كان بود الإنسان أن يكتب عن الجوانب المشرقة الروحية والنفسية والقيمية الأخلاقية الكامنة في فريضة صوم شهر رمضان المبارك، الذي أطل علينا منذ بضعة أيام.
لكن أبى البعض في الخليج العربي، إلا أن يحرفنا عن المشاركة في تلك المهمة المحببة إلى النفس، والانخراط في أجواء رمضان العابقة بسمو الروح فوق المماحكات، والصراعات الغريزية، التي تملأ حياة العرب في اللحظة التي يعيشونها. فالبعض في هذا الخليج المنهك مصرون على دفعه إلى ممارسة ظاهرة سياسية ـ ثقافية، محيرة للعقل، وباعثة على الاستغراب، تتلخص في تراجع كارثي في الالتزامات القومية والدينية والإنسانية تجاه الشعب العربي الفلسطيني.
وللتذكير، وباختصار شديد، بدأت الظاهرة، بغض النظر عن زيارات بعض الأفراد والجماعات للكيان الصهيوني، ومصافحة أيادي كل أنواع المجرمين الصهاينة من الذين استباحوا وقتلوا ودمروا الحياة الفلسطينية عبر سبعين سنة. ثم أعقب ذلك قيام البعض بخطوات تنسيقية تطبيعية تعاونية، مع مؤسسسات الاستخبارات الصهيونية ومع أشكال من مؤسسات الحكم والمجتمع المدني الصهيونية.
ثم توالت أنواع من الدعوات الرسمية لجهات صهيونية، رسمية وغير رسمية، للمشاركة في مؤتمرات دولية تقام هنا أو هناك، وليقوم أولئك الصهاينة بعد ذلك بزيارات علنية لشتى المعالم السياحية، من أجل التأكيد على أن ظاهرة التطبيع أصبحت نشاطا اعتياديا في هذا الجزء من الوطن العربي. وعندما تباهى رئيس وزراء الكيان الصهيوني المجرم، بأنه على اتصال دائم مع بعض المسؤولين العرب، لم يصدر تكذيب رسمي، ما استوجب طرح ألف سؤال وسؤال عما وراء ذلك، وعما إذا كان بعض الخليج العربي قد أصبح يقوم بالوكالة، تحت الضغط والابتزاز، لتحقيق رغبات جهات استعمارية خارجية، أبرزها اللوبي الصهيوني، في نظام الحكم الأمريكي، وهو اللوبي إياه الذي ادعى بأنه يعد لتقديم مقترح «صفقة القرن» بالتنسيق مع جهات عربية، بما فيها جهات خليجية.
محاولة لتهيئة الوعي الشعبي العربي، لقبول التطبيع والتعايش مع الكيان الصهيوني من خلال الثقافة الإعلامية
لم يكتف ذاك البعض، وهو في جميع الأحوال يمثل أقلية محدودة، ولا يملك شرعية أو حق اتخاذ قرارات، مثل خطوات التطبيع تلك، بذاك التخبط العبثي في الجانب السياسي من قضية العرب الأولى، قضية الصراع الوجودي العربي الصهيوني، وإنما انتقل مؤخرا ليهيئ الوعي الشعبي العربي، لقبول التطبيع والتعايش مع الكيان الصهيوني من خلال الثقافة الإعلامية. وهكذا، ومع بداية هذا الشهر الفضيل، فوجئنا بعرض مسلسلات رمضانية مثيرة للجدل، مليئة بالأخطاء التاريخية المضللة، غير مقنعة بأهدافها المعلنة، تتناول جانبا من جوانب تاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني بشكل فيه الكثير من الشبهات. وسواء أقصد كاتبو المسلسلات ومنتجوها والقائمون بتمثيل أدوارها، التناغم مع بعض الإدعاءات الصهيونية؟ أم لم يقصدوا، فإنهم يطرحون موضوعا محببا للقوى الصهيونية العالمية، موضوع الادعاء الصهيوني الكاذب بأن اليهود العرب كانوا مضطهدين، وبأنهم بالتالي اضطروا للهجرة إلى الكيان الصهيوني لحماية أنفسهم، وبأنه مثلما قبل الكيان الصهيوني استقبال المهاجرين اليهود العرب، فعلى العرب أن يشجعوا الشعب الفلسطيني على ترك وطنهم للصهاينة والعيش في البلاد العربية التي يختارونها.
هكذا يريد الصهاينة أن تختلط الأوراق، وأن يقتنع الإنسان العربي في أعماق وعيه بأن الموضوع الفلسطيني، ليس أكثر من صفقة تبادل وينسى أن الوجود الصهيوني في فلسطين هو هجمة استعمارية، مبنية على أساطير دينية خرافية، لاحتلال أرض شعب عربي عاش فيها عبر آلاف السنين، بل للتوسع التدريجي لإقامة دولة «إسرائيل» التوراتية من النيل إلى الفرات، مضافا إلى تلك المطالب في الآونة الأخيرة حق اليهود للرجوع إلى شبه الجزيرة العربية، لاسترجاع ما فقدوه عند قيام الحكم الإسلامي. إن عرض تلك المسلسلات في هذه اللحظة التي تتكالب فيها كل قوى الشر في العالم، بقيادة نظام الحكم الأمريكي الحالي، لإنهاء الموضوع الفلسطيني برمته، والخضوع التام للمنطق الصهيوني الاستعماري المدعي بحقه المقدس في سرقة أرض فلسطين العربية، هو خروج تام، قصد كتابها ومخرجوها وممثلوها أم لم يقصدوا، عن الالتزامات العروبية والدينية والإنسانية تجاه شعب فلسطين العربي.
المطلوب هو تقديم اعتذار لإخوة لكم اعتقدوا عبر السنين بأن إخوانهم وأخواتهم في العروبة والدين سيكونون لهم الحصن الحصين، الذي سيساندهم في استرجاع أرضهم، إذا بهم يبتلون بخطوات متنامية تطبيعية تطعنهم في الظهر. هل نتجنى؟ اسألوا الشيخ والعجوز والأرملة واليتيم والأسير الفلسطيني، فلعل دموعهم وزفراتهم تنير ألق العدالة في قلوب المطبعين القاسية. وتذكروا في هذا الشهر الفضيل بأن هناك رب الحق والقسط والميزان الذي يراقب ويسجل.
كاتب بحريني
لم تفلح ى الحرة و لا العربية الموجهتين للمشاهد العربي لتغيير بوصلته نحو الاستسلام
–
و فك ارتباطه بقضاياه العادلة و منها القضية الفلسطينية فكيف تفلح تمثيليات لبهلوانيي خليج
–
الفتن و الردة
–
تحياتي من مراكش
ألشكر للأستاذ ألكبير علي محمد فخرو على مقاله لهذا أليوم. نعم في هذا الشهر الفضيل هناك رب الحق والقسط والميزان الذي يراقب ويسجل.
ماذا وراء سياسة التطبيع ؟ أليس الخوف من سقوط الممالك والامارات وانظمة الخيانة والعفن.. تعجبت عندما قرأت أن صحفيا سعوديا يطلب من المجرم نتن ياهو بأن يقتل الفلسطينيين ويحرقهم ويخلص العالم منهم. هل كان هذا السخيف التافه يتجرأ على القول لولا انه يعرف ان معلمه اول مطبع.. في زمن آخر كان اتهم هذا السخيف بالخيانة العظمى لكن احدا لم يقل له شيئا
شكرا استاذنا الكبير
التطبيع ماهو الا قناع.سقط بمرور الزمن.هؤلاء وممولوهم هم باعة فلسطين ودمروا سوريا واليمن وليبيا وقتلوا الروهينغا و…….
تحية للجميع
الاهمية تكمن في كيفية ادارة الصراع وهذا ما لا يعرفه الفلسطينيون وكذلك العرب الذين يساندوهم واعتقد ان على الفلسطينيين انفسهم تغيير اصول اللعبة والبدء بانفسهم فعندما نتابع ما يجري مابين حماس وفتح من صراع ومن علاقات ومفاوضات بعضها علنية واخرى سرية فلا عجب ان نشاهد تلك البرامج حاليا وفي رمضان بالذات حيث ذروة المشاهدة والامر الاخر الذي يجب ان ندركه ان دول الخليج في هذه المرحلة هي القائد الفعلي للعرب كدول فقد عملت جميعها على استغلال اخطاء قادة الدول التي كانت تنافسها على الزعامة ودمرت بلدانها كالعراق وليبيا ومصر وسوريا وجعلتها بدون قرار وهي كما نعلم جميعا تحت الحماية الامريكية وتعمل بحسب توجهاتها ولذلك يبقى الحل بيد الفلسطينيين انفسهم لتغيير الامور فلا نتوقع من شعوب الخليج ودولها ان تصبح جمهوريات ديمقراطية وفيها احزاب تتداول السلطة ويكون القرار السياسي بيدها فالكل تحكمه العائلة وهي من تقرر من خلال امريكا فقط وليس من خلال شعبها