ونحن نعيش كارثة وباء كورونا على مستوى العالم، خاصة في الولايات المتحدة، لا بد أن نثير العديد من الأسئلة حول مسلكيات البلدين الأعظم، الصين والولايات المتحدة، أي البلد الذي انطلق منه الوباء، والبلد الذي اكتوى بناره أكثر من غيره.
نسأل في البداية لماذا منعت الصين الفريق الطبي الأمريكي من الدخول إلى مدينة ووهان الصينية، المصدر الرئيس لتفشي وباء فيروس كورونا المعروف باسم كوفيد 19 لو لم يكن هناك شيء مريب؟ ولكن هل لدينا أدلة ثابتة لاتهام الصين قانونياً وصحياً بتعريضها الأمن الصحي العالمي لخطر وباء قاتل، انتشر عبر الكرة الأرضية؟ هل حاولت الصين بالفعل وتعمدت إخفاء معلومات كارثية منعا لوصولها إلى العالم الخارجي؟ هل تصرفها هذا يعزز من الفرضية الأولى بأن مصدر الفيروس الحقيقي هو الخفافيش في سوق ووهان للحيوانات الحية، وتم استخدام الفيروس وهندسته جينيا في مختبر بي 4 الموجود في ووهان، والخاص بالأبحاث الفيروسية، لغرض تصنيعه كسلاح بيولوجي بوجه خصومها؟ هل تمت هندسته جينيا لهذا الغرض وتسرب عن طريق الخطأ؟
من حقنا أن نثير مثل هذه الأسئلة، ونقول في مثل هذه الأجواء المتوترة بين البلدين أصلا، ما المانع من أن تكون الصين وراء تصنيعه، كي تنتقم من غريمتها الأولى الولايات المتحدة، التي يرأسها دونالد ترامب، الذي منذ انتخابه وحتى الآن، لم يتوقف عن انتقاد دور الصين السلبي في ضرب الاقتصاد الأمريكي؟ ألم يفرض ترامب تعريفات جمركية باهظة على البضائع الصينية، فما كان من الصين، إلا أن ردت بالأسلوب نفسه، وفرضت تعريفات جمركية على بعض البضائع الأمريكية، ما بدا نوعا من المعركة الاقتصادية بين البلدين، التي ربما تطورت فقامت الصين بإعلان حرب بيولوجية على الولايات المتحدة، انتقاماً من سياسية ترامب الوقائية لحماية الاقتصاد الأمريكي؟
الجاهزية الصينية
لم تمض أسابيع على انتشار فيروس كوفيد-19، حتى انهالت علينا «دعاية» القدرة الصينية العملاقة، في تعقيم شوارع الصين، خصوصا مدينة ووهان، فالدعاية الصينية تجاوزت المنطق والوقت وحجم التجهيزات- وتمثلت في عربات كبيرة محملة بسوائل التعقيم، تجول الشوارع في ووهان ليلاً ونهارا، وجنود بأعداد هائلة مقنعين يرتدون ألبسة واقية وأقنعة بلاستيكية متطورة. ولا أدري متى تم تصميمها بهذه السرعة، بشكل يعكس خطورة تأثير الفيروس ومحاربته. شهدنا عدة حملات تعقيم وتنظيف على مدار الساعة في ووهان، وكأن الهدف منها احتواء الوباء في ووهان فقط، ما قد يثير الشك في أن نشر الفيروس كان مدروسا مسبقا وبدقة متناهية بالثانية والساعة، وبكيفية التعامل معه والحد من انتشاره! حتى لا يصل لمدن وأقاليم أخرى. لقد تم احتواؤه بعد إغلاق مدينة ووهان بالكامل، ومن ثم عودة الحياة الطبيعية وفتح المحال التجارية، وكأن شيئا لم يكن وبسرعة البرق. كما أن استخدام الطائرات المسيرة لمخاطبة المواطنين، والطلب منهم الالتزام بالتباعد الاجتماعي، والعودة إلى البيوت، كل تلك الاحتياطات الاحترازية، تدفع المرء أن يتساءل عن الوعي العميق لحكومة الصين في التعاطي مع الفيروس، خصوصا في مدينة ووهان مصدر الجائحة، فهل هيأت الصين مسبقا لنشر هذا الوباء؟
