1* نبدأ من النهاية: إذا كان هناك قضاة في القدس، فإن الـ 11 قاضياً من المحكمة العليا الذين سيبحثون هذا الصباح للبحث، بالبث الحي والمباشر، للرد على سؤال: هل يمكن لمتهم بجنايات الرشوة والتحايل وخيانة الأمانة أن يتولى منصب رئيس الوزراء؟ يفترض أن ينهوا البحث في غضون دقائق، حتى قبل أن يستمعوا إلى ادعاءات الطرفين.
“في دولة سليمة” تقول الرئيسة استر حايوت: “جوابنا هو لا، ألف لا”. لا توجد حاجة إلى تلويات قضائية وتحليلات مضنية للظروف. حالة نتنياهو الذي قرر استنزاف المنظومات التي تتشكل منها مؤسسات الحكم، وبعد أن أجبر الإسرائيليين على التوجه ثلاث مرات إلى صناديق الاقتراع، هي حالة بسيطة. تماماً مثل شخص دين بسلسلة أفعال فساد فلا يمكنه أن يكون معلماً في التربية المدنية في مدرسة ثانوية.
2* في نهاية الأسبوع شهدنا تهجماً منفلت العقال على المحكمة العليا: القضاة تحركهم “سكرة القوة” التي تجعلهم يتخذون موقفاً في مسائل سياسية تتجاوز مجالات مسؤولياتهم، هكذا قال من هم في محيط نتنياهو. جاء هذا التهجم لفرض الرعب على تفكرهم. بكلمات أخرى: سكرة القوة هي للسياسيين وليس للقضاة. فقد قرروا خصي المؤسسة الأخيرة التي تمنع حماية لكل من يتوجه إليها لتلقي المساعدة في وجه التنمر والتنكيل من جانب هيئات الحكم الأخرى.
ومع ذلك، يكفي أن نقرأ سيرة حياة الرئيسة استر حايوت كي نصل إلى الاستنتاج بأنها لا تتأثر في التهديدات التي توجه للمحكمة العليا. لقد وصلت السيدة حايوت إلى المكانة الأعلى في الجهاز القضائي ليس بسبب علاقاتها بل بسبب عمودها الفقري القيمي الذي لا يمكن ثنيه.
إذا منح القضاة نتنياهو تسويغاً يسمح له برئاسة الحكومة للمرة الخامسة، فلينسوا حقهم الأخلاقي في الوقوف كحراس للجميع ويحسموا أي مسألة، حتى وإن كانت في مستوى المواضيع التي تبحث في لجان العمارات.
3* أكثرية الشعب تريد استمرار ولاية نتنياهو، هكذا يقول محامو رئيس الوزراء في ردهم على الالتماسات التي تطالب المحكمة العليا برفض ترشيحه. والآن انضم بيني غانتس وغابي أشكنازي أيضاً إلى هذه الدعوة. كيف يمكنهما أن ينظرا إلى عيون أكثر من مليون إسرائيلي أعطوهما أصواتهم وقد باعاها بخفة رأي مقابل سلسلة من التشريفات التي ليس لها أي صلة بما يمكنه أن يشهد على التزامهما بالناخبين الذين صدقوهما.
4* التهديد المطلق الذي يطلقه المؤيدون للمبنى الذي أقيمت على أساسه حكومة الطوارئ هو التوجه إلى الانتخابات للجولة الرابعة.
إذا ما سمح لي بأن أقترح.. فإني لا أرى في هذا تهديداً، بل إن الطريق الأكثر منطقية للخروج من العقدة السياسية المتواصلة لأكثر من سنة هي من خلال انتخابات عامة تسمح للجمهور بأن يقرر مبنى الحكم لدينا.
في ضوء التفكك البشع لـ”أزرق أبيض” عبر التبدد الذي قاد إليه العمل عمير بيرتس، وسلوك نتنياهو الذي وضع الأساس القانوني الذي يضمن له البقاء في الحكم إلى الأبد، فإن الأمر الأكثر صحة هو التوجه إلى الانتخابات.
لا حاجة للفزع من “المليارات” التي ستضيع هباء، ومن سيحاول إحصاء “المليارات” التي تقتطع من صندوق الدولة في كل يوم لا يفتح فيه جهاز التعليم سيعترف أخيراً بأن كل هذا دعاية. المهم حقاً هو أن يوضع قيد اختبار الجمهور سلوك رؤساء “أزرق أبيض”، والسؤال مرة أخرى لرؤساء الليكود إذا كانوا حقاً مستعدين لأن يواصلوا جر عربة نتنياهو.
ليس لحكومة “الطوارئ” أي احتمال حقيقي لأن تنهي أيامها، فالحديث يدور عن ارتباطات مليئة بالعداء والشك، مما لن يسمح بما يطيب لنتنياهو ومحيطه القريب: قدرة الحكم.
5* بعد احتفال منح جوائز إسرائيل، نشر الوزير آريه درعي بياناً قصيراً شجب فيه عدم حصول أي شرقي أو عربي واحد على الجائزة وقال: “يا للعار”. أما الحقيقة.. فإذا كنت “شرقياً” أو “عربياً” وأبلغوني بأنهم قرروا منحي الجائزة على خلفية أصلي، لطرقت الهاتف بوجه المتصل. كل شيء “شرقي” وأحياناً “عربي”.
لمعرفتي بدرعي، أقدر بأنه يشم انتخابات على الأبواب. وقد وضع نفسه في شكل تكون له “ثمانية مقاعد” شرقية تحت تصرفه. وكثير منا كان يخيل أن هذا التقسيم بات خلفنا.
بقلم: شمعون شيفر
يديعوت 3/5/2020