عـرش

إلى «المعلّم» الشَّهيد كمال جنبلاط في ذِكرى اسْتِشْهادِهِ الثّالِثَةِ وَالأرْبَعين.
(1)
عَلى صَهْوَةٍ منْ غَمامٍ تَعُودُ
فَيَلْبَسُ لَوْزُ الحُقولِ ثِيابَ الزَّفافِ
لِيُلْقي عَلى مُقْلَتَيْكَ السَّلامْ.
وَتَجْري إلى بَحْرِكَ المُطْمَئِنِّ السَّواقي
لِتَرْتاحَ منْ بابلِ المُفْرَداتِ
وَبُرْجِ الكَلامْ.
فَكُلُّ الدُّروبِ إلَيْكَ تَقودُ،
وَفِيْكَ تَصُبُّ سَواقي الأَنامْ.
(2)
يَشيخُ الزَّمانُ،
وَما زِلْتَ رُغْمَ الغِيابِ،
تُطاعِنُ خَيْلَ الزَّمانْ.
وَحينَ المَكانُ قَصِيُّ القُطوفِ،
تُطِلُّ،
فَتَدْنو قُطوفُ المَكانْ.
(3)
نَفيءُ إليكَ إذا ما
دَهَتْنا دَواهي الخُطوبِ،
وَهَبَّتْ عَلَيْنا عَواتي الرِّياحِ،
فَنُدْرِكُ، عِنْدَكَ، بَرَّ الأمانْ.
(4)
نُيَمِّمُ واحاتِكَ المُثْقَلاتِ
بِطَلْعِ النَّخيلِ،
وَنُلْقي لَدَيْكَ عِصِيَّ الرَّحيلِ،
إذا ما تَعِبْنا منَ الضَّرْبِ
في مَهْمَهِ الأيْنِ يَوْمًا،
وَأخْنَتْ عَلَيْنا عَوادي الأوانْ.
وَإمّا هَزَزْنا الجُذوعَ العِتاقَ،
تُساقِطُ سِحْرَ البَيانْ.
(5)
نَحُجُّ إلى بَيْتِكِ المُصْطَفى،
كُلَّ فَصْلٍ،
خَريفًا، شِتاءً، رَبيعًا، وَصَيْفا،
فَنَأْتي إليْهِ ثِقالًا،
وَقَدْ أرْهَقَتْنا المَواجِعُ كَمًّا وَكَيفا،
وَأَرْخى عَلَيْنا ظَلامُ السُّدولْ،
وَنَرْجِعُ مِنْهُ خِفافًا
نَؤُجُّ كَجَمْرٍ،
وَنَنْفُضَ عَنّا رَمادَ الفُصولْ.

(6)
يُظِنُّ الطُّغاةُ الأُلى غَيَّبوكَ
بِأَنَّ الحُضورَ رَهينُ الجَسَدْ،
وَأَنَّ العُروشَ الَّتي اغْتَصَبوها
سَتَبْقى تُعاقِرُ وَهْمَ الأبَدْ،
وَلَمْ يَعْلَموا أنَّ رُوْحَكَ فِيْنا،
وَأَنَّ القَمِيْصَ كَثِيْرُ العَدَدْ،
وَأَنَّ غِيابَكَ عَنّا حُضورٌ،
وَأَنَّ العُروشَ سَتَهْوي تِباعًا،
وَأَنَّ الطُّغاةَ مَتاعُ البَدَدْ،
فَتَبَّتْ عُروشُ الطُّغاةِ جَميعًا،
وَعِشْتَ تُتُوِّجُ عَرْشَ الجَلَدْ.

٭ شاعر لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احمد حمدان:

    كلمات جميلة بحق الراحل الكبير إنسانا و مفكرا و مبدعا و روحانيا

إشترك في قائمتنا البريدية