موجة غضب ضد النظام بسبب استمرار أعمال الإرهاب.. وأول حديث مسجل لمبارك لم يقل فيه جديد

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: كثيرة هي الأخبار والموضوعات المهمة التي امتلأت بها صفحات الصحف الصادرة أمس الخميس 16 أكتوبر/تشرين الأول، وإن كانت غالبية الشعب فضلت الاهتمام ببعضها، مثل قرار الحكومة زيادة سعر شراء القمح من المزارعين حتى لو كان أعلى من السعر العالمي الذي تشتري به من الخارج، والتأكيد على أن الزيادة في سعر شكارة الأسمدة طفيف وهي قرارات تهم ملايين الأسر. وإعلان وزارة الصحة أنها ستبدأ الخميس (أمس) توزيع جرعات الدواء الأمريكي لعلاج فيروس الكبد سوفالدي في ثمانية عشر مركزا ومستشفى حكوميا متخصصا في علاج أمراض الكبد، وسيكون العلاج حسب خطورة الحالات، وهو أمر يتعلق بحياة وصحة الملايين أيضا.
والموضوع الثالث الذي استحوذ على المتابعة هو التفجير الإرهابي بجوار دار القضاء العالي في تقاطع شارعي رمسيس والسادس والعشرين من يوليو، وأمام محطة مترو أنفاق جمال عبد الناصر، آسف قصدي خالد الذكر، وأدى إلى إصابة أحد عشر مواطنا وتهشم زجاج أكثر من خمسين شقة سكنية ومحلا تجاريا، وكذلك تفجير قنبلة في محكمة الزقازيق من دون إصابات.
واستمرار مظاهرات بعض طلبة الإخوان داخل عدد من الجامعات واستخدامهم الخرطوش والألعاب النارية، وهو ما زاد من موجة الغضب ضد النظام، بسبب ما بدأ يتسرب إلى نفوس الغالبية من أنه إما فشل في مواجهة الإرهاب والفوضى وفي إعادة الاستقرار، أو لا يريد استخدام ما تحت يديه من قوانين أصدرها بشكل قوي ويخشى من موجة الغضب وخوف ملايين الأسر على أبنائهم الطلبة، وإن كانت أعداد منهم ومن الطلاب غير الإخوان يشتكون من مبالغة الأمن في التفتيش وتكدس الطوابير أمام البوابات. لدرجة أن زميلنا الرسام في «اليوم السابع» حازم ماهر أخبرنا أمس أن طالبا قريبا له ذهب لخطبة طالبة وقال لوالدها «يا عمي أنا مش متسرع .. أحنا عرفنا بعض في آخر الطابور وحبينا بعض في نص الطابور واتفقنا ع الجواز أول ما عدينا بوابة التفتيش». المهم أن المزاج الشعبي العام لم يعد يهمه إلا أمرين أولهما، ضمان القضاء على الإرهاب وتعطيل مصالحه بأسرع ما يمكن وبأي ثمن، الثاني التفرغ لعلاج الأزمة الاقتصادية ودوران عجلة الإنتاج الكامل والرغبة في رؤية وعود النظام بتحقيق ذلك على الأرض، حتى لا يجد مبررا مثل الإرهاب والمظاهرات يعلق عليها أي فشل. ووصل الاهتمام بهذين الأمرين إلى درجة أنه لا يوجد أدنى اهتمام بانتخابات مجلس النواب القادمة، وهي الخطوة الأخيرة في انتهاء خريطة الطريق.
أما بالنسبة للحلقة الأولى التي نشرتها يوم الأربعاء جريدة «الوطن» لحديثها مع الرئيس الأسبق مبارك، فرغم أهميتها كسبق صحافي إلا أن كلامه لم يحمل أي جديد، ونشرت أمس تحقيقا عن بعض الآراء عليها. ويوم الأحد ستنشر الحلقة الثانية وقد نجد فيها جديدا نتوقف عنده وعند ردود الأفعال عليه، وإن كانت بعض الفضائيات قد زادت في الأيام الماضية من إجراء أحاديث مع محاميه فريد الديب.
كما نشرت «الجمهورية» أمس في صفحتها الثانية تحقيقا جاء فيه أن صديقنا صفوت الشريف، الأمين العام السابق للحزب الوطني، رفض عرضا ليكون مستشارا لأحد الأحزاب، مفضلا الابتعاد عن السياسة والتفرغ لكتابة مذكراته منذ أن كان ضابطا في المخابرات العامة، كما رفض العرض أيضا رئيس مجلس الشعب السابق خفيف الظل أستاذ القانون الدكتور أحمد فتحي سرور، لأنه مشغول بتأليف كتاب عن القانون الجنائي والمعروف أنه من أكبر أساتذة القانون الجنائي.
وإلى شيء من أشياء عديدة لدينا…

