كورونا

جُرْثومَةٌ، يا ضَعْفَها،
هَزَّتْ عُروشَ الأقْوِياءْ،
فَتَرَنَّحَتْ تلكَ العُروشُ
وَكادَ يَنْثُرُها الهَباءْ،
وَتَصَدَّعَتْ أهْرامُ فِكْرٍ بائِسٍ
شِيْدَتْ على رَمْلِ السِّياسَةِ
وَالنَّخاسَةِ وَالدَّهاءْ،
وَهَوَتْ بُروجٌ ظَنَّها أصْحابُها
تَعْصى على سُنَنِ الفَناءْ،
وَغَدا السُّؤالُ على بِساطِ البَحْثِ:
هلْ نَبْقى على قَيْدِ البَقاءْ؟
جُرْثومةٌ، يا صُغْرَها،
جَعَلَتْ قِوًى عُظْمى تُعِيْدُ حِسابَها
وَتَرى خَطاياها المُمِيْتَةَ في الحِسابْ،
وَتَساقَطَتْ، في لَحْظَةٍ، جُدْرانُ بَرْلينَ
الَّتي ارْتَفَعَتْ، على مَرِّ الزَّمانِ، لَعَلّها
تَحْمي المَكانَةَ وَالمَكانَ مِنَ الجَراثيمِ
الَّتي تَجْتاحُ،
وَارْتَفَعَتْ، على الأنْقاضِ، جُدْرانُ السُّؤالْ:
– هلْ دَقَّ ناقوسُ الحِسابْ؟
– هلْ تَرْجِعُ الأرْضُ الَّتي ازْدَهَرَتْ،
على مَرِّ القُرونِ، إلى اليَبابْ؟
– هلْ يَمَّمَتْ شمسُ الحَضاراتِ العَرِيْقَةِ،
فَجْأةً، شَطْرَ الزَّوالْ؟
هيَ لَحْظَةٌ
فيها تَكَوَّرَتِ المَفاعِيْلُ الَّتي
نَجَمَتْ عنِ الإمْعانِ في خَرْقِ
النَّواميسِ العَتِيْقَةِ لِلطَّبِيْعَةِ
وَالحَقِيْقَةِ وَالكِتابْ.
هيَ لَحْظَةٌ
لِلْغَوْصِ في أعْماقِنا
بَحْثًا عنِ الدُّرَرِ الَّتي
تُفْضي إلى عَيْنِ الصَّوابْ.
جُرْثومةٌ، يا سَعْدَها،
كيفَ اسْتَطاعَتْ وَحْدَها
أنْ تَقلُبَ الدُّنْيا على أعْقابِها
فَتَجمَّعَتْ أُمَمٌ تَشَتَّتَ شَمْلُها
وَتَوَحَّدَتْ مُدُنٌ تَصَرَّمَ وُدُّها
وَاسْتَيْقَظَتْ منْ نَوْمِها الكَهْفِيِّ
كيْ تَجْلو حَقِيْقَةَ أمْرِها؟
شُكْرًا لِكُوْرُوْنا الَّتي
أرْخَتْ عَلَيْها ظِلَّها
كيْ تَسْتَفيْقَ مِنَ الكَرى
أُمَمٌ تَعامَتْ عنْ عَذاباتِ الوَرى
مُدُنٌ تَخَطَّتْ قُدْسَ أَقْداسِ القُرى
هلْ يا تُرى،
بَعْدَ التَّعامي وَالتَّخَطّي،
يَحْمُدُ القَوْمُ السُّرى؟

٭ شاعر لبناني
19 / 3 / 2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الدكتور جمال البدري:

    جميل أنْ نقرأ للشاعر والناقد اللبنانيّ سلمان زين الدّين في جريدة القدس العربيّ.وأعجبني بالقصيدة ما يسمّى في البلاغة العربيّة أسلوب : الالتفات.أي الانتقال الخطابيّ من الحضور إلى الغيبة وبالعكس…ومن المفرد إلى الجمع كصيغة أساس ؛ ومن الصغر في ( الجرثومة ) إلى الكبر في ( الدول ) أي العلاقة الجدلية قياسًا لحجم الفيروس.وصــحّ لسانك كما يقول أصحاب الشعرالنبطيّ…ولا ننسى التبريك لحضرتك بصدور كتابك الجديد : في مهب الرّواية.مع خالص المودة.

    1. يقول سلمان زين الدين:

      شكرا دكتور جمال على تقييمك التقني المحترف ويسعدني أن يقرأ شعري أمثالك، مع خالص الود.

إشترك في قائمتنا البريدية