الجزائر.. كورونا يجمد أجندة تبون السياسية

حجم الخط
4

الجزائر- عبد الرزاق بن عبد الله:

عقب إعلان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الثلاثاء، جاهزية مسودة التعديلات الدستورية، دفعت الظروف التي أصابت البلاد بسبب فيروس كورونا إلى تأجيل النقاش بشأنها، ما يعني تجميد أول ورشة سياسية لتبون وبالتالي أجندته في أولى سنوات حكمه.

واستقبل تبون الثلاثاء، فريق خبراء كلفه نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، بإعداد مسودة التعديل الدستوري، وشكرهم على جهودهم طوال الشهرين الماضيين “لترجمة إرادة التغيير الجذرية في مواد دستورية ستشكل أساسا لبناء الجمهورية الجديدة”، حسب الرئاسة.
غير أنه أعلن عقب الاجتماع “تأجيل توزيع هذه الوثيقة على الشخصيات الوطنية، وقيادات الأحزاب السياسية والنقابات وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، إلى حين تحسن الظروف التي تمر بها البلاد (في إشارة إلى جائحة كورونا)”.

** حجر الزاوية

ويعني هذا القرار “تجميدا مؤقتا” لهذه الورشة السياسية التي طالما وصفها تبون في حملته الانتخابية وبعد توليه الحكم في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بأنها “حجر الزاوية في أي إصلاحات” و”القاعدة الأساسية لتنفيذ برنامجه كرئيس”.

وحدد خليفة بوتفليقة سبعة محاور كبرى لفريق خبراء إعداد الدستور قبل بداية عملهم، وتتلخص في تعزيز حقوق الإنسان وتشديد آليات مكافحة الفساد، وتكريس الفصل بين السلطات لمنع وقوع حكم استبدادي، وتعزيز سلطة القضاء، وتجسيد المساواة بين المواطنين وترسيم هيئة الانتخابات العليا في الدستور.

وكان مقررا أن تعلن الرئاسة الجزائرية عن جاهزية مسودة التعديلات الدستورية في 15 مارس/آذار الجاري، كما أكد محمد لعقاب أحد معاوني الرئيس سابقا، لكن الإعلان تأخر إلى غاية يوم 24 مارس/ آذار بسبب الانتشار المفاجئ لكورونا بالبلاد.

وسجلت الجزائر في 25 فبراير/ شباط الماضي أول إصابة بكورونا لمواطن إيطالي يعمل في حقل بترولي بالجنوب تم ترحيله إلى بلده، لكن الوباء استمر في الانتشار انطلاقا من محافظة البليدة جنوب العاصمة، ليمتد إلى نصف ولايات البلاد الـ48.
وعلى إثر هذا الوضع الصحي، قررت السلطات عزل محافظة البليدة مركز الوباء، وفرض حظر تجوال ليلي بالعاصمة وغلق المساجد وكافة أماكن التجمعات والمطاعم والمقاهي، وتجميد مختلف النشاطات السياسية والرياضية مما أدى إلى شلل تام في البلاد.
وحتى الأربعاء، ارتفع عدد الوفيات بسبب فيروس كورونا في الجزائر إلى 21 والإصابات إلى 302.

** هدنة الحراك
وشهد يوم 20 مارس/ آذار الجاري أول توقف لمسيرات الحراك الشعبي، التي تطالب بتغيير جذري في البلاد.
ومنذ 22 فبراير/شباط 2019، لم تنقطع المسيرات الشعبية في المدن الجزائرية كل يومي ثلاثاء وجمعة، رغم تمكنها في 2 أبريل/ نيسان الماضي، من إجبار الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، على الاستقالة من الرئاسة (1999 ـ 2019).
إلا أن الحراك الشعبي لا يزال يطالب بتغييرات أوسع في نظام الحكم، فيما كانت التعديلات الدستورية الخطوة الأولى نحو هذه الإصلاحات التي يريدها الجزائريون بحسب تبون.
وعارض بعض الفاعلين في الحراك الشعبي انتخابات الرئاسة التي أفرزت تبون خليفة لبوتفليقة، كما واصلوا رفض “اليد الممدودة” من الرئيس الجديد لإطلاق إصلاحات يرون أنها مجرد “لعبة سياسية” للنظام من أجل تجديد واجهته دون تغيير عميق.
ويأتي توقف الحراك الشعبي كإجراء احترازي اتخذه ناشطون في الحراك، خشية من نقل العدوى وانتشار فيروس كورونا بين المشاركين.
ويعتبر ناشطو الحراك، المنتمين إلى منظمات حقوقية وأحزاب علمانية ويسارية توقف الحراك بمثابة “هدنة” مؤقتة مع السلطات أجبرهم عليها فيروس كورونا.
فيما يعد هؤلاء الناشطون، بالعودة إلى التظاهر بعد اختفاء خطر الفيروس، من أجل ما يصفونه بـ”استمرار الضغط على النظام لإرساء دولة ديمقراطية”.

