لدى الأمريكان الشك ببقاء دول كثيرة بعد ثلاثين عاماً بحدودها الجغرافية الحالية، مثل روسيا واسبانيا، ودول لاتينية وافريقية، وكوريا الشمالية وايران وحتى الصين وغيرها. ولكن لدى الامريكان اليقين الكامل بان الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية ستصل حتى ثلاثين عاماً ويزيد، وهذه الرؤية هي في الليلة الاولى للمعركة، بمعنى أن هذا التنظيم باقٍ حتى ثلاثين عاماً، وهو ليس قوة نووية، ولا يملك مقومات الدولة، وليس أكثر من تجمع بشري لا يتجاوز اربعين ألفاً، فما هذه الحرب إذن؟
بالنسبة لتركيا: هي عملياً تعيش حالة بين الحفاظ على قوة اقليمية ضخمة قابلة للصمود خلال العقود الآتية مع الحفاظ على استمرار نهضتها الاقتصادية المميزة، وبين تركيا التي تريد ان تكون على المستوى السياسي، سويسرا العالم الاسلامي، وهذا ما فشلت فيه خلال الاعوام الماضية، من خلال تبني نظرية مشاكل صفر، لان هذه النظرية وبحسب الوقائع، يمكن ان تنجح على المستوى الداخلي، ويمكن ان تكون جسرا للدبلوماسية، ولكن حرارة الصراع الاقليمي اذابتها في وقت مبكر، وجعلت تركيا في وسط هذا الصراع، تحاول جهدها عدم الانزلاق فيه، وقد تنجح في هذا.
تركيا لا تستطيع اقناع شعبها بالذهاب للحرب ثلاثين سنة بذريعة مواجهة اربعين الفا من المتطرفين، لأن لهم خطراً مستقبلياً تفترضه امريكا، وهي أي تركيا، ترى نفسها واجهت وتواجه تنظيمات متطرفة مثل حزب العمال الكردستاني، وكانت وحدها في الصراع طوال هذا الامد من الحرب، لذلك فبقاء اليد على الزناد ضد حزب العمال الكردستاني يكفي تركيا للسنوات القادمة، من الدخول في تحالف لا يعني سوى تصفية اربعين الفا يخوضون صراعا متحركاً، قد لا تعني لهم الحدود شيئاً لكن هذه الحدود الطويلة هي مهمة لتركيا التي تريد ان تحافظ على أمنها في جبهتها الشرقية، وانخراطها في هذا الصراع ضد تنظيم الدولة سيفتح عليها جبهة واسعة من الصعب جدا السيطرة الامنية عليها، ومنع تسلل هذا التنظيم للقيام برد فعل انتقامي ضد تركيا القريبة منه.
هنا بالضبط يكتشف الاتراك ان الحرب فيها رابحون منذ البداية وفيها خاسرون، فالأمريكان وشركاؤهم في صناعة السلاح، عمليا يعيشون منذ الدقيقة الاولى انتعاش اقتصاد الحرب، فمن يدفع ثمن الكلفة العسكرية هم العرب من جانب، والاكراد من جانب اخر الذين تم الزج بقواتهم في الحرب منذ توريطهم باجتياح قرى الموصل. وبهذا المكان لا يجد الاتراك لهم أي موقع سوى في قائمة الخاسرين الذين عليهم دفع الفواتير ثلاثين سنة تفترضها امريكا، وليس الدخول للحرب كمن نأى بنفسه عنها.
بغض النظر عن الكلام السياسي الذي تعلنه تركيا، فمن الواضح ان هناك واقعاً ستعيشه المنطقة خلال ثلاثين عاماً مفترضة، وهي ليست عمراً سهلاً، هي مسؤولية جيل بأكمله، فالعرب مثلا يغامرون باقتصادهم ومستقبلهم ومستقبل جيل بأكمله سينقسم الى نصفين، واحد سيذهب للقتال في صفوف تنظيم الدولة، والثاني سيكون مع من تبقى من تلك الدولة، بمعنى أن حرب العرب ضد تنظيم الدولة هي بالنسبة للنظام الرسمي العربي الحرب المصيرية الاولى في الحياة، لأنها تعني بقاء او زوال هذا النظام، والدول العربية معنية على اختلافها بان توحد جهودها ضد تنظيم الدولة لأنها في النهاية تدافع عن حدود بقائها التي هي سايكس بيكو. وهي معنية بالمغامرة بحياة ومستقبل واقتصاد جيل شبابها الحالي، لسبب واحد لا غير، أنها لا تريد الانفتاح على شبابها واستيعابهم وتريد ان تبقى دولة الامير او السلطان او الزعيم في زمن تغير فيه لون وشكل بشرة الكرة الارضية.