نشرت صحيفة «الديلي ميل» البريطانية مقالا بتاريخ 14 فبراير 2020 تحت عنوان «الصين تستعين بالمختبرات العسكرية في مدينة ووهان، وعرضت صورة شين وي مديرة مركز الأبحاث الفيروسي، البالغة من العمر 54 عاما وتعمل برتبة جنرال في الجيش الصيني الشعبي الحر، قيل إن هناك تهما وجهت إليها، من بينها أن الجيش الصيني وراء تصنيع فيروس كوفيد -19 في أحد مختبراته بووهان، وهي من تشرف على المشروع. وحسب المقال فإن شين سافرت إلى ووهان بعد انتشار الفيروس بيومين. وتم التكتم على زيارتها. والمركز التي تعمل فيه شين هو Wuhan Institute Of Virology. شين تعمل مهندسة في الجينات وتصنيع اللقاحات ضد الفيروسات، في مختبر البحوث الفيروسية في مدينة ووهان الصينية، قامت بتطوير بخاخ خلال انتشار فيروس سارس القاتل سنة 2003 وقد ساعد أكثر من 14000 من العاملين في مجال الصحة في الوقاية من الإصابة بفيروس سارس. لذا فالفرضية الأولى التي تتهم الجنرال بالجيش الصيني الشعبي الحر شين وي وراء تصنيع فيروس كورونا، في أحد المختبرات العسكرية بمدينة ووهان، كسلاح بيولوجي جديد وربما تسرب بالخطأ إلى الإنسان، من ضمن الاتهامات التي وجهت لشين وي رئيسة المركز البحثي للفيروسات.
لحظة تاريخية لواشنطن، أن تصل أمريكا إلى الديكتاتورية الديمقراطية، خلال جائحة تفشل إدارة ترامب بإدارتها منذ البداية
وقد رفضت شين الادعاءات والاتهامات الموجهة ضدها، ودعت إلى إجراء تحقيق في هذا الاتهام، وهو ما يتطابق مع موقف الصين الرافض للاتهامات الأمريكية المباشرة وغير المباشرة، خصوصا بعد تسمية الرئيس الأمريكي ترامب الفيروس بالفيروس الصيني، وهو ما رفضته الصين جملة وتفصيلا. لذا، فإن رفض الصين للاتهامات الأمريكية والأوروبية أمر مفهوم، لأنه يعني ببساطة أن هناك شكا في أن الصين شنت على أمريكا وأوروبا حربا اقتصادية، تصل آثارها العالم برمته. فلو ثبت تورطها بتصنيع هذا الفيروس، وتمت إدانتها بجريمة هولوكوست صحي لقتل البشرية، بهدف تدمير اقتصاد أمريكا أولا، ومن ثم أوروبا واليابان، فإن الصين ستخسر مكانتها ودورها وتأثيرها، وتضطر لدفع مليارات الدولارات للعالم أجمع. وقد نشهد دولا من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، يطالبون بإجراء تحقيق محايد ومهني من قبل المجلس، لمعرفة كيف بدأ الوباء وكيف انتشر ومدى تورط الصين الشعبية في انتشار الفيروس، وهل تتحمل أي مسؤولية؟ لكننا نعرف مسبقا أن أي قرار لإجراء تحقيق دولي سيصطدم بعقبة الفيتو المزدوج الصيني الروسي.
الاستخفاف الأمريكي
هل هناك فائدة وجدوى من تقارير المستشارين للرئيس ترامب، وعلى رأسها تقارير الاستخبارات الأمريكية؟ لماذا ترصد واشنطن ميزانية سنوية بقيمة 60 مليار دولار للاستخبارات الأمريكية، إذا كانت تقاريرها لا تقرأ ولا تؤخذ بعين الاعتبار كقيمة معلوماتية من مصدر حكومي، بغية توخي الحذر والتصدي للكوارث الصحية والطبيعية والبيئية، وطبعا اليوم لمكافحة التهديدات الصحية الخطيرة؟ هل أصبحت وكالة الاستخبارات الأمريكية مجرد هيكلية بيروقراطية سرية في ظل إدارة ترامب وكأن وجودها مثل عدمها؟ فقد أثبتت مؤخراً أن التقارير الصادرة عن عدة جهات حكومية وإعلامية، لا تقرأ من قبل الرئيس ترامب، فهو لا يكترث بالتقارير الإستخباراتبة، ويقلل من شأنها وقد شن هجوما على وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) منذ البداية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI). فالجميع يذكر معركته الخاسرة مع جيمس كومي رئيسFBI سابقا. ترامب لا يقرأ وهذا واقع أليم على الأمن القومي الأمريكي والصحي معاً. فهل هناك مسؤولية قانونية تقع على عاتقه تستدعي المحاسبة القانونية؟ فمن سيعوض الشركات الأمريكية الكبرى، والموظفين، والعمال، والأرواح التي أزهقت، ووصل عددها الى غاية كتابة هذا التقرير ما يزيد عن 48000 ونحو مليون من المصابين، إضافة للخسائر الاقتصادية الكارثية؟ ترامب لم يقرأ حتى تقرير مستشاره الاقتصادي بيتر نفارو، حول التحذير من خطر الوباء، على الاقتصاد الذي يعود تاريخه لشهر يناير الماضي، فحين سئل عنه في مؤتمر صحفي رد قائلاً، نعم لم أقراه. هنا أيضا مسؤولية قانونية تقع على عاتق الرئيس، فما قيمة أن يعين الرئيس مستشاراً اقتصاديا للبيت الأبيض، إذا كان لا يقرأ توصياته وتقاريره؟ هل يتعمد الإهمال المفرط؟ ربما. الجواب على ذلك كان في رد ترامب على أحد الصحافيين قائلاً، إن الرئيس الأمريكي يتمتع بسلطة مطلقة! فهي لحظة تاريخية ومفصلية لواشنطن، أن تصل أمريكا إلى الديكتاتورية الديمقراطية، خلال جائحة عالمية تفشل إدارة ترمب بإدارتها منذ البداية. أضف إلى ذلك تدخله غير الدستوري بمهام ومسؤولية حكام الولايات، وعلى رأسهم حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو.
فهل هناك مسؤولية مشتركة بين الصين والولايات المتحدة؟ الأولى بسبب عدم الإفصاح عن الآثار السلبية ومصدر الفيروس، والثانية بسبب الإهمال وقلة الاكتراث، والطريقة التي تصرف بها الرئيس ترامب الذي لا يقرأ التقارير التي نبهت إلى خطر الوباء مبكرا، والصادرة من مؤسسات حكومية ومستشارين، هو من عينهم؟ هل يحق لأمريكا اتهام الصين؟ وهل يحق للصين إخفاء معلومات عن فيروس كورونا؟ وهل مقبول من الدولة العظمى أن تتصرف بهذه الطريقة غير المسؤولة بسبب وجود رئيس أرعن، لا يقرأ حتى التقارير التي توضع على مكتبه بشكل يومي؟ قد يسجل التاريخ أن شخصية ترامب النرجسية، التي تشن شجاراً شبه يومي مع من حوله وحتى مع الصحافيين، ستكون سببا في انحدار الولايات المتحدة عن مركزها الأول في عالم ما بعد الحرب الباردة، ليس بسبب ضعف في قوتها العسكرية أو الاقتصادية، بل بسبب تخبط في سياسة مواجهة وباء قاتل، سمح له الرئيس عبر مسلكياته الشعبوية أن يستفحل في محاولة رخيصة منه لاستغلال الجائحة لأغراض انتخابية بحتة.
كاتبة فلسطينية مقيمة في واشنطن
سمعت من شخص آسيوي بأن الصين طورت هذا الفيروس لأجل نشره بهونج كونج حتى تنتهي المظاهرات! وقد إنتهت!! ولا حول ولا قوة الا بالله
لا منطق بتوقع حل جذري أو درء خطر من منظمة أممية كادرها تعيينات دول العالم تقتصر قدرتها بإدارة فوضى بمجالها إذن عند تفشي وباء تنجو كل دولة بقدرة ذاتية وعدم تدرج إجراءات بل كلها فوراً مبكراً حظر سفر مع العالم ومنع عودة مواطن بل مساعدته بمكانه وتحويل لتعليم وإجتماعات عن بعد وحظر تجمع وغلق أماكنه فتكفي الموارد لكشف وعزل بؤر بدون حظر تجول شامل فتستمر عجلة اقتصاد وسلاسل توريد وصيانة وخدمات وإنتاج قطاع خاص صناعة زراعة تجارة خدمات عدا سياحة وتحفظ رؤوس أموال وبنية مجتمع وتستمر إيرادات حكومة خلال كبح وباء