مناقشة القضايا الدينية الشائكة ليست ترفا

ونبدأ بالإسلاميين ومعاركهم التي اشتعلت من أسبوع بسبب تدوينة كتبتها الشاعرة فاطمة ناعوت انتقدت فيها الأضحية، كما أدلى صديقنا وزير الثقافة الدكتور جابر عصفور بعدة أحاديث تلفزيونية وصحافية أثارت مناقشات عاصفة تطايرت خلالها الاتهامات، وسبق ذلك أيضا هجوم زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة «التحرير» اليومية المستقلة ومقدم برنامج 25/30 في قناة «أون تي في» على السلفيين وبعض ما يتم تدريسه في جامعة الأزهر، ويحرض على التعصب والكراهية نحو المسيحيين والشيعة. ويوما الاثنين والثلاثاء وجه عيسى انتقادات واضحة للرئيس عبد الفتاح السيسي لأنه لا يشاهد ما يقوم به السلفيون وما يحدث في الخطاب الديني ولم يفعل شيئا حتى الآن. ويوم الثلاثاء قال الطبيب والكاتب خالد منتصر في عموده اليومي في جريدة «الوطن» ـ خارج السرب: «الرئيس السيسي في أحد الاجتماعات عاتب إبراهيم عيسى على فتحه للقضايا الدينية الشائكة في برنامجه «مدرسة المشاغبين» قائلا: «ده مش وقته»، لما تسربت هذه الملاحظة إلى الصحف وليسمح لي الرئيس أن أعترض عليها وأقول بالعكس إنه وقته وحينه وأوانه، ويجب أن ينضم إلى إبراهيم عيسى وإسلام بحيري وسعد هلالي ورفاق آخرين يمتلكون الوعي نفسه والحماس نفسه والشجاعة نفسها، مناقشة القضايا الدينية التي قال عنها شائكة، ليست ترفا أو رفاهية لأن كل ما نعانيه مع تيار التأسلم السياسي هو من جراء سكوتنا وصمتنا وخرسنا وخوفنا من مناقشة تلك القضايا وتأجيلها، حتى أتت النار على الأخضر واليابس، خشية التكفير والاتهام بإنكار المعلوم من الدين بالضرورة من السلفيين، الذين يؤمنون بظاهر الألفاظ وحرفية النصوص، ويستخدمون اقتطاع السياق لتبرير وتمرير جرائم ومصائب وكوارث. مناقشة البخاري ليست كفرا أو زندقة ويجب ألا يتخيل أحد أن الداعشيين لا يعتمدون في إرهابهم وترويعهم على أحاديث ونصوص فسروها على هواهم، أو لم يناقشوا صحتها أو لم يضعوها في سياقها التاريخي الصحيح. لو ظللنا سيادة الرئيس نقول « لسه مش وقته» سيداهم وطننا الوقت ويسيطر البرابرة على عقولنا».

جابر عصفور: اختلافي مع الأزهر في الرأي لا يعني أننا أعداء

ويوم الثلاثاء أيضا نشرت «الوطن» حديثا مع الوزير الدكتور جابر عصفور على صفحتين كاملتين أجرته معه زميلتنا الجميلة رضوى هاشم اشتمل على أربعة وخمسين سؤالا يعنينا منها خمسة كانت إجاباتها هي:
للأسف منذ حوالى أربعين سنة والعقل المصري تغزوه فيروسات التطرف الديني، من دون رادع حقيقي وقوي ومن دون استراتيجية حقيقية لمقاومة هذه الفيروسات، وكانت النتيجة أنه ولأول مرة في تاريخ مصر، التي أنتجت لطفي السيد وطه حسين ورفاعة الطهطاوي، تحكمها جماعة دينية تريد أن تقضي على الدولة المدنية تماما، وهذا ليس نتيجة ما حدث بعد 25 يناير/كانون الثاني، ولكن نتيجة عوامل ممتدة ابتداء من 1972 خلال زمن السادات، عندما تم التحالف بين رئيس الدولة وجماعات الإسلام السياسي للقضاء على الفئات الناصرية والقومية واليسارية.
المطلوب مني أن أحترم دستور الدولة الذي ينص في مادته الأولى على حرية الإبداع والتفكير، وأنا أحترم هذا النص، فعندما يأتي من يقول إن مصر دولة إسلامية وإن الشريعة هي المصدر الأساسي في التشريع، ويستخدم هذه المادة باعتبارها سيفا مسلطا على حرية الإبداع، أقول له متأسف أي نعم الإسلام هو دين الدولة والشريعة الإسلامية هي مصدر أساسي للتشريعات، لكن بأي معنى وبأي تأويل؟ للأسف بعض رجال الدين يستخدمون الدين حجر عثرة في طريق أي إبداع.
نعم نعيش فوضى إفتاء من زمن فتاوى الجهلاء أصبحت هي المسيطرة.
على الأزهر أن يتولى ما يخصه وهو الوقوف ضد هذه الفتاوى الجاهلية التي تصدر عن غير العلماء وعن غير المفسرين. أما المقالات التي نشرت كرد مني على آراء بعض قيادات الأزهر في بعض القضايا الخلافية فهذه مقالات اختلاف في الرأي والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، أختلف مع الأزهر في بعض المواقف هذا حقي، فمثلا الأزهر يرى أنه غير مسموح بعرض فيلم يجسد شخصية الأنبياء، وأنا شخصيا أرى أن هذا أمر طبيعي ومقبول وليس ضد الدين، بينما عدد كبير من مشايخ الأزهر يرون الرأي المضاد، هذا اختلاف في الرأي ولا يعني أننا أعداء.
ليس من حقي أن اعترض على الأفلام العالمية التي تجسد أنبياء أو غير أنبياء، هذا ليس من شأننا، هل سنصادر على العالم كله ما يصوره حتى داخل مصر؟ تلك ليست مسؤوليتي وأنا لا أناقش رؤية هي ملك لغيري ولا توجد لدينا أزمة أن تصور أفلام تجسد أنبياء في مصر».

الشيخ أحمد محمود كريمة: تصريحات
وزير الثقافة لا يليق صدورها عن مسؤول

وفي حقيقة الأمر فإن الوزير لم يهاجم الأزهر، ولكن في اليوم التالي الأربعاء نشرت «الوطن» ردودا عليه وصلت إلى مستوى مؤسف بتوجيه اتهامات له بالعداء للإسلام والوقوف في خندق الإخوان والخوارج. والمؤسف أكثر أن تأتي هذه الاتهامات من أستاذ أزهري يشكو من الاتهامات الموجهة إليه بالتحالف مع الشيعة والترويج لهم، وهو الدكتور الشيخ أحمد محمود كريمة الذي قال لزميلنا وائل فايز:»تصريحات وزير الثقافة مرفوضة ولا يليق صدورها عن مسؤول يعلن بكل أسف عداءه للأزهر والدين. فقد نهى القرآن الكريم والنبي عليه الصلاة والسلام عن اللدد في الخصومة، وعلى الوزير احترام آداب الحوار وأخلاقيات الخلاف، فنحن نربأ بمن يتقلد منصبا سياسيا في الدولة أن تنطلق منه قذائف العبارات المسيئة والمشينة، من دون أن يتحسس مواضع كلماته، علاوة على أن سعي الوزير للوقوف في خندق الإخوان والسلفية وكافة الخوارج الذين يسعون إلى هز الثقة في المؤسسة، ونحن في أمس الحاجة إلى الأزهر لتصحيح المفاهيم المغلوطة، بل أن دعمه صار واجبا وطنيا لمواجهة الفكر التكفيري».

