كورونا يتعامل مع البشرية بدون تمييز… والجيش الأبيض ما زال يعاني في صمت

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: لا مفر أمام كتاب الصحف على مختلف تخصصاتهم هذه الأيام، سوى إقتفاء أثر كورونا وأمس الثلاثاء، ظهر الرئيس عبدالفتاح السيسي مرتدياً الكمامة قائلاً: «إنه عقب تفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد – 19 كان حريصًا على ارتداء الكمامة، في أول تجمع له وللحكومة بعد تفشي الفيروس، ولتكون رسالة للمواطنين بضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية». فيما طالب النائب في البرلمان هيثم الحريري وزير القوى العاملة، بضرورة زيادة الدعم النقدي، وسرعة اتخاذ اللازم لتحديد من يستحق، وسرعة الصرف، حيث أن هناك مئات آلاف من الكبار والشباب، الذين تقطعت سبل الرزق بهم، وأصبحوا بلا عمل، وبلا دخل، بسبب انتشار فيروس كورونا، وإغلاق مصادر الرزق بشكل دائم، أو مؤقت.

الأسواق تشهد ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع الغذائية… وتجدد المطالبة بإطلاق سراح سجناء الرأي

وشددت وزارة الأوقاف على جميع مديري المديريات والإدارات التنسيق مع المفتشين، بضرورة التأكيد على جميع الأئمة والعمال والمؤذنين متابعة غلق جميع المساجد والزوايا المكلفين بالإشراف عليها، طوال فترة الغلق. كما شددت الوزارة في بيان لها، على عدم السماح بترك مفتاح أي مسجد أو زاوية مع أي شخص كان. وأكدت الوزارة على أن عقوبة فتح المسجد لأي تجمع كان، سواء عقد قران أو عزاء أو صلاة جنازة أو خلافه، أو ترك المسجد مفتوحا لدخول أحد أثناء الأذان من غير العاملين في المسجد هي إنهاء خدمة المقصر، كما يحظر نشر أي أخبار تتصل بانتشار فيروس كورونا، أو عدد الإصابات غير التي تصدر رسميا عن وزارة الصحة. وداهم كورونا أمس مليارديراً شهيراً هو منصور الجمال رجل الأعمال، ورئيس مجلس إدارة شركة «نيو جيزة» للتنمية العقارية، الذي توفي بعد تدهور حالته الصحية، خلال الأيام الماضية بسبب إصابته بالفيروس، وقال يحيى الجمال نجل رجل الأعمال، في منشور على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي: «توفي أبي منصور رحمة الله عليه». الجمال، هو طليق الفنانة ليلى علوي، واكتشف رجل الأعمال الراحل إصابته بفيروس كورونا فور عودته مؤخرًا من رحلة خارجية، حيث شعر بضيق في التنفس وارتفاع في الحرارة، ونقلته سيارة إسعاف من منزله في الزمالك، إلى المستشفى، حيث ساءت حالته حتى فارق الحياة.

مستقبل غامض

اهتم عمرو الشوبكي في «المصري اليوم» بمقال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، الذي نشر أمس الأول في «وول ستريت جورنال» قائلا: «يثير المقال كثيرًا من التساؤلات حول عالم ما بعد كورونا، خاصة أن الرجل ليس فقط واحداً من أهم وزراء خارجية أمريكا، إنما هو أيضا «مصنع أفكار» تثير الجدل في العالم كله. أضاف الشوبكي، دق مقال كيسنجر ناقوس الخطر، متوقعاً حدوث اضطرابات سياسية واقتصادية، قد تستمر لأجيال بسبب الوباء، ملمحًا إلى تفكك العقد الاجتماعي محليا ودوليا. وأشار «إلي أن الجو السيريالي لوباء Covid-19 يشير إلى ما شعرت به عندما كنت شابًا في فرقة المشاة 84 خلال معركة الثغرة، في الحرب العالمية الثانية في أواخر عام 1944، حين كان هناك إحساس بخطر ناشئ لا يستهدف أي شخص بعينه، بل يضرب بشكل عشوائي مخلفا الدمار». وأبدى الرجل اندهاشه من كون دول العالم تتعامل بمنطق وطني مع الفيروس، في حين أنه تحول إلى وباء عالمي وليس محليا. وقال إن الحكومة الفعالة، وبعيدة النظر ضرورية للتغلب على العقبات غير المسبوقة في الحجم والنطاق العالمي، وإن الحفاظ على ثقة الجمهور أمر حاسم للتضامن الاجتماعي، وعلاقة المجتمعات ببعضها، وللسلام والاستقرار الدوليين. وأضاف، تتماسك الأمم وتزدهر عندما يمكن أن تتنبأ مؤسساتها بالكارثة، وتوقف تأثيرها وتستعيد الاستقرار. وعندما ينتهي وباء كورونا، سيتم النظر إلى مؤسسات العديد من البلدان، على أنها فشلت. لا يهم ما إذا كان هذا الحكم عادلاً أم لا، لأن العالم لن يكون كما كان قبل الفيروس».

العدالة

هذا الفيروس من وجهة نظر طه خليفة في «الشبكة العربية» عادل لأنه: «ضرب البشرية كلها، لم يفرق بين أصحاب الديانات السماوية الثلاثة وبين المؤمنين بالعقائد الأرضية الوضعية، كما لم يميز بين أصحاب المذاهب والملل والنحل المختلفة، فقد ضرب السنة كما الشيعة، واخترق أجساد الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت، واتجه إلى الهندوس والسيخ والبوذيين والوثنيين واللادينيين، ولم يتجنب قومية دون أخرى، ولا عرقاً أو لوناً دون آخر، ويجوب العالم من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، ولا يتجه للمواطنين العاديين وحدهم، بل يستهدف الملوك والحكام والمسؤولين أيضاً، ولا يمنعه عن الوصول لهدفه حاجز أو سد أو حصن منيع. كيف نفهم ذلك؟ أفهم أنه لا شيء في هذا الكون، صغيراً أم كبيراً، نافعاً أم ضاراً، مهماً أم قليل الفائدة، عظيماً أم حقيراً، إلا مسيراً بمشيئة الله تعالى خالق الكون ومالكه والمتحكم فيه وحده، «لمن الملك اليوم لله الواحد القهار». ولا يمكن أن يكون الفيروس – الذي يُرعب العالم الذي بلغ مكانة كبيرة في التقدم المادي – خلق نفسه بنفسه، أو أنه يتحرك ويعمل من نفسه وبقدرته الذاتية، إنما هو جند من جنود الله، وله هدف ورسالة إلهية للبشر جميعاً، المهم أن ينتبهوا لها ويستوعبوها، ولا يستمرون في غيهم يعمهون. وما يلفت النظر بإمعان أن فيروس كورونا المستجد، يستهدف رئة الإنسان فقط، فهو يتعلق بمنطقة الحلق منتظراً الفرصة للتسلل إلى القصبة الهوائية فالنزول إلى الرئتين والدخول إلى الخلايا، والتكاثر فيهما وتدميرهما تدريجياً، وما لم يكن جهاز المناعة في جسد المصاب به قوياً، فيهزم الفيروس ويدمره فلن ينجو الإنسان، إذ ليس هناك دواء ناجع حتى الآن لإفساد عمله وقتله. من الذي برمج هذا الكائن الضئيل ليستهدف عضواً معيناً في جسم الإنسان دون بقية الأعضاء؟ هذا يؤكد القدرة الإلهية في نشأة وعمل وتوجيه هذا الفيروس».

