإصابات، هوية الركاب وخفايا المستشفيات «، معتبرة أن «إصرارهم على حقيبة الصحة لم يكن يومًا بريئًا ».
وبعد رفض حزب الله مساعدة صندوق النقد الدولي لعدم رهن القرار الوطني ،علّق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على طلب ايران مساعدة الصندوق لعلاج كورونا فغرّد على « تويتر»: «في ظل الانفجار الهائل لهذا الوباء، وحده التضامن الإنساني هو الأساس، ولتسقط الحسابات السياسية الضيفة. يحق لنا ان نطالب بمساعدة صندوق النقد الدولي مرفقاً ببرنامج إصلاح جدي، وان نطالب بمساعدات للشعب اللبناني وللاجئين، وهذا أبسط قاعدة للحماية. ها هي ايران تطالب العون ونحن نتضامن معها «.
في المقابل، ردّ رئيس الحكومة حسّان دياب على المنتقدين، متحدثاً عن «استثمار سياسي ضد الحكومة في هذا الموضوع، إضافة إلى حملة تهويل منظمة».واشار إلى أن «هناك من يتعامل مع هذه الأخيرة على قاعدة «عنزة ولو طارت»، ومشدداً على «أن الاجراءات الرسمية المتخذة في لبنان باتت نموذجاً لباقي دول العالم». ونقلت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد عن رئيس الحكومة قوله «إن عدد الإصابات المسجلة حتى الساعة من بين الأقل في أي دولة في العالم سواء عددياً او بالنسبة إلى عدد السكان. صحيح ان عدد المصابين قد يرتفع لكن هذه حالة عالمية لم تتمكن دول العالم كله من منعها، كما في فرنسا ايطاليا المانيا بريطانيا واوروبا، وامريكا وآسيا، والعالم كله يعاني اليوم من انتشار هذا المرض. مع العلم أن لبنان ليس جزيرة معزولة وطبيعي ان يصل المرض الى البلد».
وأضاف دياب « أن الحكومة اتخذت كل الإجراءات الممكنة من البداية وليس صحيحاً ما يحكى عن تأخر لبنان في هذه الإجراءات، بل بالعكس، صارت الاجراءات التي اتخذها لبنان نموذجاً لبعض الدول الاوروبية والعالم». وأبرز ما قرّره مجلس الوزراء لتشجيع الناس على ملازمة منازلهم وتلقّي الطلاب دروسهم أونلاين هو «مضاعفة سرعة الانترنت وحجم الاستهلاك لمشتركي الشبكة النهائيين التابعين لأوجيرو في الأماكن السكنية مجاناً لمدة تنتهي في نهاية شهر نيسان المقبل، ضمن الامكانات المتاحة». وشارك وزير الصحة حمد حسن في اجتماع للجنة الصحة النيابية وأطلع الاعضاء على تحرير القرض المقدم من البنك الدولي بقيمة 39 مليون دولار المخصص لتجهيز المستشفيات الحكومية لمواجهة الوباء.وأوضح « أن ما أعلنته لجنة المتابعة للوقاية من فيروس كورونا هو أشبه بحال طوارىء صحية مدنية وإعلان حال الطوارىء يخضع لمعايير ، وهناك اشخاص يؤمنون عيشهم مما ينتجوه يومياً «.
عدوى الأوراق النقدية
وفي اطار الوقاية من انتقال الكورونا عبر العملات الورقية، أصدر مصرف لبنان بياناً أوضح فيه أنه «وفقاً للتقرير الأخير لمنظمة الصحة العالمية، ان الاوراق النقدية لا تشكّل في حد ذاتها خطر انتقال العدوى بل هي تعتبر كأي شيء يمكن لمسه خلال النهار، وبالتالي يفضّل اتخاذ التدابير الوقائية وفقاً لإرشادات المنظمة».
واشار الى أنه «وفقاً لتقرير البنك المركزي الالماني، تعتبر الاوراق النقدية أقل خطورة بنقل العدوى مقارنةً مع باقي الأشياء التي يمكن لمسها خلال اليوم مثل مسكة الباب أو مفتاح الكهرياء أو… «، مضيفاً « إن مصرف لبنان يتخذ جميع التدابير الاحترازية في ما خص الاوراق النقدية المودِعة لديه، وذلك للتخفيف من انتشار العدوى».