الفرق بين زاهي وهبي في برنامجه الشهير «خليك بالبيت» ووهبي في برنامجه «بيت القصيد» هو ذاته الفرق بين قناتين، واحدة كانت تحمل طموحاً كبيراً بأن تكون خارقة للطوائف والانتماءات القطرية، وواحدة انبنت لتدافع عن طموح ضيق لا يتعدى أن يكون طموح حزب. إن نظرة لمستوى الضيوف، الأساسيين والهامشيين، واهتمامات الحوار في البرنامجين تؤكد إلى أي مستوى انحدر البرنامج.
وهبي يؤكد مرة تلو المرة أن الشاعر، الذي كان لم يكن هو رافعة البرنامج، إنما القناة وحلمها الكبير، الحلم الذي آل إلى الضياع تالياً. لكن وهبي ما زال يستثمر في اسمٍ صنعتْه قناة «المستقبل»، وفي صيغة شكلية للبرنامج وضع أسسها «المستقبل». الفارق أيضاً يبدو أنه ينسحب على جمهورين، فمن الواضح أن الجمهور اليوم يعرف مغزى «بيت القصيد»، وماذا يريد، ولمن يعود، وقد كبس زرّ الكونترول إلى غير رجعة.
الضيعة الرحبانية الفاضلة
معتوه، يتساخف، صعلوك.. هذه أوصاف ساقتْها ريما رحباني، ابنة السيدة فيروز، بحق زافين مقدم برنامج «سيرة وانفتحت» على قناة «المستقبل» اللبنانية (حسب ما نقلت عنها صحف عديدة)، السبب تقرير تلفزيونـــي عرضــه زافين في برنامجه حول حديقة مسيجة في ضيعة لبنانية يعتـــقد بعض جـــيرانها أنها تعود للسيدة فيرز وأنها تحضّرها كي تكون قبراً لها (بعد عمر طويل انشاء الله).
التقرير صوّر المكان، وأضاء على ما ظهر فيه من عمارة تخلّد اسم فيروز. لم يخطئ التقرير، ولم يخلّ باحترام السيدة ومكانتها، إلا إذا اعتبرت ريما أن مجرد الكشف عن المكان فيه إهانة للعائلة الرحبانية، ورغم ذلك لن يستحق الأمر أوصافاً كالتي قيلت.
بعد طريقة زياد التي نعرفه جميعاً، والتي غالباً ما تملأ العالم بالسباب وبأحطّ الكلام، وبعد كلام ريما (الحندقة) هذه التي داعب اسمها أحلام الرومانسيين، لا مناص من التساؤل إن كانت هذه هي الضيعة الرحبانية الفاضلة التي انتظرها الجميع. لقد بنى الرحبانيون الآباء امبراطورية عظيمة من كلام حلو صار لاحقاً أسماء لأجمل البنات والأمكنة الرومانسية، لم نسمع عن تصريحات من هذا القبيل في زمانهم.
الرحابنة الجدد أفسدوا أشياء كثيرة، من بينها صورة السيدة «الموزعة بالتساوي على الجميع»، نرجو أن لا تتحول كلمات ريما بحق زافين إلى أغان، وكذلك تصريحات زياد الأخيرة وشتائمه بحق الجمهورية. لقد ظننا أن «الجمهورية الرحبانية الفاضلة» من دون مفردات من هذا النوع.
نظرية قصي خولي في تفسير الربيع
من حق الممثل السوري النجم قصي خولي أن لا يرى في الربيع العربي ربيعاً، ومن حقه أن يتابع سخريته كما يشاء من «ربيعك» العربي، كما فعل في برنامج «الحكم» على قناة «أم بي سي»، فهذا رأيه وحريته في القول والتعبير، وحتى حين يصل الأمر إلى اعتبار أن «مشروع الحرية أكبر من طموحاتنا كعرب»، وأننا «ليس لدينا ديمقراطية لأننا لا نستأهل الديمقراطية» سنقول إن هذا حقه الطبيعي في التعبير، ولكن حينها لا شيء يمنعنا من الإحساس بالغثيان.
الخولي اعتبر أن المؤامرة الكونية تحركت عندما بدأت الحكومات العربية «تشوف خاطر شعبها» (أنظروا إلى هذا التعبير المبتذل!)، أي عندما «أحس الغرب بنوع من الرخاء طلعوا لنا بالربيع العربي». هو له نظريته في استنهاض «ربيعه» الخاص تقوم على: «حينما تصبح هناك ديمقراطية في البيت العربي نستطيع أن ننقلها إلى الشارع»، وحين نقلع عن «رمي الزبالة من البلكون».. ربيعه يرفض المخالفة لإشارة المرور، والرشوة، والتشاطر على القانون. وهو في النهاية مع «الدولة السورية»، ومع «الجيش العربي السوري»، ومع الانتخابات الأخيرة التي أبقت بشار الأسد في الحكم. فقل لي بالله عليك من هم في بلدك أكثر الناس تشاطراً على القانون ومخالفة لقوانين السير وتبجحاً بالمخالفة وبالرشوة وسواها؟ هل هم أولئك الذين كتبوا على حيطان درعا؟ هل هم أولئك الذين قدموا ورداً لجيشك فرماهم بالنار؟ وأين كان صوتك حينذاك؟ قل لي ماذا حلّ بمجموعة داريا التي لم تدعُ، قبل سنوات من الثورة، سوى إلى المبادرة في تنظيف الأحياء وزرعها؟!
في النهاية من حقك، عزيزي الخولي، أن تطالب الناس برمي «الزبالة» في المكان الصحيح قبل أن يخرجوا للمطالبة بالحرية (ولو أننا سنزعل قليلاً عليك وأنت تحاول اللعب و»التشاطر» بمفردتي «الديمقراطية» و»الزبالة»، كما لو أنك أردت القول إن «الديمقراطية زبالة») ولكن هذا لا يعني بأي حال أن لديك الحق أن ترميهم بالبراميل المتفجرة إن رموا زبالتهم في المكان الخطأ، أو أنهم فعلوا أقل من ذلك بكثير حينما طالبوا بالديمقراطية.
أيها الممثل النجم، إن شعبك لديه من الإيمان بالديمقراطية والحرية والعدالة ما يجعله يتسامح مستقبلاً مع ما قلت من ترهات جاهلة ومن إساءة للعقل والوجدان. لكن في هذه اللحظات سامحنا – مرة أخرى- لو شعرنا بشيء من التقزّز.
جوائز للإعلام السوري من النجف
يصعب أن يتخيل المرء أن يحصل الإعلام السوري على جائزة ما، على الأقل في ظل أدائه الراهن بعيد اندلاع الثورة السورية، بسبب كم التزوير الفاضح الذي تعرضت له الحقائق كلها. لكن جهة ما جاهزة لمنح جوائز للإعلام السوري، وتستطيعون بالطبع التكهن بها. أو على الأقل في أي مدينة تكون. نعم، إنها من مدينة النجف، حيث حازت قناة «تلاقي» السورية على جائزة في مهرجان «الغدير» الذي ينعقد سنوياً هناك، حازها برنامج منوع هو «جريدة الصباح». أما الجائزة الأخرى فكانت من نصيب إذاعة «صوت الشعب» عن أفضل نشرة أخبار سياسية. هذه المرة من النجف، وبعدها من قم، ثم من الضاحية الجنوبية في بيروت، وربما الجزائر، ومن بعدها اليمن. ليس هنالك إعلام أكثر وضوحاً من هذا.
٭ كاتب من أسرة «القدس العربي»
راشد عيسى
مبروك للقناة السورية والإذاعة السورية وليذهب الحاسدون للجحيم