وظل الرئيس عبد المجيد تبون يصف الحراك بـ”المبارك” ويؤكد على عدم ممانعته استمرار التظاهر في الشوارع شريطة أن تكون “سلمية وبعيدة عن اختراقها من جهات داخلية وخارجية (لم يسمها)”.

وبالتزامن مع عمل فريق خبراء الدستور، واصل تبون استقبال عدة شخصيات ومعارضين ومسؤولين سابقين، لبحث مقترحاتهم بشأن التعديل الدستوري، وسبل الخروج من الأزمة السياسية التي دخلتها البلاد منذ الإطاحة بسلفه عبد العزيز بوتفليقة في 2019.

** إعادة النظر في أجندة تبون
وكانت الأجندة الرئاسية المعلنة منذ الإعلان عن ورشة الدستور، تقضي بفتح نقاش سياسي بشأن المسودة الأولى من أجل جمع مقترحات الطبقة السياسية في البلاد.
وعقب جمع المقترحات، يتم تحويلها إلى فريق الخبراء مجددا لتضمينها في النسخة الأولى لتصبح “وثيقة توافقية”، ثم يتم تنظيم استفتاء شعبي بشأنها.

وكانت تقارير غير رسمية أكدت قبل ظهور أزمة كورونا، أن وثيقة الدستور الجديد ستعرض على استفتاء شعبي في يونيو/ حزيران 2020، فيما صرح تبون أنه سيتم بعد هذه الخطوة تعديل قانون الانتخاب، والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة خلال أشهر.

وخلط ظهور وباء كورونا المعطيات السياسية في البلاد، مما سيؤدي بالرئيس الجزائري إلى مراجعة “أجندته السياسية” الحالية.

وفي ظل عدم وجود أفق واضح لانحسار هذا الوباء عالميا فإن السلطات الجزائرية مضطرة لتأجيل النقاش بشأن مسودة الدستور لأسابيع أخرى، وبالتالي ترحيل موعد الاستفتاء من يونيو/ حزيران إلى موعد لاحق.

وسيؤدي تأجيل موعد الاستفتاء أيضا إلى تجميد قرار حل البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة، والذي كان مقررا قبل نهاية السنة الجارية وفق مصادر إعلامية.
وكان من المقرر أن يتم تعديل قوانين الانتخابات والأحزاب بشكل يتلاءم مع الدستور الجديد قبل الذهاب إلى أي اقتراع برلماني أو محلي.

وتنتهي الولاية الحالية للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، في مايو/ أيار 2022، حيث جرى انتخاب أعضائه في الشهر نفسه من عام 2017 وذلك لمدة خمس سنوات، وهو ما يعني أن ترحيل الانتخابات النيابية لأشهر أخرى سيكون بمثابة استمرار البرلمان الحالي إلى نهاية ولايته.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جزائرية:

    يجهزون لدستور على مقاسهم يعني ليس دستور لصالح الشعب والديموقراطية وإنما دستور لكبح الحريات والتسلط اكثر!! لا تكلمونا على دساتير العرب من فضلكم وشكرا

  2. يقول البرويطي:

    أكبر مستفيد من كورونا هو تبون، فقد انشغل الشارع بكورونا وتوقف الحراك بسبب كورونا وخمدت أصوات المعارضة واستفردت السلطة بالمعارضين في السجنن وسلطت على البعض منهم أحكاما قاسية بالسجن، وأي اعتراض أو مطالبة أو اقتراح تتذرع السلطة بأنها مشغولة بمحاربة كورونا، إذن فالرئيس المزور وعصابته هم أكبر المستفيدن من كورونا ويتمنون إطالتها ليطول بقاؤهم في السطلة، مادام الشعب هو من يدفع الثمن بحكم المنظومة الصحية التي تكاد تنعدم وانخفاض أسعار النفط، مما يضع السلطة المزورة أمام عدم قدرتها على تنفيذ الوعود الكاذبة في الحملة الانتخابية البائسة إذا ما انقشعت حجب كورونا وانكشف عورة السطلة.

  3. يقول Tarik from morocco:

    للملاحظة المسيرات تم تعليقها لكن الحراك لازال مستمرا. كورونا ستعلم الحركيين أولى مبادئ العصيان المدني.

  4. يقول Kamal:

    الرءاسة تجمد جميع الانشطة وهل كانت هده الانشطة في صالح الشعب
    اطلاقا كل ما اتخد لتتبيت الحكم العسكري بوحه مدني تم سن دستور يمنح العسكر حق التصرف في اموال الشعب تم قمع أي مواطن كيفما كان توجهه
    الحمد لله ان هده الجاءحة ستؤكد للعالم ان هدا النظام على ابواب السقوط لأن المواطن لايجد الآن لاحليب لا خظر لا فواكه لا سمك وان وجد احدى هده الامور لابد ان ينظر إليها فقط لأن ثمنها تجاوز الخيال
    فهنيءا للجزاءر الجديدة بالتغيير الدي لم يعير شيءا

إشترك في قائمتنا البريدية