انتخابات رابعة تبدو الآن مثل كابوس. مواطنو إسرائيل دُعوا إلى الانتخابات ثلاث مرات في سنة واحدة. وفي كل مرة كان يمكن تشكيل حكومة أقلية أو حكومة وحدة، لكن هذا لم يحدث. والحل التدميري لـ “أزرق أبيض” واستعداد نتنياهو لتشكيل حكومة جميلة وحكومة تناوب، تقريباً أدت إلى تشكيل حكومة، ولكن في الخلفية وقف فيروس كورونا، ونتائجها من الناحية الصحية صعبة وتأثيراتها الاقتصادية كبيرة جداً ولا يمكن توقعها.
يظهر نتنياهو في زمن أزمة كورونا باعتباره السلطة الوطنية لوقف الوباء. والتحايل وتعظيم الذات بات خبزه القانوني ومنهجه. وإذا كان من الواجب القيام بالمقارنة: يعقوب ليتسمان نعم، نفتالي بينيت لا. لأن كل شيء سياسة. العاطلون عن العمل وأصحاب المصالح التجارية الصغيرة ينهارون ويخافون من مستقبل صعب يلفه الغموض. جميع هؤلاء لا يضرون نتنياهو، فهو يزداد قوة انتخابية في كل استطلاع، ومنافسوه في المقابل يضعفون. وليس صدفة أن قرر رئيس الدولة أمس عدم إعطاء غانتس تمديداً للتفويض من أجل تشكيل الحكومة.
برؤية تاريخية، وضع زعيم في زمن أزمة يتواصل بصورة قوية الآن، فالشعب لا يسارع إلى تغيير القيادة في وقت كهذا، ولكن الحساب سيقدم له بكل القسوة عند انتهاء الأزمة. ونستون تشرتشل جلس في مؤتمر بوتسدام في العام 1945 وكأنه المنتصر الأكبر على النازيين في أوروبا. الشعب في بريطانيا سجد له أثناء الحرب. وصوته الذي خرج في المذياع في الملاجئ منح الأمن والثقة للشعب المحاصر. ولكن الحرب الطويلة تسببت بأضرار كبيرة للاقتصاد، أما الجنود الذين عادوا مصدومين من فظائع الحرب واجهوا أحكام الاقتصاد المنهار.
حينها، حيث كان تشرتشل في ذروة المجد، انتخب الشعب في بريطانيا في انتخابات 1945 عضو حزب العمال الشاحب كليمنت ايتلي كي يستبدله. أراد الشعب من يمكنه مواجهة أزمة اقتصادية واجتماعية دون اعتبارات الحنين إلى الماضي والالتزامات الشخصية.
في إسرائيل جاءت حرب يوم الغفران بشكل مفاجئ، وانهار المفهوم الذي كان سائداً، وكان عدد القتلى صعباً على الهضم، وتضرر الأمن الوجودي..كان ثمة غضب على كل القيادة. عندها جاءت انتخابات أيلول 1973، وبدلاً من محاسبة شديدة لحكومة غولدا مئير، هبط المعراخ من 56 مقعداً إلى 51. والمحاسبة قام بها الجمهور فيما بعد: غولدا وموشيه ديان تم إبعادهما عن القيادة. والقيادة تم استبدالها بما سمي “انقلاب 1977”. ومرة أخرى، ثبت بأن القيادة تبقى راسخة في ذروة الأزمة، ولكن بعد ذلك يتم استخلاص الدروس.
الولايات المتحدة تعاني الآن بسبب دونالد ترامب، الرئيس الواهم الذي قلل من أهمية فيروس كورونا. الوباء ضرب جميع الدولة وبشدة. وكل ظهور له خلال فترة ولايته كان محرجاً أكثر من الظهور الذي سبقه، بجهله ومحاولة التشهير بكل معارض. ولكن فحص الاستطلاعات المقارنة في الولايات المتحدة تدل على أن ضربة كورونا تجلب لترامب تأييداً متزايداً. مرة أخرى، ما نراه ظاهرة معروفة: في وقت الأزمة لا يسارعون إلى استبدال الخيول. ولكن من الواضح أن الأزمة الاقتصادية ستعطي علاماتها. والسؤال هو متى سيأتي موعد دفع الحساب.
وضع نتنياهو قوي في زمن كورونا؛ المشكلات الحقيقية تختفي تحتها. وبعد انتهاء كورونا، يتوقع أن يضعف نتنياهو، وسيخسر ويختفي، وحتى دون أي صلة بمحاكمته. صحيح أن أمامه قيادة خيبت آمال الكثيرين، لكن لا يوجد أي سبب كي تقفز عنه قوانين الطبيعة السياسية التي ضربت تشرتشل وغولدا في الانتخابات الرابعة.
بقلم: عوزي برعام
هآرتس 13/4/2020
رقصة الديك المذبوح…..عذاب اليوم….امام العالم….و امام ضحياه……وهم….كثر