روما – آلفيس أرمليني:
بدأت العديد من دول العالم إعادة فتح اقتصاداتها تدريجيا عقب مواجهة وباء فيروس كورونا المستجد، والمدمر، وقد يكون الانتقال إلى نموذج نقل حضري وأكثر استدامة السبيل الوحيد لتجنب حدوث فوضى في المدن الكبرى، حيث يشكل الازدحام تهديدا.
وتتطلع إيطاليا إلى الدراجات الهوائية لتخليص مدنها من التكدس المروري المنتظر أن يعود عقب الرفع التدريجي للقيود التي كانت فرضت للحد من تفشي الوباء، وتأتي مدينة ميلانو في المقدمة في هذا الشأن.
وبدأ العمل هذا الأسبوع في مشروع لإضافة حوالي 35 كيلومترا إلى الشبكة القائمة من الحارات التي تسير فيها الدراجات الهوائية، والتي يبلغ إجمالي طولها حاليا 220 كليومترا. ومن المقرر الانتهاء من العمل في هذا الجزء بحلول نهاية العام الجاري.
وقال مسؤول ببلدية ميلانو إن المرحلة الأولى من حارات الدراجات، والتي تبدأ من ساحة “بياتسا سان بابيلا” بالقرب من كاتدرائية “ديومو” حتى شارع ” كورسو فينيسيا” بقلب المدينة، “يجب أن تنتهي بحلول منتصف أيار/ مايو الجاري”.
وكتبت بلدية ميلانو في ورقة استراتيجية تحمل اسم “الشوارع المفتوحة”، أن حالة الطوارئ الصحية “تمثل فرصة لتحقيق قفزة حاسمة نحو استخدام واسع النطاق للدراجات الهوائية”.
وتطرقت الورقة التي جاءت في 36 صفحة إلى مدينة برلين، عاصمة ألمانيا، حيث يجرى توسيع الحارات التي تستخدمها الدراجات الهوائية في أعقاب تفشي وباء كورونا، كمصدر للإلهام وراء الفكرة.
وتتوقع الوثيقة تقييد المساحة المتاحة لسير السيارات على الطرق، وزيادة حدود السرعة بمقدار 30 كيلومترا في الساعة لتغطي في نهاية المطاف 60 في المئة من شبكة الطرق البلدية، بالإضافة إلى توسيع الأرصفة.
وقد تحظى جهود مدينة ميلانو بدعم من وزيرة النقل الإيطالية، باولا دى ميشيل، التي تعهدت بتقديم منحة حكومية بقيمة 200 يورو (220 دولار) لأي شخص لشراء سيارة او “اسكوتر” كهربائي.
وحتى العاصمة روما، وهي مدينة عادة لا ترتبط بحلول التنقل الحديثة، أعلنت السبت عن خطط لإقامة شبكة من حارات الدراجات الهوائية بإجمالي 150 كيلومترا.
وميلانو هي أكثر مدن إيطاليا حيوية ونشاطا، وهي مركز للأعمال والموضة ومجالات التصميم، و العاصمة الإقليمية لإقليم “لومبارديا”، المنطقة التي تحملت العبء الأكبر لوباء كورونا في إيطاليا.
وشهدت “لومبارديا” حوالي ثلث حالات الإصابة بفيروس كورونا في إيطاليا، وحوالي نصف إجمالي عدد الوفيات بمرض “كوفيد 19” الذي يسببه الفيروس القاتل. كما تعاني المنطقة من واحدة من أكبر مشكلات تلوث الهواء في أوروبا.
وبحسب بيانات “مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف”( كريا)، ساهمت حالة الإغلاق العام في إيطاليا في مواجهة تفشي الوباء في تحسين جودة الهواء بشكل هائل، ولكن هذه المكاسب قد تشهد انتكاسة في ظل إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية مجددا.
وقال مركز الأبحاث إنه على مدار شهر نيسان/ أبريل الماضي، انخفض معدل التلوث بثاني أكسيد النيتروجين بنحو 40 في المئة في المتوسط، ومعدل التلوث بالجسيمات بنحو 10 في المئة، وهو ما أسفر عن تجنب 11 ألف حالة وفاة بسبب تلوث الهواء.
ومن المقرر أن تبدأ إيطاليا، والعديد من الدول الأوروبية الأخرى، اليوم الاثنين تخفيف قيود الإغلاق، وسط ترقب عواقب أليمة محتملة على عمليات التنقل في المناطق الحضرية.
وفي ظل قواعد التباعد الاجتماعي القائمة، سيتم السماح لعدد أقل من الأشخاص بركوب الحافلات العامة والترام وقطارات المترو، وربما يفضل البعض قيادة سياراتهم، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى انسداد الطرق.
ومن المنتظر أن تتراجع الطاقة الاستيعابية للنقل العام من 4ر1 مليون شخص إلى ما بين 350 ألفا إلى 400 ألف، بحسب ما ذكره مفوض النقل في ميلانو ماركو جرانيلي في مقطع فيديو نشره على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وأضاف غرانيلي: “سيكون لدينا مليون شخص وقد صاروا غير قادرين على استخدام وسائل النقل العام بأمان، ولذلك سيتعين علينا إيجاد سبل بديلة لهم”.
وفي إطار استراتيجية النقل الجديدة، أعلن المفوض جرانيلي توسيع نطاق خدمة مشاركة الدراجات الهوائية، والتي من المقرر أن تتضاعف إلى 16 ألف، وكذلك أعداد “السكوتر” الكهربائية، من 2250 إلى 6 آلاف.
ولكن حملة “مواطنون من أجل الهواء”، وهي حملة محلية تكافح من أجل الهواء النقي، تقول إنه لا يزال هناك طريق طويل يتعين على ميلانو أن تسلكه من أجل أن تصبح مدينة خضراء (صديقة للبيئة).
وقالت آنا جيروميتا، وهي واحدة من قادة الحملة: “لدينا عدد من أكبر أعداد السيارات بالنسبة لتعداد السكان في أوروبا، وهو ضِعف برلين، ولدينا عُشر الحارات المخصصة للدراجات الهوائية في كوبنهاغن (عاصمة الدنمارك)”.
وأصيبت جيروميتا بالحزن على نحو خاص إزاء قرار عدم إعادة تنشيط الإجراءات ضد السيارات والتي جرى تعليقها أثناء الإغلاق، في منطقة تطبيق رسوم الازدحام المروري، والحارات التي تستخدمها حافلات الركاب، على سبيل المثال.
وأوضحت جيروميتا: “كانت بلدية المدينة رائعة في طرح استراتيجية النقل الخاصة بها أمام وسائل الإعلام ، ولكن، في الواقع… إنهم بصدد تفويت فرصة عظيمة”.
(د ب أ)