رسالة “سيبرانية” إلى إيران: معركتكم ضد إسرائيل خاسرة والمس ببنية مدنية خط أحمر

حجم الخط
1

معارك السايبر الجديدة بين إسرائيل وإيران بدأت تتكشف، وعدد من المنشورات التي نشرت الصحف الأمريكية في الأسبوع الأخير تكشف القليل مما يحدث غالباً بعيداً عن أعين الجمهور. أمس نشرت صحيفة “واشنطن بوست” بأن إسرائيل وقفت خلف هجوم سايبر تسبب بتشويش كبير في نشاطات ميناء بندر عباس في جنوب إيران. هذا يبدو كنشاط رد على هجوم سابق نسب إلى إيران ضد البنية التحتية للمياه في إسرائيل.

وكتب عن الهجوم الإيراني في الولايات المتحدة في نيسان. جاء المنشور كما يبدو استناداً إلى معلومات من مصدر غربي ادعى أمس بأن محاولة إيران كانت شخصتها أنظمة دفاع السايبر في إسرائيل، وأن الهجوم لم يتسبب بأضرار حقيقية. في السابع من أيار تم عقد نقاش استثنائي للكابنت في إسرائيل، تناول في الأساس مكافحة وباء كورونا. في قناة “أخبار 13” نشر أن النقاش كرس لمحاولة هجوم السايبر الإيراني.

حسب “واشنطن بوست”، كان هجوم السايبر في إيران في 9 أيار على مطار قريب من مضائق هرمز والذي يجري عبره جزء كبير من تجارة النفط الإيرانية. اقتبست الصحيفة مصادر أجنبية وصفت فوضى كبيرة في نشاط الميناء في الأيام التي أعقبت الهجوم وتأخيراً في حركة السفن. جزء كبير من التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية من جهة وإيران من جهة أحرى يتعلق بالضغوط التي تستخدم على صناعة النفط الإيرانية. في السنة الماضية نسبت إلى إيران سلسلة هجمات على مواقع نفط للسعودية والإمارات كرد على العقوبات الأمريكية التي تزداد شدة ضدها. وفي تشرين الأول الماضي ادعت إيران بأن ناقلة نفط تابعة لها هوجمت بالصواريخ أمام شواطئ السعودية.

رئيس معهد بحوث الأمن القومي، الجنرال احتياط عاموس يادلين، غرد أمس في حسابه على “تويتر” وقال: “يبدو أن هذا رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني على البنية التحتية للمياه والمجاري”. يادلين، رئيس الاستخبارات السابق، أضاف بأن “إسرائيل بذلك توضح بوجوب إبقاء الأنظمة المدنية خارج نطاق الحرب”.

إن تسريب المنشور لا يبدو صدفياً. أحد ما، في الولايات المتحدة أو في إسرائيل، أراد أن يطرح هذه الأمور علناً لتعزيز الرسالة للإيرانيين التي تقول بأن المس بأنظمة مدنية يعدّ خطاً أحمر. وحجم الضرر المتوقع لهم في هجوم سايبر قد يكون أشد من الضرر الذي يمكنهم التسبب به لأعدائهم. يتم تبادل ضربات السايبر في فترة ارتفع فيها عدد التقارير عن هجمات جوية لإسرائيل موجهة نحو القوات الإيرانية والمليشيات الشيعية في سوريا. ربما وجدت إيران نفسها في وضع متدن إلى حد ما أمام هجمات سلاح الجو، خاصة بعد اغتيال الجنرال قاسم سليمان في كانون الثاني الماضي من قبل الولايات المتحدة، واختارت توسيع حدود الجبهة لتصل إلى مجال السايبر.

يجب أن تكون هجمات السايبر تذكيراً لبعد جديد ومتطور في المواجهة مع إيران وحزب الله، رغم أن دلائلها الأولية ظهرت قبل أكثر من عقد باستخدام الفيروس “المحوسب ستوك سنت” الذي أعاق تقدم المشروع النووي الإيراني. نسبت هذه العملية في حينه إلى إسرائيل والولايات المتحدة. وإن تصعيداً إقليمياً مستقبلياً قد يشمل أيضاً محاولات متبادلة للإضرار الشديد بالبنى التحتية المدنية بواسطة هجمات سايبر إلى جانب هجمات سلاح الجو (من قبل إسرائيل) وصليات صواريخ وقذائف (من قبل أعدائها).

لا يوجد تردد

عندما نظم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لنفسه زيارة استثنائية في زمن كورونا لإسرائيل الأسبوع الماضي فقد دعي للحديث عن إيران، لكنه جاء للحديث عن الصين أيضاً. من تصريحات بومبيو تبين أن واشنطن تصعد بشكل متعمد هجماتها العلنية على الصين، وتزيد في الوقت نفسه طلباتها من حلفائها.

