بلومبيرغ: مجتمع الاستخبارات الأمريكي والعالم متشكك من نظرية تسرب فيروس كورونا من مختبر ووهان

حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: نشر موقع بلومبيرغ تقريرا قال فيه إن نظرية مختبر ووهان، التي ما فتئ كل من الرئيس دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو يرددانها، لا تلقى دعما من أجهزة الاستخبارات الأمريكية ولا العالمية.

وفي تقرير مشترك أعده نيك ودامز وجنيفر جاكوبز وجاستين سينك وجون لوريرمان، قالوا “عندما تستمع إلى الرئيس ترامب ووزير الخارجية مايكل بومبيو يتحدثان، الدليل واضح: تسرب فيروس كورونا المستجد الذي قتل ربع مليون شخص من معهد ووهان للفيروسات، المختبر الذي يدرس أخطر مسببات الأمراض في العالم”. و”لكن داخل أروقة مجتمع الاستخبارات في أمريكا فالدليل ليس قاطعا. فيما تشكك مؤسسات الأمن حول العالم من صحة النظرية”.

فمع أن الغالبية من 17 وكالة أمنية تقدم التحليلات الاستخباراتية للحكومة الأمريكية تعتقد أن الوباء بدأ بعدما تسرب الفيروس من مختبر ووهان، وذلك حسب شخص عارف بالأمر، إلا أنها تعتمد كما يقول هذا الشخص على دليل عرضي من “مصدر مفتوح” للمعلومات، أي مصادر بحثيه متوفرة للجميع بما فيها أبحاث الباحثين في المختبر ومعلومات باحثين يدرسون أصل الفيروس.

ولكن بعض المصادر تحدثت عن انقسامات داخل المؤسسة الاستخباراتية التي عادة ما تنظر إلى نفس المعلومات المتوفرة ولكنها تقدم تفسيرات مختلفة. وقال شخصان على معرفة بالأمر إن الحالة تعتمد على أدلة عرضية لأن الولايات المتحدة لا تملك معلومات من الميدان لتدعم نظرية هروب الفيروس. وما هو واضح أن الدمار الذي أحدثه جاء مفاجئا لترامب، الذي جهز حملة انتخابية تعتمد على قوة الاقتصاد وقال إن حالات الإصابة بالفيروس ستتراجع صفر. ومات بسبب الفيروس حوالي 70 ألف أمريكي ويحاول ترامب نتيجة لذلك حرف المسؤولية إلى الصين.

ويعرف مختبر ووهان، مركز النقاش بأبحاثه على الخفافيش، والتي تعد الحامل الرئيسي لفيروس كورونا وهو ما يضيف إلى نظرية فرار الفيروس منه. وتقيم الحكومة الأمريكية معلوماتها على مصادر مفتوحة تتعلق بعدم التزام المختبر بتعليمات السلامة أثناء دراسة الحيوانات والفيروسات الخطيرة. وقال شخص إن الصين ظلت تعتم على الجهود التي طالبت بالتحقيق في ردها الأول على الوباء. ولكن التقييم الذي قدمته الأجهزة الأمنية في الأسبوع الماضي اسبتعد نظرية أن يكون الفيروس قد انتقل بعد تسربه من المختبر. واختار الصمت على نظرية التسرب أو الأسواق أو مصدر آخر. وهناك إمكانية أن يكون الفيروس بدأ في واحد من الأسواق الصينية التي تبيع الحيوانات البرية، وهناك سوق لها في ووهان ليس بعيدا عن المختبر.

وتظهر البيانات التي قدمها الصينيون مجموعة من الحالات بين السوق والمختبر. وشكك ثلاثة مسؤولين أوروبيين، على معرفة بالنقاش حول الموضوع، من نظرية التسرب من المختبر، مع أنهم لم يستبعدوا فكرة تسربه أثناء قيام الباحثين بتجارب على الفيروس. وبالإضافة لهذا فالمعلومات الأمنية التي اشتركت فيها شبكة “العيون الخمسة” والتي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ونيوزلندا وكندا قدمت تقييما استبعد باحتمالية عالية أن يكون الفيروس قد تسرب من المختبر. وهو ما تحدث به مسؤولان غربيان لشبكة سي أن أن، يوم الإثنين. وهذا رغم الملف (15 صفحة) “للعيون الخمسة” والذي اتهم الصين بإخفاء أو تدمير أدلة عن الوباء والتي كشفت عنها صحيفة “أستراليا ساتردي تلغراف”. وحتى لو تمت دراسة الفيروس في المختبر لا يوجد ما يقترح حدوث شيء قبل حدوث الوباء، وربما كان الباحثون العلميون في الصين ينظرون فيه بعد ظهوره، ومن هنا يقول شخص إنه من الصعب على الأجهزة الأمنية الوصول إلى دليل قطعي. ولم يقدم ترامب أو بومبيو تفاصيل لدعم نظرية المنشأ، إذ تحدث بومبيو عن “أدلة متعددة”، فيما وعد ترامب بتقرير كامل يحدد قطعيا نظرية التسرب. وقال ترامب في مقابلة مع “فوكس نيوز” “أعتقد أنه سيكون قطعيا” و”أعتقد حسب رأيي أنهم ارتكبوا خطأ فظيعا ولا يريدون الاعتراف”. هذا رغم دعوة الولايات المتحدة المستمرة الصينيين المشاركة بالبيانات المتوفرة لديهم وتصريحات ترامب في طريقه إلى أريزونا أن على أن الصين يجب أن تظهر شفافية عالية و”نريد معرفة ما حدث”. ويشير التقرير إلى أن الرسائل المتضاربة تعكس محاولة تشويه الصين في حملته الانتخابية، خاصة أن ترامب قام باتخاذ الخطوات لكي يتستر على طبيعة الفيروس الذي انتشر حول العالم. فقد دمر الوباء كل الجدل الذي كان يريد ترامب تبنيه في حملة إعادة انتخابه- اقتصاد مزدهر في الوقت الذي فرضت في الحكومة التباعد الاجتماعي ووصل عدد الذين خسروا وظائفهم إلى 30 مليون شخص.

وفقد الأمريكيون الثقة بطريقة معالجة ترامب للأزمة كما أظهر استطلاع أجرته جامعة مونماوث. وقال 51% إنه لم يكن جيدا مقابل 42% قالوا إن عمله كان جيدا، وهي زيادة ست نقاط عندما قال 45% باستطلاعات آذار/ مارس أن عمله لمواجهة الفيروس لم يكن جيدا. إلا أن الرئيس وكبار الدبلوماسيين الأمريكيين لم يركزوا على الأخطاء الصينية بقدر ما ركزوا انتباههم على نظرية مختبر ووهان.

ويبدو أن قرار التركيز على هذا الموضوع نابع من بيانات الاستطلاعات التي كان فريق الرئيس يدرسها وهم يحاولون إعادة موقفه بين الرأي العام. ففي استطلاع يوغوف/إيكونوميست كشف أن 45% بمن فيهم ثلثا الجمهوريين يؤمنون بنظرية هروب الفيروس من المختبر. كما أن قرار المجتمع الاستخباراتي استبعاد فكرة الدور الإنساني في الوباء جاءت من المعلومات الجينية المتوفرة عن الفيروس. وفي العادة ما تمر على الفيروسات حالات تحول في موادها الجينية، بعضها صغير وآخر كبير. إلا أن التحول يعطي صورة لعلماء الجينات والذين يمكنهم استخدامها كما يستخدم علماء الطبيعة العلامات لمتابعة هجرة الطيور. وفي آذار/ مارس قام علماء الجينات بالنظر في فيروس كورونا لتحديد فيما إن جاء من مصادر طبيعية مثل الحيوانات أو عمدا من مختبر. ونشر الباحثون دراستهم في مجلة “نيتشر” وركزوا فيها على مكونات الفيروس. وبناء عليه فلا يوجد ما يؤكد تسرب الفيروس من مختبر.

وبالإضافة للخفافيش، فقد وجد الفيروس في البانغولين الذي يعيش في آسيا. وقال ديفيد ماثيوز، الباحث في فيروس كورونا بجامعة بريستول “من الصعب القول إنه ليس” من مختبر و”لكن هذا غير محتمل وبدرجة عالية”. ودعت منظمات دولية الولايات المتحدة تقديم ما لديها من أدلة علمية تدعم تصريحات ترامب وبومبيو القاطعة. ويرى مايك ريان، المدير التنفيذي برامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية إن دليلا عن هروب الفيروس من المختبر “ستكون مهمة لمعلومات الصحة العام والتحكم في المستقبل”. وقال إن المنظمة تتعامل مع إصرار أمريكا على أنه “تكهنات” حتى يقدم دليل قاطع. وقال “لو كان الدليل والبيانات متوفرة فإن الأمر يعود لأمريكا القرار متى وعندما تنشرها ولكن منظمة الصحة لا تستطيع العمل من خلال فراغ المعلومات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية