القدس هي مدينة تم توحيدها، ومنذ ذلك الحين يسكن فيها اليهود والمسلمون والمسيحيون وأبناء ديانات اخرى. هي مدينة ليس لها مكانة تاريخية فقط بل ايضا مكانة سياسية. وهي تعتبر التجسيد المصغر للصراع العربي الاسرائيلي. وبالنسبة لنا نحن الاسرائيليين هي رمز وليس أقل من ذلك، وبالتالي فان أهميتها خاصة جدا.
مثل كل فترة زمنية منذ صعود الصهيونية الاولى، هكذا ايضا في الاسابيع الاخيرة، فان جزءاً لا بأس به من سكان المدينة العرب يشاغبون ويُخلون بالنظام. وفي النهاية ينحرفون ويقومون بدور يريده منهم الزعماء. وفي هذه المرة ايضا بالضبط كما في السابق سيكونون هم من سيدفعون الثمن. القطار الخفيف الذي أنشيء ايضا
من اجلهم وهم يستخدمونه يتعرض لهجمات لا تنتهي، حادثة الدهس التي قتلت فيها الطفلة حايه زيس هي ذروة هذه الاحداث. لذلك من الطبيعي أن نسمع عن أولياء طلاب من تل ابيب وجهات اخرى في بلدية تل ابيب قرروا الغاء الرحلات والجولات في عاصمتنا.
تجدر الاشارة الى أنه من الصعب عدم فهم هؤلاء الأولياء، فهم قلقون على أبنائهم ويطلبون ضمانات. ولكن على العكس من ذلك يجب القول إن هذا يعني الخضوع للارهاب، فاحيانا نشعر بوجود ذعر مبالغ فيه.
المقدسيون يستمرون في العيش. وأمس بدأت السنة الدراسية الجديدة لآلاف الطلبة (بمن فيهم من تل ابيب)، يتعلمون ويعملون ويسافرون في المواصلات العامة ويخرجون للتنزه. ورغم الاحداث فان الحياة المعتادة مستمرة.
أحد الاحداث الاكثر شهرة في تاريخ المدينة هو أنه في ظل القصف الذي تعرضت له غيلو اثناء الانتفاضة الثانية، رقص المقدسيون في المراقص المجاورة في تلبيوت. نحن المقدسيون تعلمنا الانتصار في جميع الاحوال.
العقلية التل ابيبية تختلف عن العقلية المقدسية، ولكن في نفس الوقت تُشكل الاثنتان مرساتين للاسرائيليين العصريين. ورغم ذلك فان القدس تعتبر في نظر عدد غير قليل من التل ابيبيين «مدينة عبور الى جبال الظلام»، ووقف الزيارات في القدس من شأنه تعميق الفجوة.
كل مقدسي يعرف أن القدس ليست مبنية فقط على الصراعات على طول الخط الاخضر. يمكن زيارة أماكن لا حصر لها من المواقع البعيدة عن مراكز الصراع. يمكن مثلا الوصول الى قبر «شهداء الطلقات الاخيرة» الناجين من الكارثة وهم من بقوا من عائلاتهم وقُتلوا في حرب الاستقلال.
أو زيارة معرض الكتاب في متحف اسرائيل والتعرف على الوثائق المفقودة. واذا احترتم في كيفية ادارة الدولة فيمكن زيارة الكنيست ومحكمة العدل العليا.
هناك من أعطى في السابق صورة بأن التل ابيبيين منفصلون وما يهمهم خلال الحرب هو فقط الجبن والنبيذ. الاحداث الامنية ومعطيات التجنيد للجيش وقصص البطولة التي تتحدث عن أبناء المدينة العبرية الاولى تثبت أن هذا الادعاء غير صحيح بتاتا.
لقد قيل إن الامور التي نراها من هنا لا نراها من هناك. وهذا الامر صحيح لدى المقدسيين. بالنسبة إلينا فان كلمات الكاتب لفنسكي التي تقول «ارض اسرائيل بدون القدس مثل الجسم بدون الروح»، هي صحيحة وقائمة حتى اليوم.
يديعوت 27/10/2014
إيلي حزان