نماذج مضيئة

يخوض الأطباء في مصر والعالم حاليا حربا ضروسا على فيروس كورونا، باعتبارهم خط الدفاع الأول عن البشرية، وأشاد طلعت إسماعيل في «الشروق» ببعض النماذج: «التحية الأولى موجهة إلى روح الدكتور أحمد اللواح أستاذ ورئيس قسم التحاليل الطبية في جامعة الأزهر، الذي نعته النقابة العامة للأطباء، كأول شهيد للواجب، عقب وفاته بفيروس كورونا في مستشفى العزل في الاسماعيلية، إثر اصابته بالفيروس خلال تعامله مع مريض أجنبي في بورسعيد. الشهيد اللواح ظل حتى انتقل للرفيق الأعلى يقدم المثال والقدوة في كيفية التضحية، وفور اكتشافه للمرض عزل نفسه، وظل ينصح الناس على صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك»، بـ«البقاء في البيت» حفاظا على أرواحهم، ولتقليل انتشار الفيروس اللعين. النموذج الثاني هو الدكتورة آية الحديدي، رئيسة قسم العناية المركزة في مستشفى الصدر في المنصورة، التي كرمتها النقابة العامة للأطباء، «كرمز لكل طبيبة تضحي من أجل إنقاذ حياة مريض»، لمرافقتها أول حالة إصابة بفيروس كورونا في محافظة الدقهلية، خلال نقلها من مستشفى الصدر في المنصورة إلى الحجر الصحي في الاسماعيلية، بدافع «رفع حالة الخوف وإعطاء نموذج لكيفية العمل في ظل هذه الظروف»، كما قالت لوسائل الإعلام. النموذج الثالث، ليس متخصصا في الأمراض الصدرية، أو التحاليل الطبية، لكنه طبيب الأنف والأذن في مستشفى دهب في جنوب سيناء الدكتور محمد حسين، الذي قام من دون «تعليمات فوقية»، وبمجهود فردي، بتعقيم وتطهير شوارع المدينة، ضمن الإجراءات والتدابير الوقائية لمواجهة الوباء. وفي شوارع شبه مهجورة كان الدكتور محمد حسين، يقود سيارة نصف نقل تحمل مواد مطهرة لتعقيم الميادين ومناطق التجمعات، والمحال التجارية، في مشهد يقول إن البطولة تكمن في التفاصيل البسيطة. والجميل في قصة هذا الرجل إنه لم يكن يتبقى له سوي خمسة أيام للإحالة على المعاش، لكن قاده إلى هذا العمل حس المسؤولية تجاه مدينة عاش فيها نحو أربعين عامًا، و«لم يصبها أي وباء، ولن أسلمها وقد دخلها وباء» على حد تعبيره».

الانهيار مقبل

بات محمد عصمت من أشد المتوجسين من المستقبل موضحاً في «الشروق»: «لم يعد أمامنا وقت طويل حتى نشهد ـ رسميا ـ انهيار النظام العالمي الراهن، وكأنه قصر من الرمال، بعد غزوات فيروس كورونا التي ضربت الأرض من مشارقها إلى مغاربها، ونسفت كل مفاهيم العولمة، خاصة في جانبها الاقتصادي، الذي كان مبنيا على تجزئة الصناعات التكنولوجية الحديثة، بين أكثر من بلد، للوصول إلى آليات إنتاجية أكثر كفاءة كنتيجة لتخصص دول معينة في صناعات محددة، حيث بدأت هذه الدول في التفكير مليا في الاعتماد على الذات، حتى لا ترهن قدراتها الاقتصادية والصناعية بما يحدث خارج حدودها. مراكز صنع القرار ومؤسسات الأبحاث في الدول الغربية الكبرى أمامها الآن تحديات جديدة بعد أن سقطت في امتحانين مصيريين، الأول يتعلق بعجزها عن تجنب الأزمة الاقتصادية المنتظرة، التي بدأت تنذر بخسائر فادحة في البورصات العالمية وإفلاس آلاف الشركات وقبل ذلك العجز الفادح في ميزانيات هذه الدول، وارتفاع مديونياتها لأرقام فلكية، والثاني في فضيحة الأنظمة الصحية فيها، التي أدى عدم كفاءتها لوقوع مآسٍ إنسانية مروعة، بموت آلاف المرضى المصابين بالفيروس. كل الشواهد تكاد تؤكد أننا سوف نواجه مرحلة سيولة في العلاقات الدولية في الفترات المقبلة، اللاعبون الكبار على المسرح الدولي سينكفئون على ذواتهم، لن يستطيعوا لعب الأدوار نفسها التي كانوا يلعبونها من قبل، أمريكا الدولة الأقوى في العالم ستدخل عام الانتخابات الرئاسية، وهي تحمل لعنة كورونا، باعتبارها البلد الأكثر إصابة بالفيروس، الاتحاد الأوروبي فقد شرعيته الأخلاقية، بعد أن تصرفت دوله بمنتهي الأنانية في مواجهة كورونا، ورفضت مساعدة الدول الأكثر تعرضا لضربات الفيروس كإيطاليا وصربيا، أما الصين وإن كانت تنافس على زعامة العالم، إلا أنها تدرك أن الوقت لم يأتِ بعد».

لا ترجفوا الناس

من المسلمات التي يشير إليها الشيخ محمود الهواري في «البوابة نيوز» تغير الفتوى واختلافها حسب الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات، وهذا يفهم منه أن الشيء قد يكون مباحًا في زمان، فيأخذ حكم الاستحباب في زمان مختلف، أو يكون واجبًا في زمان فيكون أوجب في غيره، أو يكون حرامًا في زمان فتشتد حرمته في زمان آخر. وتغير الأحكام وانتقالها يكون وفق ضوابط فصلها أهل العلم في مظانها من كتب الأصول. وهذه المقدمة لازمة لما ينبغي أن نفهمه في إدارتنا لأزمة كورونا، في ما سيأتي بعدُ. وأحد أسباب نجاتنا من أزمة الفيروس – بعد ستر الله عز وجل- أن نُحسن إدارة هذه الأزمة؛ إذ يلزم أن نفهم أن أزمنة الأوبئة والأمراض بيئة خصبة ليس لتفشي المرض والفيروس وحده، وإنما لتفشي ظواهر اجتماعية وأخلاقية لا تُقبَل في غيرها من الأزمنة. ومن هذه الظواهر المنافية للأخلاق والمهددة للمجتمعات الشائعات والأكاذيب والأراجيف. وإذا كانت أزمنة الرخاء والسعة يَحرُم فيها الكذب والدجل والإرجاف والشائعات، فإن أزمنة الأوبئة والأمراض والنوازل تزداد فيها الحرمة؛ لما تخلقه الشائعات والأكاذيب من خلل بين صفوف المجتمع، وزرع للضغينة بينهم، وتبديد للجهود، وإهدار للموارد، وإضعاف ثقة الناس في المؤسسات، في وقت يحتاج فيه الوطن إلى التفاف أبنائه حول الجهات المسؤولة فيه، فضلًا عما تسببه الشائعات من مضاعفة الأزمة ذاتها، وخلق أزمات جديدة، إلى غير ذلك مما يرصده علماء الاجتماع والنفس والاقتصاد المتخصصون. وربما كان انتشار الشائعات في أزمة كورونا بسبب خوف الإنسان من الغيب أو المجهول، فالفيروس لا يُرى، ونتائجه مخيفة، والإنسان بمعامله وتجاربه وعلومه وتكنولوجيته، لم يستطع إلى الآن مواجهته، فيقع الإنسان فريسة لغيب مخيف، ينتهبه انتهابًا، فيندفع بقوة إلى قبول أي أُكذوبة يعلق عليها نجاته – ولو لم يقبلها عقله ولا تفكيره المنطقي».

القرار بيد الشعب

عباس الطرابيلي في «الوفد» لا يصدق ما تداولته أجهزة إعلام خارجية من أن بعض الدول تفضل علاج صغار السن على كبارهم، أي أن هناك – في الخارج- من يهتم أولاً بعلاج الصغار لأن أمامهم المستقبل. أما العواجيز فقد أصبحوا مستهلكين، ولم يعودوا ينتجون شيئاً. هذا الكلام الذي يتردد في بعض الدول المتقدمة حضارياً مرفوض إنسانياً، خصوصاً بعد الرعاية الصحية التي جعلت الكبار تطول أعمارهم لتصل إلى التسعين عاماً، فهل يضحي هؤلاء هناك بالعواجيز. وهذا الكلام تردد عندنا عندما اقترح أحد رجال الأعمال التضحية، وعدم إجبار الناس على حظر التجول؛ لأن ذلك يؤدي إلى إفلاس الدولة، وهو ما كانت بعض الشعوب قديماً تلجأ إليه، أي التضحية بعدد من البشر من أجل أن تعيش الأغلبية، وهذا أفضل من أن تفلس الدولة بسبب الحظر، الذي يؤدي إلى توقف الإنتاج. والحمد لله أن مصر لا تأخذ بهذه النظرية، فما معنى أن يتمكن منا الوباء فنضحي بعدد، مقابل مصلحة الأغلبية، وحتى الآن فإن الدولة المصرية تبذل جهوداً غير عادية لرعاية الكل، ومع إصرار الدولة على تطبيق الحظر الجزئي بعدم الخروج من البيوت في ساعات الحظر، إلا أن البعض منا يرفض الالتزام بهذا الحظر.. ومازالت الشوارع ينطلق فيها الناس بدون أي اعتبار لخطورة الخروج من البيت، والخروج إلى الشوارع. وإذا كان البعض منا يلتزم بالحظر في الشوارع الكبيرة، إلا أن ما يجري في الشوارع الصغيرة يكشف بعض السلبيات. فهل لا يدري هؤلاء أي خطر يعيشونه.. وهل لم يقتنع الناس بأهمية الالتزام بالبقاء في البيوت. وهناك من يخرج للتنزه، بل ارتياد الشواطئ، وما نراه في الأسواق يكشف لنا هذا التسيب.. هل نطالب الدولة بمزيد من الحزم.. وإذا كانت الغرامة المالية ليست رادعة، فإن السجن ربما يزيد الضغط على الدولة إذا زاد عدد هؤلاء في السجون.. فهل إذا وصلنا إلى ذروة المرحلة الثالثة من الوباء نرى ضرورة استخدام بعض الحسم ليس فقط بزيادة قيمة الغرامات المالية.. وهل يكون الحل هو منع الدخول والخروج من المدينة، أو من الحي.. ألم يقتنع الناس بخطورة الوباء.. وإن بعضهم يحتاج إلى الشدة والحرمان.. هل تقوم الدولة بنقل هؤلاء إلى مناطق صحراوية يتحقق فيها المعنى الحقيقي للحظر.. وأن ذلك هو المعنى الحقيقي للحظر وأيضا للحجر أي الكرانتينا، وإننا كنا نلزم الحجاج العائدين من الحجاز بالبقاء في مدينة الطور في جنوب سيناء ليبقوا بعيداً عن التجمعات.. حتى نتأكد من سلامتهم. القرار في يد الشعب، فإما التزام حقيقي بالحظر.. وإما اللجوء إلى قرارات أكثر حسماً لحماية الشعب كله.

تجار الأزمات

أما مدحت وهبة في «اليوم السابع» فيقول:»على مدار الأيام الماضية شهدت الأسواق ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع الغذائية واللحوم ومنتجات الخضراوات والفاكهة فقد ارتفع سعر كيلو الليمون من 25 إلى 30 جنيها، رغم أن سعره في أسواق الجملة لا يتعدى من 8 إلى 10 جنيهات، وسعر كيلو اللحوم في بعض المناطق بـ150 جنيها، رغم انخفاض أسعار المواشي على مدار الأشهر الماضية، نتيجة استغلال التجار من معدومي الضمائر أزمة كورونا، في رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، وهو ما يحتاج إلى عقوبات رادعة فورية، لمن يتاجرون بقوت المواطن ويعرفون بـ«سماسرة السلع الغذائية مع الأزمات». زيادة أسعار السلع خاصة الخضراوات والفاكهة حاليا بشكل مبالغ فيه من تجار التجزئة، يؤدي إلى معاناة الكثير من الأسر، خاصة من محدودي الدخل، نظرا لأن الخضراوات تعد من المنتجات الأساسية التي لا غني عنها من كافة الأسر المصرية، وعلى رأسها الفئات الفقيرة والأولى بالرعاية، وأن وجود عقوبات رادعة وإعلانها للرأي العام حتى يكون كل من تسول له نفسه عبرة للجميع، سيحد من استغلال التجار الظروف التي تشهدها البلاد في ظل تكثيف الحملات الرقابية، التي تشنها وزارة التموين والتجارة الداخلية وهيئة الرقابة الإدارية، وجهاز حماية المستهلك، والإدارة العامة لمباحث للتصدي لمثل هؤلاء. مسؤولية أزمة ارتفاع السلع هي مسؤولية مشتركة بين المواطن والدولة، فالدولة وحدها لن تستطيع القضاء على المشكلة نهائيا، بدون تكاتف المواطنين، حيث أن الدولة ملتزمة بشن حملات رقابية مكثفة على الأسواق، مع وجود عقوبات رادعة، وأن لا تقتصر على فرض غرامات مالية فقط، قد لا تتعدي قيمة المخالفات التي ينتهجها التجار، وإنما يجب أن تمتد إلى الحبس الفوري، وفي حال عدم وجود آليات لذلك في القوانين الحالية، يجب تعديل تشريعات القوانين في أسرع وقت، حتى تتماشى العقوبات مع الوقت الراهن والظروف الصعبة التي تمر بها البلاد حاليا، كما أن المواطن أيضا عليه مسؤولية كبيرة، وهي عدم التكالب على السلع بشكل كبير، وأن يكون معدل الشراء وفقا للاحتياجات المطلوبة، حتى لا يسلم نفسه فريسة للتجار في زيادة الأسعار، وأن تكون لديه المسؤولية في الإبلاغ، عن أي تاجر يستغل الأزمة الحالية، خاصة أن السلع الغذائية متوفرة بشكل كبير، إلى جانب وجود أيضا مخزون استراتيجي لدى الدولة من جميع السلع الاستراتيجية، ومنتجات اللحوم والدواجن تكفي من 4 إلى 6 أشهر.. حفظ الله مصرنا الحبيبة من كل سوء».

ديمقرطية عرجاء

حتى في أكثر النظم الديمقراطية ربما يروح المواطن أو الشعب بأكمله، ضحية سوء أداء نظامه السياسي، وبالتحديد رئيسه بشكل قد ينتهي معه الأمر إلى كارثة من المؤكد أنه لن يجدي معها مساءلة الرئيس من عدمها، عزله أو عدم عزله يضيف الدكتور مصطفى عبد الرازق في «الوفد»: «رغم أن جائحة كورونا تجتاح مختلف دول العالم بأكملها، إلا أن خصوصية الحالة الأمريكية تأتي من مفارقة التقليل بشكل كبير من خطورة الفيروس على المستوى الرئاسي، إلى احتلال الولايات المتحدة المرتبة الأولى عالمياً في مستوى انتشار المرض. فقد سجلت أول حالة إصابة بكورونا في الولايات المتحدة في 21 يناير/كانون الثاني 2020 حتى وصل عدد الإصابات في 13 مارس/آذار مثلاً إلى نحو 1663 مصاباً في 46 ولاية أمريكية، ورغم ذلك فقد ظل الرئيس ترامب، حتى ذلك التاريخ، يقلل من تأثير الفيروس، سواء في تصريحاته أو تغريداته على تويتر. وعلى ذلك فإنه لم يكن من الغريب أن توجه للرئيس ترامب في بداية الأزمة اتهامات بالتقليل من خطورتها، من خلال تأكيده على أن انتشار الفيروس محلياً ليس أمراً محتوماً، فيما كان الواقع يؤكد عدم صحة هذه التصريحات، ووصل إلى حد الكارثة بتجاوز أعداد المصابين حتى الآن أكثر من 300 ألف إصابة، بمعدل يمثل ربع معدل الإصابات العالمية، واللافت أن انتقاد ترامب جاء من مجلة رصينة مثل «فورين أفيرز»، التي اعتبرت أن واشنطن وبشكل خاص البيت الأبيض، ممثلاً في الرئيس ترامب، أساءت التعامل مع انتشار الفيروس، بشكل كشف حالة من الارتباك، أظهر ما وصفته المجلة بعجز الولايات المتحدة عن قيادة النظام الدولي. ومن الغريب أن ترامب لم يستمع حتى إلى صوت الإعلام الأمريكي، وراح يصف مواقفه بأنها غبية وبليدة، بل مارس هوايته المعتادة في التجاوز مع الصحافيين».

قصص حزينة

تسرد عزة كامل في «المصري اليوم»هذه القصة لتسليط الضوء على قصة أخرى، فقد تأكد كما تقول الكاتبة: «إصابة 12 من الممرضين، وثلاثة من الأطباء بفيروس كورونا من طاقم معهد الأورام، واتضح أن هناك تقصيرا في إدارة هذه الأزمة، خاصة أن كثيرا من أطباء المعهد أبلغوا عنها قبل حدوثها بأسبوع، وتم التعامل معهم بالتهديد وعدم مبالاة، والخطير أن معهد الأورام ليس المستشفى الوحيد، الذي ظهرت فيه حالات كورونا، فهناك مستشفيات أخرى أصابها الداء وأغلقت. والسؤال الآن: كيف يمكننا أن نقضي على كورونا، ونحن نعرّض أطباءنا والطاقم الصحي للخطر، في ظل تدهور الوضع الصحي العام، وقلة الموارد والمستلزمات الطبية والعدد الضئيل من غرف العناية المركزة؟ يجب تطبيق صارم لإجراءات مكافحة العدوى، وتوفير كل وسائل الحماية للأطقم الطبية، فهم عبورنا للحياة، ففي حمايتهم حماية المجتمع كله، وحماية الإنسانية. نعرف جميعا أن الوضع أصبح أكثر صعوبة، على الرغم من أن الحكومة تبذل جهودا مضنية لمقاومة البلاء الداهم، وعلى مستوى العالم هناك أعمال قرصنة جوية للاستيلاء على الشحنات الطبية، وتصلنا أخبار أن دولة تستولي على شحن أجهزة تنفس ومستلزمات طبية لدولة أخرى، اشترتها، أو جاءت لها كمساعدة من الصين، وسوف نرى في الأيام المقبلة أفعالا قبيحة غير أخلاقية أو متوحشة لدول أخرى، أو أفراد أو جماعات، على المستويين الدولي والمحلي، فها هم أطباء مستشفى النجيلة في الحجر الصحي في مطروح، يصلّون صلاة الجنازة على سيدة رفض أبناؤها استلامها، وستدفن في مقابر الصدقة، وابنة تحكي مأساة أبيها الذي مات في المستشفى، ورفضت الإدارة التعامل مع الجثمان، فاضطرت هي وأخواتها لحمله على سيارة نصف نقل لدفنه وأصبحوا، هم نفسهم، معرضين لكورونا بعد أن تخلى المستشفى عن دوره».

لعلنا نتعظ

أما الدكتور محمد أبو الغار في «المصري اليوم» فقال في مقاله عن فيروس كورونا: «استطاع أن يغير الحياة على وجه الأرض، وأحال أقوى رئيس في العالم، ترامب، إلى مواطن صغير، يستمع بأدب وإنصات إلى دكتور فاوشي خبير الأمراض المعدية، وبعد أن استمر يفتي في ما لا يفقه فيه ويصدر الأوامر بأنه ميكروب تافه، وليس خطراً، العالم في معظمه محبوس داخل بيته، الجميع يشكون من الملل والضيق، أرجو أن نفكر كلنا في أننا في بيوتنا عندنا نوع من الحماية من العدوى، وعندنا حرية في التنقل داخل البيت، ومشاهدة التلفزيون وسماع الراديو واستخدام الإنترنت والقراءة، فنحن في نعمة إذا قارنا أنفسنا بالمحبوسين المعرضين للعدوى بسهولة ومحرومين من كل ما نتمتع به. آن الأوان أن يلحق باقي مسجوني الرأي بزملائهم، الذين تم الإفراج عنهم قريباً، وهذا ما فعلته دول كثيرة مع مسجونيها. ويرى أبو الغار أن هناك شعورا عاما بأن تواضع رؤساء الدول الحالي ناتج عن خوف حقيقي، حتى البلطجية واللصوص على اختلاف درجاتهم يهدئون اللعب هذه الأيام، والحكومة تحاول على الأقل بالكلام أن ترضي الناس، ولكننا لا نعرف ماذا بعد أن ينقشع الخطر، ويتم تطعيم الناس، الذي لن يحدث بطريقة متكافئة، ولا ديمقراطية، فهو سوف يبدأ بأصحاب السلطة ثم أصحاب المال ثم أصحاب النفوذ، ثم الشعب كله كل حسب موقعه في السلم الوظيفي والاجتماعي وقربه من الحكومة. الهدوء الذي يسود الآن نرجو أن يستمر بعد العودة إلى الحياة الطبيعية في ظروف اقتصادية ستكون صعبة على الجميع. إذا سادت الإنسانية بين الناس وإذا تعاملت الأنظمة مع الناس برفق سوف نخرج بأقل الخسائر الممكنة. عندي أمل أن نعبر الأزمة بدون كوارث لأننا مش ناقصين».

حسناً فعلوا

دافع حمدي رزق عن عائلة الملياردير نجيب ساويرس في «المصري اليوم»: «عجيب وغريب ميل البعض للمقارنة بين تبرعات رجال الأعمال، هذا تبرع أكثر من ذاك، وتلوين التبرعات سياسيًا وطائفيًا وجهويًا، وهذا تبرع لصندوق «تحيا مصر»، وهذا تبرع لـ«بنك الطعام»، كل حر في تبرعه وتصرفه في تبرعه، مؤسسة ساويرس حددت مصارف التبرع بالمليون، وغيرها يترك التبرع لمشيئة الجهات التي تستقبل التبرعات، لا هذا خير من ذاك، ولا ذاك يشترط، لكل مذهبه. المهم التبرع، تبرعوا ولو بجنيه، ولو برسالة لتحيا مصر، تبرعوا للمستشفيات وللمعاهد، تبرعوا لغرف العناية المركزة، وليت رجال الأعمال الميسورين يساهمون تبرعًا مع الحكومة في استيراد الأجهزة الطبــية والمعدات والملابس الواقية لحماية جنود الجيش الأبيض في الميدان. من تجليات الجائحة ظهور الوجه الحقيقي لكثرة من المحبين لتراب هذا البلد، يصح هنا استعارة القول المنسوب لأرماني وتمصيره، ولنجعله أيقونة حب «لن أقبل أن تسقط مصر على ركبتيها ولو كلفني هذا الأمر كل ثروتي»، يقينًا لن يكلف كثيرًا، ومصر تستحق الكثير، وشعبها الطيب يستحق كل الخير، شعب قنوع أبدًا ليس حسودًا، ما يحسد المال إلا أصحابه. تحسبهم أغنياء من التعفف، لا نحرجهم، ولا نقبحهم، وفي القول المأثور: «ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام»، فقط تبرعوا لوجه الله، اللقم تزيح النقم، الفقراء أحباب الله، والكرماء أجود من الريح المرسلة، والمتبرع الكريم كان لقبًا محببًا».

الكوكب يتغير

لا يستبعد السعيد حمدي في «المشهد» قرب زوال الغمة: «هل كنا نتخيل أن هذا الكوكب الذي كان قد أوشك على أكل بعضه بعضا، من أجل المصالح يعيش هما واحدا في اللحظة نفسها، وربما كنا على مشارف حرب عالمية يتوقعها البعض، نظرا للصراعات الكبيرة بين من كانوا يظنون أنهم أقوياء ولن يقدر عليهم أحد، جاءت تلك الأزمة العالمية التي وصفت بالجائحة لتجعل الجميع يقف وقفة تأمل، سواء على مستوى الأفراد أو الدول وإن كان ذلك بشكل ليس بالكبير الآن، لأن الأولوية هي للخروج من هذا الوضع الذي لا ينحسر في تخلص كل دولة منه على حدة فقط، وإنما لابد أن ينتهي الأمر في كل مكان في العالم. فالدولة التي يمكنها السيطرة عليه سوف تضطر للانكفاء على نفسها، وغلق حدودها وعدم التعامل مع باقي العالم، وذلك أمر لا يمكن حدوثه وتكلفته باهظة، لأي دولة ولا يمكن تحملها، خاصة بعدما تحول العالم إلى قرية صغيرة تربطها المصالح المشتركة.. لذلك فهي بالفعل جائحة عالمية، وضعت الجميع في سلة واحدة، ومن المؤكد أنها ستعيد تشكيل العالم على أسس جديدة، وكذلك المجتمعات، ولن يكون قبلها كبعدها أبدا. أما الوقفة الكبرى فستكون بعد الانتهاء التام من هذا الوضع المأساوي، حيث ستكون هناك ترتيبات جديدة على أسس مختلفة تماما في ظل المستجدات، وهنا الفائدة الكبرى للأزمات والمحن على عكس ما يمكن أن نرى في بدايتها، بل نستطيع أن نقول إن فوائدها أكبر من فوائد المنح بكثير، والدليل أننا إذا تخيلنا العكس..علي سبيل المثال ماذا لو أن خيرا كثيرا اجتاح العالم، بأي شكل من الأشكل، ولكل شخص أن يتخيل كيف سيكون ذلك.. لكن السؤال هل كان سيوحد العالم هذا الخير».

ضئيل لكنه خطير

اهتم أحمد سعيد طنطاوي في «اليوم السابع» بالتحذير من غياب النظافة: «في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لمحاربة فيروس كورونا المستجد، بكل ما لديها من قوة، عن طريق إجراءات فنية منظمة على كل المستويات، عمليات تطهــــير وتعقيـــم واســـعة، يتولاهـــا العديد من المؤسسات، فرق طبية وصحية ومستشفيات، حملات توعية غير مسبوقة وجهد من وسائل الإعلام لم نشهده من قبل، إلا أن الأصدقاء في المحليات تركوا القمامة تتراكم في الشوارع، حتى صار الذباب في كل مكان.
الذباب الذي يزحف على المنازل ويملأ الشوارع، ظهر مختلفا ومن الحجم الكبير، نتيجة أنه يتغذى على صنادق القمامة الممتلئة في الشوارع، في المناطق الراقية قبل الشعبية والعشوائيات، فالوضع الراهن يحتاج إلى تدخل سريع من المحليات والأحياء، التي نعلم جميعا انشغالها بتطبيق تعليمات حظر التجوال، ومعاونة وزارة الصحة في مواجهة فيروس كورونا، بالإضافة إلى الكثير من الملفات المفتوحة والعالقة لديها، لكن أتصور أن عودة سيارات رش الشوارع لمواجهة الناموس والذباب بات ضروريا، ويمكننا أن نستغل فترة الحظر وخلو الشوارع لتطهيرها من هذه الحشرات، التي تساهم في نقل أمراض ووبائيات لا حصر لها، وليست لديّ معلومات إن كانت تنقل كورونا أم لا، لكنها قد تنقل أمراضا أشد فتكا وخطورة على صحة الإنسان. مشكلة تراكم القمامة لا توجد في القاهرة الكبري فقط، وإن كانت العاصمة الأكثر تضررا، إلا أن أغلب محافظات الجمهورية تعاني المشكلة نفسها».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية