بيروت – «القدس العربي»: فتح لقاء رئيس تيار المستقبل سعد الحريري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في روما هذا الأسبوع الباب مجدداً أمام التكهنات حول الاستحقاق الرئاسي وما إذا كان شهد تداولاً في الأسماء المرشحة الى سدة الرئاسة الأولى في لبنان.
وأبرز ما رشح عن هذا الاجتماع هو رفض الرئيس الحريري إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، وقوله «بعد الحوار مع البطريرك الراعي، علينا كقوى الرابع عشر من آذار البحث عن الأسماء التي تؤمن التوافق بين القوى السياسية تماماً كما حصل في العام 2007، حين خرجنا كقوى 14 آذار وسمّينا الرئيس ميشال سليمان، ربما يجب علينا أن نصل إلى هذه المرحلة الآن أيضاً». مضيفاً «لا أظن ان الفريق الآخر يريد الاستمرار في الفراغ الرئاسي، وأعتقد أنهم حريصون على موقع الرئاسة وعلينا البحث عن الأسماء المناسبة».
وقد انقسمت الآراء حول نتائج لقاء الراعي- الحريري على الصعيد الرئاسي، لكنها إلتقت على أن اللقاء شكّل مناسبة لتوفير غطاء مسيحي روحي لتمديد ولاية مجلس النواب في ظل رفض التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية هذا الخيار. فبعض الأطراف السياسية ما زالت تصرّ على أن لا رئاسة جمهورية في الأفق، وقد أبلغ أحد نواب حزب الله «القدس العربي» صراحة أن موضوع الرئاسة بكّير عليه «من دون أن يعزو سبب هذا التأخير وما اذا كان مرتبطاً بالصراع السعودي الايراني أو بتمسك حليف الحزب العماد ميشال عون بأن يكون هو الرئيس أو لا رئيس.
وتقاطع موقف حزب الله مع تأكيد أوساط في الأمانة العامة لقوى 14 آذار أن لقاء روما الذي طرح حلولاً توافقية لن يسفر بالضرورة عن إستنساخ رئيس على غرار الرئيس سليمان في القريب العاجل على إعتبار أن العقدة الرئاسية ليست عند فريق 14 آذار بل هي تبقى عند فريق 8 آذار الذي يعطّل النصاب والذي إنقلب على مقررات اجتماع الأقطاب الموارنة في بكركي بوجوب الحضور الى جلسات الانتخاب. وأفادت هذه الأوساط أن كل المساعي التي جرت مع ايران لتسهيل انتخاب الرئيس ومن بينها مساع فرنسية لم تلقَ أي تقدم، حيث أحالت ايران الفرنسيين الى حزب الله والذي بدوره أحالهم الى الجنرال عون ما يؤدي حكماً الى استبعاد فرضية الرئيس التوافقي، والدليل أن مبادرة 14 آذار التي قضت قبل حوالي الشهر بسحب ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لمصلحة مرشح توافقي قوبلت على الفور برفض قاطع من الرابية بعد اجتماع لتكتل التغيير والاصلاح برئاسة عون.
وهكذا فإن التسوية التي طبّقت في تأليف حكومة المصلحة الوطنية برئاسة تمام سلام قد لا يكون حان أوانها لتسري على رئيس الجمهورية. وتعتبر أوساط 14 آذار أنه طالما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أقفل النقاش حول الموضوع الرئاسي بعدما ألمح الى اتصالات سيجريها مع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، فهذا مؤشر الى عدم نضوج التسوية بسبب تصلّب مواقف حزب الله وعون.
ويُفهَم من موقف الرئيس الحريري حول استنساخ تجربة الرئيس سليمان أنه طوى نهائياً إمكانية انتخاب ميشال عون رئيساً بعد المفاوضات الماراثونية التي حصلت بين الطرفين، وأنه سينتقل الى مرحلة جديدة متمتعاً بدعم البطريرك الماروني الذي لا يتوانى في كل مناسبة عن إنتقاد الشغور في موقع الرئاسة ويعتبر هذا الموقع أهم من شخص الرئيس.
في غضون ذلك، لا يلغي البعض من الاعتبار موضوع الإشتباك السعودي الايراني، لكنه يعتبر أن موضوع لبنان محيّد عن هذا الاشتباك حيث أن هذا التجاذب لم يمنع الاتفاق على حكومة سلام، ثم أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لم يأت على ذكر لبنان في سياق اتّهامه طهران بالتدخّل في سوريا والعراق واليمن، فضلاً عن أنّ الردّ الإيراني من جانب عبد اللهيان استثنى لبنان أيضاً في تركيزه على نقاط الخلاف مع الرياض.
سعد الياس