برلين «القدس العربي»: تبنى البرلمان الألماني، أمس الأربعاء، خطة تدابير شاملة بقيمة 1100 مليار يورو ستسمح لأول قوة اقتصادية في أوروبا بمواجهة تبعات وباء كورونا المستجدّ.
وصادق النواب الذين توزعوا في أرجاء القاعة على قروض جديدة تصل قيمتها إلى 156 مليار يورو، لدعم الشركات والموظفين ونظام الصحة، وكذلك على مئات المليارات كضمانات للقروض المصرفية الممنوحة للشركات.
أعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم بألمانيا، أن الحكومة مستعدة لتقديم المزيد من المساعدات حتى بعد تقديمها حزمة مساعدات كبيرة لمواجهة التداعيات الناجمة عن أزمة كورونا. وقال اخيم بوست، نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي، الأربعاء، إنه من الممكن تقديم المزيد إذا لزم الأمر.
مشاريع قوانين أمام البرلمان
وثمة العديد من مشاريع القوانين المطروحة للتصويت أمام البرلمان، من ضمنها حزمة مساعدات أزمة كورونا وتفعيل قاعدة طارئة لوقف تحصيل الديون.
وأعرب بوست عن معارضته لشعارات التآمر التي تتناول أزمة فيروس كورونا على الإنترنت، قائلاً إن فيروس كورونا لا يمكن التخلص منه عن طريق التغريدات على «تويتر»، «فنحن نمر بموقف استثنائي تماماً».
ورأى بوست أن برنامج التضامن الاجتماعي والاقتصادي الذي تم إقراره سيتيح مجالات للحركة لمنع تصفية الاقتصاد وتركه لصناديق التحوط.
وتشمل حزمة المساعدات المقررة العديد من المجالات، من بينها حصول الشركات الصغيرة وأصحاب المهن الحرة مثل الفنانين والأفراد العاملين في مجال الرعاية، على مساعدات مباشرة لمدة ثلاثة أشهر. وتتطلب هذه الخطوة تفعيل لائحة طوارئ لوقف بند منصوص عليه في القانون الأساسي يلزم الحكومة بعدم الاستعانة بديون جديدة.
ووفقاً لحسابات وزارة المالية، من المنتظر أن يتم تخصيص 5.122 مليار يورو من هذه الديون لصالح برنامج المساعدات لمواجهة أزمة كورونا، حيث سيتم تخصيص دفعات مباشرة بقيمة 50 مليار يورو للشركات الصغيرة والأفراد أصحاب الأنشطة التجارية، كما سيتم زيادة الأموال الممنوحة للمساعدات.
وتتوقع الحكومة الاتحادية تراجع الإيرادات الضريبية بقيمة 5:33 مليار يورو بسبب التداعيات الكبيرة لأزمة كورونا، ولهذا طلب وزير المالية أولاف شولتس ديوناً جديدة بقيمة 156 مليار يورو، وهو مبلغ يزيد بنحو مئة مليار يورو عما يسمح به البند الخاص بوقف الديون الجديدة في القانون الأساسي.
ولم يعترض البرلمان على الميزانية التكميلية لتمويل حزمة مساعدات كورونا، وقد وافق مجلس الولايات أمس على الحزمة في جلسة خاصة، وأرسل موقفه من مشروع القانون على الفور إلى البرلمان، ولم تستغرق الجلسة سوى دقائق قليلة دون كلمات للأعضاء.
ويأتي ذلك وسط توقعات بأن يتكبد الاقتصاد الألماني خسائر فادحة قد تصل إلى أكثر من 700 مليار يور وشطب نحو مليوني وظيفة. وأعلن طرفا الائتلاف الحاكم في ألمانيا تأييدهما لصرف علاوات معفاة من الضرائب للعاملين في ظل أزمة كورونا. ويضم الائتلاف الحاكم تحالف المستشارة انغيلا ميركل المسيحي (حزبها المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري) والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وزير المالية الألماني: أمامنا أسابيع قاسية
وفي تصريحات أمام الصحافيين، قال اندرياس يونغ، نائب زعيم الكتلة البرلمانية للتحالف: «ينبغي علينا أن نقدم دعماً خاصاً على الصعيد الضريبي في أزمة كورونا، فإذا أرادت جهة عمل أن تمنح عامليها مكافأة على عملهم، فيجب أن تكون هذه المكافأة معفاة من الضرائب».
وفي السياق ذاته، قال اخيم بوست، نائب زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي لـ(د.ب.أ)، إن المسألة تتعلق بتقدير العمل الاستثنائي للممرضات والممرضين أو الصرافين وتقديم دعم إضافي لهم، «وهذا الأمر في تقديري يحظى بتأييد واسع النطاق من جانب الكتل البرلمانية لأحزاب الائتلاف»، وأضاف: «هؤلاء الذين يعملون من أجل الإبقاء على كياننا، يحتاجون إلى تضامننا الكامل». وكان خبراء من معهد «ايفو« قد صرحوا الأربعاء، أن اقتصاد ألمانيا قد ينكمش بما يصل إلى 20 بالمئة هذا العام بسبب تأثير فيروس كورونا، إذ تهاوت معنويات الشركات الألمانية لأدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في 2009.
وجاءت التوقعات المتشائمة بينما يدرس مشرعون برنامج إنقاذ غير مسبوق تتجاوز قيمته 750 مليار يورو (813.15 مليار دولار) وتسعى الحكومة من أجل ذلك لأن يعلق البرلمان الحد الأعلى للدين المنصوص عليه في الدستور. وأظهرت القراءة النهائية لمسح معهد «ايفو« أن مؤشره لمناخ الأعمال هوى إلى 86.1 من 96.0 في فبراير/ شباط. وقال كليمنس فويست، رئيس المعهد، في بيان: «هذا أكبر نزول مسجل منذ إعادة توحيد ألمانيا وأقل قيمة منذ يوليو تموز 2009».
وقال: «الاقتصاد الألماني في حالة صدمة»، مضيفاً أن توقعات الأعمال بصفة خاصة ساءت بشكل غير مسبوق، بينما تدهور كثيراً أيضاً تقييم الشركات لوضعها الحالي. ودعا نائب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل المواطنين إلى التحلي بالشجاعة في مواجهة أزمة وباء كورونا المستجد. وبلغت مجمل الإصابات بداء كورونا المستجد، حسب موقع صحيفة مورغين برلينه بوست، إلى 35.500 حالة وارتفعت الوفيات إلى 189 حالة، وذلك لغاية ظهر الأربعاء.
وقال أولاف شولتس، الذي يشغل أيضاً منصب وزير المالية الألماني، في كلمته أمام البرلمان الألماني: «أمامنا أسابيع قاسية. يمكننا التغلب عليها إذا تضامنا معاً… الأمر يحتاج إلى ما هو أكثر من (تضامن) الحكومة (…) يتعين علينا جميعاً الاهتمام ببعضنا بعضاً. وفي هذه الحالة يمكننا اجتياز الأمر».
نفقات لا يمكن توفيرها
وأكد شويبله أن النفقات الضرورية الآن لا يمكن للحكومة الاتحادية والولايات أن توفرها من الموازنة الحالية أو من الاحتياطيات، موضحاً أن هناك لذلك حاجة إلى ميزانية تكميلية بقروض تبلغ قيمتها 156 مليار يورو. وقال: «هذا مبلغ ضخم»، موضحاً أنه يشكل تقريباً نصف الموازنة الاعتيادية السنوية للحكومة الاتحادية، مؤكداً أهمية أن يوافق البرلمان على استثناء سياسة الحد من الديون حالياً.
وتجدر الإشارة إلى أن سياسة الحد من الديون مدرجة في الدستور منذ عام 2009، وتنص على موازنة الإيرادات والنفقات على نحو مبدئي من دون إدخال ديون جديدة إلى الموازنة. وقال شولتس: «يمكننا إنجاز هذا الأمر. ألمانيا تتمتع بأعلى جدارة ائتمانية في الأسواق المالية»، مُرجعاً ذلك إلى الأداء الاقتصادي الجيد لألمانيا خلال الأعوام الماضية.
ومن المتوقع أن يسجل المؤشر الفرعي للتوقعات أكبر هبوط في مسوح القطاع التي ترجع إلى 70 عاماً.