أخوّة العنصرية والوطني المتجمّل: هكذا يبقى اليهودي المتطرف على حق.. أمام غير اليهودي

حجم الخط
0

في بداية الأسبوع الماضي أخذ يئير لبيد يهنئ جلعاد على تعيينه سفيراً لإسرائيل في الأمم المتحدة والولايات المتحدة. قال يئير إنه واثق بنجاح جلعاد في مواجهة تحديات ذلك المنصب. فيما شكر جلعاد يئير على كلماته الدافئة. حقاً هذا أمر ينعش القلب أن ترى يهوديين فخورين من أحزاب متعادية، “الليكود” و”يوجد مستقبل”، يتبادلان التهنئة. أجل، يهوديان هما جزء من سلسلة الأجيال التي امتدت على مدى 3 آلاف سنة، أجيال من اليهود الذين حافظوا دائماً على الإخلاص لأرض إسرائيل. أما نحن العرب، كما هو معروف، فقد خرجنا من الحائط، ولسوء الحظ هدم هذا الحائط في 1948.

لماذا يعد هذا جميلاً جداً؟ صحيح أن هذين الصديقين على جانبي المتراس السياسي، لكن في وقت الحقيقة يجدان نفسيهما في نفس الطرف. وعليهما ألا يشوشا الدماغ بشأن الفروق الأيديولوجية والسياسية؛ عندما يتم استدعاؤهما من أجل العلم، فهما يمتثلان على الفور لخدمة الأجيال.

هاكم على سبيل المثال، الدولة تقرر إخلاء المواطنين العرب من سكان أم الحيران، وتريد إسكان اليهود مكانهم. يسود صمت مطبق لدى يئير رغم أنه في الجانب الثاني من المتراس السياسي. لمإذا؟ لأن القومية اليهودية قبل كل شيء.

افترى جلعاد اردان على المرحوم يعقوب أبو القيعان، الذي قتل على يد الشرطة. ويتهمه بأنه نفذ عملية ويدعي بأن له علاقة مع داعش (رغم أن الوقائع تقول عكس ذلك)؛ اردان يحرض ضد العرب وكأنهم بدأوا في “إرهاب الحرائق”، رغم عدم طرح أي دليل على ذلك. إن أردان بصفته وزيراً للأمن الداخلي تخلى عن المجتمع العربي وتركه للجريمة المتفشية دون أن يبذل أي جهد لمحاربتها. والصديق الذي على الجانب الثاني من المتراس يقوم بتهنئته.

وإليكم فهماً آخر؛ كلما كان اليهودي في نزاع مع غير اليهودي (في حالتنا العربي) فهو مضطر للوقوف إلى جانب اليهودي. واتركوا الشعارات عن العدل والعدالة. ما لا يجب فعله هو إضعاف يد اليهودي، لأنهم بذلك يعززون غير اليهود. واليهودي دائماً على حق أمام غير اليهودي. هذه هي طريقة الوطني البدائي المتجمل. من جهة هو يعارض “الزعبيين”، ويبحث عن أغلبية يهودية. ومن جهة أخرى يريد الظهور مظهر التقدمي والليبرالي. وهذا لن ينفع، في النهاية هو يظهر مثل مهزلة. ويظهر أنه يسير في طريق تقود إلى سياسة “طفولية، شعارية، فارغة وسطحية”، مثلما وصفها جدعون ليفي في مقال له الشهر الماضي (“هآرتس”، 23/4). وبالمناسبة، العداء المرضي للبيد لـ”بتسيلم” ولـ”محطمي الصمت” مصدره في حقيقة أن هؤلاء الأشخاص الجيدين يكشفون عيبه الأخلاقي: وطني متطرف بدائي مغلف بغلاف الحداثة.

هذا الرجل الذي ينثر الشعارات الفارغة يميناً ويساراً، لم يجد أن عليه مباركة التعاون المبهج بين اليهود والعرب في الحرب ضد كورونا. نفهم بأن هذا ما ينقصه، ثم ضبطه وهو يقول كلمة جيدة عن العرب.

مع ذلك، يجب علينا القول بأنه من المهم عقد تحالفات خاصة، حتى مع لبيد وأمثاله، بسبب مصلحة مشتركة، مثل ضد حكومة نتنياهو – غانتس. ولكن ليكن واضحاً: محظور على أي تحالف محدد أن يوقف الانتقاد ضد نهج لبيد العنصري. وأكثر من ذلك.. علينا أن نكون مستعدين في أي لحظة معطاة لأن يركض لبيد إلى أحضان أخيه نفتالي بينيت وربما حتى بتسلئيل سموتريتش، فهو مع ذلك يهودي أيضاً.

لا تتفاجأوا من تحالفات كهذه. فقبل شهر انتقل حليفه بني غانتس من طرف إلى طرف في المتراس وتكيف بسرعة وكأنه ولد في بلفور.

بهذه المناسبة، أتوجه إلى “الأخ” أردان، بأن عليه أن لا يكون متعلقاً بالصغائر، وأن يستدعي بين الحين والآخر لبيد للظهور في الأمم المتحدة. فهناك يمكنه أن يشرح للغرباء بشكل جيد وببطء كي يفهموا الأخطار التي تواجه دولة اليهود، ويمكنه أيضاً تلطيف صوته فيقرأ عليهم بشكل إيقاعي “نحب إسرائيل”.

لمَ للطبل صوت مدو؟ لأنه فارغ.

بقلمعودة بشارات

هآرتس 18/5/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية