باماكو: عقب أعوام من التعاون، تتصاعد العداوة بين تنظيمي القاعدة و”الدولة” في منطقة الساحل الإفريقي، وفق ما يقول خبراء.
سبق أن تواجه التنظيمان الجهاديان في مسارح نزاع أخرى، على غرار سوريا، لكنهما كثيرا ما عملا جنبا إلى جنب في الساحل عبر تنسيق الهجمات وحتى تبادل المقاتلين.
وتعيش المنطقة نصف الصحراوية منذ أعوام نزاعا ضد المقاتلين الإسلاميين الذين ظهروا أول مرة في شمال مالي عام 2012، قبل أن يمتدوا إلى وسط البلاد ويبلغوا بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.
أدى ذلك إلى مقتل آلاف العسكريين والمدنيين حتى الآن ونزوح مئات الآلاف عن منازلهم.
لكن منذ بداية العام، يبدو أن مواجهات متفرقة بين تنظيمي القاعدة و”الدولة” تصاعدت لتصير معارك كبيرة في وسط مالي وبوركينا فاسو.
لم تتسرب إلا تفاصيل قليلة عن هذا الصراع بين التنظيمين الجهاديين، ووقع جزء كبير منه في مناطق مضطربة تنشط فيها تنظيمات إجرامية وميليشيات إثنية وتشهد مواجهات منتظمة مع الجيوش النظامية.
يشير خبراء ومسؤولون محليون إلى وجود خلافات حول مجال النفوذ والحصول على المحاصيل الزراعية، وهي من أسباب التقاتل بينهما.
من جهته، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة في مالي محمد صالح النظيف إن الحرب الأهليّة بين الجهاديين “لم تعد سرّا”.
وأضاف في إشارة إلى تقاتلهما حول الأراضي “لا نعرف كيف سينتهي، كل طرف يريد أن يكون صاحب اليد العليا على الآخر”.
ظهر الجهاديون المرتبطون بالقاعدة في شمال مالي عام 2012 ثم انتقلوا إلى وسط البلاد عام 2015، وهم ينشطون الآن ضمن تحالف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
حضور تنظيم “الدولة” أحدث عهداً. أسس الجهاديّ عدنان أبو وليد الصحراوي الجماعة في المنطقة عام 2015، وهي تنشط حاليا في المناطق الحدودية بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
لم يتشكّل قطّ تحالف معلن بين القاعدة وتنظيم “الدولة ” في منطقة الساحل، وفق ما يرى دبلوماسي غربي في العاصمة المالية باماكو.
لكنه اعتبر أن ذلك لم يمنعهما من العمل بشكل وثيق، في إشارة إلى الهجمات المشتركة و انتقال المقاتلين من تنظيم إلى آخر.
وأضاف الدبلوماسي أن ما يدفع شخص للالتحاق بأحد التنظيمين مرتبط في الأغلب بظروف محلية، على غرار الانتماء إلى مجموعة اتنية مهمّشة أو البطالة.
من جهته، اعتبر الباحث في معهد الدراسات الأمنية بباماكو إبراهيم مايغا أن أسباب الصراع أيضا محليّة في الأغلب.
ويقول مايغا إنه “لا يجب النظر إلى هذه النزاعات من المنظور الإيديولوجي فقط”.
من الأمثلة على ذلك، كثيرا ما يندلع قتال في وسط مالي خلال موسم الجفاف على محصول العلف (يسمى بورغو) الذي يُزرع في دلتا نهر النيجر.
في تصريح لوكالة فرانس برس، قال خبير أمني يعمل في مدينة موبتي وسط مالي طلب عدم ذكر اسمه إن الجهاديين يتقاتلون للسيطرة على مواقع إنتاج أعلاف بورغو “على غرار الجميع”.
بدأت المواجهات بين الجماعتين الجهاديتين بعد عبور مقاتلي تنظيم “الدولة” إلى منطقة ديالوب وسط مالي قادمين من بوركينا فاسو بداية العام، وفقا لمسؤول محلي رفض ذكر اسمه.
وأضاف أن المقاتلين تنقلوا “من قرية إلى قرية ناشرين رسالتهم”.
وتعدّ ديالوب عادة منطقة نفوذ لكتيبة ماسينا، وهي تنظيم جهادي ضمن تحالف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
وقال مستشار أمني يعمل في موبتي، رفض ذكر اسمه، إن “أكثر من 60 جهاديا قتلوا” في نزاع بالمنطقة منتصف آذار/مارس.
أما في بوركينا فاسو المجاورة، زعم تنظيم “الدولة” أن عناصره قتلوا “أكثر من 35” من عناصر جماعة نصرة الإسلام والمسلمين قرب الحدود المالية.
وزعم أيضا أنه أرسل انتحاريا في سيارة مفخّخة ليستهدف قاعدة للجماعة في نفس المنطقة.
رغم الصورة المروعة التي تم نشرها عبر الدعاية، يقول إبراهيم مايغا إن المعلومات الآتية من مناطق النزاع في الساحل مبالغ فيها في أغلب الأحيان.
بدورها، أشارت الأمم المتحدة في تقرير داخلي حديث إلى “نقص المعلومات الاستخبارية” حول عدة مناطق في مالي.
كما لم ينشر القاعدة أو تنظيم “الدولة” أي شريط حول المواجهات بينهما، وهو أمر غير معتاد في نشاط التنظيمين الجهاديين الناشطين إعلاميا.
(وكالات)