العداء الأمريكي للصين بعيد عن أن يكون شأن إدارة ترامب فقط، ويشارك في ذلك الجمهوريون والديمقراطيون إلى جانب معظم الأشخاص المهنيين في البنتاغون وفي وزارة الخارجية. المنافسة بين واشنطن وبجين استمرت خلال العقد الأخير، وبشكل خاص في السنوات الأخيرة في عهد الرئيس الأمريكي الحالي. هذه منافسة على التكنولوجيا والابتكار والسيطرة الدولية. في ظروف متطرفة يمكن أن تنحرف أيضاً إلى شفا الاحتكاك العسكري في ساحات مختلفة.

فيروس كورونا زاد الحساسية في القناة الأمريكية – الصينية. وحتى قبل بضعة أشهر، ظهر دونالد ترامب كمن يبحر باتجاه الفوز في الانتخابات القادمة للرئاسة في تشرين الثاني على ظهر الاقتصاد الأمريكي المزدهر. ليس بالصدفة أن أبرز ترامب الارتفاعات في وول ستريت في كل فرصة. في آذار جاءت كورونا إلى الولايات المتحدة ووضعت حداً للجنة، حسب أقوال ترامب. وتم ضبط الإدارة في حالة عجز مخيف في مواجهة الوباء. وأثبت الرئيس لمواطنيه أن عيوبه الشخصية تفشل معالجة الأزمة وتكلف حياة عشرات آلاف الأمريكيين. ولكي يرفع عن كاهله المسؤولية، عليه إزاحتها وإلقاؤها على شخص آخر.

هكذا ولدت الهجمات المتزايدة على سلفه الديمقراطي براك أوباما الذي ترك له خرائب في الاستعداد للمواجهة مع الوباء، وكذلك على حكام ولايات وسناتورات ديمقراطيين الذين يعيقون -حسب ادعاء ترامب- إعادة فتح الاقتصاد الأمريكي، وعلى وسائل الإعلام التي يتهمها بنشر الأكاذيب وملاحقته شخصياً. في هذه الرواية، تلعب الصين دور الشيطان الأجنبي. وثمة ادعاءات يبني عليها ترامب ادعاءاته: الصينيون تأخروا في الإبلاغ عن تفشي كورونا، وأخفوا شدة الوباء وأسكتوا في البداية أطباء ومراسلين مستقلين أرادوا التحذير. لهذا السبب يحرص الرئيس على وصف كورونا كفيروس صيني أو كفيروس من ووهان.

تزيد أمريكا في هذه الظروف الضغط على أصدقائها من أجل الابتعاد عن الصين. وفي هذه الأثناء تدرج إسرائيل على أجندتها عطاء كبيراً لتحلية مياه البحر، وتتنافس فيه شركة صينية، ومشاريع بنى تحتية لشبكات هواتف خلوية من الجيل الخامس. حاولت إسرائيل خلال فترة طويلة السير بين النقاط: السعي إلى تعزيز العلاقات التكنولوجية والاقتصادية مع الصين، وإبعاد الضرر الأمني المحتمل من كشف أسرار أمام شركات صينية، إلى جانب محاولات لإرضاء واشنطن عن طريق اتخاذ خطوات رمزية.

يبدو أن هذا لم يعد يكفي الآن. يتوقع من الإدارة الأمريكية أن تطلب التزاماً أكبر، خاصة قبل انتخابات الرئاسة. أما قدامى المواجهات مع إدارة بوش حول صفقات السلاح مع الصين قبل عشرين سنة، فيذكرون جيداً عما يدور الحديث: كتف بارد إلى درجة المقاطعة الشخصية لموظفين كبار، الذين قاموا -حسب ادعاء الأمريكيين- بتضليلهم عمداً.

ليس لإسرائيل حق التردد في الاختيار بين الولايات المتحدة والصين. إن الاعتماد على الأمريكيين تقريباً هو اعتماد مطلق. ولإسرائيل سبب آخر وفوري وهو عدم إغضاب ترامب. إذا وصلت شركات أمريكية أولاً إلى خط النهاية ونجحت في تطوير لقاح ضد كورونا فمن المتوقع أن يكون هناك طلب عالمي ضخم للتطعيمات. من المعقول أنه سيكون للإدارة تأثير على اختيار سلم الأولويات في تزويد التطعيمات لدول أخرى.

بقلمعاموس هرئيل

 هآرتس 20/5/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Al NASHASHIBI:

    نهايه الكيان الاستعماري سيزول. بسواعد الشهدا الشرفا..
    بندقيتي شرف حياتي وكرامة وجودي. وبها نحرر. بلادي

إشترك في قائمتنا البريدية