مشاعر الغضب التي يوجهها اليسار لبني غانتس مبالغ فيها، بل لا أساس لها، لا سيما إذا كان لهذا اليسار أجندة أخرى، باستثناء “كله إلا بيبي”؛ لأن الحكومة الجديدة المتبلورة في الوقت الحالي ليست حكومة يمينية، مثلما تخيل اليمين، إنما حكومة تعكس حقيقة أن نتنياهو قد انتصر، ولكن اليمين خسر. هذه حكومة صحيح أنها ترفع غيمة القوانين الشخصية التي تحوم فوق رأس نتنياهو، لكنها في المقابل تبدد الغيوم الثقيلة من فوق رأس المعسكر الوطني.
توزيع الحقائب بين كتلة اليمين وحزب “أزرق أبيض” بصيغته المصغرة ودون “يوجد مستقبل”، غير متساو بشكل جوهري. بالنسبة لحجمه ولقوته، عقد غانتس صفقة جيدة جداً. في الأصل، لو لم يحصل على حقيبة العدل التي أوضح الصراع بين المحكمة العليا ويولي أدلشتاين بشكل جيد أهمية هذه الحقيبة، لكن نتنياهو استسلم حتى في هذه الجبهة الحاسمة.
لذلك، من الصعب توقع كمية السم وخيبة الأمل التي تغرق في الوقت الحالي مصوتي “أزرق أبيض” واليسار مؤخراً دون التساؤل: ما الذي يصدمهم؟ غانتس عقد صفقة ممتازة حسب رأيه. هو بالطبع عرف جيداً ما ينتظره في المعسكر الذي وقف خلفه، وتطلع إلى دفعه إلى حكومة أقلية بدعم القائمة المشتركة، لكنه أيضاً يعرف جيداً أن الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو في هذه الظروف يخدم معسكره بصورة أكثر نجاعة بكثير.
فشل اليمين كبير: عضو الكنيست حيلي تروف الذي تم إعداده لحقيبة العدل، لن يناضل من أجل جهاز قضائي نزيه ومهني مثلما ناضل أمير أوحانا. غابي أشكنازي الذي بلور جيشاً يضبط نفسه، لن يحارب ضد اليساريين الفوضويين ولن يقوم ببناء حي يهودي في الخليل مثلما فعل نفتالي بينيت. وإذا كان الأمر يتعلق بميكي حيموفيتش، فكانت ستبقي الغاز ومليارات الدولارات مدفونة تحت الأرض.
هذا ليس لأن للحقائب الأخرى المعروضة على من انضموا – التعليم والثقافة والصحة والزراعة والمواصلات – ليس لها أهمية جماهيرية أو فائدة سياسية. بتسلئيل سموتريتش كوزير للمواصلات نجح أيضاً في أن يستثمر في الاستيطان في يهودا والسامرة من خلال شق الطرق وتطوير البنى التحتية وتحسين مكانته الشعبية. وظيفة وزير المالية يمكن أن تبني وتدمر سياسيين (بالأساس تدمر). بنيامين نتنياهو أوصلته هذه الوظيفة إلى رئاسة الحكومة، أما موشيه كحلون فقد دمرته. مع ذلك، توزيع الحقائب ظلم اليمين. وأكثر من كل شيء، يبدو أن نتنياهو قد اشترى بقاء حكمه بثمن باهظ جداً، ربما يتعلق هذا بالاتهامات الموجهة إليه، وربما لأنه ليس يمينياً حقيقياً. في نهاية المطاف، البعد الأيديولوجي بينه وبين مباي أصغر مما اعتيد الاعتقاد. نتنياهو يعارض المستوطنات ويؤيد السلام (خطاب بار ايلان) ويعارض الإضرار بالمحكمة (رغم تحريض اليسار بهذا الشأن).
باستثناء الحكومة الأخيرة، دائماً ما يفضل نتنياهو ائتلافات معتدلة، وليس صدفة أن أدخل تحت جناحيه إيهود باراك في 2009، وأعطى وزارة العدل لتسيبي لفني في 2013، وقد حافظ على الجهاز القضائي، وسيواصل القيام بذلك مع غانتس أيضاً. وبخصوص الضم الذي احتفل به نتنياهو وترامب قبل بضعة أشهر، يبدو أنه لا حاجة إلى التوسع في ذلك. اليسار يلهج بالحديث ويصرخ وينقض ويتذمر ويحتدم، هو معتاد على ذلك. ولكن في السطر الأخير، يجب عليه أن يكون راضياً، نتنياهو انتصر، لكن اليمين خسر.
بقلم: نافا درومي
هآرتس 31/3/2020