الاتراك لديهم رؤية مختلفة للجيل في بلادهم، فأنت في تجوالك على المدن التركية تجد فيها نهضة عمرانية فريدة وسريعة، فوق بنية تحتية صاعدة ومميزة، وتجد جيلاً متحركاً باستمرار. وأنت تشاهد هذا المشهد المميز تعرف أن مستقبل هذا الجيل يعني تأمين مستلزمات الحياة، وليس التوجه لحرب قد تتعارض مع كل هذا التقدم، وتدفع تركيا للعودة للوراء، ويكفي انخراط تركيا في حرب كهذه أنه بفعل وجودها كدولة حدودية سيدفع بها للعيش في هاجس امني قد يفقد بسببه الاتراك الاستقرار ويتحولون الى دولة بوليسية على الاقل بمناطق الجنوب المحاذية للحرب.
تركيا في زمن الجنرالات عاشت حقبة هجرة الشباب للقتال في البوسنة، وعاشت تجربة ثانية في الشيشان، وعاشت غيرها في افغانستان، وهي كغيرها، قد تنقسم داخلياً في صراع صعب، في حال انخراطها في الحرب ضد تنظيم الدولة.
تبقى مشكلة الاكراد، الذين هم بين ثنائية الدم والرماد، ففكرة الحصول على كيانية مستقلة، اذا كان الهدف منها حماية الشعب الكردي، فهذه بعد عشرات السنين من الحرب هم ينتظرون ثلاثين سنة قادمة، وخلال السنوات القادمة، هم لن يحاربوا صدام حسين ولا جنرالات تركيا، ولكنهم سيحاربون ايضا بعضهم بشراسة بالغة، فكثير من الاكراد هم في صفوف تنظيم الدولة الذي بامتياز هو التنظيم العابر للحدود والثقافات واللغات.
اذا كان المقصود من الحرب على تنظيم الدولة هو تدمير هذا التنظيم، فالحلول السياسية هي افضل من مئات الالاف من الضحايا وضياع جيل بأكمله، هو جيل سيقاتل بعضه.
٭ كاتب فلسطيني
أيمن خالد
الأكراد قد تحصلوا على نسبة 10% من انتخابات الرئاسه التركيه
أي أن قوتهم بتركيا ليس قوية وذات مفعول
الأفضل تفاوضهم على تطوير القوانين بتركيا حتى تتطور العلاقات
أكراد تركيا علمانيين لذلك فهم على نفس العداء مع الحكومة والعسكر
ولا حول ولا قوة الا بالله
ان التخطيط الامريكي تخطيط فوق العادة ، واهدافه كبيرة ، ولا تسعه الكرة الارضية برمتها ، ولا السماء ببعدها ، فهي تريد ان تلتهم الجميع كصيد سمين ، او ككعة حلوة الطعم ، او ماء تروي به جشعها ، بعض الدول تتبعها لاهداف اقتصادية ولقلة مواردها ، ولضعفها ، وللدعم السنوي الذي تدره المريكا لها ، فتركيا معروفا عنه منذ لازل عن قوتها وبسالتها ، فقد هيمنة على كثير من الدول لفترات ، وتعرقت بأصولها العثماني ، فامريكا تعرف هذا جيدا فما عليها الا ان تتقرب منها بالسياسة اللينة والكلمة الطيبة ، والاقناع ، وفتح جزء من اغلفة الملفات لها ، ولكن تركيا فاهمة اللعبة الامريكية والكأس الامريكي الذي نصفة ممتلء ونصفه الاخر فاض ، وهي حريصة كل الحرص لابتعاد عن هذه اللعبة اليهودية الامريكية ، فهي لاتحتاج دولارات امريكا ولا العملة لاسرائيلية ـ الشيكل الاسرائيلي – فامريكا الان حفرت لنفسها حفرة عميقة لا تكاد ترى منها ، لتأسيسها الجماعة الاسلامية داعش في المنطقة ، لاشغال العالم ولهيية عن القضية الاصلية التي وضعت في ادراج مظلمة ، كلما رأت النور قليلا عيدت للظلام الدامس ، قضية فلسطين ، فداعش حفنة من المقاتلين لا يكادوا يروا في الصحاري ، تشغل العالم وتهيبه ، من غير المعقول ، اما ايران الفارسية ، التي ربما كثير من الناس لا يستصيغها ، وتسبب له عسر هضم ، ودوران ، لعدم وضوحها للشخص العادي ، ولسياساتها المزدوجه ، والكيل الغير منصف لجيرانها ، وما يميزالسياسة الايرانية ، انها تشرب امريكا من نفس الكأس في التعامل والمراوغة ، والوعود ، الغير منفذة منها ، في المجال النووي ،وهي قوة الان كبرى تحسب لها امريكا الف حساب ، وتملك عدد سكاني كبير جدا ، بل مهول ، فأمريكا وقعت في بئر معطلة ، ولن تستفيد من تركيا وايران ،لعلوا كعبهما السياسي والمادي والبشري، فهي شهور وتمضي ، تستفيد من الدول الخليجية التي تخر قربها ما لا ونفظا ، وستأتينا بعد ذلك بشكلة مختلقة وتشوش بها الخليج ، وتستنزف امواله ، لانهم سيبقون تبعا لامريكا وفي غياهب الجب ، الا اذا اشرقت الشمس من الغرب وتغيرت الكرة الارضية فهم سيتغيرون فكل عربي يتمنى ان دول الخليح تمسح المياه البيضاء من على اعينها وتشوف بوضوح ما يدبر لها.