إسطنبول ـ «القدس العربي»: يسعى حزب «العدالة والتنمية»، الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بالتعاون مع حليفه حزب «الحركة القومية» إلى إجراء تعديل دستوري على قانون الأحزاب والانتخابات في البلاد، وذلك في محاولة لقطع الطريق على خطة للمعارضة، يعتقد أنها تهدف إلى تعزيز صفوفها والإطاحة بالحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة المقررة عام 2023 ، وسط استمرار التكهنات حول إمكانية إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة.
وتحدثت مصادر في حزبي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية»، عن بدء القيام بخطوات عملية من أجل إجراء تعديل على قانون الأحزاب والانتخابات في الدستور التركي، حيث يتوقع أن يتم تقديم مسودة التعديل للنقاش في اللجان الداخلية للبرلمان شهر يونيو/حزيران الجاري، قبل عرضها للتصويت على الجمعية العامة التي يمتلك فيها الحزبان المتحالفان أغلبية مريحة لتمرير هكذا نوع من التعديلات.
وتتركز التعديلات المنوي إجراؤها على تشريع جديد يمنع انتقال النواب في البرلمان إلى أحزاب أخرى صغيرة لتمكينها من تجاوز العتبة المطلوبة وتحقيق الشروط اللازمة لخوض الانتخابات البرلمانية، وهي تستهدف بالدرجة الأولى الأحزاب الجديدة التي يتعذر عليها خلال السنوات الأولى من تأسيسها تحقيق شروط القانون الانتخابي الحالي، وبالتالي يتعذر عليها المشاركة في أول جولة انتخابية عقب التأسيس.
وتستهدف هذه الخطوة بالدرجة الأساسية منع حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة التركية من مساعدة حزب «المستقبل» الذي أسسه مؤخراً رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، وحزب «التقدم والديمقراطية» الذي أسسه نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد السابق، علي باباجان، لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة من خلال منحهم عدداً كافياً من النواب الذي يتيح لهم بدوره تشكيل كتلة برلمانية، الأمر الذي يسمح لهذه الأحزاب بتجاوز الشروط السابقة وخوض الانتخابات.
هذه «الحيلة الانتخابية» تعتبر بمثابة سابقة في الحياة السياسية التركية وحصلت للمرة الأولى عام 2018 عندما قام حزب «الشعب الجمهوري» بمنع حزب «الجيد» برئاسة ميرال أقشينار 15 نائباً (قدموا استقالتهم من حزب الشعب الجمهوري وانتسبوا إلى حزب الجيد) ما مكن الحزب من تشكيل كتلة برلمانية له الأمر الذي أتاح له المشاركة في الانتخابات.
يقضي بتشريع جديد يمنع انتقال النواب في البرلمان إلى أحزاب صغيرة
وهدف حزب «الشعب الجمهوري» من هذه الخطوة، إلى تعزيز صفوف المعارضة التركية، وتجميع صفوف أي حزب سياسي معارض لـ«العدالة والتنمية» واردوغان، وبالفعل نجح الحزب في ضم حزب «الجيد» إلى تكتل أحزاب المعارضة الذي حقق تقدماً لافتاً في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وإن لم ينجح في الإطاحة باردوغان، ونجح لاحقاً هذا التحالف في تعزيز فرص فوز المعارضة في عدد من البلديات الكبرى في البلاد، أبرزها إسطنبول وأنقرة وغيرهما من المحافظات الكبرى.
وينص قانون الأحزاب والانتخابات في تركيا على أن يتوجب على أي حزب سياسي جديد في البلاد أن يكون قد شكل هيكلاً حزبياً في 41 ولاية تركية على الأقل من أصل81 ويكون قد عقد مؤتمراً عادياً واحداً على الأقل، أو أن يكون يمتلك كتلة برلمانية تتكون من 20 نائباً على الأقل، وهي معايير لم يكن يستوفيها حزب الجيد قبيل انتخابات 2018 ولا يستوفيها حالياً حزبا داود أوغلو وباباجان.
وعلى غرار ذلك، يعتقد أن حزب «الشعب الجمهوري» يستعد مع اقتراب الانتخابات للقيام بنفس الخطوة مع حزبي داود أوغلو وباباجان من أجل تمكينهما من خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة لتعزيز صفوف المعارضة وعلى أمل أن تلتحق هذه الأحزاب بتكتل أحزاب المعارضة الذي يمكن أن ينجح في تحقيق الأغلبية في الانتخابات البرلمانية المقبلة والإطاحة بالرئيس اردوغان من الرئاسة، وهو ما صرح به مسؤولون في الحزب بطرق مختلفة.
وبينما يعتبر اردوغان وحليفه زعيم حزب «الحركة القومية» دولت بهتشيلي عملية انتقال النواب من حزب لآخر «عملية غير ديمقراطية وخيانة لأصوات الناخبين ولعبة سياسية غير أخلاقية»، تعتبر المعارضة أن مسودة التعديل الدستوري الجديدة «عملية تنسف ما تبقى من أسس الديمقراطية في البلاد»، و«محاولة من اردوغان للاستمرار في الحكم بكافة الطرق الممكنة».
وبعد أن كان الحزب الحاكم يتهم المعارضة بمحاولة استغلال الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم بسبب انتشار فيروس كورونا وما تعيشه تركيا من صعوبات اقتصادية بسبب الأزمة للدفع بإجراء انتخابات مبكرة في البلاد على أمل الفوز بها، تُتهم الآن أطراف في المعارضة الحزب الحاكم بأنه ربما يسعى لقلب الأمور وإجراء انتخابات مبكرة لاستباق ترتيب المعارضة صفوف وخوض الانتخابات ضمن تكتل متين يشمل أحزاب داود أوغلو وباباجان، وهو ما نفاه الحزب مجدداً وبشكل قاطع.