مسألتان في غاية الصعوبة تعبران حاليا بصيغة توحي بأن تكمل الحكومة الحالية مسيرتها لتتحمل كلفتهما قبل الرحيل أو المغادرة.
عمان-“القدس العربي”: لماذا يبدو رغم الضجيج خيار “التغيير الوزاري” صعبا ومؤجلا في الأردن؟
تلك هي المحطة التي تشغل النخب السياسية في الأردن عندما يتعلق الأمر بأفضل وصفة ممكنة لخوص غمار مرحلة ما بعد كورونا، حيث بيان رسمي باسم ولي العهد الأمير حسين بن عبدالله تحدث فيه الناطق الرسمي الوزير أمجد عضايلة عن توجيهات “أميرية” بأن لا يعلن القرار الاجرائي إلا “بعد اتخاذه”.
هل يعني ذلك بأن بعض القرارات كانت تعلن قبل انضاجها بالمستوى الحكومي؟
قد تكون الإجابة بنعم، فتلك ملاحظة لا تسجلها مؤسسة ولاية العهد فقط بل الرأي العام والشارع حيث “تفلت التفاصيل” وحيث يصر خبراء اقتصاديون واستثماريون وصناعيون من بينهم الدكتور لؤي سحويل على أن “التفاصيل مهمة جدا” على أساس أن كل الشياطين تجلس بوقار فيها.
يبدو هنا وإزاء “ملاحظة ولاية العهد” بأن الملاحظات “المرجعية” على حكومة الدكتور عمر الرزاز لا تقف عند حدود الإيحاء بقرارات لم تنضج أو تتخذ بعد.
ثمة سجل ينمو من الملاحظات المؤسساتية حول أداء وطريقة عمل الطاقم الوزاري وذلك “الزحام” في المرجعيات الذي أشارت له العديد من الشخصيات، وورد بالتوصيف والتصنيف بعدة وثائق للدولة من بينها وثيقة توصيات المجلس الاقتصادي الاجتماعي ووثيقة النائب الدكتور خير أبو صعليك وأدبيات حتى المؤتمر الاقتصادي الوطني الأردني ومنتدى الاستراتيجيات.
التزاحم والملاسنات بين بعض الوزراء انضمت مؤخرا إلى مستوى “ما يزعج سلطات القرار العليا” وحصول “أخطاء” في قطاعات العمل والحدود جلست أيضا بين ملاحظات متعددة عندما يتعلق الأمر بـ”تقييم الأداء” خصوصا وأن الرزاز يكثر من الإشارة إلى أن “أزمة كورونا كانت جديدة تماما على العالم” مع أن النائب أبو صعليك اقترح “هدم بعض المعابد البيروقراطية”.
بين الملاحظات أيضا تزويد مجلس السياسات والمؤسسات السيادية بأرقام ومعطيات تعوزها “الدقة”.
وهو ما تطلب من الملك عبدالله الثاني شخصيا زيارات ميدانية لها علاقة بالأمن الغذائي والتطوير الزراعي والاطمئنان حتى على “الأمن النفطي” وإصدار أوامر للحكومة بـ”تخزين كميات إضافية من المحروقات والنفط” الأمر الذي أشارت له وزيرة الطاقة الدكتورة هاله زواتي وهي تزود “القدس العربي” بمعلومة تخص التأكيد على أن التخزين في أفضل أحواله في ظل التوجيهات الملكية.
لكن الوقوف عند “الملاحظة والخطأ” في الأداء الحكومي في ظل أزمة منقسمة أفقيا وعموديا اجتاحت العالم، لا يبدو “منصفا” لحكومة الرزاز خصوصا عندما يتكرر “إنكار” الصعوبات و”جحود” إنجازات قامت بها الحكومة فعلا على صعيد الاشتباك وايصال المساعدات واحتواء “آثار العدوان الكوروني”.
ويعني ذلك ببساطة سياسية أن عدم وجود “أدلة وبراهين” على أن حكومة جديدة بطاقم مختلف يمكنهما فعلا تقديم “أداء أحسن” من المفاصل التي قلصت من هوامش سيناريو التغيير الوزاري ودفعت باتجاه منطق “تأجيل التغيير” إلى ما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية وبالتالي “الاستمرار بالتعايش” مع حكومة “الدوار الرابع” لعدة أشهر مقبلة.
ذلك خيار يبقى ضمن سيناريوهات يمكن أن تتغير بأي لحظة. لكنه بدوره ليس خيارا منصفا للناس وقد لا يفيد بمعركة “عودة الحياة لطبيعتها بعد كورونا” إلا إذا كانت المؤسسة تقر مسبقا بأن المعطيات لها علاقة بحسابات الخارج والإقليم وليس بما يتقرر بالداخل فقط.
القرار بإجراء الانتخابات حتى اللحظة قبل نهاية العام الحالي “اتخذ على الأرجح”. هذا وضع استراتيجي سياسي تستفيد منه حكومة الرزاز بالبقاء لفترة أطول لإنجاز سلسلة مصفوفات لا تخلو من الدهاء السياسي.
لكن إجراء الانتخابات يعقبه بالمألوف الدستوري تشكيل حكومة جديدة تعيش مع مجلس النواب الجديد. وبالتالي بقاء حكومة الرزاز خيار أفضل من اللجوء لسيناريو ينتهي بـ”وزارتين” في ظل أزمة اقتصادية قبل نهاية العام الحالي، وإذا كان المطلوب عدم الغرق في التفاصيل فيمكن للجميع “التعكز” على حكومة قابلة لتعديل وزاري وتمرير الأشهر والأسابيع المتبقية قبل الانتخابات على الأقل بما في ذلك الإشراف عليها.
عمليا الجميع يلاحظ على الرزاز، لكن لا أحد يطالب برحيله بعد والجميع “يتفهم” تعقيدات المرحلة. تلك حقيقة يدركها حتى سلفه الدكتور هاني الملقي.
المنطق الذي سمعته “القدس العربي” مباشرة من أقنية عميقة في الدولة يقول أن مسألتين في غاية الصعوبة تعبران حاليا بصيغة توحي بأن تكمل الحكومة الحالية مسيرتها لتتحمل كلفتهما قبل الرحيل أو المغادرة.
المسألة الأولى لها علاقة بـ”تداعيات ما بعد كورونا” حيث خسائر مالية ووضع اقتصادي ومالي واجتماعي صعب جدا. والثانية مرتبطة بعبور مشروع “الضم الإسرائيلي” للأغوار والضفة الغربية والتداعيات في الحالة الداخلية، حيث يمكن هنا حصريا فهم سلسلة التمارين الحالية على “الحظر والإغلاق” بعد إعلان الحرب الإسرائيلية الجديدة على الأردن وليس فلسطين فقط في رأي المخضرم طاهر المصري.
احتواء آثار العدوانين الإسرائيلي وكورونا متطلب إجباري يعتقد انه “قد يعيق”- نقول قد – حتى الآن عمليا فكرة “رحيل الرزاز”.