إلى درومي واليمين الإسرائيلي: بعيداً عن الطواقم الطبية.. هل ترون العرب جنساً من بني البشر؟

حجم الخط
3

أحب الأمثلة بكل اللغات، وأستعملها دائماً في التحدث والكتابة. ولحسن حظي أنني تعلمت في عائلة تحب الأمثال وتستخدمها بشكل دائم. ولكن من يستخدم الأمثال العربية (أعتقد أن هذا الأمر يسري على كل اللغات) يجدر به أن يفحص أمثاله جيداً، فبعضها مغلوط من جهة الوقائع وبعضها يثير الكراهية والعداء. وهناك مثل عربي يقول، رغم الصياغة الجميلة التي نفقدها بسبب الترجمة: “من بيت العقرب لا تقرب ومن بيت الحية افرش ونام”. من ناحية واقعية العقرب غير مخلص لبيته، في حين أن الأفعى الكبيرة تحافظ جداً على مساحة جغرافية ثابتة، خاصة التي تكون مليئة بالقوارض والطيور.

المثل الذي يقول “اتق شر من أحسنت إليه” وحتى أنه نسب خطأ للنبي محمد، يفتح مدخلاً للكراهية الزائدة؛ لأن بني البشر الذين صنعت معهم معروفاً يعترفون به ويردون لك الجميل في المقابل. وعند أبناء عمنا اليهود يقولون “احترمه ولكن شك فيه”. كيف يكون هذا؟ ولكن يبدو أن أحد الأمثلة الأكثر إشكالية في اللغة العربية هو المثل الذي يقول “عدو عاقل خير من صديق جاهل”، حيث إن التاريخ علمنا بأن الأعداء العقلانيين هم الأكثر وحشية وقتل.

يبدو أن التربية الفاشية في اليمين الإسرائيلي، العلماني والمتدين، عميقة بعمق جذور هذا اليمين. وفي 1988 عندما كان عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش شاباً ولم يحلم بخطته للحسم التي تشمل ترحيل عنيف (تومار فريسكو، “هآرتس”، 14/5/2017)، قمت بإلقاء محاضرة أمام طالبات ومعلمات سمنار ديني. وفور تقديمي لحوالي 300 من المشاركات وقبل إلقاء المحاضرة، طلبت مني امرأة جلست في زاوية القاعة وقدمت نفسها على أنها معلمة: أمسموح أن أسأل؟ قالت. وعندما قلت نعم، قالت بأنها قرأت عن فريضة الجهاد التي في القرآن، وهي تعرف أن الدين الإسلامي هو أكثر الأديان التي تدعو للقتل. مشاركة أخرى استغلت الفرصة لسؤال آخر قبل المحاضرة: نحن اليهود أصبنا بكارثة، وقد حان الوقت لتكون لكم كارثة أيضاً، أنتم العرب.

لن أكرر الإجابات المنطقية على هذين السؤالين، والتي شملت العديد من الاقتباسات من المصادر اليهودية، وقدمت لهن أقوالاً لحاخامات. ولحسن الحظ، قبل أن يبدأ الحاخامات في المدرسة العسكرية التمهيدية في عيلي بالتحدث، حيث يمكن اشتقاق نظرية العرق الأكثر قتلاً في تاريخ الإنسانية، من أقوالهم. بالمناسبة، تكفي وصية شطب ذكر “العماليق”. باختصار، حسب رأيي، جميع الديانات حسب تعريفها هي عنصرية وتدعو إلى القتل.

عندها نهضت فتاة شقراء ذات عيون لامعة وكان لديها اقتراح أكثر “إنسانية” وهو أن يكون العرب عبيداً لليهود. وقد أجبت هذه الطالبة بسؤال: هل تعتبرينني إنساناً؟ ولم تكن لديها إجابة.

يبدو أن هذا السؤال إذا ما تم طرح على حاخامات المدرسة التمهيدية في “عيلي” وعلى عضو الكنيست سموتريتش وعلى الأغلبية في اليمين الإسرائيلي، سيكون الجواب “لا” كبيرة، بشكل علني وواضح ومن دون أن يرمش لهم جفن. فهم يعتمدون على مصادر دينية عنصرية وعنيفة، بل إن حكم الكراهية لنتنياهو الذي استمر أكثر من عقد، ويبدو أنه لن يتركنا إلى الأبد، زاد هذه العنصرية بشكل ظهرت فيه أحياناً أنها لن تتغير. نتنياهو لا يرى في القائمة المشتركة، بل في معظم العرب داخل إسرائيل، جزءاً شرعياً، متساوياً في المكانة، من المجتمع الإسرائيلي.

إحدى النتائج البارزة لهذا التحريض العنصري، أو مثلما أطلق عليه جدعون ليفي “فاشية مصفاة منفلتة العقال”، هي مقالات نافا درومي، وهذه المقالات مثل كل اليمين في إسرائيل وبالذات كل اليمين، تقطر بالسم والكراهية تجاه من لا ينتمي لمعسكرها. درومي وجهت في السابق الانتقاد لضباط كبار في الجيش مثل إيهود باراك (“هآرتس”، 1/8/2019) وفي المقال الأخير هاجمت رؤساء الأركان السابقين الثلاثة الذين يقودون حزب “أزرق أبيض” (“هآرتس”، 19 الشهر الحالي). يا للسخرية! هنا في ظل ظروف كورونا، أراني أدافع عن رؤساء أركان سابقين لكل واحد منهم خدمة عسكرية تفوق عمر درومي.

كتبت درومي أن “قرار “أزرق أبيض” برؤية القائمة المشتركة لاعبة سياسية شرعية هو قرار فيه إمكانية كامنة تدميرية”، هذه أقوال مخففة لنظرية العرق الفاشية، وهي تعني “العرب ليسوا شركاء شرعيين في المجتمع الإسرائيلي”. هذه الأقوال غير شرعية، ولكن من أجل وضع الأمر بشكل بسيط ومباشر وخلافاً للادعاء الكاذب لدرومي ونتنياهو، فإن القائمة المشتركة لا تؤيد الإرهاب.

لدي انتقاد شديد على احتفالات الشهداء التي يشارك فيها رؤساء لجنة المتابعة، وعدد من رؤساء القائمة المشتركة. ولكنهم لا يؤيدون الإرهاب. حتى أن أفعال حنين زعبي الاستعراضة وأفعال باسل غطاس – فون، لم تكن أكثر من استفزاز صبياني لولد منبوذ في المجتمع العربي نفسه. وأعرف بشكل شخصي عدداً من أعضاء القائمة المشتركة، بمن فيهم زعماء التجمع الديمقراطي. فهم لا يؤيدون الإرهاب.

في أيام امتحان فيروس كورونا التي يستغلها نتنياهو واليمين جيداً لتدمير الفيروس والديمقراطية المحتضرة في إسرائيل، فمن الطبيعي أن يكون هناك عنصريون مثل درومي بروح المقولة اليهودية “كل عنيف بطل”. ولكن الرد الأفضل على العنصريين والفاشيين لا يقدمه مراسلون هواة مثلي، بل الأطباء العرب الذين يعملون بتعاون كامل مع زملائهم الإسرائيليين. وعودة إلى سؤال درومي، هل تعتبرينهم من بني البشر؟ لا تكلفي نفسك عناء الإجابة. فإجابتك غير مهمة.

بقلم: عبد ل. عزب

 هآرتس 22/3/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Rafeek Kamel:

    كل التقدير للكاتب ..الشعب الفلسطينى داخل إسرائيل برهن ويبرهن كل يوم للآخرين بأنه اب البشرية والإنسانية..

  2. يقول ابراهيم:

    لا اعرف لماذا بات العرب في كل افعالهم يحاولون استجداء عطف العالم من خلال رضى اليهود ولا اعرف لماذا لا يجرؤ الكتاب العرب على قول (ليذهبوا الى الجحيم فهذا لا يعنينا)

  3. يقول Mike Salman:

    ليذهب كل صهيوني للجحيم

إشترك في قائمتنا البريدية