تعز-“القدس العربي”: شهد رمضان اليمني هذا العام منافسة شديدة بين القنوات الفضائية اليمنية الخاصة على استقطاب جمهور المشاهدين، من خلال التسابق على بث أفضل المسلسلات والبرامج المنتجة محليا، حيث يتحول المشاهدون اليمنيون كل عام نحو قنواتهم المحلية خلال شهر رمضان الذي يعد الموسم الأهم للقنوات اليمنية لخلق حضور قوي لها واستقطاب أكبر قدر ممكن من المشاهدين.

وتتنافس على المشاهد اليمني خلال رمضان الحالي الذي بدأ أمس، خمس قنوات خاصة هي قناة “السعيدة” و”يمن شباب” و”بلقيس” و”سهيل”. ودخلت قناة “المهرية” على خط المنافسة بقوة رغم أنها حديثة النشأة في سماء الإعلام اليمني، حيث انطلقت قبل شهر من الآن.

وحدثت خلال رمضان الحالي تغيرات برامجية عديدة في الفضائيات اليمنية، أبرزها انتقال المسلسل الرمضان الأقوى “غُربة البن” من قناة “يمن شباب” التي بثت موسمه الأول العام الماضي وحضي بمشاهدة واسعة، إلى قناة “السعيدة” التي بدأت أمس بث موسمه الثاني، رغم أن قناة “يمن شباب” ما زالت تطالب بضرورة تغيير اسم هذا المسلسل لأنه ضمن الحقوق الفكرية لها، حيث كانت تسميته العام الماضي من بنات أفكارها وإنتاجها.

المتغير الآخر في البرامج التلفزيونية اليمنية اختفاء البرنامج الأشهر في قناة “يمن شباب” وهو برنامج “عاكس خط” الذي ظل يبث فيها لأكثر من سبع سنوات وانتقل معد ومقدم البرنامج الممثل الكوميدي محمد الربع إلى قناة “بلقيس” ببرنامج جديد أطلق عليه تسمية “رئيس الفصل” وهو برنامج سياسي نقدي لاذع بأسلوب ساخر.

وأما المتغير البرامجي الآخر هو اختفاء برنامج “غاغة” المثير للجدل عن شاشة قناة “سهيل” الفضائية، الذي ظل لأربعة مواسم يبث عبرها والذي يعده ويقدمه الممثل الكوميدي محمد الأضرعي.

وأكد مسؤولون في القنوات اليمنية أنها واجهت صعوبات بالغة هذا العام في استكمال إنتاج مسلسلاتها الرمضانية نتيجة حضر التجوال في مناطق التصوير جراء فيروس كورونا المستجد، حيث توقفت إنتاج العديد من المسلسلات اليمنية في مراحها الأخيرة من التصوير.

وقال المدير العام في قناة “المهرية” فهد المنيفي لـ”القدس العربي” إن قناة “المهرية” واجهت صعوبة بالغة في استكمال تصوير وإنتاج المسلسل الرمضاني الأقوى الخاص بها لهذا العام واسمه “أولاد قحطان” وهو مسلسل بدوي يمني كان يتم تصويره في عمّان، الأردن، ونتيجة لحضر التجوال هناك بسبب تداعيات كورونا تعثر استكمال تصويره رغم انه كان تم إنجاز جزء كبير منه.

وأوضح أن قناة “المهرية” استعاضت عن مسلسلها الخاص “أولاد قحطان” ببث مسلسل آخر جاهز من انتاج شركة إنتاج يمنية لكبار النجوم اليمنيين في صنعاء وهو مسلسل “سد الغريب” والذي يبث بالتزامن مع قناة “يمن شباب” اللتان اضطرتا إلى الاستعاضة به عن مسلسلاتهما الخاصة، لسد الفراغ في الدراما اليمنية الذي تسببت به جائحة كورونا.

وفي إطار البرامج ذكر المنيفي أن قناة “المهرية” تنافس بقوة أيضا ببرنامجيها “غازي في ورطة” وهو برنامج فكاهي خفيف عبارة عن مقالب جامدة مع النجوم يبث بعد الإفطار، بالإضافة إلى البرنامج المسابقاتي “الطريق إلى سقطرى” الذي يعد الأكبر من نوعه والذي رصد أكثر من 45 مليون ريال يمني جوائز للمسابقات خلال شهر رمضان.

وعلمت “القدس العربي” من مصدر مسئول في قناة “يمن شباب” أن القناة ستنافس بقوة هذا العام بمسلسلها الخاص الأقوى “جمهورية كورونا” الذي تم إنتاجه في الأردن لمحاكاة الواقع اليمني الحالي جراء تداعيات كورونا والذي تم تمثيله بنفس فريق الممثلين للمسلسل الرمضاني الخاص بالقناة لهذا العام “حارة الجحملية” الذي تعثر تصويره وإنتاجه أيضا بسبب حضر التجوال في عمّان الأردن ضمن إجراءات مكافحة فيروس كورونا.

وأوضح أنه نتيجة لحضر التجوال ووقف التصوير لمسلسل “حارة الجحملية” وجد فريق التمثيل نفسه عالقا في عمارة بالأردن بدون عمل في هذا الموسم السنوي الأهم لهم وللقناة التي تنفق عليهم بدون عمل، فجاءت فكرة لدى رئيس مجلس الإدارة في القناة الدكتور وسيم القرشي باستغلال وجودهم محاصرين في عمارة واحدة بسبب كورونا لإنتاج مسلسل خفيف الظل فكاهي يتم تصويره في نفس العمارة ويحاكي معاناة اليمنيين جراء جائحة فيروس كورونا، والذي كانت فكرته أكثر من رائعة نتيجة لمحاكاته الواقع الراهن والتي استقطبت الجمهور اليمني منذ اللحظة الأولى لبث البرومو الإعلاني لهذا المسلسل والذي أثار ضجة كبيرة وردود أفعال متباينة قبل بدء القناة في بثه.

مشيرا إلى أن قناة “يمن شباب” تنافس أيضا بمسلسل آخر تم شراؤه من شركة إنتاج يمنية وهو مسلسل “دار مادار” والذي لا يقل أهمية عن بقية المسلسلات القوية في القناة.

وتنافس فيه قناة “السعيدة” بقية القنوات بمسلسلها الرمضاني الشهير “غُربة البن” والذي قد كان حضي بجمهور كبير وحضور واسع خلال الموسم الأول له العام الماضي، وينتجه ويلعب دور البطولة فيه الممثل الساخر صلاح الوافي، الذي تعرض لضغوط وحملة شعواء وتهديد بالتصفية الجسدية هذا العام من قبل جماعة عناصر الحوثي إثر قبوله بمشاركة إحدى النساء التي تنتمي لأسرة هاشمية من تعز بالتمثيل في هذا المسلسل، الذي اعتبر الحوثيون مشاركتها في التمثيل فيه انتقاصا من مكانة الأسر الهاشمية التي ينبغي الحفاظ على مكانتها في المجتمع كأعلى مكانة في الطبقية التي تفرضها جماعة الحوثي في البلاد ضمن الإرث الامامي الذي كان سائدا في اليمن قبل قيام الثورة اليمنية في أيلول/سبتمبر 1962 ضد نظام الأئمة في اليمن.

 من جانبها تنافس قناة “بلقيس” في رمضان هذا العام ببرنامجها السياسي الساخر “(رئيس الفصل” بالإضافة إلى برنامجها التفاعلي “حيث الإنسان” الذي يقدمه المذيع سامي السامعي وهو برنامج اجتماعي لدعم المبادرات المجتمعية والمشاريع الصغيرة لعدد من الأسر والفئات الأكثر احتياجاً للدعم.

وقال المدير العام في قناة “بلقيس” أحمد الزرقة لـ”القدس العربي” إن برنامج “رئيس الفصل” الذي يبث بعد الإفطار يوميا خلال رمضان الحالي يتناول الأحداث السياسية والفاعلين الرئيسين في الساحة اليمنية بالنقد وكشف الممارسات السلبية التي تقوم تلك الأطراف بارتكابها بحق اليمنيين.

 وأوضح أن هذا البرنامج سيكون الأعلى سقفا بين البرامج السياسة والاجتماعية الساخرة في اليمن ويتجاوز كافة الخطوط الحمراء ويحتوي على كليبات غنائية وفلاشات ساخرة و”نطمح إلى أن يحظى بمتابعة جماهيرية واسعة بسبب القدرة على مناقشة القضايا المسكوت عنها في العديد من وسائل الإعلام طوال الفترات الماضية”.

أما قناة “سهيل” الفضائية فقال مدير البرامج فيها صلاح الدين حمزة لـ”القدس العربي” إنها تنافس خلال رمضان الحالي ببرنامجها الجديد “باتريوت” للفنان المبدع أبوبكر سالم والذي هو برنامج بقالب فني مختلف عن البرامج التي بثتها القناة في السنوات الماضية، بالإضافة إلى مسلسل “النثرة” للفنان محمد الحاوري والذي يشارك معه عدد من ألمع نجوم الفن اليمني.

وأوضح حمزة أن هذا البرنامج يركز بدرجة أساسية على قضية الانقلاب الحوثي في اليمن التي أدّت بالبلاد إلى هذا الوضع من الحروب والضياع والشتات. وذكر أن هذا البرنامج يقوم على الكوميديا السوداء، والقالب الساخر، بتبسيط القضايا المعقدة والتكثيف من الفكاهة والنقد الهزلي غير المباشر، ويهدف إلى أن يكون حائط صد ضد الفكر الحوثي. مشيرا إلى ان برنامج “باتريوت” يحظى بفريق اعداد كبير مكون من كتاب وصحافيين وإعلاميين أصحاب خبرة وباع طويل في العمل الإعلامي ويعد من البرامج التي أولت القناة له إهتماماً كبيراً من حيث الشكل الفني والمضمون.