الأزهر لا يستغل الدين من أجل الدنيا

أما الدكتور محمود مهنا عضو هيئة كبار العلماء فقال لوائل فايز في «الوطن» عن تجسيد الأنبياء في أعمال فنية: «الإبداع أمر خاص بالله عز وجل، لأنه هو والخلق سواء، مصداقا لقوله تعالى «بديع السموات والأرض». أما كلام الوزير فليس إبداعا، ولكنه تهريج، لأن الآداب العامة والإسلام وسائر الأديان تحترم المقدسات والعادات والتقاليد والمبادئ، وعلى الوزير كرجل مثقف إدراك أن الدستور الجديد أعطى لكل ذي حق حقه، وأن الأزهر لا يستغل الدين من أجل الدنيا، وليست له مآرب أو مصالح، وإنما يستخدم العلم لصلاح الدنيا. إن الأعمال الفنية التي روجت للرقص والغناء الفاحش ما جنت على الجمهور إلا الخراب والدمار وفساد الأخلاق».
وحيد عبد المجيد: الشطط خير من كبت الرأي

وفي حقيقة الأمر فقد أحسست أن كل من قالوا إنهم يردون على حديث الوزير لم يقرأوه، ويبدو أن زميلنا وائل وهو يسألهم كان يقول لهم الوزير قال كذا وكذا، ولذلك جاءت الردود وما فيها من اتهامات لا علاقة لها بما قاله. وفي اليوم نفسه نشرت مجلة «آخر ساعة» تحقيقا لزميلنا عبد الصبور بدر جاء فيه ردا على حديث للوزير في التلفزيون:»يطالب الدكتور محمود هيكل أستاذ الدراسات الإسلامية بالأزهر بسرعة التحرك بشأن ما صدر عن وزير الثقافة، وعرض الأمر على شيوخه وعلمائه حتى لا يفقد الشعب الثقة في المسؤولين، ويفرق بين رأي شخصي باعتباره مسؤولا ورأي غيره من الناس. بينما يصف كلام الشاعرة والمترجمة فاطمة ناعوت بأنه يخرج من الملة لأنه يتجرأ على أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام، ويتجاوز في شعيرة الأضحية التي تنعتها بالمجزرة. لو أن أحدهم تجرأ على ثوابت الكنيسة فإن الدنيا سوف تقوم ولن تقعد، وعلى الأزهر أن يرد لأنه اللسان الوحيد المخول له ذلك، وحتى لا تكون فتنة وانفجارا. إن ما يحدث يصب في صالح الإخوان الذين لا بد أنهم الآن يشمتون في ما يحدث، وهو ما يجعلهم يستخدمونه لتأليب البسطاء، باعتبار أن هؤلاء يحاربون الدين وهم حراسه، وتؤمن الناقدة الدكتورة هويدا صالح أن الجدل المثار مؤخرا حول تصريحات بعض المثقفين، التي تحاول استعداء المجتمع الذي يمثل الدين عصب الحياة فيه، تصب في مصلحة تيارات القوى المتشددة دينيا.
ماذا ستستفيد الثقافة والمثقفون حين يخرج بعض الكتاب ليصرحوا بتصريحات معادية للدين وطقوسه؟ هل هم بهذه التصرفات يحققون هدفا ساميا مثلا؟ هذا الاستعداء السافر لمشاعر المجتمع المتدين لا يصب إلا في مصلحة الإخوان، هم يعطونهم الفرصة للعب مجددا على مشاعر البسطاء من الناس بأن الدين يتعرض لتهديد أو أن الدولة ستتحول نحو الكفر. ويختلف الدكتور وحيد عبد المجيد أستاذ العلوم السياسية مع الآراء السابقة ويقول إنه ضد أشكال الإرهاب الفكري ويعترض على من يصفهم بأشخاص يظنون أن من حقهم فرض آرائهم بينما لابد أن ندرك أن الحياة تقوم على الحرية، وتكون هناك آراء وتصورات مختلفة ونتعود على الاختلاف باعتبار الأمر طبيعيا. ويصف الرد على أقوال عصفور وناعوت وغيرهما بأنه نوع من الإرهاب الفكري للجم كل من يحاول الخروج عن الجميع، ويكرر أن ما تتم مناقشته يصب في مصلحة التخلف، ويجب أن تفسح المجال لكل الزهور لكي تنفتح وأن الشطط خير من كبت الرأي».

لا يصح أن يكون في مصر بيت واحد يحس بمظلمة

وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه، ودار معظمها حول المظاهرات في الجامعات، رغم أنها محدودة، وسط انتقادات عنيفة للحكومة بالضعف في مواجهتها بحزم، وانتقادات أخرى مضادة، وقد بدأها يوم الثلاثاء زميلنا مجدي شندي ـ ناصري ـ رئيس تحرير جريدة «المشهد» الأسبوعية المستقلة بقوله: «نريد حاكما حاشيته الناس وليس المتسلقين وأصحاب المصالح، ماذا لو أحاط السيسي نفسه بطلاب الحرية فأمر بمراجعة أوضاع المعتقلين وإطلاق سراح من لا يواجه تهما حقيقية، ماذا لو تخلص من جوقة الإعلاميين التي تشارك في التزييف والخداع وقلب الحقائق، وقرب الصادقين الذين لا تشغلهم النجومية والمصالح الشخصية عن مصلحة الوطن العليا، ماذا لو أمر بمراجعة كل القوانين الصادرة في الشهور الأخيرة بجعلها متسقة مع روح الثورة وأحلام وتطلعات الشعب؟
بقرارات بسيطة يمكن أن تضع البلاد على طريق الحرية والعدالة والتقدم بقرارات.. بسيطة تزول أشباح الاستبداد والفساد وكل مسببات الغضب، لا يصح بعد 25 يناير/كانون الثاني أن يكون هناك بيت واحد في مصر يحس بمظلمة، لا نريد غير الاستقرار والاستقرار النابع من حب الناس لبلدهم، وليس من العصا المرفوعة في وجوههم، فالعصا استقرارها زائف ومخادع».

بمنطق المربين لا بهراوة الجلادين
ينبغي محاسبة طالب الجامعة

وبمجرد أن قرأ زميلنا الكاتب الإسلامي فهمي هويدي ذلك حتى قال في اليوم ذاته في «الشروق» عن الأوضاع في الجامعات: «لماذا لم يتم التفكير في الأمر بصورة أخرى تنطلق من السعي لاحتواء الشباب والتصالح معهم وليس حصارهم وقمعهم؟ هذا سؤال افتراضي خطر لي وتصورته حلا للإشكال لأنه يستدعي «سيناريو» يختلف تماما عما نراه على أرض الواقع حاليا، إذ بمقتضاه مثلا تسعى السلطة إلى إبطال مفعول أسباب التوتر واقتصاص الغضب الحاصل في الجامعات، كأن يعاد النظر في قانون التظاهر الذي أغضب كل دعاة الحرية في مصر والشباب في المقدمة منهم، كما يحتكم الدستور والقانون في مراجعة القرارات التي انتهكت استقلال الجامعة واستهدفت قمع الأساتذة وإخضاعهم لسلطات التقارير الأمنية، في الوقت ذاته تشكل لجنة وطنية تبحث أوضاع الطلاب تبدأ مهمتها بإطلاق سلاح المعتقلين والعفو عن المسجونين وإعادة المفصولين.
وحبذا لو وعدت بإجراء تحقيق محايد ونزيه في حوادث قتل الطلاب داخل الحرم الجامعي، ومحاسبة المسؤولين عنها من رجال الشرطة الذين لا تسمح ظروفهم بالعيش في مساكن مستقلة خارجها، أما الذين ارتكبوا حوادث عنف في الجامعات فينبغي محاسبتهم وعقابهم بمنطق الآباء والمربين، وليس بفظاظة وهراوة الجلادين، إذ إن هناك فرقا بين عقابهم وتأديبهم بالإنذار أو الحرمان المؤقت أو حتى الفصل لعام دراسي، وبين سحقهم وتدمير حياتهم ومستقبلهم بالفصل النهائي وحرمانهم من الالتحاق بأي جامعة أخرى في مصر، إلى جانب سجنهم لسنوات تتراوح بين عشرة إلى خمسة عشر عاما».

مؤسسات عدة أسهمت في الخراب
والانهيار الأخلاقي والإنساني

والمشكلة هنا أن ما اقترحه هويدي للتعامل مع الطلاب الذين ارتكبوا حوادث عنف أثار لأبعد الحدود غضب الجميلة الأستاذة في جامعة القاهرة والقيادية في حزب الوفد الدكتورة عزة هيكل، فقالت في «وفد» الثلاثاء وكأنها ترد على فهمي: «من ربى هؤلاء؟ من زرع في قلوبهم كل هذا الحقد والكره والدمار؟ من نزع من عقولهم كل معاني الانتماء والوطنية والكفاح والعمل؟ من حول جيلا من البنات والأولاد إلى قنابل تحمل قنابل وسكاكين تحمل مطاوي وشماريخ؟ من علمهم الهدم والفوضى والخيانة لهذا الوطن وتلك الأرض؟ من أطعمهم البذاءة والسباب واللعان؟ هل المدرسة؟ أم الجامع؟ أم البيت؟ أم التلفزيون والسينما والإعلام؟ مؤسسات عدة أسهمت في هذا الخراب والعشوائية والانهيار الأخلاقي والإنساني، الذي أصاب تلك الشرذمة الضالة من بقايا الاولتراس وجماعات الثوريين الاشتراكيين و6 إبليس والإخوان الإرهابية، إنهم دواعش مصر من شباب ومراهقين صغار أبطلوا العقل والفكر وتحركوا بعصبية وتعصب وعنف ممنهج وموجه مدفوع الأجر منزوع العقل والمستقبل المظلم الذي ينتظرهم. فلا أي جامعة سوف تقبل المفصولين، ولن تقوم الجامعة باختبارهم في السجون التي سوف تؤويهم وسوف نطالب بقائمة سوداء بأسماء هؤلاء الشباب الإرهابيين تمنعهم من العمل حتى يكونوا عبرة وعظة لكل من تسول له نفسه تدمير هذا الوطن».

استمرار المظاهرات يثير حنق المواطنين وكراهيتهم

والمدهش أنه في العدد نفسه كان زميلنا علاء عريبي في غاية السعادة والانبساط من استمرار المظاهرات وعمليات التخريب التي تتم، بعد أن طالب باستخدام كل السبل للتصدي لها وعبر عن أسباب تأييده لاستمرار التخريب بالقول في عموده اليومي – رؤى:»بعد فترة من التأمل اكتشفت أنني كنت على خطأ، وأن ما يجري من فوضى ومظاهرات وتخريب وتفجيرات سيكون بعون الله تعالى المسمار الأخير في حياة أي جماعة ترفع شعارات دينية، فالفوضى التي يثيرونها تثير حنق المواطنين وكراهيتهم، وهو ما ستظهر نتائجه في صناديق الانتخابات، وذلك بتصويت المصريين ضد جميع من يرفعون الشعارات الإسلامية، وأظن أن الأجهزة الأمنية على علم بهذا جيدا.
مصر في حاجة إلى أن تتعامل مع هذه المظاهرات بشكل يترتب عليه مكسب سياسي وأدبي على الصعيدين الخارجي والداخلي، ونظن أن أغلبية الشعب المصري الذي ثار في 30 يونيو/حزيران وخرج مطالبا الجيش بإزاحة جماعة الإخوان وخروجه وإنقاذ البلاد، في حاجة لأن يتيقن بأن خياره واختياره وخروجه كان على حق، وأن هذه الجماعة بما تقوم به من بطش وتخريب لا يصلح بالفعل لإدارة بلد بحجم مصر».
العشوائية الأمنية حبست الظالم والمظلوم

وبدا واضحا أن موضوع الجامعات يحظى باهتمام كبير، لأن زميلتنا الجميلة في «الأخبار» عبلة الرويني قالت يوم الأربعاء في عمودها اليومي ـ نهار:»لا أحد يدافع بالتأكيد ولا يقبل أن تتحول الجامعة إلى ساحة إرهاب، ولا أحد يطالب بالتساهل مع طلاب يمارسون إرهابا وترويعا وتدميرا لجامعاتهم، فلا هم بهذه الصورة طلاب ولا هي دراسة ولا جامعة، لكن أيضا لا أحد يوافق على حالة القبض العشوائي على الطلاب وحبس الظالم والمظلوم، الإخواني والمتعاطف والمتضايق لأسباب أخرى، وحتى المار على سبيل الصدفة. تلك العشوائية الأمنية خلقت حالة من الاحتقان والغضب لابد من تخفيضها بمراجعة ملف المقبوض عليهم من الطلبة».

حق الطلاب في ممارسة
العمل السياسي السلمي

وشاركتها هذا الموقف جميلة أخرى هي الدكتورة نادين عبد الله بقولها في اليوم ذاته في مقال لها في «المصري اليوم»: «المحاولات الحثيثة لحظر السياسة بالجامعات، حتى قبل بدء العام الدراسي ومصاحبتها بتشديد الحراسة الأمنية، لم تأت بالثمار المرتقبة، فالأزمة لا تزال مستمرة. بالطبع العنف الطلابي غير مقبول والشغب مرفوض شكلا وموضوعا وينبغي التعامل مع كليهما بكل شدة وحزم، فالجامعة هي مكان للعلم ولن نقبل أن تكون ذراعا لجماعة بعينها تستخدمها لخدمة مصالحها الضيقة. ولكن ماذا عن حق الطلاب في ممارسة العمل السياسي السلمي، وفي إطار اللوائح والقوانين الجامعية؟ فلندرك أن خنق كل فرص ممارسة العمل السياسي هو أمر شديد الخطورة على النظام الحالي لأنه ببساطة يحرمه ليس فقط من وجود قنوات اتصال فعالة بينه وبين المجتمع، بل أيضا من الكوادر القادرة على بث دم جديد وأكثر فاعليه في عروقه».

نريد تعليم أولادنا كيف
يتحاورون ويحترمون الآراء الأخرى

لكن في العدد نفسه نشرت «المصري اليوم» حديثا مع وزير التعليم العالي الدكتور السيد عبد الخالق، أجراه معه زميلنا محمد كامل كان أبرز ما قاله فيه: «كل رؤساء الجامعات يفكرون بطريقة واحدة تقريبا، والإجراءات هي التي نص عليها القانون وفقا للمادة «184» من قانون تنظيم الجامعات، الخاصة بالإرهاب التي تمت إضافتها العام الماضي في عهد المستشار عدلي منصور، وهو الفصل النهائي لأي طالب يقوم بأعمال عنف أو تخريب، بعد تحقيق سريع يتم خلال أسبوع، لكن إذا اقترن عمل الطالب بجرائم جنائية فستتم إحالته إلى النيابة العامة إضافة إلى الفصل. وللعلم العام الماضي اتخذنا قرارات رأفة بالطلاب المغرر بهم، بالسماح لهم بأداء الامتحان من داخل السجون، وهذا لن يحدث هذا العام ولن يؤدي طالب تم إلقاء القبض عليه وهو متورط في أحداث عنف أو بتهمة المشاركة في أعمال العنف أو مخالفة قانون تنظيم الجامعات وثبتت عليه، امتحان الجامعة لأنه في نظر القانون «مجرم». العمل الحزبي محظور في الجامعات وفقا للقانون، لكن التثقيف السياسي والتوعية مسموح بها، ومسموح النقاش من خلال برلمان الشباب والمنتديات السياسية، ودعوة الشخصيات العامة في كافة المجالات، شرط ألا يكون لها توجه حزبي أو تنتمي لأي من الأحزاب، كما أنه محظور استضافة رؤساء الأحزاب داخل الجامعات، ونحن نريد تعليم أولادنا كيف يتحاورون ويناقشون وتكون لديهم آراء ويحترمون الآراء الأخرى، من خلال الحوار وهو ما ينص عليه ديننا الإسلامي، لكن ليس بأن يكون الحوار من خلال القنبلة و المولوتوف من قبل مجموعة من الطلاب لديهم غباء وربنا يزيدهم غباء».

نيوتن: عبد الناصر أسس نظاما سياسيا
هو الأكثر ديكتاتورية بلا منازع

وإلى معركة خاصة بالزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر الذي تعرض في «المصري اليوم» من حوالي عشرة أيام إلى هجوم عنيف من نيوتن صاحب عبارة «وجدتها .. وجدتها»، الذي يكتب عمودا يوميا وقد رد عليه يوم الثلاثاء في «اليوم السابع» صديقنا العزيز الكاتب جمال أسعد عبد الملاك قائلا: «يقول الشخص الافتراضي نيوتن في «المصري اليوم» السبت الماضي: «إذا كان تقييم الخالدين يعتمد على مدى تأثيرهم في مجتمعاتهم، فجمال عبد الناصر كان يستحق مرتبة متقدمة، باعتبار أن تأثيره على أجيال متعددة ـ فقرا وجهلا وظلما ـ ما زال ممتدا حتى الآن. الرجل أسس لنظام تعليمي هو الأكثر تخلفا في العالم، نظام سياسي هو الأكثر ديكتاتورية بلا منازع، نظام صحي جعل الشعب بلا استثناء مرضى بأمراض مزمنة، الجوع والفقر والمرض عوامل مشتركة بين أطياف الشعب المختلفة، وفجأة أصبح هو البطل صاحب قرار الحرب والعبور». من المعروف من خلال كتابات هذه الشخصية الافتراضية أنه ضد القطاع العام والإصلاح الزراعي، ويعتبرهما سبب البلاء، وفي الوقت ذاته يحب السادات ويمجد مبارك ويكره عبد الناصر كراهية التحريم، متسابقا في كراهيته مع الإخوان المسلمين. وهنا فهو حر في ما يحب ويكره، ولكن أن يدعي الموضوعية من باب الوجاهة البرجوازية الليبرالية الأمريكية في ما قال لا علاقة له لا بموضوعية ولا بتحليل علمي محايد يعرفه من له أي علاقة بالثقافة العامة».

بعث مشروع عبد الناصر الوطني
يحجم الفساد ونهب الثروات

وإذا تركنا «اليوم السابع» وانتقلنا في اليوم نفسه إلى «الأخبار» سنجد صديقنا العزيز مدير مكتب خالد الذكر للمعلومات سامي شرف يتناول الموضوع نفسه من زاوية أخرى بقوله: «يبدو أن هؤلاء قد أقلقهم بشدة أن تصبح مبادئ الرئيس جمال عبد الناصر ومشروعه الوطني بوصلة الثورة المصرية، وأن يرى الشعب المصري الثائر في رئيسه عبد الفتاح السيسي ما يذكره بزعيمه جمال عبد الناصر، وأنهم سائرون على الدرب نحو إحياء مشروع النهضة المصرية الذي بدأه عبد الناصر، بتحرير الإرادة المصرية من جميع صنوف التبعية وبناء الدولة المصرية القوية على أساس الكفاءة والعدل. بالطبع من استفاد من سياسات الإمبريالية الرأسمالية الخالية تماما من أي شكل من أشكال العدالة الاجتماعية التي تنحاز لشريحة صغيرة من أبناء الوطن وتمنحهم كل الفرص والمزايا ليحوزوا تلالا من الثروة الحرام على حساب باقي الشعب الذي حرم من كل شيء، يزعجهم ويرعبهم بشدة أن يروا أفكارا ومبادئ عبد الناصر تبعث من جديد، ومشروعه يصبح مطلبا شعبيا ورسميا لأنهم يعلمون تمام العلم أن ذلك تحجيم لفسادهم ونهبهم لثروات هذا الشعب، إن لم يكن استعادة الشعب لحقوقه المنهوبة».

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Khaled:

    تخبط المصريين لا اقل ولا اكثر, زرعوا فيهم الفتنة وهم الان يتخبطون …..الله يستر

إشترك في قائمتنا البريدية